العدد 3739 - السبت 01 ديسمبر 2012م الموافق 17 محرم 1434هـ

«تمكين» وبرنامج «اكسِبْ مِنْ تعلُّمك»

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

تابعنا باهتمام تفاصيل الخطة التشغيلية (الإطار المرجعي العام) لـ «تمكين» للعام 2013 التي رصدت مبلغ 87 مليون دينار بحريني تقريباً لمشاريع العام المقبل، والتي من المتوقع أن يستفيد منها أكثر من 29 ألف مواطن ومؤسسة.

كما قرأنا قبل يومين خبراً عن فعاليات مهرجان ومعرض (أصيل في المدرسة) الرابع الذي نظمته «تمكين» بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم بمشاركة نحو أكثر من 840 طالباً وطالبة من 28 مدرسة ثانوية من مختلف محافظات مملكة البحرين، إذ تم عرض عدد من المشاريع الإبداعية للطلبة والتي تساهم في نشر ثقافة السلوكات الإيجابية داخل الفضاء المدرسي وتأهيل الطلبة للانخراط بنجاح في سوق العمل، هذا المعرض اعتبرته وزارة التربية والتعليم فرصة لدعم قيم المواطنة وحقوق الإنسان واحترام الرأي الآخر والعيش المشترك.

يحق لـ «تمكين» أن تفتخر بإنجازاتها النوعية للعام 2012م كإطلاق برنامج الشهادات الاحترافية لدعم أكثر من 100 شهادة مهنية معتمدة للبحرينيين وجعلهم الخيار الأمثل في سوق العمل، وهو ما يبعث على التفاؤل في خلق كوادر ونخب وقيادات مستقبلية متميزة في قطاع العمل، إلا أننا وانطلاقاً من «حق التعليم للجميع» نضع بين يدي «تمكين» برنامجاً تعليميّاً رائداً في حفز الطلبة للتعلّم وتذويب الفوراق الطبقية بين المتعلمين في مجتمع متنوع كالولايات المتحدة الأميركية، وكيف يمكن لـمؤسسة بحجم «تمكين» الاستفادة منه في الارتقاء بمستوى الخدمات التعليمية والتدريبية التي تقدمها إلى أبناء وطننا العزيز.

اسم البرنامج «اكسب من تعلُّمك»، وقد كتبت فيه الباحثة التربوية (جينيفر هندرسون) وتجدون نبذة عنه على الموقع الإلكتروني لمكتب التربية العربي لدول الخليج، ترجمة (عمر خليفة) عن أثر الحوافز المادية على تحصيل الطلبة دراسيّاً.

ملخص ما ذكرته الباحثة هندرسون هو أن المعلمين ومديري المدارس يكونون أكثر إبداعاً عندما يتعلق الأمر بحفز الطلبة للتعلُّم بحوافز مالية أو مشغلات MP3 أو بطاقات شحن مدفوعة الأجر مقابل إحرازهم درجات جيدة في الاختبارات.

يطبَّق «اكسب من تعلُّمك» في ولاية دلاس الأميركية ويستخدم الحوافز المالية لتشجيع الأطفال على القراءة، وحفزهم لكل كتاب يقرؤونه ويلخصونه.

صاحبة فكرة برنامج «اكسب من تعلُّمك» ثلما موريس ترى أن برنامج الحوافز المادية هو الحل لحفز الطلبة ومساعدتهم على إعادة اكتشاف رغبتهم في القراءة؛ فمعظم الطلبة يأتون إلى المدرسة ولديهم رغبة جادة في القراءة وهم علماء بفطرتهم ويسألون آلاف الأسئلة، إلا أن الأنظمة التربوية ـ وهذه من وجهة نظرنا مسألة حقوقية بحتة ـ تقمع فيهم تلك الرغبة وتقهر فيهم ذلك الحماس للقراءة، ويجب على التعليم كغيره من الأنظمة الرسمية الأخرى أن يستمر في إيجاد حلولٍ مبتكرة لتناول متطلبات القرن الحادي والعشرين داخليّاً وخارجيّاً.

يتلقى الطلبة المشاركون في هذا البرنامج حوالي 500 دولار عن كل امتحان يحرزون فيه 80 في المئة أو أكثر، كما يُمنح المعلمون مبالغ مقابل إنجاز طلبتهم في الاختبارات.

تدير برنامج الحفز المادي شخصية اقتصادية من ولاية هارفارد الأميركية تدعى (رولاند فراير) ويحظى باهتمام كبير في كل من نيويورك وشيكاغو وواشنطن، وتتنوع المكافآت المادية لديهم نظير التحصيل الدراسي الجيد للطلبة في كل اختبار من اختباراتهم الدورية وفي مقابل الأداء الأكاديمي الجيد بشكل عام والسلوك الحسن والمواظبة على الحضور إلى المدرسة وغير ذلك، حيث توزّع عليهم مشغلات موسيقى MP3 وبطاقات شحن مسبقة الدفع كحوافز للطلبة أو 50 دولاراً لكل درجة A يحصلون عليها، و35 دولاراً لكل درجة B و20 دولاراً لكل درجة C يحصلون عليها وهكذا، وهو ما يشجع الطلبة من ذوي الدخل المحدود على التعلم، فهؤلاء الطلبة لا يتلقون الحوافز المادية المجزية مقابل أدائهم الأكاديمي كأقرانهم من الأسر ذات الدخول المتوسطة أو المرتفعة، وبالتالي ينعكس على دافعيتهم نحو مواصلة التعليم الجامعي، وشتَّان هنا بين من يلتحق بأعرق الجامعات في الخارج من الأسر الميسورة أو المتوسطة وبين هؤلاء المستضعفين الفقراء الذين لا يخططون للالتحاق بأية كلية أو أنهم يلتحقون بأية كلية كانت نظراً إلى أوضاعهم المادية الصعبة.

قد لا يروق للبعض مثل هذا البرنامج؛ لأنه ـ في نظرهم ـ يختفي أثره بانتهاء تقديم الحوافز المادية، ولأننا سنكون شركاء أو متواطئين مع الطلبة في العملية التي اعتبروها (رشوة)، أو أن التعلّم الحقيقي إنما يكون بدوافع ذاتية من الطلبة أنفسهم للنجاح في المدرسة لا بمثل هذه الحوافز المادية وغير ذلك من الشعارات الضبابية التي يتغنَّى بها هؤلاء والتي يدرك الكثيرون من التربويين الميدانيين عدم جدواها في بيئة طلابية منفتحة على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وكثرة المتطلبات والاحتياجات التي يعجز عن توفيرها الكثيرون من أولياء أمور الطلبة أنفسهم قبل غيرهم.

ثم، إذا ما كانت المسألة بهذا المستوى لدى البعض فلا حاجة لنا إذاً إلى وضع نظام للبعثات والمنح الدراسية والحوافز والترقيات، بل وحتى نظام الثواب والعقاب!

قد لا نكون مبالغين ـ في حال تبني «تمكين» لمقترحنا ـ عندما نعتبر هذا البرنامج عاملاً محفزاً للطبقات من ذوي الدخل المحدود للاهتمام بالتعليم بوصفه حقّاً أصيلاً من حقوق الإنسان وتعزيز حق تكافؤ الفرص التعليمية ومكافحة جميع أشكال التمييز بين المتعلمين، وهو ما ينسجم مع النتائج التي توصل إليها كيرابو جاكسون - وهو اقتصادي من جامعة كورنيل الأميركية - بأن لبرنامج الحوافز المادية تأثيراً كبيراً على الطلبة الأميركيين من أصول إفريقية.

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 3739 - السبت 01 ديسمبر 2012م الموافق 17 محرم 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً