العدد 3768 - الأحد 30 ديسمبر 2012م الموافق 16 صفر 1434هـ

من كان عليه دعم الحراك الثقافي... يمنعه هنا!

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

يبدو ضرباً من المبالغة هذا العنوان أعلاه، لكنه كان واقعاً خلال الأسبوع الماضي في البحرين؛ إذ كان من المفترض أن تقوم مجموعة «مجاز» البحرينية بتدشين رواية وديوان شعري لمبدعَين عربيين آثرا التواصل مع أعضائها قبل زيارتهما للبحرين بغرض إقامة حفل توقيع لنتاجيهما الأدبيين كل على حدة، رغبة منهما في التواصل مع كتاب ومثقفي البحرين والمهتمين بالأدب بشكل عام، وبهذا أعلنت المجموعة عن الفعاليتين بعد التأكد من المبدعين عن استمرار رغبتهما في إقامة الفعاليتين.

كل هذا كان عادياً ومتوقعاً في بلد يشهد له الجميع باستمرار نشاطه الثقافي، لكن الأمر لم يبدُ طبيعياً حين قامت الجهة المستضيفة لهذين المثقفين بمنع أحدهما من حضور الفعالية في الليلة المحددة لها، بحجة «لا تذهب إليهم»، وبشيء من الغضب - كما نقل هو لأحد أعضاء مجاز - لا لشيء سوى لأن أعضاء هذه المجموعة قد يبدون مختلفين مع هذه الجهة في نظرتهم للإنسانية والحرية فيما يخص الربيع العربي. فآثرت هذه الجهة تعطيل فعالية المجموعة على رغم أنها هي التي كان عليها تنشيط الحراك الثقافي، لتضيف لفعاليات البحرين رصيداً جديداً، احتفاءً بأهميته كحدث ثقافي بمقدار أهمية صاحبه.

أحد المثقفَين أخبر المجموعة بهذا المنع قبل الفعالية بوقتٍ كافٍ، فيما اضطرت المجموعة لإلغاء فعالية الضيف الثاني قبل ثوانٍ من وقتها والسبب هو ذاته، ما جعل مجموعة «مجاز» تصدر بياناً توضح فيه سبب إلغاء هاتين الفعاليتين، أكدت فيه أن المثقفين هما من طلبا إقامة فعالية احتفائية بنتاجيهما، وأنها لا شأن لها بالخلافات الواقعة بين مثقفي البحرين، وأنها ترحب دائماً وأبداً بالجميع، متمنية إبعاد ضيوف البحرين عن أية مماحكاتٍ طفولية على نمط: «لا تذهبوا إليهم»، كما فعلت تلك المؤسسة التي يفترض أنها تساند كل حراك ابداعي.

وأكدت المجموعة في بيانها ان «مجاز» وعلى مدى سبعة أشهر «عُرفت - كجهة مستقلة يقوم عليها شباب نشطٌ ومثقف - بالحيادية والنشاط الدؤوب والجدي، مما كوّن لديها جمهوراً يثق بفعالياتها وتنظيمها».

وإذ يبدو مستهجناً هذا التصرف الذي كان أعضاء هذه الجهة «المانعة» يعيبونه على الشيخة مي آل خليفة حين كانت تمنع قبل سنوات بعض ضيوف مركز الشيخ إبراهيم وغيرها من المراكز التابعة لها من إجراء أي حوار مع الصحافة المحلية إلا بتنسيق من سكرتيرة المركز، إلا أنه لم يكن غريباً على من يحاول جاهداً التشهير بزملائه من خلال وسائل الإعلام التي باتت بين يديه.

ولا يمكن التكهن بسبب آخر غير محاولة إلغاء الآخر المختلف المستقل، يدعو الجهة المانعة لهذا المنع غير المبرر؛ وخصوصاً أننا جميعاً ككتاب وشعراء وأدباء، اعتدنا المشاركة في مهرجانات خارج البحرين كنا نستضاف خلالها في أكثر من موقع ومن أكثر من جهة غير تلك الداعية لنا والتي غالباً ما تكون قد تحملت نفقات السفر والإقامة، من غير أن يطلب منا أحد عدم تلبية تلك الدعوات!

لطالما صدحت في الساحة الثقافية المحلية نداءات كثيرة يطالب أصحابها بالنأي بالثقافة عن كل ما هو سياسي، وخصوصاً بعد الأحداث الأخيرة التي مرت بها البلاد، ولكن الأمر يبدو وكأنه شَرَكٌ لا يمكن تجاوزه لدى بعض المثقفين ممن آثروا التعامل مع الآخر بوصفه عدواً يجب ألا يكتب لتحركه أي نجاح، وهم الذين كانوا يرسلون رسائل «من تحت الماء» يحاولون خلالها إعادة بعض هؤلاء المستقلين لينضموا لجناحهم.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3768 - الأحد 30 ديسمبر 2012م الموافق 16 صفر 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 1:13 ص

      الأختلاف الفكري حق للجميع

      الأختلاف الفكري مع أي موقف سياسي حق مشروع لأي أحد من المثقفين.
      ولكن إهانة أي إنسان عبر عن رأيه بالطرق السلمية فهنا يتتطلب من المثقف
      الشريف أن لا يصمت أو يقف محايد أمام إنتهاكات كرامة الإنسان.
      المثقف الحر يجب أن يقف مع الحق ولا يقبل الظلم حتى مع من يختلف معهم فكرياً.

اقرأ ايضاً