العدد 3675 - الجمعة 28 سبتمبر 2012م الموافق 12 ذي القعدة 1433هـ

في الحديث عن تطويع المشاعر

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

هل حدث أن عشتَ لحظاتٍ من الاستغراب أمام انفتاحك الكبير على شخصٍ تعرفتَ عليه للتو لتشعرَ معه بالأمان والراحة وكأنكَ تعرفه منذ زمنٍ بعيد؟ يحدث أحياناً أن نرتبط بأشخاصٍ منذ الدقائق الأولى للقائهم أو التحدث معهم، ويزداد هذا الارتباط مع التواصل اليوميّ معهم حتى نشعر أن هذه العلاقة تجاوزت الزمن واختصرته. هذا النوع من العلاقات ليس وليداً للصدفة، بل هو نوعٌ من الكيمياء والإشارات نتآلف معها ونعالجها بدواخلنا بطريقةٍ لا واعيةٍ تنتقل لبعضنا بعضاً عن طريق العواطف والمشاعر التي تشعرنا بالأمان مع هذا والاطمئنان لذاك، وأحياناً النفور من شخص ما.

تلك الإشارات ما هي إلا نتيجة ميل الشخص لمن يشبهه أو يشترك معه في شيءٍ ما، سواء أكان أفكاراً أو ذوقاً مشتركاً في هوايةٍ أو موسيقى أو طعامٍ أو أية مسألةٍ فكريةٍ أو وجدانية. إذ تتطور العلاقات الاجتماعية مع الأشخاص المتشابهين أو أولئك الذين يظنون أنهم يكملون بعضهم في موضعٍ ما.

ذاك هو مفتاح التواصل مع العقل الباطن لدينا، على رغم أن بعض العلماء فسروا هذه الحالة باعتبارها تواصلاً بدأ منذ عوالم أخرى، وهو ما يجعل المرء يشعر أنه التقى بهذا الشخص أو ذاك من قبل، وما يفسر إحساسنا بأن هذا الحدث قد وقع من قبل ويعرّفنا بما سيحدث بعد قليل، فيبدو الموقف الآني كشريط فيلمٍ يعيد موقفاً سابقاً بكلّ تفاصيله. وعلى رغم أنني أميل للرأي الأول الذي يفسر مثل هذه المواقف بأنها نتيجة لقوى العقل الباطن للمرء، إلا أنني لا أفنّد الرأي الثاني باعتبار أن باب الاجتهاد للتفسيرات السيكولوجية مفتوح للجميع.

ولكن هل نحن بحاجة لانتظار هذه المشاعر أو هذه الكيمياء، أو لتحرك العقل الباطن لكي نتواصل مع الآخرين وخصوصاً أولئك الذين لم نرتبط بهم وجدانياً منذ اللقاء الأول؟ ولاسيما إذا ما عرفنا أن بإمكان الإنسان التآلف مع تصرفات الآخرين عن طريق التخطيط لها، وهو ما يطلق عليه البروفيسور مهرابيان «حروف V الثلاثة للتفاعل السليم: المرئي، المسموع، المنطوق»، وبما أن لغة الجسد تمثل 55 في المئة من تفاعلنا، فهي أوضح وأسهل الطرق للتآلف مع الآخر، ويكون ذلك بطريقتين: التطابق والانعكاس، كما يقسمها نيكولاس بوثمان، إذ يمكننا أن نأسر الطرف الآخر ونجعله مرتاحاً في جلسته معنا عندما نطوّع حركات جسدنا لتكون بحسب تحركات جسده، إما بشكلٍ متطابقٍ أو بشكلٍ معكوس، وكأننا أمام المرآة، وهي الطريقة الأسهل للوصول إلى تناغم تفاعلي بيننا وبين الآخرين من خلال كسر الهالة التي تحيط بكل شخص والتي يتحدث عنها علماء البرمجة اللغوية العصبية لنوصل ذبذبات تشعر الآخر بالارتياح بطريقة غير مباشرة، ولن يشعر الآخر أبداً أننا نقلد تحركاته إذ يعتاد المرء على فعلها لا شعورياً بعد أن يدرب نفسه عليها مراراً.

طوّعوا أنفسكم لتطوّعوا علاقاتكم، وتقودوا مشاعركم، كي لا تقودكم نحو البغض أو الكره أو النفور.

ومضة: «أظهر الصداقة وسترتد إليك عشرة أضعاف». هنري بيز ديفيدسن.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3675 - الجمعة 28 سبتمبر 2012م الموافق 12 ذي القعدة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 4:20 م

      الصداقه الحقه

      الصداقه ‏

    • زائر 7 | 8:38 ص

      عن اي صداقه

      الصداقة قد اصبحت مبطنه بكلمه طائفيه معسوله تألم وتجرح وتقتل باسم وجهة النظر والمزاح حتى لو تحاشيا الكلام بهذا الموضوع فانه يفرض نفسه وكانه اصبح سيد كل الجلسات اصبح من كان اعز صديق قبل عامين اصبح المنافق ذو الوجهين بسبب مذهبه وكانه مع فبراير اكتشف ان المذهب مختلف

    • زائر 6 | 5:14 ص

      للكاتبة.. من متهم ب ا ل ط ا ئ ف ي ة 3

      يتبع.. الاساس في الحياة بمجرد الانحراف عن طريق الانبياء والرسل هو الفتن والابتلاااءت والمحن وضلال الانسان.. دعوات الوحدة التي تقفز على هذه الحقيقة مجرد ضمادات ومسكن مؤقت للوجع.. الرد الثاني لي ايضا تحياتي..

    • زائر 5 | 5:10 ص

      للكاتبة..من متهم ب ا ل ط ا ئ ف ي ة 2

      اصحي من سكرة الذوبان في عالم افلاطوني يسوده التسامح.. الدنيا دار ابتلاء فيها من هم اقدس عند الله من الملائكة وفيهم من هم أرذل من الحيوانات الشيطان تلميذ عندهم.. فهل يصح ان يجمع بين الاثنين صداقة او ود او تسامح.. احدهما يكيد للآخر ليل نهار.. أحدهما يقتل ويعذب وتنتهك أعراضه وتهدم دور عبادته والثاني يشمت ويضحك ويستهزئ.. خلاف العقل والمنطق والدين ان يسود التسامح بينهم.. احدهم يسير على منهاج الانبياء واهل البيت في رفض الظلم والاخر .. يتبع..

    • زائر 4 | 4:48 ص

      عورتين قلبي

      على الصداقات والصديقات اللاتي خانونا ووشوا بنا بعدما امناهم ووثقنابهم واحببناهم هل سنسامحهم لااعتقد سننسى ما عملوه فينا فالوجع قائم وجراحاتنا مازالت تنزف فتبا لهم ولاعمالهم المخزية فالثقة انعدمت ولن تعود

    • زائر 3 | 4:32 ص

      الى هؤلاء

      الذين رقصوا على جراحاتنا لهم يوم لاينفع مال ولابنون لهم يوم في الدنيا قبل الاخرة فدعاء المظلوم يصل الى عنان السماء وسيصيبهم في اعز مالديهم

    • زائر 2 | 1:43 ص

      متهم ب ا ل ط ا ئ ف ي ة

      لعمري.. اظهرت الصداقة لقوم.. سرعان ما رايتها تعود علي بالوشاية في العمل والفصل والسجن والتعذيب..
      اي صداقة هذا..
      افتراض ان جميع الناس طيبون افتراض وهمي فلقد رايت شياطين في أجساد آدميين..
      شمتوا ورقصوا على جراح القتلى والمعذبين والأعراض المنتهكة والمساجد المهدومة..
      لا جمعنا الله وإياهم تحت راية واحدة في الدنيا والآخرة..
      ونبرأ الى الله منهم ومن أئمتهم..

    • زائر 1 | 12:24 ص

      تعارفنا في عالم قبل الدنيا

      ورد في حديث:الأرواح حنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف وذكرني كلامك بقصة الطائر البري والبحري (القلق) فهما مختلفان لكن نشأت بينهما صداقة والسبب الاتحاد في صفة هي ان الاثنان اعرجان علة الالتحام الاتفاق وعلة الافتراق التنافر

اقرأ ايضاً