العدد 3695 - الخميس 18 أكتوبر 2012م الموافق 02 ذي الحجة 1433هـ

عامٌ على رحيل القذافي

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من يصدّق أن عاماً كاملاً مرّ على رحيل العقيد معمر القذافي الذي حكم ليبيا 42 عاماً، وجهّل شعبها، ولعب عقوداً على تناقضات قبائلها وأقاليمها؟

قبل عام، وفي ظهر اليوم العشرين من أكتوبر/تشرين الأول، بدأت بعض الفضائيات تبث الخبر الأول عن مصرع القذافي في شريط الأخبار، وبعد أقل من نصف ساعة نشرت الصورة الأولى، ولم تمر ساعةٌ أخرى حتى بدأ يتسرّب مقطع الفيديو الذي وثّق عملية القبض عليه من أمام فتحة مجارٍ كان قد لجأ إليها، حيث تناوشه أعداؤه ضرباً وتقريعاً، ولم تمر غير عشر دقائق حتى أُطلِق عليه الرصاص. والأسوأ من هذه الميتة الدامية ما قام به «الثوار» من عرض جثته للفرجة ثلاثة أيام، في عمل بربري مقزّز منافٍ لتعاليم الإسلام، بدل مواراته التراب.

هذا الحاكم الفرد، الذي حمله جنون العظمة لتنصيب نفسه ملكاً لملوك إفريقيا، لم يسمح لأحدٍ بمناقشته أو مراجعته، ولم يجرؤ أحدٌ من المقربين منه على الحديث عنه إلا بعد رحيله. فتحدث مندوبه للأمم المتحدة عبدالرحمن شلقم عن غرائبه وعجائبه، وتحدّث نائبه عبدالسلام جلود عن خفاياه وخباياه، ونقل على لسانه ما كان يقوله في جلسات الفضفضة:» لقد تحوّلنا إلى... نعاقر الخمر ونزني بالنساء ونعتدي على الأعراض ونستبيح المحرمات».

ليبيا ليست اليوم في وضع صحي أو صحيح، مع كل هذا التشرذم والتقاتل بين القبائل والأطراف، والبعض يقارن اليوم بأيام القذافي، وينسى أن كل المساوئ التي يتعثر فيها الشعب إنّما هي حصيلة سياساته التي زرعها خلال أربعين عاماً، فأنتجت هذا الثمر المر. فمساوئ الدكتاتورية لا تقتصر على عهد الدكتاتور وتزول بزواله، وإنّما تعصف بحياة جيلين... وتمتد أضرارها إلى حياة جيلين آخرين، كما رأينا في العراق ومصر وتونس وسورية واليمن.

كان يلاحق معارضيه ويتتبعهم لتصفيتهم حتى في البلدان الأخرى، واكتشفنا بعد سقوطه تورط أنظمة «ديمقراطية» في تسليم بعض المعارضين، مثل بريطانيا العظمى، في صفقاتٍ سريةٍ لم يُعلن عنها من قبل.

كان يخوّف الغرب من وصول الإسلاميين إلى الحكم، وبعد سنواتٍ من دعمه للجيش الايرلندي، تخلّى عنه وسلّم أسراره للبريطانيين عندما وقعت الواقعة ورآى ما حاق بزميله في الاستبداد في العراق. يومها مد يده لدهاقنة السياسة في الغرب، فأعلن الصلح النهائي مع إيطاليا وتحوّل برلسكوني إلى صديق مقرب. كما تحوّل هو إلى صديقٍ مقرّبٍ لنكولاي ساركوزي، وأمدّه بالمال كي ينجح في الانتخابات الفرنسية الديمقراطية.

اليوم، بعد مرور عام، تسأل: أين ذهب «الكتاب الأخضر»، الذي كان يجلب كتّاباً مرتزقةً من الشرق والغرب للكتابة عنه وتقديم عدة تفسيرات وشروح لنصّه المقدس؟ أين ذهبت نظريته الثالثة التي كتب عنها بعض منافقي الكلمة المرتشين عشرات الكتب المزخرفة بالباطل؟ وأين ذهب الفضاء الآسيوي والإفريقي الذي كان يبشّر بهما؟ بل وأين ذهبت «إسراطين»؟

بعد عام على رحيله، ماذا تبقى من القذافي؟ بلد مدمر. شعب ممزق. جيش مهلهل. قبائل متناحرة... وزيادة سطوة التدخل الأجنبي في البلاد. حقاً إن كلفة الدكتاتورية ثقيلٌ ثقيل.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3695 - الخميس 18 أكتوبر 2012م الموافق 02 ذي الحجة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 17 | 11:48 ص

      مقالك رائع سيد

      ..

    • زائر 11 | 2:54 ص

      الشكوى لله

      \r\nرحم الله والديك يا سيد على هالمقال القوي أسأل الله بالفرج القريب لهذا الشعب الجريح بحق بركات هذا الشهر العظيم

    • زائر 10 | 2:00 ص

      صح لسانك سيد،،،،

      فمساوئ الدكتاتورية لا تقتصر على عهد الدكتاتور وتزول بزواله، وإنّما تعصف بحياة جيلين... \r\nنعم سيد ،،،، و لذلك نقول و نكرر ان التغير الصحيح يجب ان يبدأ من قبل الشعوب قبل سقوط هذه الانظمة المتهالكة بعقود،،، و إلا،،،،،

    • زائر 9 | 1:58 ص

      صح لسانك سيد،،،،

      فمساوئ الدكتاتورية لا تقتصر على عهد الدكتاتور وتزول بزواله، وإنّما تعصف بحياة جيلين...
      نعم سيد ،،،، و لذلك نقول و نكرر ان التغير الصحيح يجب ان يبدأ من قبل الشعوب قبل سقوط هذه الانظمة المتهالكة بعقود،،، و إلا،،،،،

    • زائر 8 | 1:56 ص

      قال ابوما من قبل

      كل هاؤلاء يؤيدون الشاه ، فأجاب الامام الخميني بالمعنى ، انا انصاري في المهود ، بالفعل كبروا وأنتصورا . صناعه الدوله بسيط ولا كان صناعه رجال الدوله وشعب الدوله صعب جداَ . صناعه الشعوب بتعليمهم التاريخ الصحيح ، وبالعلم الصافي الزلال من ينابيعه الصافيه ، وتقويمه بالعصى المعصومه لا بالعصى الملوثه . عندها يستقيم الامر وتكون دوله قويه تخاف منهى اعتى الامم وتكون تاريخ يهز مهود الدجالين والكذابين ، فتفصح الشمس عن اقلام نكره وخفافيش ما عادت تستطيع ان تختفي كما تعودت تحت ستره الظلام .

    • زائر 7 | 1:47 ص

      قال اوباما

      وقبل توقيع الحضر على ايران ايقن بتضرر ايران بالحصار بس لا يعني هذا ان خامنئي سيرفع الرايه البيضاء .وقال(( من المؤكد أن ايران ليس ليبيا وأن خامنائي ليس القذافي )) بالطبع هو كلام صدق وحقيقه من فم عدو والفضل ما شهدت به الاعداء. ايران لم تصنع من يوم قامت وأنتصرت لا لا لا ثم لا . صنعت الجمهوريه الاسلاميه قبل انتصار اثوره بأعوام وسنين ، صنعها بهشتي وباهنر ورجائي وغيرهم من صماصمه العلم 100 والايمان 100والتقوى 10000 ، احد ظباط الشاه المقبور سأل الامام الخميني وهو في طريق المعتقل انظر طل .........

    • زائر 5 | 1:13 ص

      الصدامية والقذافية وغيرها كلها ثقافة فرعونية

      تكرار ذكر الفرعونية في القرآن هو للتحذير منها تحذير الناس وتحذير الحكام. تحذير الناس من أن لا يكونوا ممن يعين ظالما لكي يتسلط على الرقاب فيكن شريكا في الجرم الفرعوني وبذلك يسحتق عقاب الله وعذابه وتحذير للحكام من التمادي في الغي والجبروت فيصبحوا فراعنة حتى وان انكروا ذلك ولكن واقعهم واقع الفراعنة
      بحيث يكون منطقهم نفس منطق الفراعنة وقد رأينا وسمعنا هؤلاء الجبابرة حين يخطبون يصفون شعوبهم باقذر الالفاظ واحطها قدرا وهذا نفس المنطق الفرعوني
      تماما لو راجعنا كل كلام القذافي لرأيناه ككلام فرعون

    • زائر 4 | 12:55 ص

      الخلاص والتخلص من المجرمين ليس سهلا فالقذافي زرع الدمار والفساد في كل بقعة

      يتوهم البعض انه بزوال طاغية وذهابه الى مزبلة التاريخ سوف يصبح الوضع بين عشية وضحاها جنة على وجه الارض متناسيا ان هؤلاء الجبابرة قد افسدوا البلاد والعباد على مدى عقود والاصلاح اصعب بكثير من الفساد والوقت الذي استغرقه الافساد يحتاج الى مثله على الاقل لكي يستعيد الاصلاح دوره.
      المسألة ليست في التخلص من حاكم فاسد بقدر ما هي التخلص من نظام فاسد والنظام الفاسد يقوم على مجموعة من الفاسدين على رأسهم القذافي.
      ولا ننسى دخول الدول الغربية على الخط

    • زائر 3 | 12:24 ص

      بداية عصر جديد

      مقتل القذافي ومن قبله صدام وسقوط مبارك وآخرين بداية افول عصر الاستبداد والدكتاتورية وبداية عصر الشعوب عصر الحرية والمشاركة السياسية والتقدم

    • زائر 2 | 11:16 م

      القذافي و القذافية

      القذافية ثقافة مجنمعية لا تقتصر على ليبيا تعتمد على القهر لاخضاع الناس و كأن الناس مطلوب منهم الخضوع و الانصياع الكلي للحاكم و ليس الحاكم من ينبغي له الانصباع للرأي السائد للشعب صاحب الحق الطبيعي في السلطات. بعد سقوط الفذافي بقيت القذافية لم تزول بل زادت نسخ القذافي المتجبر وبرزت بين اعدائه و محبيه على السواء، ما يجري في بني وليد من محاصرة و ترويع من قبل اعداء القذافي يؤكد ان القذافية متجذرة في ثقافة المجتمع

    • زائر 1 | 9:56 م

      اللهم ارحنا

      اللهم ارحنا من جميع الدكتاتوريين في البلاد العربية .

اقرأ ايضاً