العدد 3654 - الجمعة 07 سبتمبر 2012م الموافق 20 شوال 1433هـ

نحتاج لجيش من المترجمين... والأمل في مشروع قومي عربي أمر طوباوي

خلال الجلسة الحوارية لـ «مجازات الترجمة»... جبور:

ما بين إلقاء الجوانب على العلامات المضيئة، وانعكاسات اللغة على فاعلها، أقامت وزارة الثقافة جلسة حوارية موسومة بــ «مجازات الترجمة»، ضمن أنشطة شهر التراجم لفعاليات المنامة عاصمة الثقافة العربية 2012، لهاشم صالح وجان جبور، وأدار طاولة الحوار أيمن جعفر، في قاعة متحف البحرين الوطني.

وبين المترجمان سبل إخفاقات مشاريع الترجمة، وحقائق الثقافة العربية التي تقاس عليها عملية الترجمة لأي منتج ثقافي جاد، إلى جانب البحث عن طرائق لتحرير التراث العربي من العوائق المترجمة، وانحسار مكتبة مترجمة تعنى بالفلاسفة، كمكتبة ديكارت.

وقال جان جبور خلال الجلسة إن «قطاع الترجمة يعاني في العالم العربي من عدة مشاكل، غير أنه لا يجب الاستهانة بالمحاولات الجادة التي تقوم بها بعض المؤسسات العربية لبلورة مشروع حضاري متكامل، من بين المعوقات هناك مسألة مؤهلات المترجم وقضية المصطلحات وفوضى سوق النشر وضعف عمليات التمويل وتداخل السياسي بالثقافي، إلا أن هناك جوانب مضيئة، كوجود مؤسسات جادة تعنى بالترجمة، وتنامي مدارس الترجمة في الوطن العربي، وصدور عدد كبير من المعاجم الثنائية العامة والمتخصصة، إلى جانب انعقاد مؤتمرات عدة عن واقع الترجمة، وقيام مؤسسات بمنح جوائز تشجيعية للأعمال المميزة في مجال الترجمة، من هنا يبدو الأمل كبيراً بأن تعرف الترجمة حالاً من النهوض وتتحول إلى أداة حوار وتلاقٍ بين الثقافات، إذا ما حصلت في إطار نهضة علمية معرفية كبرى».

وأكد جبور أن هناك أزمة فعلية لاستخدام مصطلح اللغة، فمنذ حوالي 10 سنوات، شهدت ساحة الترجمة فوضى عارمة من الكتب المترجمة بشكل سريع من قبل الحكومات ووزارة الثقافة في الدول العربية، والعقبة الأخرى هو الجانب السياسي، واختلاط المصلحة مقابل إحياء حركة الترجمة، كذلك من هو الرقيب؟ ومن يختار الرقيب؟، فكل مشكلة ممكن أن تتوسع بها، ولو رأينا الحقبة الأخيرة، فهناك مشاريع فعلية على أرض الواقع.

مفصحاً «لاتكاد توجد بالوطن العربي مدرسة خاصة للترجمة، كما أن المؤتمرات التي تعقد من أجل الترجمة، والتوصيات التي تصدر منها لا تنفذ؛ فهناك توصيات تخرج من أجل التطبيق، ولا نعلم صداها، متسائلاً «من هو المتطفل على مهنة الترجمة، ولابد من قيام مشروع قومي للترجمة، الذي يبقى في إطار ضيق لسلسلة النقاط المضيئة، وبجهود فردية، وإن أردنا أن تكون الترجمة ضمن نطاق النهضة العربية، فلابد أن تتضافر الجهود وتتجدد بعصر العولمة؛ فنحن نحتاج إلى جيش من المترجمين، والأمل في مشروع قومي عربي، هو أمر طوباوي ولكنه ليس ببعيد المدى».

فيما رأى هاشم صالح الذي أخذ على عاتقه سبر أغوار تجربته في عالم الترجمة منذ 30 عاماً، مردفاً «لقد ترجمت محمد أركون لأنه بدا لي المفكر الأقدر على طرح المشاكل التراثية وحلها، وهي المشاكل التي تؤرقنا حاليّاً وتقض مضجعنا بل وتكاد تقسمنا وتشعل الحروب الأهلية بيننا، كل المشاريع الأخرى لدراسة التراث أو لنقده بدت لي ضعيفة، وذلك حتى قبل أن أخرج من سورية الى فرنسا العام 1976 وأتعرف على تيارات الفكر الحديث... أذكر من بينها مشروع حسين مروة عن النزعات المادية في الإسلام، أو مشروع الطيب تيزيني أو حتى محمد عابد الجابري وحسن حنفي وعبدالله العروي وسواهم، كلها بدت لي مؤدلجة أكثر من اللزوم أو غير ناضجة أو غير مقنعة، ربما كانت المشاريع التجديدية للثلاثة الأخيرين أقل أدلجة وأكثر نضجاً لكنها غير كافية أو قل ليست راديكالية بالشكل الكافي، ثم إنها لا تسيطر على المنهج والمصطلح بالشكل المرضي، وحده مشروع أركون في تفكيك الانغلاقات اللاهوتية ونقد العقلية الإسلامية التقليدية يذهب إلى أعماق الأشياء، ولذلك فهو وحده التحريري بالفعل، ولذلك؛ فعندما تعرفت على أركون بعد وصولي إلى باريس بفترة قصيرة بدا لي وكأنه الحل المنقذ، ورأيت فيه المحرر الأكبر للفكر الإسلامي».

وأوضح «ينبغي العلم بأن مترجم الفكر أو ناقله من لغة إلى أخرى ينبغي أن يكون هو الآخر باحثاً علميّاً بالمعنى الحرفي للكلمة وشخصاً عارفاً بمعظم تيارات الفكر ونظرياته المستجدة، كلما كان المترجم مثقفاً، واسع الاطلاع، كانت ترجماته ناجحة وموفقة، لذلك نلاحظ أن مترجمي فلاسفة الألمان إلى اللغة الفرنسية هم عادة فلاسفة أو أساتذة كبار في السوربون وسواها»، مفسراً «يقال إن المفكر جان هيبوليت أستاذ فوكو وكل جيله أمضى جل عمره في ترجمة كتاب هيغل «فينومينولوجيا الروح»، والتعليق عليه وشرحه، لقد أتقن ذلك إلى درجة أن الألمان راحوا يستشيرون الترجمة الفرنسية لكي يفهموا النص الألماني الأصلي! فمن يصدق ذلك؟ وهنا نصل بالترجمة إلى ذروتها القصوى، إنها حب وغرام، وجهد رائع وإتقان، إنها انصهار في النص إلى حد الذوبان، إنها خلق للنص المترجم من جديد، هناك معيار أساسي لقياس مدى نجاح الترجمة، أية ترجمة كانت: وهو ألا تشعر أثناء قراءة الكتاب المترجم بأنه مترجم، آثار الترجمة المزعجة، أو العُجمة، لا ينبغي أن تظهر عليه أبداً، ينبغي أن يبدو وكأنه مكتوب مباشرة باللغة التي ترجم إليها».

وشدد هاشم على مسألة اللغة العربية التي هي «ذاتها مهددة إن لم ينجح مشروع الترجمة الهادف إلى استيعاب كل العلوم الحديثة، ولذلك؛ دق البعض ناقوس الخطر وقال إن مسألة الترجمة أكثر جدية مما نظن، إنها مسألة حياة أو موت بالنسبة إلى لغتنا وحضارتنا»، معرباً عن قلقه حيال الترجمة، بقوله: «نحن نعيش في فترة عشوائية وفوضوية، ويصح أن نسميها بالفوضى الخلاقة، التي لربما ينتج عنها شيء إيجابي».

العدد 3654 - الجمعة 07 سبتمبر 2012م الموافق 20 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً