العدد 3704 - السبت 27 أكتوبر 2012م الموافق 11 ذي الحجة 1433هـ

المعوق بين سكوت مطبق وحقوق لا تُدرك... ضحية في وسط العتمة

في دراسة أجرتها طالبة في جامعة البحرين

كادت جروحه أن تندمل عندما التقينا مع الطفل «خضر» فئة متلازمة داون، في منزل ذويه بقرية كرزكان، وذلك لرصد ما يعانيه من ضعف بمستوى الفهم والإدراك، الأمر الذي جعله عرضة للاستهزاء في معظم مراحل حياته، ووصل في آخر مرة إلى الاعتداء الجسدي عليه، بعد أن أقدم مجهولون بإطفاء أعقاب السجائر على جسده الضعيف ليزداد بذلك جرحاً فوق جروحه».

هي إحدى القصص المؤلمة التي تمر كمرور الرياح دون أن تسجل أو توثق، فهي ستظل جرحاً دامياً في ذات المعوق وتحدث وجعاً مطبقاً في قلوب الأهالي، يبقى السؤال هل الإعاقة سببٌ أم العتمة البائسة؟

فالإعاقة الذهنية عجز يتسم بقصور واضحة في كل من الأداء الوظيفي والسلوك التكيفي كما يظهر في المهارات المفاهيمة والاجتماعية والعملية، ويظهر هذا العجز قبل سن الثامنة عشر، وتندرج فئة متلازمة داون ضمن ذوي الإعاقة الذهنية ويشمل تعريفها على التالي: «هي نوع من أنواع الإعاقة الذهنية والتي تعود إلى اضطراب في الكروموسوم رقم 21 حيث يظهر زوج الكروموسات ثلاثياً لدى الجنين في حالة متلازمة داون 47 كروموسوماً بدلاً من 46 كروموسوم كما هو الحال في الأجنة العادية».

بدوره، يقول المدير العام لمركز العناية بمتلازمة داون محمد المناعي: «إن عدد العائلات يصل إلى 800 عائلة من مختلف الجنسيات في البحرين التي يوجد فيها مصاب بمتلازمة داون، وسنوياً يولد في حدود من 30 إلى 35 حالة، وفي إحصائية حديثة لجمعية متلازمة داون (أبريل/ نيسان 2012) توضح بأن عدد المسجلين في المركز 451 حالة تشمل الإناث والذكور، وأن الفئة الموجودة في المركز تكون من النوع العادي من متلازمة داون وتبلغ نحو 95 في المئة».

وأضاف: «إن معظم الحالات التي تتعرض إلى الاعتداء تكون من قبل الأهالي، إذ يقوم بعضهم بربط المعوق بنوع من سلاسل الحديد، وأما بالنسبة على نطاق خارج الأسرة فقط يتعرض المعوق إلى العنف الجسدي أو التحرش الجنسي»، ويؤكد أن كثير من الحالات يتم الاعتداء عليها ولكن لا يتم التبليغ عنها في مركز الشرطة أو حتى توثيقها، وأن حالات الاعتداء لا تصل إلى الجمعية ويمكن أن تكثر وجود حالات الاعتداء في مراكز الإيواء، ويبين أن نسبة الاعتداء على هذه الفئة تكون قليلة جداً بنسبة 1 في المئة، ولكنها ليست معدومة أي موجودة في المجتمع».

ويذكر: «يرجع سبب هذه الاعتداءات إلى استغلال هذه الفئة من حيث عدم قدرتها العقلية على التعرف على الأشخاص الغرباء، وخصوصاً عندما لا يتم دمج الطفل منذ الصغر في مراكز الرعاية المتخصصة من قبل الأهالي وإهمالهم إليهم، إضافة إلى ذلك، النظرة الدونية إليهم من استهاز وعزلة واستهتار وتعامل الأفراد معهم بطريقة مختلفة تجعلهم مهمشين وكأنهم ليسوا بشراً وإنما مخلوقات غريبة عنهم والسبب أنهم معوقين من الناحية الذهنية، حيث إنهم تختلف حالاتهم من واحد إلى آخر فهناك ثلاث فئات من فئة متلازمة داون».

ويقول: «إن الجمعية ترحب بجميع الأعمار من اليوم الأول من الولادة حتى 56 سنة، حيث إنها تحتوي على مركز تأهيلي وتدريبي لهذه الفئة، وبالإضافة إلى وجود عيادة أسنان وعلاج نطق وفحوصات طبية أخرى، وفي بعض الحالات يتم الذهاب للمعوق إلى منزله وتدريبه وتعليمه بشكل أساسي، حيث إن الدروس المتاحة للتعلم في الجمعية تكون مبسطة كما تقدم أنشطة ترفيهية واجتماعية، وتملك ستة فصول دراسية مؤهلة، وإن الجمعية تقدم العديد من الدورات والورشات التوعية للأهالي وحتى خارج المركز، وتحرص الجمعية على إبراز دور فئة متلازمة داون وضرورة دمجهم في المجتمع حتى تبين أهميتهم فالمجتمع لا يستطيع أن يستغني عنهم. وفي سابقة نادرة من نوعها وصل أحد مرتادي المركز إلى مستوى ممتاز في الرسم والفنون ما تم دفع المركز لافتتاح معرض خاص به، وتحتفل الجمعية بيوم المعوق في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام».

من جانب آخر، قالت المحامية زهراء مسعود، إن فئة متلازمة داون معوقين من الناحية الذهنية فيصعب عليهم التمييز والمعرفة، فعندها يستغل الجاني ضعف المجني عليه ويقوم بتنفيذ جريمته على أكمل وجه ولكن أكدت أن في حالة وجود إثبات ودليل على الجاني مثل شهادة الطبيب الشرعي أو شهود إثبات، يتم اللجوء إلى عقوبات الظرف المشددة والتي تندرج في فئتين، الفئة الاولى: عندما يقوم المجني عليه بالاعتداء الجسدي على المجني عليه يخير بين الحبس شهر أو الغرامة المالية وتختلف نوع درجة الإصابة الجسدية في العضو المصاب لدى المجني عليه، أما الفئة الثانية: عندما يتعرض المجني عليه إلى اعتداء جنسي فإن مدة الحبس تتراوح ما بين ثلاث سنوات إلى سبع سنوات».

وتبين مسعود أن «الحكم الذي يصدر يعتمد على القضاة أنفسهم، بعضهم يتعمق في القضية ويتناولها بشكل أوسع ودقيق يعطي القانون مساره، وأن هذه العقوبات التي تصدر لا تكون خاصة لفئة المعوقين، وإنما هي ضمن العقوبات الظرف المشدد، أي أن المعوقين لا يملكون موادّ تشريعية تحميهم، فهم يحسبون في نظر القانون أشخاصاً سليمين، وتنطبق عليهم مثل العقوبة».

ومقارنة بالقانون الكويتي، تقول مسعود، فهو يحتوي على فصل تشريعي كامل يتضمن عقوبات قاسية لكل من يعتدي جنسياً أو جسدياً على المعوق ويكفل حقوقه كاملة.

وفي إحصائية لوزارة التربية والتعليم (2011 - 2012)، تشير إلى أنه تم دمج ثمانٍ وثمانين حالة من ذكور وإناث في المدارس الحكومية، ويوجد في البحرين 34 مركز للتأهيل المعوقين متوزعين في مختلف المناطق.

ويتميز المعوق من الناحية الاجتماعية بصفات وخصائص هي كالتالي:

- الميل إلى حب التقليد.

- المرح والاختلاط بالناس.

- المهارة في العزف على الموسيقى والأعمال اليدوية.

أشكال العنف

العنف ضد الأطفال ذوي الإعاقة أشكال وأنواع عديدة منها:

أولاً: الاعتداء أو الأذى الجسدي:

الاعتداء أو الضرر أو الأذى الجسدي هو أي اعتداء يلحق الأذى بجسم طفل ذوي الإعاقة سواء باستخدام اليد أو بأية وسيلة أخرى، ويُحدث على إثر ذلك رضوضاً أو كسوراً أو خدوشاً أو حروقاً أو جروحاً وقد يصل الأمر إلى الاعتداء الجسدي.

ثانياً: الاعتداء أو الأذى الجنسي:

الاعتداء أو الأذى الجنسي، يقصد به استخدام طفل ذوي الإعاقة لإشباع الرغبات الجنسية لشخص آخر ويبدأ الاعتداء الجنسي من التحرش الجنسي إلى ممارسة الجنس بشكل كامل مع طفل ذوي الإعاقة، فعلي سبيل المثال إفساد أخلاق طفل ذي الإعاقة، تهتك الأعضاء الجنسية لديه وغيرها.


القانون الدولي وحقوق المعوقين

صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عدد من التشريعات الخاصة بحقوق المعوقين منها:

- القرار 305 لعام 1950م بشأن التأهيل الاجتماعي للمعوقين جسدياً.

- القرار 2542 لعام 1969م بشأن النهوض الاجتماعي والتنمية وحماية حقوق المعوقين جسدياً وعقلياً.

- القرار 2856 لعام 1971م بشأن حقوق الأشخاص المتخلفين عقلياً.

- القرار 3447 لعام 1975م بشأن الحقوق المتكافئة للأشخاص المعوقين مع غيرهم من البشر.

- القرار 31/23 لعام 1976م بإعلان عام 1981م عاماً دولياً للأشخاص المعوقين.

- القرار 37/52 لعام 1982م بشأن برنامج العمل العالمي المتعلق بالمعوقين، بالإضافة إلى إعلان الفترة 1982-1992م عقداً دولياً للمعوقين.

- القرار 48/96 لعام 1993م بشأن القواعد الموحدة لتحقيق تكافؤ الفرص للمعوقين.

وتشير اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بذوي الإعاقة إلى الالتزام الدول ببنود الاتفافية التي تتكون من 5 مواد وتشمل هذه الاتفافية الحقوق الكاملة لذوي الإعاقة سواء من الأطفال أو الكبار أو النساء أو الرجال .

وقد صدر المرسوم الأميري رقم (17) لسنة 1999 الذي يقضي ذلك، تأكيداً من البحرين على رعاية وحماية حقوق المعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة.

كما تعد البحرين من أولى دول المنطقة التي وقعت على الاتفاقيات الدولية الخاصة برعاية ذوي الإعاقة، ومنها: اتفاقية التأهيل المهني والعمالة للمعوقين الدولية، واتفاقية تشغيل وتأهيل المعوقين العربية، فضلاً عن الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك عام 2007، من بين سبع اتفاقيات حقوقية أخرى أساسية وقعت عليها، كما سلمت وثائق التصديق على هذه الاتفاقية مؤخراً، وقد صدر قبل فترة مرسوم ملكي خاص بمكافأة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك بغرض استثمار طاقاتهم وتلبية احتياجاتهم».

إحصائيات وإثباتات

يمثل ذوو الاحتياجات الخاصة 10 في المئة من سكان العالم، وترتفع النسبة في العالم العربي إلى 12 في المئة بناء على الإحصاءات الصادرة عن الأمم المتحدة والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.

فيما كشفت إحصائية حديثة لوزارة الصحة بالتعاون مع وزارة التنمية الإجتماعية لسنة 2010، يبلغ عدد ذوي الاحتياجات الخاصة بمعدل لا يتعدى الـ 1 في المئة من مجموع المواطنين أي بلغ بجموع 6560 فرداً، وهي نسبة جداً ضئيلة مقارنة بالدول النامية الأخرى التي يزيد فيها هذا المعدل عن 2.5 في المئة من السكان.

العدد 3704 - السبت 27 أكتوبر 2012م الموافق 11 ذي الحجة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً