العدد 3649 - الأحد 02 سبتمبر 2012م الموافق 15 شوال 1433هـ

قرن من البؤس والمعاناة لعمال المناجم في جنوب إفريقيا

مريكانا (جنوب إفريقيا) - أ ف ب 

02 سبتمبر 2012

كغيرهم من عمال المناجم في جنوب إفريقيا، تعيش عائلات ضحايا حادث إطلاق النار في مريكانا في ظروف بائسة بعد 18 عاماً على انتهاء نظام الفصل العنصري ونشوء ديمقراطية واعدة.

ويقيم إيان بولونغو (47 عاماً) في كوخ من القماش والخشب في إحدى مدن الصفيح في سهل الغبار المجاور لمنجم البلاتين الذي تستثمره مجموعة «لونماين». وهو لا يحصل على المياه الجارية ويستخدم المراحيض العامة وهي حفرة بسيطة. وكغيره من الآلاف من زملائه، يعيش إيان وحيداً وبعيداً عن أسرته. وتوفيت زوجته بالسل قبل سنتين. وتقيم ابنته عند واحدة من شقيقاته وابنه عند إحدى جدتيه في مقاطعة الكاب الشرقية التي تبعد مئات الكيلومترات في الجانب الآخر من البلاد.

ويقول بحزن «أتمنى أن أعيش مع ابني وابنتي لكن هذا مستحيل». ويرسل الرجل راتبه المتواضع الذي لا يتجاوز 400 يورو كل شهر إلى ولديه. ويؤكد «لكن الناس الذين لم يدرسوا يحصلون على أجر بائس ويستطيعون بالكاد تأمين لقمة العيش لعائلاتهم».

ويوافقه الرأي جاك خوبا (29 عاماً) أحد الناطقين باسم عمال مريكانا المضربين. ويقول إن «الذين يعملون في لونماين لا يستطيعون إرسال أبنائهم إلى المدارس». ومثل إيان بولونغو وجاك خوبا ومنذ قرن، يهاجر عشرات الآلاف من الرجال إلى أماكن بعيدة عن عائلاتهم في البلاد وحتى إلى الخارج في إفريقيا الجنوبية، للعمل في المناجم.

وفي بداية القرن العشرين ثم خلال نظام الفصل العنصري أو الأبارتايد (1948-1994)، كان البيض الحاكمون يجبرون العمال السود على العيش في مناطق مخصصة لهم هي مدن الصفيح التي تبعد لمسافات عن المدن الكبرى. وبما أنهم بلا عمل، كان سكان هذه المعازل يهاجرون بحثاً عن لقمة العيش.

ويقول عالم الاجتماع في جامعة جوهانسبورغ آدم حبيب إن «قليلاً من الأمور تغير». ويضيف «بعد مئة عام بدء استغلال المناجم في هذا البلد لم تتغير ظروف الناس في المناجم ومازالت على حالها منذ مطلع القرن العشرين». ويعيش الرجال في معظم الأحيان من دون عائلاتهم في بيوت تضعها الشركة المستثمرة بتصرفهم.

وتروي الكاتبة نادين غورديمر وحائزة على جائزة نوبل للآداب في العام 1991 والتي كانت ناشطة في النضال ضد الفصل العنصري، لوكالة «فرانس برس» كيف اكتشفت بيوت عمال المناجم في عهد الفصل العنصري، مؤكدة أنها «روعتها».

وتحدثت عن «أحيائهم ومهاجعهم والأسرّة التي كانت متوضعة فوق بعضها البعض والمبنية من الأسمنت». وتضيف «لا أعرف الظروف الآن لكنني واثقة من أنها ليست مريحة».

ومن هذه المخيمات لعمال لا تجمعهم في بعض الأحيان أي لغة، نشأت ثقافة مناجم تملك أدواتها من اللغة التي تجمع اللغات الإنجليزية والإفريقية إلى الرقصات والشعائر. والعمال الذي ينتقلون مع عائلاتهم يجبرون بشكل عام على بناء بيوتهم بأنفسهم.

وفي مريكانا هذه البيوت متناثرة حول طريق رملية تتجول فيها الكلاب الضالة والماعز.

وقالت بيلينيا مافي (25 عاماً) التي قدمت من موزمبيق لتعيش مع زوجها قبل أربعة أعوام «الحياة هنا ليست حياة». وأضافت «ليس لدينا مراحيض ولا مياه».

وتغذي الكهرباء هذه «القرية» بالتأكيد لكن المياه لا تصل إلى البيوت، ما يجبر السكان على استخدام صنابير البلدية في بلد لا تخفي الأحياء السكنية في مدينتيه الكبيرتين الكاب وجوهانسبورغ أي من مظاهر البذخ المفرط في بعض الأحيان.

وسمح الألماس والفحم والبلاتين بإثراء جنوب إفريقيا التي جاءت حوادث مريكانا حيث قتلت الشرطة 34 من عمال مضربين عن العمل وجرحت 78 آخرين، تذكره بالظروف القاسية التي يعيشها من يستخرجون هذه الثروات. ووجهت محكمة في ضاحية بريتوريا اتهاماً بالقتل إلى 270 من العمال اعتقلوا بعد إطلاق النار.

ولم يوضح القاضي النص الذي استند إليه يوم الخميس الماضي لاتهام هؤلاء بينما رأى العديد من خبراء القانون أنه لجأ إلى قانون لمكافحة الشغب صدر في العام 1956 ولايزال معمولاً به.

العدد 3649 - الأحد 02 سبتمبر 2012م الموافق 15 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً