العدد 3757 - الأربعاء 19 ديسمبر 2012م الموافق 05 صفر 1434هـ

نمو إنتاج السعودية من وقود الديزل ينذر بتخمة آسيوية

من شأن زيادة كبيرة في طاقة إنتاج السعودية من وقود الديزل الأقل تلويثاً للبيئة أن تقلل اعتماد المملكة على استيراد الوقود بدءاً من العام المقبل، وهو ما سيضطر موردي الوقود الحاليين لإيجاد مشترين جدد في سوق آسيوية متخمة بالإمدادات.

وتم تصميم أغلب المصافي الجديدة ومشروعات التطوير في الشرق الأوسط لإنتاج وقود الديزل بنسب كبريت شديدة الانخفاض تفي بالمعايير البيئية الأوروبية؛ لذا يمكن تصدير بعض إنتاجها إلى أوروبا أو آسيا.

ومن المرجح أيضاً أن تؤدي الاستثمارات التي تتكلف عدة مليارات من الدولارات إلى تحوُّل في تدفقات تجارة الوقود بالخليج؛ إذ ستتيح طاقة الإنتاج الإضافية للسعودية، أكبر منتج في منظمة «أوبك»، أن تقلص وارداتها من وقود الديزل، وقد تصبح مصدراً صافياً في الشتاء حينما تتراجع احتياجاتها من الوقود.

وسيقوم المشروع المشترك لـ «أرامكو» السعودية مع «توتال» الفرنسية في الجبيل بتكرير الخام الثقيل السعودي لإنتاج أنواع من الوقود، مثل زيت الغاز - الذي يشمل وقود الديزل- والبنزين والكوك البترولي للاستهلاك المحلي والتصدير. والمشروع هو الأول من ثلاث مصاف طاقة الواحدة 400 ألف برميل يومياً من المقرر افتتاحها خلال السنوات الخمس المقبلة.

ومن المتوقع أن ترفع مصفاة الجبيل وحدها طاقة السعودية لإنتاج وقود الديزل الأقل تلويثاً بنحو 176 ألف برميل يومياً فور وصولها للطاقة التشغيلية الكاملة، في حين من المتوقع أن يعزز المشروعان الآخران طاقة إنتاج السعودية من وقود الديزل بإجمالي 461 ألف برميل يومياً بحلول 2017.

وقال المستشار لدى «إف.جي.إي انرجي»، روبرت سميث: «كانت السعودية مستورداً صافيا لزيت الغاز لعدة سنوات، لكن مع بدء تشغيل مصفاة الجبيل في 2013 فمن المنتظر أن يتغير هذا الاتجاه بنهاية العام إن لم يكن قبل ذلك».

ولطالما عانت السعودية من نقص في البنزين وزيت الغاز. ودفع اقتصادها الذي يعتمد على إيرادات النفط والنمو السكاني، الطلب المحلي للارتفاع سريعاً، خصوصاً مع الارتفاع الشديد في توليد الكهرباء في شهور الصيف الحارة من مايو/ أيار إلى أغسطس/ آب.

وأظهرت بيانات رسمية سعودية أن المملكة، أكبر بلد مصدر للنفط الخام في العالم، استوردت 243 ألف برميل يومياً في المتوسط من زيت الغاز/ وقود الديزل في يوليو/ تموز من هذا العام، حين يبلغ الطلب ذروته مقارنة مع مستوى قياسي مرتفع بلغ 290 ألف برميل يومياً في يوليو 2011.

وتأتي معظم واردات السعودية من الوقود من منتجين آخرين بالخليج أو موردين من الهند وسنغافورة. وسيضاعف تدشين المصافي الثلاث طاقة السعودية لإنتاج وقود الديزل إلى المثلين تقريباً ما سيساعدها على أن تصبح مصدراً صافياً في الشهور التي تنخفض فيها درجات الحرارة.

ويقول محللون إن المملكة لن تستغني تماماً عن استيراد وقود الديزل نتيجة الطلب المتنامي؛ ولأن الديزل عالي الجودة الذي ستنتجه المصافي لن يستخدم في محطات الكهرباء. ويقول تجار إنه سيتعين على المصافي الآسيوية بالرغم من ذلك إيجاد مشترين آخرين للوقود الذي كانوا يبيعونه للسعودية بكميات متزايدة خلال السنوات الخمس الماضية.

وقال تاجر في سنغافورة: «النمط التجاري ككل سيتغير بشكل جذري خلال سنوات قليلة فور بدء تشغيل الطاقة التكريرية الجديدة بالكامل». وتخطط الإمارات العربية المتحدة عضو منظمة «أوبك» هي الأخرى لتوسع كبير في إنتاج وقود الديزل، وتعمل شركة أبوظبي لتكرير النفط (تكرير) لزيادة طاقتها الإنتاجية إلى أكثر من مثليها من مصفاتها بالرويس التي تبلغ طاقتها الحالية 415 ألف برميل يومياً.

وسيؤدي ازدهار صادرات المشتقات النفطية الخليجية إلى أوروبا وآسيا لاحتدام المنافسة بدرجة أكبر بين الموردين. وتصدر الهند حالياً نحو 1.5-1.7 مليون طن من وقود الديزل شهرياً معظمها إلى أوروبا وإفريقيا، لأن شركة التكرير الهندية العملاقة «ريلاينس» قادرة على تلبية المواصفات الأوروبية الصارمة.

ويقول تجار إن المصافي الجديدة التي سيبدأ تشغيلها في دولتين من كبار منتجي النفط الخام بالشرق الأوسط تشكل خطراً كبيراً على شركات التكرير الهندية التي تبيع منتجات نهائية إلى أوروبا؛ إذ تعزز تكلفة الشحن المنخفضة الميزة التنافسية لاثنتين من المصافي السعودية على ساحل البحر الأحمر.

وفي الخليج، حيث تقل أيضاً تكلفة الشحن إلى أوروبا عن تكلفة الشحن من الهند، تعتزم شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) طرح وقود الديزل بنسبة كبريت عشرة أجزاء للمليون في عقود 2013 ما يجعلها أول منتج خليجي يصدر وقود الديزل بنسبة كبريت شديدة الانخفاض في عقود لآجال محددة.

ويقول تجار إن شركة «أرامكو» السعودية «توتال» للتكرير والبتروكيماويات (ساتورب)، وهي المشروع المشترك الذي يملك مصفاة الجبيل، سيطرح أيضاً وقود الديزل منخفض الكبريت للتصدير بحلول الربع الثاني من العام المقبل.

وقال مصدر بالهند: «ما قد نراه على المدى القريب هو أن تتحول ريلاينس لتخزين إنتاجها في صهاريج، وهو ما قد يخفض الهوامش وربما في النهاية تعدل إنتاجها لتنتج مزيداً من البنزين أو زيت الغاز مرتفع الكبريت».

وقال مصدر آخر بالهند إن الهند قد تحول بعضاً من إنتاجها إلى شرق إفريقيا مع ارتفاع الطلب من تلك المنطقة التي لا توجد بها أية مصاف. وقال العضو المنتدب لاستشارات قطاع المصب في «آي.إتش.إس» بسنغافورة، فيكتور شوم، إنه على المدى القريب قد يتم شحن بعض الإنتاج الفائض من دول الشرق الأوسط إلى السوق التجارية بسنغافورة لتلبية طلب متنامٍ من أستراليا وتعويض انخفاض الصادرات اليابانية.

وتستورد أستراليا مزيداً من وقود الديزل بعدما أغلقت معامل تكرير قديمة، في حين من المرجح أن تقلص اليابان صادراتها من وقود الديزل بدءاً من العام المقبل.

وقال شوم: «سيكون هناك بعض عمليات إعادة التوزيع، لكن ستظل هناك منافسة قوية على اقتناص أسواق؛ وذلك ببساطة لأن الطلب العالمي بسوق النفط سيظل ضعيفاً نسبياً».

ومع ارتفاع الطلب أيضاً من باكستان وبنغلادش وسريلانكا فقد يستوعب نمو الطلب المحلي بشبه القارة الهندية على الأمد البعيد أية كميات لا تجد مشترين من وقود الديزل الهندي بسبب زيادة صادرات دول الخليج العربية الأعضاء بمنظمة «أوبك».

وقد يضغط أيضاً ارتفاع صادرات الشرق الأوسط إلى أوروبا على المصافي في منطقة البحر المتوسط، والتي تعاني بالفعل بسبب انخفاض هوامش أرباح التكرير لإنتاج وقود السيارات في سوق أوروبية آخذة في التضاؤل؛ وذلك نظراً لارتفاع سعر الخام.

العدد 3757 - الأربعاء 19 ديسمبر 2012م الموافق 05 صفر 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً