العدد 3714 - الثلثاء 06 نوفمبر 2012م الموافق 21 ذي الحجة 1433هـ

الهروب من رفع الحصانة

هاني الفردان hani.alfardan [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

«صفة الإطلاق» هو المهرب الذي أوجدته لجنة الشئون التشريعية والقانونية بمجلس النواب في اجتماعها الأخير للهروب من استحقاق قانوني، ألا وهو إسقاط حصانة النائب جاسم السعيدي.

وقبل النقاش القانوني، فإن اللائحة الداخلية للمجلس أعطت المجلس الحق في قبول طلب إسقاط الحصانة أو رفضها، إلا أن القانون في مثل هذه الأمور، يفرض على المجلس إعطاء السلطة القضائية ممارسة دورها الحقيقي في مقاضاة أي نائب، إذا ما اتهم بالإخلال في أمرٍ ما، وفق ضوابط معينة سنتطرق لها لاحقاً وبشكل قانوني.

وبما أن السلطة التشريعية من الداعمين بحسب تصريحاتهم «الإعلامية الاستهلاكية» لاستقلالية السلطات الثلاث، وعدم التدخل فيها، وهم من المشددين على استقلالية القضاء، فإن من الواجب المحتوم عليهم عدم عرقلة أي إجراء قضائي حتى لو كان على عضو من أعضاء مجلسهم، ضمن مفهوم «لا تبوق ولا تخاف».

إن الحديث عن ذكر كلمات في خطبة على صفة الإطلاق وأنه لم يخص بها طائفة أو جماعة معينة، ولا يمكن الأخذ بما قاله على انه شتم أو إهانة بحق طائفة معينة، هو أمر من اختصاص القضاء الذي يحدد ذلك، وليس من اختصاص مجلس النواب، الذي عيّن نفسه سلطة قضائية، وحكم في القضية، ووقف ضد رغبة السلطة التنفيذية في إحالة القضية للسلطة القضائية.

إن الحديث عن أن «اللجنة استمعت إلى تسجيل للخطبة، واستمعت إلى السعيدي، الذي أكد أنه لم يشر صراحة إلى أية طائفة (عملاً بمفهوم التقية)، بل كان يقصد بكلامه من يقوم بالتخريب وإتلاف أموال الناس وممتلكاتهم، وقدم مذكرة قانونية شارحة تدلل أنه لم يقصد طائفة بعينها»، هو حديث مخالف لنص القانون.

قبل الولوج للنص القانوني، لابد من التأكيد على أن كلمتي «روافض ومجوس» لا تطلق على المخربين، والكل يعلم بمن تقذف هذه الكلمات وغيرها مما ذكر في الخطبة محل الاتهام، كما كان الواجب على اللجنة التشريعية عدم الدخول في هذا المنزلق، وترك الأمر للسلطة القضائية لتقول كلمتها الفصل.

لقد خالفت لجنة الشئون التشريعية والقانونية بمجلس النواب نص مرسوم بقانون رقم (54) لسنة 2002 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس النواب الباب الخامس المتعلق بـ «الحصانة البرلمانية» والتي نصت في مادة (178) على انه «لا يجوز للجنة الشئون التشريعية والقانونية، ولا للمجلس، البحث في توافر الأدلة أو عدم توافرها للإدانة في موضوع الاتهام الجنائي، ويقتصر البحث على مدى كيدية الادعاء والتحقق مما إذا كان يقصد منه منع العضو من أداء مسئولياته البرلمانية بالمجلس».

كما نصت المادة نفسها على أنه «يؤذن دائماً باتخاذ الإجراءات الجنائية متى ثبت أن الإجراء ليس مقصودا منه منع العضو من أداء مسئولياته البرلمانية بالمجلس».

إلا أن الواضح من تصريح نائب رئيس اللجنة خميس الرميحي لـ «الوسط» يوم الاثنين (5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012) أن اللجنة استمعت إلى تسجيل الخطبة (أي استمعت لأدلة)، واستمعت إلى الخطيب النائب، وهو أيضاً أدلة، وبذلك فإن اللجنة لم تبحث في «كيدية الاتهامات والتحقيق مما إذا كان يقصد منه منع العضو من أداء مسئولياته البرلمانية بالمجلس»، بل أجرت تحقيقاً جنائياً كاملاً، وأصدرت أحكاماً بأن النائب المتهم في خطبته «ذكر الكلمات على صفة الإطلاق ولم يخص بها طائفة أو جماعة معينة، وبالتالي لا يمكن أخذ ما قاله على أنه شتم أو إهانة بحق طائفة معينة»، ما يعني تبرئة من التهم!

لقد خلص تصريح نائب رئيس اللجنة إلى تبرئة النائب من التهم الموجهة إليه رغم أنه بيّن أن مجلس النواب سيكون سيَّد القرار، إلا أن تلك التبرئة مخالفة للقانون وليست من اختصاص اللجنة، إذ لم نقرأ في التصريح أي حديث عما خص القانون به اللجنة، وهو البحث في كيدية الاتهام وتعطيل النائب عن مسئولياته البرلمانية.

كان من الأجدى للجنة وأعضائها أن يخلصوا إلى أن الرفض بني على «كيدية» و «سعي لتعطيل النائب عن أداء مسئولياته البرلمانية» بدلاً من البحث في أصل التهم، وحقيقتها، والأدلة، والاستماع لتفسيرات قانونية ومرافعة عرمرمية، تكشف عن تدخل السلطة التشريعية في شئون ومهمات السلطة القضائية بكل وضوح.

إن الخلط القانوني الذي عاشته اللجنة، ينم عن عدم فهم لحقيقة المهمات المنوطة بها، فالتبست عليها مهمة البحث عن الكيدية وتعطيل مهمات النائب، وبين النظر في الأدلة وأصل الاتهام وملابساتها الجنائية.

لقد عجزت اللجنة عن التفريق بين حق التشريع والرقابة وهو حق السلطة التشريعية، وحق البحث الجنائي والوقوف على الأدلة والتهم والتقاضي وهو حق السلطة القضائية.

في ظل عدم حديث اللجنة عن وجود كيدية في التهم، وعدم حديثها أيضاً عن وجود قصد منع العضو من أداء مسئولياته البرلمانية بالمجلس، فإنه أصبح لزاماً على المجلس وبنص المادة (178) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب أن «يؤذن دائماً باتخاذ الإجراءات الجنائية متى ثبت أن الإجراء ليس مقصوداً منه منع العضو من أداء مسئولياته البرلمانية بالمجلس».

إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"

العدد 3714 - الثلثاء 06 نوفمبر 2012م الموافق 21 ذي الحجة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 32 | 3:42 م

      العارف لا يعرف

      تقول ان اللجنة التشريعية و القانونية مهمتها البحث في مدى كيدية الادعاء و التحقق مما كان يقصد منة منع العضو من اداء مسئولية البرلمانية بالمجلس ولما اللجنة و جدت الكيدية بطل طلب رفع الحصانة ... من كلامك ادينك

    • زائر 31 | 11:38 ص

      مجلس صوري ماذا تريد منه؟!!!

      وهل اعضائه شرعيون ؟؟
      كيف وصلوا
      من اوصلهم
      من امرهم بتبرأة ذلك الشتام عديم الاخلاق؟
      اذا لا داعي للتحليل

    • زائر 28 | 6:35 ص

      ملاحظة

      ما اتلاحظون ان المعلقين مدفوعي الاجر ليس اليهم تعليقات هنا؟؟
      هالكثر حيرتهم ياولد الفردان؟
      محد كفو منهم حتى ينتقذ
      واخزياه عليكم

    • زائر 27 | 6:17 ص

      الاصنام لا تتكلم

      مع احتراماتي وتقديري لقائل هذه الابيات من الشعر .
      أصنام البشر ياقدس معذرة ومثلي ليس يعتذر
      ومالي يد في ما جرى فالأمر ما أمروا .
      ===== ====== ======
      وثقوا كل ما يجرى فدولة وجولة الباطل ساعة ... وأراها في نهايتها .. فالصبر وان مر لكن عاقبة للمتقين .

    • زائر 26 | 5:09 ص

      قبلة الحب وحب القبلة

      القبلة والقبيلة من العلاقات كما علاقة القبلة بالحب التي قد لا توضح ولا تشير إلى اتجاه القبلة. بينما صلة وعلاقة القلب بالجناحين مهيمنة وفيها ميمنة وميسرة ومعصرة فيها عسر ويسر. فالتوجه الصحيح إلى حل الخلافات في مواجهة المعاملات والتعامل بلا سند ولا قانون قد لا يحلها ولا يربطها تعدد فواكه السلطة. فالسلطات تجمع ولا تجتمع يوم الجمعة لتختلف في اتجاه القبلة. فهل الإجراآت قابلة إلى إن تكون قانونية أم شرعية غير مرعية؟

    • زائر 25 | 4:46 ص

      ذكاء خارق للعادة

      نعم أنت ذكي جداً ودائماً ما تحج خصومك بالدلائل القوية وبالقانون ...

    • زائر 24 | 4:03 ص

      التهريب والتخريب توأمان

      أصل أساسه الهروب مخرجا قد لا ينفع لا المخرب ولا المهرب. فالمُهربَ والمُخَرِبَ ومهربُ المخدرات بينهم إجتماع مغلق تخريب. والتخريب لا يوجد له مخرج ولا مدخل، الا المبررات التي ليس لها ولا فيها بر ولا تقوى. فرغم تعدد متعتها وإختلاف شكلها الا أن مضمونها واحد. فهل التخريب هواية؟ أم التهريب والهروب منها هدايا؟

    • زائر 21 | 3:26 ص

      من شابه اخاه فما ظلم ! ليس عدم فهم وانما اختك مثلك !

      إن الخلط القانوني الذي عاشته اللجنة، ينم عن عدم فهم لحقيقة المهمات المنوطة بها، فالتبست عليها مهمة البحث عن الكيدية وتعطيل مهمات النائب، وبين النظر في الأدلة وأصل الاتهام وملابساتها الجنائية.

    • زائر 20 | 2:27 ص

      اي مجلس نيابي تتكلمون عنه هذا مجلس الفلوس

      كل النواب اللي فيه يقولون الشور شورك يايبه والراي رايك يايبه الا السبع التميمي البطل ابو المواقف

    • زائر 19 | 2:23 ص

      هالقد نائبهم ( خواف )

      عيل ليش ايلعلع بالمسيد اذا كان يخاف من الشكوى واذا يقول ما يخاف خل يقول للجنة آنه ابي اروح القضاء لأني ما غلط على أحد ، لكن شنقول اذا انت يالشيخ ( خواف ) ليش ترمي الناس صير شجاع واجه الناس في القضاء لو ما تعترف بالقضاء اللي ليل نهار اتقول انه مستقل ، او اسكت لا اتحرش بخلق الله وتسبهم هاذي بيدخل النار وذي بيدخل الجنة ، لا ويدافعون عنه بعد ( طلع صاحبكم خواف ) كا يهال يوقفون بالمحاكم .

    • زائر 18 | 2:23 ص

      هو يتكلم بلسانهم

      فكيف تتوقعون أن يحاكموه أو يدينوه ؟؟ ماهو الا بوق لهم ينبح بما يطلب منه

    • زائر 17 | 1:41 ص

      علي بابا

      شدعوة لو وصلت للقضاء بحبسونه او بغرمونه ترى البراءه جاهزة وبارزة

    • زائر 16 | 1:24 ص

      صباح إسقاط الجنسيات

      صباح اسقاط الجنسيات , بداية انه مقال رائع لكاتب رائع , نذر نفسه لاظهار الحقيقة بمهنية عالية , لكن كتاباتك النقدية والتى تضع النقاط على الحروف وتسمى الاسماء بمسمياتها فى زمن اصبحت الحقيقة فيه (جريمة ).

    • زائر 15 | 1:11 ص

      عدم الكفاءه تبرز هنا

      لمى نتكلم عن نائب برلماني يجب ان نتكلم عن انسان عصري مثقف ملم بكل جوانب عمله مثقف على الصعيد السياسي والثقافي لكن اللي عندنا شي غير
      اغلبهم لا ثقافه ولا همك الله حده كان يصب قهوه او طقاق في عرس فماذا تريد منه غير الاصطفاف الطائفي سواء على الحق او الباطل هذه الفئه التكفيريه هم من سيلقون الجزاء العادل منها

    • زائر 14 | 1:02 ص

      الله منها تعطيله عن اداء مهمته

      هذا اي مهما يقوم بها هذا اللي قال عنه وزير العمل السابق وهو اعلم اناس به ما يصلح يكون بواب

    • زائر 13 | 12:46 ص

      شكرا لك يا ولد فردان على التوضيح

      كل يوم يكتشف الناس فشل هذا المجلس ومن فيه يحتاجون الى دورات ودورات ليتعلموا

    • زائر 12 | 12:19 ص

      نائب وخطيب

      هل يجوز لنائب يمثل الشعب وخطيب مسجد يعتلي منبر الرسول ان يتلفظ بالفاظ نابيه ولا تصدر الامن شخص بذئ اللسان ومريض بالحقد والكراهيه والطائفيه .استخدم لفظة نغول في بيت الله .هذه الثقافه التي يعلمها لمن يستمعون لخطبه

    • زائر 10 | 12:07 ص

      البحرين

      البحرين هي الدولة الوحيدة في العالم الي النواب المنتخبين من قبل الشعب للدفاع عنه يعملون العكس يدافعون عن الحكومة بدل مساءلتها. بلد العجائب

    • زائر 9 | 12:06 ص

      تعطيل النائب عن مسئولياته البرلمانية

      حقوق التقية امر خاص بالطائفة الشيعة نرجوا من النائب عدم استخدامه مرة ثانية وآخر مره له أو سنتهمه بأنه رافضي مجوسي صفوي.

    • زائر 8 | 12:04 ص

      له الحقّ ان يسبّ ويشتم ويدخل ويخرج من النار كما لديه مفاتيح الجنة

      إن من هوان الدنيا على الله ان يتسنم امثال هؤلاء المنصة التشريعية لأمة ما وقلوبهم مليئة بالاحقاد والكراهية والعقلية الاقصائية. ولكن ماذا تقول في مثل بلد يفتح الباب لمن في شاكلة هؤلاء ليفرغوا سمومهم.
      بينما من ينطق بالحكمة والكلام الصائب والتوجيه السديد توجه عليه السنة الاعلام لتحرّف كلامه وتختزل منه ما تشاء فقط وفقط لكي تجد لها مدخلا للنيل منه إذا لا يوجد له عثرة في كلمة ولا فعل، هذا تصدر عليه احكام الادانة ونائبهم الذي كل كلامه سب وشتم وقذف يتغاضى عنه هذه صفة الدولة العصرية ام العنصرية

    • زائر 7 | 11:43 م

      صادوه

      واهم شي انه استخدم "التقية" التي كان يعير بها الشيعة!
      شكرا هاني

    • زائر 6 | 11:40 م

      الكل نصب روحه محقق

      كل من هب ودب صار محقق فصل واعتقال ولجان تحقيق على فءه معينه فقط.

    • زائر 5 | 11:39 م

      الكل نصب روحه محقق

      كل من هب ودب صار محقق فصل واعتقال ولجان تحقيق على فءه معينه فقط.

    • زائر 4 | 11:24 م

      التقيّة

      الواقع الذي لايعترف به أحد أن الجميع يستخدم التقية، وإن أنكروها بألستنهم فقد استيقنتها قلوبهم.

    • زائر 3 | 10:54 م

      جميع السلطات مصدرها واحد، طبعاً ليس الشعب، وكلامها واحد.. بيل وين فصل السلطات؟؟

      ليس من اختصاص مجلس النواب، الذي عيّن نفسه سلطة قضائية، وحكم في القضية، ووقف ضد رغبة السلطة التنفيذية في إحالة القضية للسلطة القضائية ..

    • زائر 2 | 10:21 م

      أحسنت

      شكرا جزيلا
      و أحسنت على التوضيح المفيد .

    • زائر 1 | 8:56 م

      إذا كان خصمك القاضي من تقاضي

      كيف تريد لمجلس النواب أن يرفع الحصانة عن النائب وأنت تقول بأن المجلس قد وضع نفسه كسلطة قضائية؟ عش رجب ترى عجب! (محرقي/حايكي)

اقرأ ايضاً