العدد 3657 - الإثنين 10 سبتمبر 2012م الموافق 23 شوال 1433هـ

الاستفادة من تجربة التسعينات

جميل المحاري jameel.almahari [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لم نكن لنصل إلى الوضع الحالي بكل مآسيه، لو تم قراءة التاريخ البحريني بشكل صحيح، والبناء على هذه القراءة لكي نتقدم للأمام في سبيل مجتمع أكثر حرية وديمقراطية بدلاً من النكوص للوراء.

من الغريب أن لا أحد من المفكرين البحرينيين قد تطرق لفترة التسعينات من القرن الماضي ليحلل من خلال تلك الفترة الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي لنفهم بالضبط ما الذي أدى إلى اندلاع حركة احتجاجية عارمة كانت الأعنف في التاريخ البحريني، سواءً من حيث استخدام الأساليب الاحتجاجية أو من حيث استمراريتها لأكثر من خمس سنوات، حيث بدأت من العام 1994 واستمرت حتى العام 1999.

حركة التسعينات حتى وإن لم تستقطب أغلبية البحرينيين واقتصرت على فئة الشباب المتحمّس، إلا أنها أسّست لوعي عام، واستطاعت في وقتٍ لاحق كسب تعاطف الجميع وخصوصاً بعد أن حققت مكاسب للشعب البحريني، كان أهمها إلغاء قانون أمن الدولة وعودة المنفيين وتبييض السجون، بالإضافة إلى عودة الحياة البرلمانية في البحرين.

لا يمكن بالطبع إغفال دور مشروع جلالة الملك الإصلاحي، ولكن هذا المشروع لم يكن إلا ترجمةً لمطالب حركة التسعينات والعريضتين النخبوية والشعبية، حيث استطاع جلالة الملك أن يخرج البحرين من الوضع المتأزم حينها، والذي كان مرشحاً للاستمرار إلى ما لا نهاية.

وكما الأمس فإن من وقف ضد التحرك الشعبي في فترة التسعينات ووصفه بالإرهاب والتطرف والتبعية للخارج، ولم يقدّم مشروعاً تصالحياً ينهي حالة الاحتقان واكتفى بترديد عبارات الشجب والإدانة، يتخذ اليوم الموقف نفسه.

القراءة الصحيحة للتاريخ البحريني تفترض إن ما حدث في التسعينات لم يكن إلا حتميةً تاريخيةً فرضتها التطورات العالمية بشكل عام، وتطور المجتمع البحريني بشكل خاص، بحيث لم يكن من الممكن إبقاء حالة السلم الأهلي والتوافق المجتمعي إلا بتقديم الحكم مجموعةً من التنازلات تتناسب مع ما وصل إليه المجتمع البحريني من تطور فكري واجتماعي وسياسي.

القبول بهذه القراءة يمكن أن تكون مفتاحاً لحل الأزمة الدائرة حالياً، في حين أن فرض قراءات مجافية للواقع لا يمكن لها إلا زيادة وتيرة الانزلاق نحو هاوية لا يمكن التنبؤ بقرارها.

ما تحتاج إليه البحرين فعلاً هو مبادرة شجاعة وجريئة تحاكي مبادرة المشروع الإصلاحي لجلالة الملك في العام 2001، تنطلق من تنفيذ جميع التوصيات التي خرجت بها لجنة تقصي الحقائق وتقود إلى مصالحة وطنية شاملة.

إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"

العدد 3657 - الإثنين 10 سبتمبر 2012م الموافق 23 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 11:45 ص

      المبادره والوطنيه

      المبادر الشجاعه ان نبداء بانفسنا اولآ والجيل السابق فيه من الوعي والادراك والقناعه والرضا والايمان بالله والاخلاص والامانه والصدق بالقول والعمل عما نحنو فيه من فوضى غير خلاقه من تاآزيم للوطن والمجتمع الى ان وصلنا طريق لانهاية له والمسئوليه على عاتق الجميع دون استثنا وخصوصآ عندما نلقي اللوم على الاخر لكي ابرئ نفسي والاخرون مخطؤون اماان تلبى المطالب اوانت عدوي ولو احترق الوطن كله فمن اين تآتي المبادره الشجاعه

    • زائر 7 | 5:44 ص

      ليس هناك أي شك

      التدخل الايراني في امور البحرين ليس فيه أي شك الا ادا كنت اعمى اصم أم ابكم

    • زائر 6 | 4:53 ص

      نظام يوفر سبورات ذكية لا ينجح في تجاوز هفواته !

      المضحك المحزن هو الاشادة بجميع منجزات الوطن في التعليم و الصحة مع العلم ان هناك تراجع كبير في مخرجات التعليم بسبب تكدس الطلبة و اختلال قدرة المراكز الصحية على تلبية احتياجات المواطنين بسبب التجنيس وعدم مواكبة النمو السكاني لإنشاء مراكز صحية جديدة ,, حقبة التسعينيات مليئة بالمفارقات و العجائب اذ وقف المتمصلحون ضد حركة كانت مطالبها برلمان منتخب كما كان معمول به في 73 وخرج المخونون وقارئي الفنجان ليقولو انها مطالب خارجية وضد الدين الخ .. نحن في حاجة اليوم لاحترام رغبات و قدرات الشعب في قيادة شؤونه.

    • زائر 5 | 4:50 ص

      لقد تعلم الشعب البحريني الكثير من نضاله عبر كل الفترات

      و لكن الظروف تتغير و الوضع يتعقد و طيبة الشعب البحريني تجعله يسامح كثيرا فيستغل ذلك ضده

    • زائر 4 | 2:24 ص

      الاصلاح

      عندما تقوم معارضه فى المجتمع وتدعوا الى الاصلاح تهتم بالتبعيه والفئه الضاله وغيرها من التهم والتكفيرات وكلها تخرج من أفواه المتسلقين على رقاب الناس وبعد مده من الحراك الشعبي والتغيير القادم يستفيد هؤلاء من هذا كله ويخسر الدين قدموا الا واح والنفس ما قاموا لأجله لماذا لن الكذب والسياسات المنافقه هي السبب ولا تجد أصلاح كما يرتضيه الشعب وأنما ت تضيه الحكومه وتعيد الكره من جديد وهكذا مما يزيد المجتمع أنتكاسه وتشردم.

    • زائر 3 | 2:04 ص

      فترة التسعينات - ابوعبداللة

      مقال رائع ... لم يكن في النظام من توقف ودرس تلك الفترة ليعرف ماذا حصل وكيف تحرك الشارع .. ان من ايجابيات التسعينات انة الجيل الذي كان في الشارع الان يفكر بقول سياسية خضراء واعية تعرف كيف تتحرك وهي فترة الوعي السياسي للجيل الحالي الذي يحاول البعض ان يناقشة .. هذا الجيل نفسة تعمق و فهم المخاض السياسي بعد تلك التجربة التي عاصرها ان كانت من تحرك في الشارع او تحليل سياسي او اعتصامات و مسيرات و غيرها هو جيل فهم ولهذا من الصعب ان يقهر فهو يعرف كيف يتحرك وماذا يقول

    • زائر 2 | 12:03 ص

      لا يوجد من يقرأ التاريخ لا القديم ولا الحديث وقد قل الملخصون الناصحون

      كان الكثير من المخلصين في الساحة يحذرون من تفاقم الوضع خاصة بسبب التجنيس والتمييز والاقصاء هذه العوامل التي كانت تنخر في البلد وقد حذر منها بعض الكتاب منهم الدكتور منصور الجمري وغيره من المخلصين ولكن المشكلة
      لا توجد آذان تسمع او تستمع بل توجد آذان اذا سمعت اوغلت في زيادة النار في الحطب بزيادة وتيرة التجنيس والاقصاء الى أن جاء يوم الحصاد.
      وأقولها الآن ان ما يمارس الآن يؤسس لوضع اخطر من 14 فبراير ولا يعتقد البعض ان هذا اقصى ما يمكن ان يصل له البلد لا بل هناك اخطار اكبر اذا بقي الحال هكذا

    • زائر 1 | 11:52 م

      مفارقات

      اقتباس (وكما الأمس فإن من وقف ضد التحرك الشعبي في فترة التسعينات ووصفه بالإرهاب والتطرف والتبعية للخارج، ولم يقدّم مشروعاً تصالحياً ينهي حالة الاحتقان واكتفى بترديد عبارات الشجب والإدانة، يتخذ اليوم الموقف نفسه)
      من المفارقات أن هؤلاء هم من تكالبوا على مقاعد البرلمان والشورى ولا يزالون ولكن مع الحاكم وضد الشعب على الرغم من أن الشعب هو من أوصلهم .

اقرأ ايضاً