العدد 3700 - الثلثاء 23 أكتوبر 2012م الموافق 07 ذي الحجة 1433هـ

لا يريدون الحل الوطني ولا التوافقي

هاني الفردان hani.alfardan [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

الحديث عن التوافق أو التوافقات الوطنية، أو ما أعلنه الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الشيخ علي سلمان عن «الديمقراطية التوافقية» لقي صدى كبيراً، ورفضاً رسمياً علنياً على اعتبارها مشروعاً «طائفياً» مرفوضاً رفضاً قاطعاً.

الرفض الرسمي تحدث عن البحث عن أرضية مشتركة تهدف إلى تحقيق المزيد من التوافقات في مجال العمل السياسي ودعم التطور الديمقراطي الحقيقي في إطار يحترم التعددية، وتحت مظلة حقوق المواطنة للجميع.

وفي ظل اختلاط المفاهيم، والتلاعب بالألفاظ والعبارات التي اعتدنا عليها، نسأل: بين من تسعى السلطة لخلق «التوافقات»؟ ومع من تتحرك لإيجاد إطار يحترم التعددية؟

من هم الفرقاء الموجودون في البلاد حالياً والتي تسعى الدولة جاهدة ومشكورة على خلق «التفاهمات» بينها لإنهاء الأزمة؟

طرح الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان في مؤتمر «وعد» بجمعية المهندسين فكرة «الديمقراطية التوافقية»، كان واضحاً يقوم على أساس توافق الفرقاء في هذا الوطن، من طوائف وتيارات على صياغة مستقبلهم السياسي، وهو بحسب فهمي ما كانت الدولة تروّج له من ضرورة توافق المكونات على أي إصلاحات سياسية.

ما هو الجديد في الأمر؟ أليست الدولة من كانت تروّج لوجود صراعات مذهبية وحالة احتقان بين مكونات المجتمع؟ أليست الدولة من جاءت بحوار التوافق الوطني وجمعت فيه كل الطوائف الدينية والسياسية من السنة والشيعة والبهرة واليهود والنصارى والبوذيين والسيخ وغيرهم؟

أليست الدولة من صورت الأحداث في البحرين على أنها صراع مذاهب، وحرب مكونات؟ أوليس المسئولون في الدولة يتحدثون يومياً عبر وسائل الإعلام ويصفون المعارضة بـ «الشيعية»، وأن المكون الآخر (السني) يرفض مطالبهم؛ لأنها إملاءات «خارجية، إيرانية، صفوية، مجوسية» وطائفية؟!

غريب أمركم، متى ما أردتموها طائفية، روجتم لها، في العالم بأسره، وغزوتم القنوات بها، ومتى ما أردتم عكسها، تحدثتم عن الدولة المدنية والديمقراطية العريقة والتوافقات الوطنية بلغة مطاطية.

لازلت أتذكر لقاءً لوزير العدل مع صحيفة «الشرق الأوسط» عندما سُئل عن أن الجمعيات السياسية في البحرين تقوم على الطائفية، وما كان جوابه إلا دفاعاً عن ذلك ضمن مفهوم «التجربة الحديثة» عندما رد على السؤال بالقول: «لا يمكن أن نبسط الأمر بهذا الشكل... الجمعيات البحرينية تم تأسيسها في 2005 ولا بد أن نضع في اعتبارنا التطور الطبيعي للأمور، كون الناس في بداية أي عمل تبدأ وتأخذه، كأنه عمل اجتماعي مربوط بالعمل الديني، وأغلب الناشطين اجتماعياً والناشطين في مجال الدين هم من شكلوا الأحزاب، وما نراه في البحرين هو أن التاريخ الإسلامي بطوائفه وتوجهاته وفلسفاته انعكس في تشكيل بعض الجمعيات فكرياً، وفي العديد من البلدان تقوم الأحزاب في البداية على القبلية أو الفئوية أو الطائفية. ومن جهتنا في وزارة العدل حرصنا على العمل على ألا ينعكس ذلك على النصوص الخاصة بالتشريع والأنظمة الأساسية للجمعيات، وندرك أهمية إعطاء المزيد من الوقت للتطور والتقدم. واليوم وفي ضوء مخرجات حوار التوافق الوطني سنعمل على تعديل قانون الجمعيات السياسية لدفع العمل السياسي إلى أن يتعدى جزءاً كبيراً من المسألة الطائفية».

الأمين العام لجمعية الوفاق رأى أن الديمقراطية التوافقية ضمانة عملية لعدم تفرد أية فئة في إدارة شئون البلاد، بما يحفظ حقوق جميع المواطنين دون استثناء، ولا تسمح بتعدي أي طرف على الآخر، وهي بالتالي حلٌ لمن يروّج لمسألة الخوف والقلق من استحواذ الأغلبية وتفردها بصنع القرار، ومن ثم ظلم مكونٍ في المجتمع.

من الواضح أن هذا الطرح لم يعجب فئة في السلطة، والتي رأت فيه محاولة لكسر الحاجز بين مكونات المجتمع وطريق توافقهم من خارج إدارة السلطة، وهو ما أقلقها، خصوصاً وأن حالة التشطير والانقسام في المجتمع أوجدت من أجل ضرب أي توافق حقيقي قد يؤدي لإجماع على إصلاح سياسي لن ترتضيه السلطة.

في بداية الأحداث أوجد الشرخ، ضمن مفهوم تصارع المكونات، وارتفعت الأصوات التي رفضت أي حل غير توافقي بين مكونات المجتمع، وأبعد أي خيار وطني يقوم على أساس صناديق الاقتراع والمجلس التأسيسي الذي يقرر من خلاله الشعب ما يريد، وذلك ضمن مفهوم الخوف من سلطة الأغلبية، مع ضرورة بقاء سيطرة «الأقلية» لضمان مصالحها.

عندما طرحت فكرة «الديمقراطية التوافقية» والتي تضمن حفظ حق جميع المكونات، ارتفعت الأصوات غير الراغبة في الحل، على أن هذا الحل حل طائفي لا وطني.

المسألة باتت أكثر وضوحاً، وهي عدم الرغبة لا في الخيار الأول وهو الحل الوطني عبر خيار الشعب، والآن عدم الرغبة أيضاً في الخيار الثاني التوافقي بين ما يدعونه من مكونات الشعب المختلفة.

ما يريدونه فقط، هو بقاء الحال على ما هو عليه في السابق وقبل عشر سنوات، وأن يكون الحل حلهم، وخيارهم، عبر التفرد بالقرار، واللعب على الأوتار، وتقطير ما يمكن أن يقطر على الناس ضمن أفقهم وخططهم، دون النظر لأي اعتبار، لا وطني ولا توافقي.

إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"

العدد 3700 - الثلثاء 23 أكتوبر 2012م الموافق 07 ذي الحجة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 32 | 1:17 م

      سيهزم الجمع ويولون الدبر

      هذا هو المنطق الالهي.. ونحن مؤمنون به فمهما علت الاصوات الطائفية والمؤزمة والنشاز فان سنة الله هي الحاكمة في النهاية فليرجعوا الى رشدهم قبل فوات الاوان!

    • زائر 31 | 12:30 م

      مائخذبالقوة يسترجع بالقوة

      ياولد فردان ويااهل الطيب ترى غرشة ماء ورد ماترجع الحق

    • زائر 30 | 11:04 ص

      رحمه

      رحمه على والديك

    • زائر 28 | 8:20 ص

      نعم للديمقراطيه الحقيقيه

      التوافقيه تعني الشلل للبلاد في الأفق البعيد والحل. قبول الجميع لرأى الغالبيه فى ظل المحافظة على الثوابت الاساسيه وبعد صياغة دستور يعتمد من الشعب

    • زائر 26 | 6:51 ص

      خرابيط

      الحكومة صار لها سنة وتقول حوار التوافق الوطني الظاهر للجميع ان الوفاق وقادتهم لايريدون اي حل لان الحل يفقدهم الشي الكثير يريدون الازمة تستمر ليستفيدو اكثر ويشوهو سمعة الوطن اكثر

    • زائر 25 | 6:23 ص

      الاعلام

      الان اداعت البحرين تكمل مسرحيته العربيه تستقبل المكالمات بعد ممثله ومديعه تشارك مثل قناه
      الله يساعد وين الانسانيه وين العباده

    • زائر 24 | 6:09 ص

      صحيح كلامك

      لكن هيهاااااات أن نتركك يسرحوا ويمرحوا بالتفرد بالقرااااار ،،، يحلُمووون

    • زائر 23 | 5:50 ص

      تيتي تيتي مثل ما رحتي جيتي

      ان كعدت كتلتك وان كمت كتلتك لا قاعد ولا قايم الحل ارجعوا مساكنكم ارجعوا الى فقركم وبطالتكم واى ضيق بيوتكم سنحاصركم في كل مكان وزاوية انا الوطن انا الشعب انا القانون انا القاضي انا السجان انا انا المجد انا العزة

    • زائر 22 | 5:18 ص

      الديمقراطية الحديثة للتجميل

      الديمقراطية كلمة يتغنون بها في المحافل الدولية وفي اعلامهم اما في التطبق فهي صفر على الشمال ، نلمس التمميز الطائفي في التوظيف والخدمات عيني عينك بلا خحجل وتهميش المواطن في اخذ القرار والقانون ازدواجي التنفيذ واصحاب النفوذ تلعب بما تشاء بلا رقيب ولا حسيب ، فاذا كانت هذه ديمقراطيتهم فتبا لها ولهم

    • زائر 19 | 4:11 ص

      جلاوي 688

      كبير ياستاد هاني مقال موفق ابوس راسك انا معجيب في كتاباتك استادي العزيز شكراً لكم

    • زائر 18 | 3:19 ص

      بارك الله فيك و الله يحميك ياهاني

      لا يوجد هناك ديمقراطيه توافقيه و لا هم يحزنون بل هناك تفتيت و تفكيك بين طوائف المجتمع البحريني و هناك من يقوم بإذكاءها في كل الاوقات ان المتسلقين و اللاهثين وراء المصالح هم المستفيد الاكبر و لذلك من يحاول ان يجد ارضيه للحوار نقول له هارد لك لان المعطيات و المؤشرات على أرض الواقع بعيدة كل البعد عن الحوار و توافق ديموقراطي فحاله كحال التوافق الوطني الذي فشل و القبضه الامنيه هي التي تسيّر البلاد الى نفق مظلم و لا نعلم ماذا ستكون النتيجة اللهم احفظ شعب البحرين المظلوم و انصرنا على من ظلمنا ،احسنت

    • زائر 17 | 2:58 ص

      الثلث المعطل

      الديمقذاطية التوافقية تعني في مجتمع متعدد الطوائف المحاصصة الطائفية وتنتهي بالثلث المعطل بحسب حزب الله وفهموها عاد

    • زائر 27 زائر 17 | 8:16 ص

      يعني انت كلش فاهم

      الله لا يغير عليك

    • زائر 29 زائر 17 | 10:50 ص

      بلا ثلث وبلا سدس وبلا هراء

      الإقتراح للبحرين فما دخل لبنان أو غيرها، افهمنا يا فهوومممم

    • زائر 16 | 2:18 ص

      المشكله

      ان اللي مخيله يصرح ويتفاوض باسم الحكومه لا يرسي على بر وضايع في الطوشه او يسوي روحه فاهم بس في الواقع مو داري وين الله حاشرنه

    • زائر 15 | 1:36 ص

      اصبت

      اصبت كبد الحقيقة

    • زائر 14 | 1:19 ص

      لا تعليق...

      تعبنا من اعلامهم وتهريجهم يضحكون على نفسهم بهدالكلام الكل عرفهم جيدا القريب قبل البعيد

    • زائر 13 | 1:08 ص

      الغوغاء والدهماء

      هم لا يريدون الحل الديمقراطي وحكم الشعب، لأنه لا يوجد في قاموسهم مفردة الشعب، وأنما يعتبرون الديمقراطية هي حكم الغوغاء والدهماء والسوقة والرعاع والهمج والغثراء والهلانث والوخش وبوغاء الناس ورجرجة الناس.

    • زائر 12 | 12:54 ص

      اسد الوسط

      يعجبني في مقالات هاني يضع النقط على الحروف بكل جرئة وثقة لا يحاور في ابعاد كلامه ولا يؤل ولايطرح ابعاد مستفبلية ولاخيالية لديه سهم يضرب ولايكل ولايمل ناقذ همام عاشت يداك يابطل

    • زائر 11 | 12:46 ص

      الدولة استخدمت على ان في المشكلة طائئفية

      وصفق لها بعد الترويج في الدول ونجحت في الوقت الحالي ولاكن تفكك الناس سيتحمله الكل بي مافيها الدولة .

    • زائر 10 | 12:27 ص

      هم يريدون الحلّ الذي لا يعطي لهذا الشعب شيئا

      اي مسمى يعطي لهذا الشعب شيئا فليس في واردهم ان يوافقوا عليه وهم يتهربون من اي كلمة تجعل حقا لهذا الشعب فكأن الله اعطاهم البلد ومن عليه ليصبحوا لهم خولا ومن يطالب بأي حل يخرج الشعب من هذا الوضع فلن يقبلوا به هذه معروفة لدينا ونحن نقول ايضا ليس في واردنا ان نتنازل عن اي شيء من حقوقنا المسلوبة فقد صبرنا كثيرا واستغل صبرنا وطيبة هذا الشعب في تكريس الكثير من الفساد والظلم والعنصرية والاقصاء والتمييز وليس في يدنا ان نسكت مرة اخرى حتى نطرد من بلدنا لان من يصفنا بالمرتزقة يهون عليه طردنا

    • زائر 9 | 12:13 ص

      هي مجرد ذرائع وحجج حتى لا يعطوا هذا الشعب حقوقه فقط

      اين ذهبت واي مصطلح استخدمت سوف يرفضوه او يحوّروه او يفرغوه من معناه فقط من اجل ان لا يحصل هذا المواطن على حقوقه. كل المصطلحات وكل الانظمة غير قابلة للتطبيق اذا كانت تصب في صالح هذا المواطن وحقوقه. كل العناد والعتاد والتجييش وعسكرة البلد وممارسة العنصرية والتمييز والاقصاء والاسحتواذ كل هذا من اجل ان لا يحصل المواطن على اي حق من حقوقه.
      نحن نعرف ما يدور في خلد السلطة ولو أن بعض الامور لا يمكن البوح به فإن الامور التي تمارس تدل على الكثير مما نعتقده جازمين

    • زائر 8 | 11:59 م

      شكراً

      ينصر دينك..

    • زائر 7 | 11:53 م

      الذي ما يلين ينكسر

      تلك قاعدة أثبتت صحتها الاحداث والتاريخ ومن يسير خلاف الواقع والتيار
      يجرفه التيار عاجلا او اجلا

    • زائر 6 | 11:49 م

      بارك الله فيك

      لا غابت هذه ا

    • زائر 5 | 11:19 م

      لب الموضوع

      ما يريدونه فقط، هو بقاء الحال على ما هو عليه في السابق وقبل عشر سنوات، وأن يكون الحل حلهم، وخيارهم، عبر التفرد بالقرار، واللعب على الأوتار، وتقطير ما يمكن أن يقطر على الناس ضمن أفقهم وخططهم، دون النظر لأي اعتبار، لا وطني ولا توافقي.

    • زائر 4 | 11:13 م

      هاني!!

      كلام خطير يا هاني

    • زائر 3 | 10:53 م

      كلامك عدل و لكن

      الكلام صحيح و لكن ماذا عسانا ان نقول
      الحل موجود و اهل الحل يدرون به و لكن يريد تنفيذ
      نسال الله ان يغير الاحوال و ما ذلك عليه بعسير سبحانه

    • زائر 2 | 10:13 م

      الجذور والخلفية الثقافية

      ليس بإمكان هولاء المتلاعبون بالكلمات وممارسة الازدواجية في الخطاب بجدارة أن يتغيروا ويستوعبوا أي شئ لأن المشكلة الطائفية متجذرة فيهم وضاربة في العمق ومترسخة يتوارثها الأبناء عن الآباء والأجداد يعني تاريخ طويل يعيد نفسه ويتكرر بطريقة غريبة تحير فيها العقول والألباب
      والمستعان بالله

    • زائر 1 | 10:09 م

      "كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام"

      لا أدري لما استحضرتني هذه الآية الكريمة عندما قرأت مقالك ياولد الفردان، ربما لأن بعض الأنظمة شاخت وهي تحسب أن الوقت ملكها وبأنها أجادت اللعبة أزمان سابقة وستواصل على نفس المنوال، ربما لا تدرك بأن دوام الحال من المحال وأن لكل زمان دولة ورجالها وأنها أخطأت الجسابات هذه المرة فالزمن زمن الشعوب وأن الظلم لا يدوم وأن الله هو القاهر فوق عباده وهو يمهل ولا يهمل وإن ربك لبالمرصاد ولهم

اقرأ ايضاً