العدد 3683 - السبت 06 أكتوبر 2012م الموافق 20 ذي القعدة 1433هـ

في ضيافة عامل أجنبي بسيط

عباس المغني abbas.almughanni [at] alwasatnews.com

أحرجني عامل نظافة بنغالي، بكرمه الأسبوع الماضي، عندما دعاني إلى المطعم، وطلب لي وجبة، ما أروعها وما أحلاها من وجبة.

قصتي مع البنغالي أذكرها لما أرى فيها من حكم وعبر من وجهة نظري. نظرت إلى البنغالي بابتسامة عريضة، وببشاشة، ومددت يدي لأصافحه مصافحة الصديق العزيز، فشعر بالارتياح، فهو لم يكن يتوقع أن أعامله بهذه المعاملة.

وكنت أتحدث مع البنغالي وكأنني صديق أعرفه من زمن بعيد، وقال لي: «أرباب، شنهو يشرب»، تفضل معي. ذهبت معه إلى مطعم متواضع مخصص للجاليات الهندية المعدمة، فكنت محط أنظار وعيون مستغربة من دخول بحريني بلباس ثوب لامعة مطرزة، وغترة وعقال، ويجلس في هذا المطعم.

جلست على الطاولة، فقال البنغالي ماذا تشرب، شاي حليب أو شاي أحمر؟ فقلت له شاي حليب، فطلب كأسين من الشاي واحد لي والآخر له.

بينما أنا أتلذذ بشرب الشاي، قال لي: «أرباب تريد جباتي؟»، فقلت له: «نعم». فطلب لي قطعتي جباتي. يا لها من وجبة.

تحدثت معه عن حياته وأسرته وعمله، فأخبرني بأنه عمل في البحرين 8 سنوات، وبلغ الآن راتبه 59 دينارا، وعليه الطعام والشراب والسكن والكهرباء وغيرها. فقلت في نفسي ماذا يتبقى له؟

عندما انتهينا، راقبت البنغالي وهو ذاهب إلى الكيشر ليدفع ثمن العشاء 250 فلساً، وهو يبتسم.

كان شعوري بالامتنان عميقاً، فأنا حضرت (عزومات)، وقُدّمت لي في إحداها وجبة خروف محشو بكامله، ولم أشعر بالشعور الذي شعرته مع العامل البنغالي البسيط، الذي أكرمني بحسب إمكاناته المادية المتواضعة، وبدافع حب صادر من القلب، فيه مشاعر وأحاسيس إنسانية مشتركة.

عندما خرجنا من المطعم، تبادلنا الأحاديث قليلاً، وقبل أن أودعه أخرجت محفظتي وأعطيته 10 دنانير، فرفض في البداية، وألححت عليه أن يأخذها. في اليوم الثاني جاءني اتصالٌ من أحد البنوك فيه خبر سار، وفي اليوم الثالث جاءني خبر آخر سار.

ما أعجب الابتسامة. ابتسمت للبنغالي فذاب الجليد، وأكرمني بوجبة عشاء بحسب إمكاناته المادية، إكرامه لي الذي كلفه 250 فلساً، عاد عليه بعشرة دنانير، أضعافا مضاعفة، وكذلك إحساني إليه عاد لي بمردود أضعافا مضاعفة.

سبحان الله، عندما تعمل جميلاً، أو تصنع معروفاً، فإنه يعود عليك بأضعاف مضاعفة. لا تستهن بالأعمال الصغيرة في عمل الجميل ونشر الحب، فالله يضاعف الحسنة بعشر أمثالها.

كثير من التجار كانوا فقراء، وتوفّقوا في تجارتهم، وأصبحوا «مليونيرية» بسبب إحسانهم وحبّهم لعمل الخير. الإحسان الذي ينبع من القلب مهما صغر فإنه يعود إليك فوق ما تتصوره. انشر الخير والحب في كل مكان وزمان، فالحياة جميلة وتزداد جمالاً عندما نحب بعضنا بعضاً.

إقرأ أيضا لـ "عباس المغني"

العدد 3683 - السبت 06 أكتوبر 2012م الموافق 20 ذي القعدة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 2:31 ص

      شكرًا لك

      إني لأشكرك شكرا جزيلا و من أعماق قلبي على ما تفضلت به في مشاعر انسانية في خاتمة عمودك . " ... انشر الخير والحب في كل مكان وزمان، فالحياة جميلة وتزداد جمالاً عندما نحب بعضنا بعضاً."

    • زائر 2 | 1:22 ص

      هل جزاء الإحسان إلا الإحسان

      أحسنت. جزاك الله خيراً. أكرمته بقبول الدعوة و أكرمت نفسك بإعطائه العشرة دنانير. فما بالك لو أحسنت البحرين و كل أصحاب الأعمال إلى كل مسكين مثل ذلك العامل؟ ألن يرضى الله عنا و يرزقنا جميعاً رزقاً واسعاً مبروكاً؟ هل

    • زائر 1 | 12:50 ص

      مقال جميل وقصة رائعة

      أنت رائع عزيزي كما عرفتك ، زارع للامل فجزاك الله ألف خير

اقرأ ايضاً