العدد 3766 - الجمعة 28 ديسمبر 2012م الموافق 14 صفر 1434هـ

الهند تتأهب لتوفير الأدوية المجانية إلى 1.2 مليار مواطن

إطلاق الخطة في ولاية راجستان

تطلق ولاية راجستان، شمال الهند، خطة طموحة للرعاية الصحية الشاملة، في وقت يبدو استياء أطباء الدولة في تناقض صارخ مع أفراح 68 مليون نسمة سيستفيدون من هذا المخطط.

فقبل أكثر من عام، كانت حكومة الولاية قد بدأت في توفير العقاقير مجانياً للأعداد الهائلة من سكانها، مما جرَّد الأطباء من القدرة على وصف الأدوية الأكثر تكلفة.

والآن هناك نحو 350 من العقاقير الأساسية التي يجري توزيعها مجاناً. ونتيجة لذلك، تزايدت زيارات المرضى الخارجيين بنسبة 60 في المئة، كما تزايد ادخال المرضى للمستشفيات بما يصل إلى 30 في المئة، وذلك بالرغم من أن المرافق الصحية العامة مكتظة وتعاني من نقص العاملين. كذلك فيضطر الكثير من الأهالي إلى السفر مسافات طويلة للوصول إلى أحد المرافق الصحية العامة.

ووفقاً للتقارير الإخبارية، هناك ما يزيد على 200,000 شخص يستفيدون حالياً من البرنامج.

ويقول مستشار مؤسسة ولاية راجاستان للخدمات الطبية، التي شكلها رئيس وزراء الولاية لتنفيذ هذا البرنامج، نيرمال كومار جورباني، خلال الندوة العالمية الثانية للبحوث النظم الصحية في بكين: «لقد كسر هذا الوضع تلك العلاقة الوثيقة الموجودة منذ عقود بين الأطباء ومصنعي (الأدوية)».

وأضاف جورباني، وهو أستاذ في المعهد الهندي لإدارة الصحة والبحوث، أنه يجري استخدام «نموذج ولاية راجاستان» كنموذج أولي لخطة مماثلة في جميع أنحاء الهند، يمكنها أن توزع الأدوية مجاناً لنحو 1.2 مليار مواطنا في البلاد.

ويعتبر أحد أهداف البرنامج هو وضع حد لتلاعب الصيدليات الخاصة والشركات المصنعة بالأسعار.

ويوضح جورباني: «سيبلا، على سبيل المثال، تنتج ثلاثة أنواع من أقراص الإنفلونزا التي تمتلك نفس المواد الكيميائية، وتبيع الأدوية العامة للصيدليات بسعر الجملة البالغ 2 روبية هندية (0.03 دولار) لكل علبة بها عشرة أقراص، لكنها تبيع الأدوية ذات العلامات التجارية بسعر 23 روبية (0.42 دولار) لكل علبة».

ويضيف: «ثم يقوم الصيدلي ببيع الأدوية الثلاثة بسعر يتراوح بين 27 إلى 39 روبية ( 0.50 إلى 0.72 دولار) وفقاً للسعر المطبوع عليها. وبالتالي يقع المريض تحت رحمة الطبيب أو الصيدلية، وسوف يشتري الدواء الذي يتم نصحه به».

ولمواجهة هذه الممارسة، «تشتري الحكومة الآن الأدوية العامة مباشرة من الشركات المصنعة وطورت (البنية التحتية) لتسليمها للمرضى من خلال 13,874 مركزاً معتمداً لتوزيع الأدوية»، وفقاً لكومار جورباني.

وبالنسبة للمرضى الذين يضطرون إلى تناول بعض الأدوية مدى الحياة، مثل السكري أو أمراض القلب، فقد كانوا يجدون حتى الآن صعوبة في الدفع.

ويقول جورباني: «إن الفرق في التسعير بالتأكيد لا يعني تقديم تنازلات بشأن الفعالية والجودة، هناك علامة تجارية معينة من الأدوية المستخدمة لمرض السكري تكلف 117 روبية (2.17 دولار)، لكننا نشتري 10 حبات من الأدوية العامة لمرض السكري بسعر 1.97 روبية (0.036) دولاراً».

ويشير جورباني إلى أن النفقات الطبية هي السبب الثاني للمديونية الريفية الأكثر شيوعاً في الهند.

واستشهاداً ببيانات رسمية، أفاد أن أكثر من 40 في المئة من الذين نقلوا إلى المستشفيات في الهند كانوا بحاجة لاقتراض المال أو بيع ممتلكات من أجل تحمل تكاليف العلاج.

فقد دفعت تكلفة العلاج لمرة واحدة في المستشفيات 35 في المئة من المرضى تحت خط الفقر. وفي الواقع، حرمت الرعاية الصحية التي لا يمكن تحمل كلفتها أكثر من 23 في المئة من المرضى من استشارة الطبيب.

وقد أسهمت عوامل ندرة المهنيين الطبيين في ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية إلى معدلات فلكية. فوفقاً لمنظمة الصحة العالمية، الهند لديها 6.5 طبيباً فقط لكل 10,000 مريض. وعلى سبيل المقارنة، فالصين لديها 14.2 طبيباً، وبريطانيا 27.4 طبيباً لنفس العدد من المرضى.

ويشكل الإنفاق على الأدوية وحدها ما بين 50 الى 80 في المئة من تكاليف الرعاية الصحية في الهند. وهذا كله في بلد يعتبر «صيدلية العالم».

فصناعة الأدوية في الهند هي ثالث أكبر الصناعات الدوائية في العالم بإنتاج سنوي يبلغ نحو 25 مليار دولار، ومبيعات محلية تصل إلى 12 مليار دولار.

وبلغت صادرات الهند من الأدوية ما قيمته 13.2 مليار دولار في السنة المالية الماضية، وتخطط الحكومة الآن لمضاعفة ذلك إلى 25 مليار دولار بحلول 2014.

وحتى الآن، يقول جورباني، «ثلثي السكان لا يحصلون على الأدوية الأساسية بشكل منتظم».

وبدوره، فإن أكاديمي الصحة العامة في شبكة العمل للأدوية في كل الهند، رافي نارايان، يثني بشدة على مبادرة الحكومة في ولاية راجاستان. ويقول: «إن ولاية راجاستان لديها حركة شعبية قوية جداً وأشخاص مهمين يترأسون تلك الحركة. وقد أثبت نجاح تجربة راجستان أن الهند ستدخل في نفس تجربتها».

وتأوي ولاية التاميل التي تأوي 72 مليون شخصاً، وتقدم الدواء مجاناً للجميع أيضاً. وحتى كارناتاكا تقوم بالبناء على هذه النماذج، كما قال نارايان لوكالة «إنتر بريس سيرفس».

ومع اتجاه الهند نحو التغطية الصحية الشاملة في العامين المقبلين، فقد وضعت الحكومة ميزانية تبلغ حوالي 300 مليار روبية (55.9 مليون دولارا) لتمويل هذا البرنامج. وتأمل أن تكون قادرة على توفير الأدوية المجانية إلى 52 في المئة من السكان بحلول العام 2017.

وستقوم الحكومة المركزية بتمويل 75 في المئة من البرنامج، بحيث تغطي الولايات الكلفة المتبقية.

وتشمل خطة الهند للتغطية الصحية الشاملة المقترحة العديد من الميزات الموجودة في نموذج راجستان، مثل المشتريات المركزية، واللوائح القانونية لضمان أن يصف الأطباء الأدوية الرخيصة بدلاً من الأدوية ذات العلامات التجارية، وقائمة بالأدوية «المسموحة»، واقتصار التوزيع على المراكز الصحية الحكومية الرسمية.

ويقول جورباني: «هذه الخطوة ليست فقط ممكنة في الهند فقط، بل إنه من الممكن تطبيقها في جميع أنحاء العالم».

وفقاً للمدير التنفيذي للتحالف من أجل السياسات الصحية وبحوث النظم في منظمة الصحة العالمية، عبد الغفار، «من الناحية النظرية النموذج لديه الكثير من القوة، ولكنه صعب من الناحية السياسية. فيجب أن يكون هناك انسجام بين الحكومة المركزية و(28 ولاية وسبعة أقاليم اتحادية) في الهند».

فمع نظام الصحة العامة الذي يعاني بالفعل من ضعف الموارد ويكافح من أجل تلبية احتياجات 1.2 مليار شخصاً، 40 في المئة منهم يعيشون تحت خط الفقر، هناك تحديات خطيرة لتوسيع نطاق البرنامج على الصعيد الوطني.

ولقد سجلت حالات نقص في الأدوية، ينسبها جورباني إلى المراحل الأولى من مشروع يسعي لإيجاد مواقع له في منطقة متنوعة جغرافياً.

ويتوقع جورباني، «هناك الحزام القبلي فضلاً عن الصحراء ثم المناطق الحضرية، إلى جانب جيوب ريفية كبيرة. فإذن الاحتياجات مختلفة، والمخزون ينفذ أحيانا. هذه المشاكل الأولية لا مفر منها، ولكن مع مرور الزمن سيتم القضاء على هذا النقص».

العدد 3766 - الجمعة 28 ديسمبر 2012م الموافق 14 صفر 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 1:43 ص

      شي حلو

      في الهند الصيدليات منتشرة بكثرة. في حال تطبيق الخطة ما مصير أصحاب الصيدليات؟ هل سيتم تعويضهم مثلاً أو تخصيص مبلغ شهري لهم بدلاً من فقدانهم لمصدر دخلهم

اقرأ ايضاً