العدد 3736 - الأربعاء 28 نوفمبر 2012م الموافق 14 محرم 1434هـ

هل نحن بحاجة لبسيوني آخر؟

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

الوثيقة الوحيدة التي أقرت السلطة في البحرين من خلالها ببعض انتهاكاتها ضد الشعب المحتج على سياستها كانت تقرير لجنة تقصي الحقائق الذي اشتهر بـ «تقرير بسيوني»، والذي مرَّ عام على تقديمه والإقرار بما جاء فيه رسمياً من قبل الجهات الرسمية التي وعدت بتنفيذ توصياته كاملة.

وعلى رغم أن الانتهاكات التي ذكرت في التقرير وثقت مرحلة بسيطة جداً من تاريخ المعاناة، فإنها ذكرت كثيراً من أساليب القمع والقتل والتعذيب والانتهاك الجسدي والنفسي والمادي والمعنوي، ووثقت لأسلوب رجال الأمن في اقتحام المنازل وتكسيرها وسرقة بعض محتوياتها إضافة إلى عدم وجود أي مذكرة قبض في أي من الاقتحامات التي حدثت في تلك الفترة.

ما نعيشه اليوم لا يختلف كثيراً عمّا حدث وذُكِر في التقرير، فاقتحامات البيوت مازالت مستمرة، واعتقال المواطنين من غير مذكرة قبض مازال قائماً، والقتل باستخدام الأسلحة المحرمة دولياً مازال متواصلاً، بل صار مبرراً اليوم بحجة الدفاع عن النفس! كما أن حصار القرى الذي يذكرنا بما جرى في سترة في مارس/ آذار من العام الماضي، ليس ابتداءً بالعكر وليس انتهاءً بمهزة في سترة التي مازال أهاليها يعانون اقتحامات منازلهم ليلاً وتكسير وسرقة محتوياتها بحسب شهاداتهم التي يتم توثيقها لدى منظمات حقوق الإنسان في البحرين، وبحسب ما شاهدت ورأيت لدى بعض معارفي في المنطقة مازال مستمراً.

وعلى رغم أن البحرين تعلن في كل محفل أن لا وجود لمعتقلي رأي في سجونها، فإن ما نراه ونعيشه مختلف عمّا يقال؛ إذ لايزال المواطنون يُعْتَقَلون نتيجة مشاركاتهم في المسيرات والاعتصامات، إضافة إلى استدعاء رجال الدين والرواديد وأصحاب المآتم والمدونين والنشطاء على شبكة الإنترنت، لا لشيء سوى أنهم عبّروا عن آرائهم وتمنوا الخير لأنفسهم وأبنائهم وشعبهم ووطنهم.

وليست السلطة هي الوحيدة المسئولة عن الانتهاك ضد الشعب، بل إن هناك فئة من المواطنين أمثال الإعلاميين والصحافيين ممن لا همّ لهم إلا التخوين والتسقيط والشتم من أجل مآرب ومصالح خاصة، من خلال ما يقدمونه من أفكار، يتفنون في هذه الانتهاكات أيضاً، وهو ما لاحظناه في كثير من أعمدة ومقالات صحافيين بعينهم، ومن خلال برامج تلفزيونية معينة، وكل هذا أمام مرأى ومسمع السلطة التي لم تتخذ أي إجراء رادع ضدهم للمساهمة في رأب الصدع الذي تطالب المحتجين بردمه وتنسى منتسبيها الذين يعمقونه يوماً بعد يوم من خلال كتاباتهم وموادهم الاعلامية.

كل هذه الانتهاكات ضد حقوق الإنسان تجعلنا نقف مجدداً أمام تقرير لجنة تقصي الحقائق الذي لم ينفذ من توصياته إلا أقل من نصفها بحسب المراقبين المتتبعين لمجريات الساحة، وبحسب رئيس اللجنة محمود شريف بسيوني نفسه، الذي تحدّث بعد عام على صدور التقرير عن مماطلة السلطة في تنفيذ توصياته. فهل نحن بحاجة لبسيوني آخر لكي يوثق ما تم تنفيذه من توصيات بشكل محايد، وخصوصاً أن الأرقام التي تتحدث عنها الحكومة تختلف كلياً عن تلك التي تتحدث بها المعارضة ويتحدث بها الشعب؟

هل نحن بحاجة اليوم لبسيوني آخر ليقوم برصد الانتهاكات التي وقعت من بعد فترة بسيوني الأول، لنعرف مدى التغيير الذي حدث في سلوك وزارة الداخلية في التعامل مع المحتجين والمعتصمين ومع من يبدون آراءهم؟ هل نحن بحاجة لبسيوني آخر ليقول للسلطة ان ملف المفصولين مازال مفتوحاً وملف الانتهاكات كل الانتهاكات مازال قائماً؟

أظننا اليوم غدونا جميعاً بسيوني من خلال توثيق كل ذلك بالصورة الفوتوغرافية والفيديو ولكن لا يوجد من يسمع أو يرى!

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3736 - الأربعاء 28 نوفمبر 2012م الموافق 14 محرم 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 15 | 11:10 ص

      بـــــــــــــــلدي جريح

      عندما تذكر الاوطان تنهمر العبرات والدموع نيرانا مستمرة تحرق مقلتي لان وطني وشعبي جريح وأصبح يتحدث بصرخة ولكن لااحد يسمعه فهل من منقذ من عندك يالهي فنحن غرباء بوطن يعتصر بوطن يذبح بشعب يصرخ فهل انت لجانبنا فقد زادت الاوجاع وزاد الصمت على الظيم وأصبحنا بلا عنوان وطنييي جريح وشعبي يطعن بسيخ فهل من منقذ يالهي لتردم الجروح برماد ليدمى هذا الجرح العميق!!

    • زائر 14 | 3:06 ص

      بحاجة لرفع الغطاء الامريكى

      مقال جميل كما انت دائما , لا بسيونى ولا غيره , فالحكم لا يريد ان يطبق توصيات بسيونى ولا جنيف . وهذا بالطبع لانه لا يريد ان ينتقل الى الديمقراطية . ولكن عندما يرفع الغطاء الامريكى , ويزداد الضغط الشعبى فهذا كفيلا برضوخ الحكم وتطبيقه للتوصيات ومن ثم التحول للديمقراطية .

    • زائر 13 | 3:00 ص

      ستراوي ضايق المرة

      شكرا يا ستاذة سوسن على هذا المقال المميز وشكرا لانكي ذكرتي بعض من مظلومية قرية مهزة التي لو وصفت لكي ما هي معاناتها لقلتي لي اعتقد بانك تضخم ما يجري لكم، مهزة تشهد ابادة باردة ابادة من هتك الحرمات و الأعراض ابادة الآمنينن نحن لا ناصر لنا الا الله ولا يعلم معاناتنا الا الله ولا يمكن وصف شعورنا وأحاسيسنابعد مداهمة منازلنا ، اه اه ثم اه نسائنا لا تخلعن عبائتهن وهن في البيوت ولا يدخلن الحمام الا و احد يحرسهن وهن في البيوت، مهزة تغرق وستصل لمرحلة الموت اولا من التفرج........

    • زائر 12 | 2:27 ص

      لا تفيد اللجان

      نحتاج لضمير حي
      عندما يقول انا مسلم لا يكذب لا يظلم لا يسلب حق من احد

    • زائر 11 | 2:08 ص

      اختلف معك لم يكن اعتراف السلطة من خلال تقرير بسوني فقط وانما قبولها بتوصيات جنيف ايضا اعتراف واضح

      قبول السلطة بتوصيات جنيف ايضا اعتراف من السلطة بممارسة القمع والعنف والتعذيب وخرق حقوق الانسان، ولكن هذا ليس هو المهم.
      الآن وبعد هذه الاعترافات ما هي النتائج على الأرض؟ النتائج هي زيادة وتيرة العنف والتعذيب والمداهمات الغير قانونية والتعدي على حقوق الانسان وماذا يعني هذا
      يعني انه مع سبق اصرار وترصد وهذا له في عرف القانون عقوبة مشددة فلا يفرحنّ احد انه يمارس هذه الامور ويظن ان الافلات هو سيد الموقف سيأتي يوم يحاسب كل على ما فعله لا اقصد يوم القيامة بل هو يوم في الدنيا

    • زائر 10 | 1:27 ص

      شكرا لاقلامكم الحرة

      الوسط شكراً لك

    • زائر 9 | 12:27 ص

      وضعتي اليد على الجرح

      اولا اشكر تميزك الواضح وابداع قلمك المخلص لله والوطني وابناء جلدتك مقالك هو الواقع بعينه ولكن السلطة غير مكترثة بقرير السيد بسيوني ولا غيره فلو راجعنا اعداد الضحايا بعد التقرير لوجدانها ضغفي العدد قبل التقرير من شهداء ومعتقلين ومعذبين وحصار القرى وانتهاك الحرمات وكل هذا ومطبلين السلطة يطبلون باسم الاصلاح ولا اصلاح هناك بل فساد مستشري

    • زائر 8 | 12:14 ص

      مقال ممتاز

      مقال ممتاز
      شكرا لقلمك الحر
      اما ان الوقت لتنفيذ التوصيات بالفعل
      وعدم المماطلة والتهرب

    • زائر 7 | 12:09 ص

      بسيوني أيه اللي أنت جاي تقول عليه

      البحرين ليست بحاجة إلى بسيوني آخر أو لجان أخرى لأن كل ذلك سيذهب أدراج الرياح ، البحرين بحاجة إلى تكاتف الشعب بعضهم ببعض ومساعدة المحتاجين ومساعدة عوائل المعتقلين وعوائل الشهداء، لسنا بحاجة إلى شخص يأتي ويوثق انتهاكات ويذهب وكأن شيئا لم يكن. ماذا استفاد المواطن من تقديم شكواه إلى لجنة بسيوني وماذا أفادت شهود العيان الذين قدموا شهاداتهم إلى لجنة بسيوني هاهم رموز المعارضة معتقلون مكانهم وطلاب الجامعة في الزنزانات والأطباء معتقلون والآن زاد الطين بله وسيقى الوضع على ماهو عليه. ياعم بلا بسيوني بلا...

    • زائر 6 | 11:29 م

      هل نحن بحاجة لبسيوني آخر؟

      نحن لسنا بحاجة لبسيوني لا أول ولا آخر نحن بحاجة لنواب يقفون مع المواطن الذي جعلهم يقبعون تحت قبة البرلمان لا يقفون ضده ويطلبون منه تطبيق تقرير بسيوني كما قاله أحدهم نرجوا مراجعة عدد الوسط ليوم أمس (محرقي/حايكي)

    • زائر 5 | 11:02 م

      خير من يوثق

      لا نريد بسيوني اخر سيدتي فقد ختمت مقالك بعين الحفيقية حين قلت اننا جميعا غدونا بسيوني نوثق وسنحاكم جميع من ارتكب الانتهاكات . شكرا لقلمك الحر سوسنة الماء

    • زائر 4 | 10:34 م

      يعتقدون

      كانت الحكومه تعتقد ان بسيوني ولجنته سيجعل الشعب يرضخ ويخرج في مسيريرات فرح وسرور
      ولكن عندما لم تنطلي عليهم الخديعه. ظهرت النوايا الحكوميه في لجنة بسيوني وغيرها

    • زائر 3 | 10:15 م

      الحق يقال

      مقالة متمزة جداً استناذة سوسن فيها توصيف للواقع بشكل دقيق وشكرا لك لانك كل يةم تبدين اقرب من الشعب وتتحدثين بلسانه بشكل جميل

    • زائر 1 | 8:58 م

      عفوا فلسنا بحاجة لبسيوني اخر

      مالذي سيحصل لو جاء بسيوني اخر ؟
      سيوثق ما حصل , ثم ماذا بعد ؟
      لا شيء سوى زيادة الانتهاكات
      البحرين بحاجة الى لجنة تحقيق دولية تحت اشراف الاممالمتحدة لها صلاحية التحقيق واحالة المتهمين ايا كانوا ( شعب , حكومة , معارضة , موالاة ) الى قضاء دولي عادل و محايد

اقرأ ايضاً