العدد 3744 - الخميس 06 ديسمبر 2012م الموافق 22 محرم 1434هـ

انحطاط الصهيونية وإسرائيل

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

لأول مرة في تاريخ الأمم، تخرج زعيمة أكبر حزب للمعارضة في إسرائيل (كاديما) ووزيرة الخارجية في ظلّ حكم أيهود أولمرت، وهي تسيبي ليفني، لتتفاخر أنها مارست الجنس للايقاع بخصوم إسرائيل وضحاياها عندما كانت تخدم كعميلة للموساد في باريس خلال سنوات شبابها.

ليفني بررت ذلك بفتوى أقبح من الذنب، لحاخام إسرائيلي أفتى بجواز ممارسة اليهوديات الجنس الحرام من أجل مصلحة اليهود و»إسرائيل». وكشف النقاب أن أكثر من دولة أوروبية بما فيها فرنسا كانت على علم بما يقوم به الموساد من اغتيالات للعلماء والمناضلين العرب والفلسطينيين بشكل خاص، ودور ليفني، دون أن تلاحق قضائياً وحتى دون أن تُبعَد.

وبمناسبة مرور ثلاثين عاماً، سمحت الحكومة بنشر بعض الوثائق السرية بما فيها وثائق الموساد. كما سمحت لقيادات سابقة للموساد بالحديث عن قضايا حساسة. قائد الموساد السابق أفي أختر، قال في محاضرة إن إسرائيل حققت في العراق أكثر مما توقعته، وأن العراق سيظل يتخبط في صراعاته القومية والمذهبية، وأن جيشه لم يعد يشكل خطراً على إسرائيل، بعد أن أخرج من ميدان الصراع. ذلك نتيجة استراتيجية إسرائيلية دعمت سابقاً من قبل أميركا وتركيا وإيران تمحورت حول دعم وتدريب الأكراد وتسليحهم للاشتباك في حرب مدمرة ضد أي نظام عربي حاكم في بغداد، منذ العهد الملكي حتى سقوط نظام صدام في 2003. كما يشمل تدمير مفاعل تموز النووي بعد الحصول على معلومات من فرنسا مصنّعة المفاعل، واغتيال علماء الذرة العراقيين العرب العاملين في المشروع. وتستمر إسرائيل في إقامة أوثق العلاقات مع نظام الحكم الكردي، الذي هو في الواقع دولة داخل الدولة حتى اليوم وغداً.

كشف الموساد لأول مرة عن دور أشرف مروان، زوج ابنة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر هدى، والذي اشتغل طويلاً ليصل إلى مراكز القرار خصوصاً في عهد السادات، وأنه كان عميلاً للموساد وقدّم خدمات لا تقدّر بثمن. كما كشف الموساد عن أنه المسئول عن اغتيال أبوجهاد الوزير عقل المقاومة الفلسطينية وقائدها الفعلي في منزله بتونس، وذلك باستخدام فريق تصوير تلفزيوني كطعم للإيقاع به واغتياله. وتتفاخر إسرائيل أنها اغتالت وستغتال كل من يقف في طريقها من الفلسطينيين أو غيرهم.

يبدو أن الأوضاع المتردية للأمة العربية بما في ذلك الفلسطينيين، والحرب القائمة بين بعض الأنظمة العربية، وتآمر بعضها على البعض الآخر، جعل إسرائيل وجعل تسيبي ليفني تكشف عن «انتصاراتها» ضد من يقفون في طريقها من العرب، لتزيدهم إحباطاً على إحباط، وللقول بأن يد إسرائيل تطال كل من يعترض سبيلها، وآخر ذلك تدميرها لمصنع اليرموك الحربي في السودان، فماذا أنتم فاعلون يا عرب؟ لا نتوقع جواباً.

بعض ما كشف عنه الموساد وكشفت عنه ليفني بشكل خاص، هو أن العرب ضعاف أمام الجنس، وقد أفادت إسرائيل وخصوم العرب الآخرون من ذلك، للإيقاع بخصومها بمن فيهم قيادات مقاومة وثوريون. ولذا علينا أن لا نتحرج من الاعتراف بهذه الحقيقة، فلإسرائيل عملاء في صفوف الثورة الفلسطينية فعلاً. والحقيقة الثانية هي أن العرب في خصوماتهم مع بعضهم البعض أو مع شركائهم في الوطن، يذهبون في خصومتهم بعيداً، بحيث لا يتورعون عن الاستعانة بأعدائهم كما شركائهم من الأكراد مثلاً لا يتورعون عن الاستعانة بـ إسرائيل. لذلك لا تستغرب تدخلاً إسرائيلياً في سورية كما سبق في ليبيا والعراق.

أما الحقيقة الثالثة فهي أن الغرب بقيادة الولايات المتحدة يعرف طبيعة الكيان الصهيوني ككيان عنصري بلا رحمة، ويعرف طبيعة العقيدة الصهيونية العنصرية في اعتبارها أن لليهود العلو على باقي الشعوب والديانات الذين يعتبرون أغياراً، وهذا ما يبيح لهم استخدام جميع الوسائل اللاأخلاقية بما فيها المجازر والاغتيالات وشن الحروب وإشعال العداوات، ونخر جميع الأنظمة من الداخل، وابتزاز حتى حلفائها. ألم تجند إسرائيل اليهودية الحسناء المتدربة لونسكي للإيقاع بالرئيس السابق كلينتون، لأنه أضحى حينها يعارض التملص الإسرائيلي بقيادة باراك ومن التفاوض مع عرفات الذي قبل بالحل السلمي النهائي مع إسرائيل بعرض أميركي؟ لكن الغرب وخصوصاً أميركا أضحى رهينة بيد اللوبي الصهيوني، الذي يخلق ملوكاً ويهلك آخرين. لذا ليس غريباً مثلاً أن يختلف المتنافسان على الرئاسة الأميركية أوباما ورومني حول كل شيء ويتفقان بل ويزايدان على دعم إسرائيل.

«الصهيونية كحركة وعقيدة هي نتاج الرأسمالية المتقدمة» كما قال ماركس، ولهذا فإنها ستذهب يوماً ما إلى مزبلة التاريخ بعد أن ترمي البشرية بالرأسمالية إلى مزبلة التاريخ، لكن ذلك لا يعفي العرب -الضحية الأولى للصهيونية و»إسرائيل»- من النضال ضدها واستخلاص حقوقهم. المؤسف أنه حتى بلداننا العربية البعيدة عن المواجهة تستقبل وفود اللوبي الصهيوني في استعانة حكوماتنا بها ضد الحركات الشعبية المطالبة بالديمقراطية والتغيير.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 3744 - الخميس 06 ديسمبر 2012م الموافق 22 محرم 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 1:17 ص

      ولأنهم وجدوا في القادة العرب قادة خرطي لذلك عرفوا كيف يلعبوا عليهم

      لكثرة ما ذكرت قصص اليهود في القرآن وحذر منها المسلمون عن طريق الآيات والأحاديث النبوية وكل ذلك لم ينفع المسلمين لأن المسلمين ابتعدوا عن جوهر دينهم وقبلوا بحكم من ليس اهلا لحكمهم فأصبحت الامة العربية والتي تضاهي في قوامهم من عدد وعدة الولايات المتحدة بل وتفوقها بما انعم الله عليها من خيرات ولكن اين ذلك كله يذهب في لعب القادة العرب الذين افرغوا الوطن من خيراته ولعبوا بها ذات اليمين وذات الشمال دون مبالاة بمستقبل الامة

    • زائر 1 | 1:05 ص

      تحياتي للمناضل العكري ولعموم أسرة العكري العامرين بالمناضلين و المجاهدين الأسرة التي زودت بالكوادر في جميع التخصصات و المناحي أما الانحطاط الصهيوني يماثله انحطاط عند كثير من يبرز ليقود الصراع مع إسرائيل فمن يبيع أمة بفرج لا يقل انحطاطا عن من يريد رفع امته بفرج

اقرأ ايضاً