شكلت زيارة وفد الشعبة البرلمانية لمملكة البحرين إلى العاصمة البلجيكية بروكسل ضمن وفد خليجي تشريعي رفيع المستوى، برئاسة رئيس مجلس الشورى السعودي عبدالله بن محمد بن ابراهيم آل الشيخ ، من خلال لقاء مسئولين وأعضاء في الاتحاد الأوروبي بلورة لرؤية حقيقية لما يجب أن تكون عليه العلاقات بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ودول الاتحاد الأوروبي؛ خاصة وأن الزيارة تضمنت تقديم توضيحا واسعا لما تم اتخاذه من خطوات جادة في مملكة البحرين لإرساء وتعميق الديمقراطية وتوضيح المعلومات المغلوطة التي تصل إلى جميع مؤسسات الاتحاد الأوروبي عبر مصادر تهدف لتشويه سمعة المملكة وتقويض العمل الديمقراطي الذي سلكته البحرين منهجا واضحا لها.

وجسدت الزيارة للوفود الخليجية أهمية التكامل والتنسيق فيما بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على جميع المستويات ومنها التشريعية، لما لها من دور فاعل في تقوية أواصر الخير والمحبة بين شعوبها، حيث أكد أصحاب السعادة أعضاء الوفد التشريعي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على أن الموقف الخليجي واحد بشأن ما يحدث في مملكة البحرين ودولة الامارات العربية المتحدة، داعيا البرلمان الأوروبي إلى تفهم هذه الخصوصية، والمصالح المشتركة بين دول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي.

وقد قدم وفد مملكة البحرين برئاسة عضو مجلس الشورى عبدالرحمن محمد جمشير وعضوية كل من خميس حمد الرميحي وعيسى عبدالجبار الكوهجي عضوا مجلس النواب كافة المعلومات للمسئولين الأوروبيين بدءا من رئيس وأعضاء البرلمان الأوروبي ورئيس المجلس الأوروبي والأمين العام لجهاز العمل الخارجي بالاتحاد الأوروبي وصولا إلى مجلسي النواب والشيوخ البلجيكيين، حيث تم التأكيد على الخطوات الكبيرة التي قامت بهما المملكة لتكريس مبدأ سيادة القانون، ونهج المحاسبة، وتعزيز مكانة حقوق الإنسان في مملكة البحرين وترجمة التزامها التام بتنفيذ كافة توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق التي تم تشكيلها.

وخلال أول اللقاءات مع المسؤولين في الاتحاد الأوروبي، والذي كان اجتماعا مشتركا لبعثة العلاقات مع شبه الجزيرة العربية ولجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الأوروبي بالوفود الخليجية التشريعية في مبنى البرلمان الأوروبي في جلسة استماع في البرلمان الأوروبي بحضور كثيف من أعضاء البرلمان الأوروبي. أكد رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الأوروبي، إلما بروك، أن مستقبل الشراكة الاستراتيجية مع دول مجلس التعاون الخليجي تعتبر الشراكة الأكثر أهمية للاتحاد الاوروبي. كما أثير من قبل أعضاء البرلمان الأوروبي الكثير من الاسئلة تتعلق بالشرق الأوسط ودول الربيع العربي والارهاب وحقيقة الاضطرابات في البحرين والوضع السوري والسلاح النووي الايراني والقضية الفلسطينية ودعم الارهاب والحور بين الحضارات وحقوق المرأة والتعاون الاقتصادي ودعم المصالح المشتركة بين دول الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون، وجاءت كلمة رئيس وفد الشعبة البرلمانية للمملكة في البرلمان الأوروبي موضحة للحضور حقيقة تساءل بعضهم عن ما كان يجري في البحرين وما يصل من معلومات حول الخروقات في التعامل في مجال حقوق الانسان، مؤكدا أن الحوار هو أداة تقدم الشعوب في كل الدول، وأن الأحداث المؤسفة التي مرت بها البحرين جاءت مدفوعة من جهات خارجية، مؤكدا سعادته بما أورده تقرير لجنة تقصي الحقائق المستقلة برئاسة البروفيسور محمود بسيوني قد أشار إلى امتناع مملكة البحرين تقديم الأدلة على التدخلات الخارجية التي تتعرض لها المملكة وذلك حفاظا على الأمن الداخلي لها.

ولفت أعضاء البرلمان الأوروبي إلى ما صرح به أخيرا رئيس الحرس الثوري الإيراني الأخيرة بوسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي إلى وجود دعم ومستشارين من الحرس الثوري الإيراني في سوريا ولبنان مما يؤكد أن هناك نية مبيته للتدخل في كل الدول المجاورة.

وشدد رئيس الوفد البحريني على إدانة الإرهاب في كل دول العالم، منوّها بما خطته مملكة البحرين منذ عام 2001 من إصلاحات عبر التصويت على ميثاق العمل الوطني والذي نال رضا 98.4 في المئة من شعب البحرين المؤمن بالديمقراطية التي يكفلها دستور المملكة، موضحا ما تقوم به البحرين دائما للتغلب على النقص ومعالجة أمورها بالدفع نحو التقدم والتحاور مع الجميع وهذا ما أكدت عليه التعديلات الدستورية الأخيرة، مؤكدا سعادته أيضا أن مملكة البحرين كانت ولا زالت على استعداد لفتح أبوابها لأي زائر يرغب في تلقي الحقيقة.

كما قامت الوفود التشريعية الخليجية بزيارة رئيس المجلس الأوروبي بمقر المجلس الأوروبي، فان رومبوي ، والذي أكد على ضرورة تعزيز علاقات الصداقة بين البلدان الخليجية والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى الحرص الكبير لدى جميع الأطراف على دعم هذه الشراكة الاستراتيجية مع الدول الصديقة من أجل ان تكون هذه الاستراتيجية المتبادلة أكثر حيوية وفعالية، مشددا على رفضه التام والمطلق للإساءة للإسلام ورسول الله (ص)، معتبرا ذلك يتنافى مع المبادئ الداعية لتعزيز العلاقات ونبذ العنف.

تلا ذلك، لقاء الوفود بالأمين العام لجهاز العمل الخارجي بالاتحاد الاوروبي، بير فيمونت ، إذ أكد رئيس الوفد الخليجي التشريعي المشترك، ترحيبه برغبة الاتحاد الاوروبي افتتاح عدة بعثات اضافية للاتحاد بدول الخليج، مبينا معاليه وجود الرغبة القوية لتعزيز العلاقات بين دول الاتحاد الاوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي من خلال العمل عن قرب من أجل تفعيل الشراكة ورفعها لأعلى المستويات في مختلف المجالات المتنوعة.

كما تطرق ووفد المجالس التشريعية الخليجية خلال اللقاء، الموضوعات ذات الاهتمام المشترك بين دول الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي على
الصعيدين السياسي والاقتصادي، لاسيما المستجدات والأوضاع التي تشهدها كافة مناطق العالم لاسيما المنطقتين الخليجية والعربية وأبرزها الملف النووي الإيراني والانتهاكات الاسرائيلية تجاه الأعضاء التشريعيين الفلسطينيين الأسرى في سجونها ودعوة الاتحاد للعمل على حل وضعهم بأسرع وقت، إضافة إلى الأزمة السورية التي تتطلب جهود مضاعفة من أجل وقف آلة القتل وتحقيق السلام العادل، مبدين رغبتهم بزيارته وعدد من الأعضاء لدول الخليج العربي من أجل الدفع نحو علاقة أوسع في شتى المجالات.

بدوره، أطلع الأمين العام لجهاز العمل الخارجي بالاتحاد الوفد البرلماني الخليجي على أبرز سياسيات الاتحاد الأوروبي وتعامله مع مختلف القضايا الراهنة، مبديا استعداده لزيارة منطقة الخليج في القريب العاجل بدون أدنى شك للتعرف وفتح أبواب أوسع للشراكة المنشودة، معربا عن عن سعادته البالغة بلقاء وفد خليجي يمثل المجالس التشريعية الخليجية، ناقلاً لهم تحيات الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي، كاثرين آشتون ، مؤكدا الأهمية الاستراتيجية لدول مجلس التعاون والثقل الذي تتمتع به إقليميا ودوليًا.

وعلى صعيد اللقاء مع رئيس مجلس النواب البلجيكي أندري فلوهوت، ورئيسة مجلس الشيوخ البلجيكي سابين دي بيثون ، شرح عبدالرحمن محمد جمشير، الخطوات الاصلاحية التي قامت بها مملكة البحرين بدءا من ميثاق العمل الوطني والاستفتاء الوطني عليه وصولا إلى التعديلات الدستورية الأخيرة التي شكلت نقلة نوعية لتطوير العملية السياسية ومحطة أساسية تؤهل مملكة البحرين للانتقال إلى مرحلة جديدة من الإصلاحات تعزز دور السلطة التشريعية وتعطيها دورا أكبر.

وأحاط جمشير البرلمانيين البلجيكيين بما يكفله الدستور البحريني لحرية التعبير والرأي والذي تستمد أسسها من التشريعات والاتفاقيات الدولية، موضحا للبرلمانيين البلجيكيين أن الأحداث المؤسفة التي مرت بها مملكة البحرين خلال العام الماضي كان مخططا استمد دعمه من إيران التي زرعت ثقافة ولاية الفقيه لدى بعض فئات الشعب البحريني الأمر الذي نتج عنه تحركات إرهابية زرعت الخوف في نفوس العديد من المواطنين والمقيمين الرافضين لهذه الأجندة التي قسمت البحرينيين بهدف تفتيت اللحمة الوطنية.

وأكد جمشير على تمكّن البحرين من وأد المخطط الذي كان يهدف إلى زعزعة الأمن الداخلي، منوّها بما تعمل عليه البحرين دائما للتغلب على النقص ومعالجة أمورها بالدفع نحو التقدم والتحاور مع الجميع.

ودعا وفود المجالس التشريعية الخليجية لإقامة منتدى للبرلمانيين من خلال المعهد الملكي البلجيكي على أن يقام في بلجيكا أو منطقة الخليج العربي بهدف الخروج بنتائج تخدم الجانبين وتعزز مستويات التعاون المنشودة، حيث وعد البرلمانييون البلجيكيون النظر في ذلك مع أعضاء البرلمان البلجيكي لاتخاذ الأمر المناسب حول هذه الدعوة.

وجاءت زيارة الوفود الخليجية التشريعية للاتحاد الأوروبي من أجل تعزيز العلاقة بين الاتحاد الاوروبي ومنطقة الخليج وللتعرف على تجربة البرلمان الاوروبي التشريعية والاستفادة منها وتبادل الخبرات ومعرفة النقاط الايجابية وتلافي المعوقات والأمور السلبية، حيث تم التأكيد على أن العمل التشريعي في دول الخليج لا يختلف عن عمل البرلمانات الأخرى في شتى دول العالم.

كما كان للوفد موقفا واضحا حول نبذ العنف ورفضه كوسيلة لمعالجة الخلاف بين الاديان، مؤكدا على ضرورة اصدار تشريعات تجرم ازدراء كافة الأديان ورسلها، تأسيسا لمجتمعات خالية من التطرف وكره المعتقدات والأديان، بهدف نشر التسامح وثقافة التعايش السلمي.

ويرأس الوفد التشريعي الخليجي، رئيس مجلس الشورى بالمملكة العربية السعودية عبدالله بن إبراهيم آل الشيخ، ورئيس مجلس الشورى بسلطنة عمان خالد بن هلال المعولي، وعضوية عدد من أعضاء المجالس التشريعية من مجلس الشورى السعودي، ومجلس الأمة الكويتي، والمجلس الوطني بدولة الإمارات العربية المتحدة، ومجلس الشورى القطري.