العدد 3719 - الأحد 11 نوفمبر 2012م الموافق 26 ذي الحجة 1433هـ

تراجع الحكومة العراقية عن الغاء البطاقة التموينية تراجع عن الاصلاح

شكل تراجع الحكومة العراقية عن خطتها المثيرة للجدل والقاضية بالغاء البطاقة التموينة، اكبر البرامج الاجتماعية في البلاد، نكسة لجهودها الاصلاحية كون هذه الخطة كانت تنطوي على بنود اصلاحية رئيسية، كما يؤكد خبراء.

وسحبت الحكومة قرارا اتخذته الاسبوع الماضي لاستبدال البطاقة التموينية بمبلغ 25 الف دينار شهريا لكل فرد، اثر احتجاجات رجال دين وبرلمانيين ومواطنين.

وكانت قد بررت اتخاذها القرار، الذي ووجه برفض شعبي واسع، بمحاربة "الفساد" الذي يشوب نظام توزيع الحصص التموينية التي يحصل من خلالها العراقيين على مواد غذائية رئيسية ابرزها الطحين والسكر والأرز والزيت، باسعار رمزية جدا.

وعلى اثر هذه الاحتجاجات، قررت الحكومة الاحد ان تخير مواطنيها بين الحصول على بدل نقدي او مواد البطاقة التموينية التي بدأ العمل بها منذ عام 1991 لدى تطبيق الحصار الاقتصادي ابان نظام صدام حسين.

ويبلغ البدل النقدي 25 الف دينار (حوالى 20 دولارا) للفرد شهريا.

وقال كمال البصري الباحث في "المعهد العراقي للاصلاح الاقتصادي" لوكالة فرانس برس ان قرار الغاء البطاقة التمونية صائب، مضيفا ان تراجع الحكومة عنه "مثير للسخرية، كنا نتوقع الغاء البطاقة التموينية منذ عام 2004، لان هذا يعتبر اصلاحا رئيسيا ويجب ان ينفذ".

وحول تبرير رئيس الوزراء نوري المالكي ان السبب هو وجود "فساد"، قال البصري "نعم، هناك فساد وتسرب، الحلقات الطويلة لعملية توزيع (المواد التموينية) غير واضحة بشكل كامل، وهناك تسرب عند كل حلقة منها".

والامر الاخر، هو العبء الاقتصادي الذي تتحمله الدولة العراقية لتطبيق نظام البطاقة التمونية.

فقد ذكر تقرير للامم المتحدة صدر العام الماضي ان البطاقة التموينية تستنفذ 7% من ميزانية العراق الكلية، وهو اكثر مما ينفق على قطاع التعليم او الصحة.

وبحسب دبلوماسي معتمد في بغداد فان خيار المبالغ النقدية يعد الاقل سوءا لانه يضع المسؤولية على المواطن، ويكون الخيار امامه في ما يريد.

واضاف الدبلوماسي لفرانس برس طالبا عدم ذكر اسمه انه في بلد مثل العراق "حيث يعيش نحو 23% دون خط الفقر، وفقا لوزارة التخطيط، يمثل الغاء امر من بقايا نظام صدام حسين في هذا المجال ثمنا سياسيا لا يستطيع المالكي ان يدفعه".

وبدا هذا الامر واضحا من خلال الاعتراضات الشديدة اللهجة التي صدرت عن مراجع دينية بينها ممثل للمرجع الشيعي الكبير اية الله علي السيستاني وبرلمانيون ومسؤولون محليون في مناطق عدة من البلاد.

ومثلت البطاقة التموينية للعائلة العراقية خلال ايام الحصار الذي دام حتى عام 2003 ملاذا آمنا لتامين متطلبات الغالبية العظمى من المتطلبات الضرورية والاساسية.

وحتى في هذه الايام، فقد اعرب غالبية العراقيين عن استيائهم لقرار استبدال البطاقة التموينة بمبلغ نقدي.

ففي حي كمب سارة في وسط بغداد، حيث يعيش غالبية من المسيحيين ويعاني الاهالي الذين يعيش غالبيتهم بمساعدة البطاقة التموينية من نقص شديد في الخدمات، تقول اميرة اسماعيل (57 عاما) وهي ام لخمسة اطفال وصلت لاستلام حصتها التموينية من احد المحال التجارية ان "الغاء البطاقة التموينية يعد دمارا لنا، لان زوجي المعيل الوحيد للعائلة يعمل سائق تاكسي لدى صديق له".

واضافت "كيف يستطيع تلبية ما نحتاج لوحده لان هذا المبلغ لا يكفي ابدا".

وفي مكان قريب في الحي ذاته، قالت رمزية نمرود (52 عاما) وهي امراة مسيحية "لا نستطيع الاستغناء عن الحصة التموينية ابدا"، مشيرة الى ان زوجها رجل مريض وانها المعيل الوحيد لاسرتها من عملها في تنظيف المنازل، مؤكدة ان مدخولها بالكاد يكفي لسد متطلبات اسرتها المؤلفة من خسمة افراد ودفع بدل ايجار المنزل.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً