العدد 3630 - الثلثاء 14 أغسطس 2012م الموافق 26 رمضان 1433هـ

عبقرية الرئيس مرسي

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في خطوة سياسية سريعة ومفاجئة، أقدم الرئيس المصري الجديد محمد مرسي على الإطاحة بوزير الدفاع المعمّر المشير محمد طنطاوي، وعدد من قادة الجيش بمن فيهم رئيس الأركان الفريق سامي عنان.

الخطوة يمكن اعتبارها انقلاباً «أبيض»، لم تطلق فيه رصاصة واحدة، ولم تسفك فيه قطرة دم! وفوق ذلك ألغى «الإعلان الدستوري المكمل» الذي أصدره المجلس العسكري لتعزيز صلاحياته قبل أشهر.

مرسي تعرّض للنقد من بداية ترشحه للرئاسة، خصوصاً من غرمائه من الأحزاب والتيارات السياسية الأخرى. وقد رسم البعض له صورة ذلك النائب الخامل الذكر، الذي يظل صامتاً طوال جلسة البرلمان. ولكن الخطوات التي اتخذها حتى الآن، تكشف عن شخصيةٍ ليست سهلةً ولا ساذجةً. فبينما أبقى وزير الدفاع في منصبه قبل عشرة أيام في الحكومة الجديدة، وشاهده العالم قبل أيام يجلس بين طنطاوي وعنان في حفل رسمي، أطاح بهما بضربةٍ سريعة، اعتبرها البعض انقلاباً مدنياًَ استبق انقلاباً عسكرياً. كما تحدّث آخرون عن انقلاب من «الأخوان» لـ «أخونة مصر»، يهدّد أسس الدولة المدنية التي طالبت بها الثورة في ميدان التحرير، ويهدد باستبدال دكتاتور عسكري بآخر مدني «اخواني»، خصوصاً بعد ضيقه بالنقد وإيعازه بملاحقة شخصيات إعلامية وصحافية بتهمة «إهانة الريس»، وهو لم يكمل شهرين على تذوّقه عسل الرئاسة.

في خطابه الدبلوماسي بمناسبة ليلة القدر، تحدث مرسي في الأزهر الشريف عن ان قراراته لا تهدف إلى تهميش المؤسسة العسكرية، وانه لم يوجهها لأشخاص، أو يقصد التضييق على حرية من خلقهم الله أحراراً، وإنما قصد مصلحة هذه الأمة، فهو يريد للعسكريين «التفرغ لمهمة مقدسة، هي حماية الوطن وعلو الهمة ومهارة الأداء والقدرة على اتخاذ القرار والاستقلالية فيه»، ولكن بعد أن يجرّدهم من سلطة اتخاذ القرار، وإخراجهم إلى التقاعد!

خطوات مرسي الاستباقية أثارت ردود فعل متباينة، فـ «إسرائيل» كانت أول من أعلنت عن القلق تجاه هذا «الزلزال السياسي والعسكري»، بينما نصحت الولايات المتحدة الأميركية الجيش والرئاسة بالتعاون، وأكّدت نيتها مواصلة الشراكة مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وهو تصريحٌ غامضٌ قد يثير مزيداً من الشكوك في نوايا الأميركيين، الذين يُتّهَمون بعدم الوفاء لحلفائهم، خصوصاًَ مع ما قيل عن تأخير إعلان فوز مرسي بالرئاسة حتى استكمال «التوافقات» المطلوبة. وهي قضيةٌ أثارت انتقادات للرئيس مرسي وللأخوان، من حيث الصدقية والوثوق، بما فيها مواقفه الاقليمية التي قد تتبدل في أية لحظة، رغم انه اختار بلداً خليجياً ليكون أول محطة لزياراته للخارج.

في الداخل، نزل آلاف المصريين إلى الميدان تأييداً لقرارات مرسي، واعتبرها بعض المعلقين في مواقع التواصل الاجتماعي، «قرارات ثورية بامتياز»، على أمل استكمال بقية الإجراءات «نحو تطهير كافة المؤسسات». وبينما دعت الجبهة السلفية إلى التضامن مع رئيس مصر في جميع المحافظات، أعرب أحد مؤسسي حركة 6 أبريل عن تأييده لقرارات الرئيس «في تطهير البلد من عواجيز مبارك وضرورة محاكمتهم! فهؤلاء المجرمون لن نسمح لهم بخروج آمن أو بوضع مميز في الدستور» كما قال.

لقد أطاح العسكر بالأخوان قبل ستين عاماً واستأثروا بالحكم، فهل ينجح الأخوان في تأسيس دولة مدنية تحفظ حقوق الجميع، أم سيضعون اللبنات الأولى للفشل بتأسيس دكتاتورية أخرى للأعوام الستين المقبلة؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3630 - الثلثاء 14 أغسطس 2012م الموافق 26 رمضان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 7:34 م

      المعسكر بعد العسكر

      التداول ليس غريب في مصر. فبالامس حكم العسكر واليوم حكم الاخوان. إذ أنه ليس فقط لكرة القدم والالعاب الرياضية الأخرى حكام لكن يبدو أن على الكرة الارضية من ليس لهم حكم لكنه حكام. وهذا ليس جديد فالبديهية أن الحكيم العليم قد أمر وقضى فهل يوجد حكم استئناف بعده؟

    • زائر 11 | 1:28 م

      شكل الموضوع فية إنَّ

      القرار السريع الذي اتخذه مرسي بإحالة المشير ورئيس أركانه إلى التقاعد ربما يكون لأسباب قوية كالتحضير لإنقلاب عسكري مثلاً بقيادة العسكر ضد مرسي والإخوان
      فطنطاوي من بقايا قيادات النظام السابق الذي تعتمد عليه أمريكا في تنفيذ سياساتها في المنطقة ومن الصعوبة التخلي عنه بسهولة

    • زائر 10 | 8:50 ص

      لا شك أن هذه الخطورة هي كبيرة وغير متوقعة لنا وهي تصب في مصلحة الثورة إذا

      1- لم يكون هناك اتفاق مسبق مع الولايات الامريكية.
      2- إذا شاهدنا قرارات أخرى بيفس الوتيرة.
      3- إذا أصبحت مصر دولة حرة وقوية ومستقله مثل أيران او أحسن من ايران.
      3-إذا لم تغرد مصر في الفضاء الامريكي.
      4- إذا وقفت مصر مع قضايا الشعب العربي دون استثناء وبعيدا عن المؤامرات الامريكية.

    • زائر 9 | 6:40 ص

      تحيا مصر

      سيدنا

      مايقوم به الرئيس مرسي هو عبارة عن هدم البناء القديم و يتحتم عليه النظر الى جوانب ذات اهمية كبرى ويتمثل ذلك بقدرته على الهدم دون ان يسقط البيت على ساكنيه ومراعاة ان لا تقدف تلك الضربات بعض مايحتويه البيت الى جيرانه ، اي عملية هدم سلسلة تهيئ له ارضية صالحة يبني عليها الاهداف التي يطمح في تحقيقها،هو يدرك جيدا الوضع الاقليمي من حوله وان هناك اطماع ومصالح ولذلك يسعى الى خلق توازن يجعله يعبر بمصر الى بر الامان على الصعيدين الداخلى والخارجي كي يتحقق النجاح.

    • زائر 8 | 4:48 ص

      لا عبقريه ولا شي

      في راي هادي مو عبقريه سياسيه ولا شي هدا بس خباثة سياسيه

    • زائر 7 | 4:42 ص

      والنعم فيك زائر 3

      أعتقد تقراءالتاريخ بالمقلوب سوف اذكر لك موقف وحكم علي الشخصية العملاقة من اشهر اراد مقتدي الصدر مسائلة الشخصية العملاقة نوري المالكي و استجوابة تعرف الشخصية العملاقة ماذا قال لمقتدى الصدر اذا اردتم استجوابي سوف اكشف كل الملفات بلاغتيالات و الفساد وعليك ان تفسر العبارة اذا كان عندك ذكاء

    • زائر 6 | 3:29 ص

      مرسي نموزج من الكفائات العربيه

      يعني سيد هل تتوقع من انتخب من شعب اكثر من ثمانيين مليون ان يكون غير كذالك
      لوسنحت الفرصه لشعوب امتنا العربيه في الانتخاب الحر الحقيقي لما وصل عملاء الاجنبي لسدة الحكم و عملو ما غملو في مصير امتنا العربيه المعطائه
      تفضل انظر الى الشخصيه العملاقه لرئيس وزراء العراق السيد المالكي و الذي جاء بانتخاب حقيقي كيف يقف في البيت الابض و يعارض الرئيس اوباما
      و السيد مرسي و المنضف المرزوقي على هذا النهج باذن الله

    • زائر 5 | 3:02 ص

      طبق المثل اللي يقول

      كأني بلسان حاله يقول: اتغذى فيهم قبل لا يتعشون فيني

      نوال عطية

    • زائر 4 | 2:56 ص

      سؤال

      يعني كل زعيم ينقلب على الدستور يعتبر عبقري؟

      عجيب

    • زائر 3 | 1:28 ص

      بطولة مصطنعة

      اساسا هناك اتفاق وتنسيق بين وزيرة الخارجية الامريكية عندما قامت بزيارة لمصر وتلتها بزيارة للكيان الصهيوني وقد صرحوا بذلك علنا ان امريكا عندها علم مسبق بالموضوع وكذلك الترتيب في اداء اليمين الدستوري امام مرسي واعتقد صناعة بطولة وعبقرية للرجل مرسي ليس في محله وثق تماما لولا هناك ترتيب من هذا القبيل لما تجرأ الاقدام على هذه الخطوة ولا العسكر ممكن ان يسكتوا وهم المتمسكون بالنواجذ غلى السلطة

    • زائر 2 | 12:24 ص

      العقاد وعبقرية الرئيس مرسي

      للعقاد كتب كثيرة منها عن العبقريات و لكن ليس من بينها عبقرية مرسي.
      ما اوصل الرئيس مرسي الى الرئاسة الا الانتخاب بحسب العرف (عدد من الأصوات التي رشحته تتحمل مسئولية من أوصلت الى الكرسي).
      وهذا ليس بمقياس ديمقراطية اليونان ولا ديمقراطية الاسلام. فالقوي الأمين في الاسلام و الكفاءة القدرة على حمل الامانة في ديمقراطية اليونان. فهل ذهبت السلطة الى الرئيس وكل ما تغير محمد مرسي بدل محمد حسني ، حزب الاخوان المسلمين بدل الحزب الوطني؟
      أم ان العبقرية تتجلى في شكلها الجديد؟

    • زائر 1 | 12:21 ص

      لست متفائلا حيال مصر

      للاسف ارى بوادر ازمات داخليه تزحف نحو مصر ..فالبطاله و مشاكل الكهرباء والحياة لم تحل بعد..وتحرك المسلحين في سيناء مقلق جدا. بالاضافة الى قلة خبرة السياسيين الجدد.

اقرأ ايضاً