العدد 1 - الجمعة 06 سبتمبر 2002م الموافق 28 جمادى الآخرة 1423هـ

التلفزيون "الديجيتال" يدخل المنازل

بدات الخطة العشرية الحكومية الأميركية لإدخال تكنولوجيا التلفزيون الديجيتال للمنازل، وبحسب هذه الخطة فإنه مع العام 2006 يتوقع ان تمتلئ المنازل بتلفزيونات تعتمد على التكنولوجيا الرقمية (الديجيتال) التي تعتمد على بث الأفلام والبرامج التلفزيونية بعد تحويلها إلى أرقام مليونية وبليونية جميعها تتكون من الرقمين صفر وواحد. فالصورة يتم تحويلها إلى، مثلا، 111011010، ويتم استقبال هذه الاصفار والاوحاد وتحويلها مرة ثانية إلى القلم أو البرنامج التلفزيوني. وابتداء من العام القادم فإن الشركات الكبرى ستكون قد بدأت تركيب أجهزة البث التي ستستبدل الأجهزة الحالية.

وسيكون حجم الشاشة خاضعة لذوق المستهلك، فقد تكن بالحجم الحالي أو بأي حجم آخر بعرض الحائط وطوله. سوف تكون هناك مئات المحطات القابلة للالتقاط. سوف يتمكن المستهلك ان يشتري بضاعة من خلال التجول (الكترونيا) في المحلات التي تعرض نفسها على الشاشة. سوف توفر معلومات كثيرة عن كل ما يبث وما على المشاهد إلا الضغط على الشاشة وفي موقع الصورة المختارة ليحصل على مزيد من المعلومات. سيتمكن المشاهد من التعاطي مع المعلومات، يرد عليها وهو جالس مكانه، سيتمكن من برمجة التلفزيون لكي يخبره عن موعد بداية البرامج التي يفضلها في أي محطة من المحطات التي سيعجز عن حفظ مسمياتها. سيتمكن المرء من تعطيل البرامج والدعايات والأفلام التي لا يريد مشاهدتها.

ستتمكن مدارس الأطفال، مثلا، من التقاط وتخزين أفضل البرامج التعليمية وثم عرضها للطفل في المدرسة ولا داعي لان يحل الطفل أو تتعب المعلمة أو المعلم في تعليم المناهج المتنوعة والمتطورة المعروضة على الطفل، والأفكار لا تنقطع، ولا يمكنها أن تنقطع بعد أن تصبح المعلومات متوفرة بطريفة سهلة وشيقة تتفتن من خلالها ذهنية المشاهد ليشارك منتج البرامج في تكويرها وتحسينها وضبطها.

أنها أيضا مدخل للديمقراطية "المباشرة" من حيث انتشار الثقافة. وتتمكن الناس من التعبير عن أرائهم مباشرة وإيصالها لأصحاب القرار، بل عزلهم وانتخاب غيرهم. أنها أيضا مدخل للتخلص من الوسطاء والسماسرة الذين يتقاضون الأجور والقومسيون لأنهم يعلمون ما لا يعلمه غيرهم. لا حاجة لهم في وجود تكتولوجيا تمكن الإنسان من الحصول على المعلومات التي يريدونها متى أرادوا.

هذه طبعا هي الصورة الحسنة، التي يلومنا التركيز عليها لكي لا نتورط بأساليب الرفض القديمة. نعم سيكون هناك دجالون ومحتالون وفاسدون أخلاقيا يحاولون الدخول إلى منازلنا المحتشمة. نعم سيكون الأطفال أكثر غراما بالتكنولوجيا الحديثة وسوف يستطيعون اختراق الضوابط التي قد يفرضها عليهم آباؤهم وأمهاتهم، نعم ستنتشر الأفكار من شرق وغرب وشمال وجنوب. نعم سيكون هناك أكثر من جواب واحد لكل سؤال يسألك اياه ابنك أو ابنتك. نعم ستتغير العادات وتتداخل الثقافات مع بعضها الأخر. كل هذا سيحدث قريبا بعد أن تنتشر التكنولوجيا " الديجيتال" في العالم. وأمام كل هذا سيكون الميزان مفتوحا لمن لديه طرح انسانس مقبول أو طرح غير إنساني وغير مقبول. والتعريف بالإنساني والمقبول خاضع للمنظور الفكري، وقد يكون ذلك نسبيا، نسبة إلى المنظور وغلى الزمان والمكان، حسب ما يدعيه بعض المتفلسفين والفلاسفة المصرين على القول بإننا نعيش عصر "ما بعد الحداثة".

قد لا تكون المواكبة سهلة لكن الأصعب من ذلك هو عدم المواكبة ومحاولة إقامة الحصون والجدران وصم الأعين والآذان. الخيار من هذا النوع يكلف ولا يخلق الأجيال الناصعة بالفهم والعمل.

التكنولوجيا الجديدة هي تكنولوجيا ضرورية للمستقبل القريب خصوصا عندما يندمج الكومبيوتر بالتلفزيون بالهاتف. يمكن للمرء أن يعيش بدونها ولكن سيكون خلف الركب ليس له دور مؤثر في محيطه المحلي، وبالتأكيد ليس له دور عالمي. الحل يمكن في فهم التحولات والاستعداد للمشاركة أو المواكبة على الأقل. ذلك لان التكنولوجيا أنما هي تكنولوجيا للذين ولدوا قبل اختراعها. أما أولئك الذين يولدون بعد اختراعها فيعتبرونها أمرا بديهيا وأداة لا بد من استخدامها لتسيير حياتهم بالسهولة المتوفرة.

العدد 1 - الجمعة 06 سبتمبر 2002م الموافق 28 جمادى الآخرة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً