العدد 3777 - الثلثاء 08 يناير 2013م الموافق 25 صفر 1434هـ

ثورة العراقيين... مطالب مشروعة أم حرب طائفية؟

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

يعرف الشعب العراقي بأنه من أكثر الشعوب تسامحا بين فئاته كافة، ما كان منها دينيّاً أو مذهبيّاً أو عرقيّاً. وعاش هذا النسيج المتنوع في العراق مئات السنين على أحسن حال، ويشهد التاريخ أن الشعب العراقي سار خلف قادته الأكراد والسنة والشيعة، وكانت الأحداث الكبرى تجمع المسلمين وأصحاب الديانات الأخرى. فالجميع كان يعمل من أجل حماية العراق والحفاظ على وحدته.

وقد عرف أعداء الأمة المسلمة أن التناصر المذهبي هو من أقوى وسائل تفريق الأمة؛ ولهذا عمل المحتلون الأوائل على إثارة هذه الفتنة لكنهم لم ينجحوا، ولما احتل الأميركان العراق؛ أعادوا المحاولة مرة ثانية وحققوا نجاحات كبيرة، لكنها أوصلت العراق إلى حافة التقسيم والفقر والفساد.

في العقيدة اليهودية أن زوال دولة «إسرائيل» سيكون على أيدي العراقيين، فدولتهم القديمة - كما يقولون - أزالها نبوخذ نصر حاكم العراق، والحالية -كما يعتقدون- سيزيلها حاكم عراقي، ولهذا كانوا وراء الحرب الأخيرة في العراق وكانوا وسيبقون وراء إضعافها وتفتيتها، وبطبيعة الحال؛ فالأميركان ينفذون هذه المخططات من أجل «إسرائيل».

سلم الأميركي السلطة في العراق إلى الشيعة الذين وقفوا معهم في الحرب، ووقفوا إلى جانبهم، وبعض هؤلاء مغالون في طائفيتهم كما أنهم في الوقت نفسه مغالون في حبهم للسلطة ومستعدون لعمل أي شيء للاستمرار فيها والحصول على جميع الصلاحيات التي تمكنهم من ممارسة الاستبداد. السيد المالكي رئيس الوزراء على رأس هذا النوع من المستبدين، فجمع بين الطائفية والاستبداد، والمرجح أن صمت بعض المحيطين به من جهة وتأييد الأميركان والإسرائيليين له شجعاه على المضي في ذلك الطريق الذي يهدد العراق كلها بالخطر.

لعب المالكي على خط التوتير المذهبي فبدأ باضطهاد بعض قيادات السنة واتهامهم بالإرهاب، فخرج مجموعة من هؤلاء خارج العراق، وحكم قضاؤه على بعضهم بالقتل مثل السيد الهاشمي نائب الرئيس، ثم أراد أن يكرر التجربة مع وزير ماليته رافع العيساوي فاتهم مجموعة من حراسه بالإرهاب تمهيداً لتوجيه التهمة نفسها إلى العيساوي، وربما يكون الحكم عليه بالإعدام أسوة بالهاشمي، وربما ليستسيغ هذه اللعبة فيعيدها المرة تلو الأخرى.

لكن كثيراً من مكونات الشعب العراقي لم يستطيعوا الاحتمال وخصوصا أبناء السنة، فخرجت كثير من مناطقهم للتظاهر والمطالبة بعدد من الاصلاحات الرئيسية، فبادر المالكي باتهامهم بالطائفية على أن بينهم عددا من زعماء الشيعة، لكنها التهمة التي استساغها والتي يعرف أنها الأكثر قدرة على شق اللحمة الوطنية التي يتباكى عليها. وزاد المالكي وبعض رجاله: أن هناك دولاً تدعم هؤلاء المتظاهرين وتدفع لهم الأموال، وذكر من بينها قطر والسعودية، وكأنه أراد أن يضع فشله في إدارة العراق على تلك الجهات لعله يكسب شيئاً من التعاطف، ولم يدر أن هذه الأكاذيب ما عادت تنطلي على أحد.

العراق معرضة لخطر التقسيم، فالأكراد يشكلون شبه دولة في الشمال، وإذا استمر المالكي ومجموعته في الاستبداد؛ فلربما يطالب السنة بدولة في الأنبار وما حولها، ثم يفعل الشيعة الشيء نفسه في الجنوب، وهنا يتحقق مخطط التقسيم ويكون المالكي قد شارك فيه.

والعراق أيضاً معرض لخطر الطائفية وقد رأينا ما حصل بين السنة والشيعة في بداية الاحتلال، وكان البعض يغذي هذا العداء بصورة مستمرة ولولا عقلاء الطائفتين لاستمرت المذابح بصورة بشعة.

مشكلة العراق الحالية ليست بسبب العداء الطائفي بين السنة والشيعة، لكنها كما أرى بسبب الاستبداد الذي يمارسه المالكي واستغلاله لبعض القوانين وبعض القضاة للمضي قدماً في هذا الاستبداد، أما الحديث عن الفتنة الطائفية؛ فإن هدفه التغطية على فشل حكومة المالكي في تحقيق احتياجات الشعب، وترسيخ نظامه الاستبدادي ولو على حساب كل العراقيين الذي يدعي أنه يعمل من أجلهم.

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 3777 - الثلثاء 08 يناير 2013م الموافق 25 صفر 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 35 | 12:36 م

      انت محاسب على كلامك

      كيف تقول ان الشيعة وقفوا مع اميركا (الشيطان الاكبر) ضد هدام وهم أبدا لم ولن يقفوا معهم. راجع كلامك

    • زائر 34 | 7:38 ص

      استاذ محمد..

      عد الى رشدك يا استاذ محمد ترى الي صاير في العراق باين وضوح الشمس من رفع اعلام حزب البعث المجرم ورفع شعارات طائفية وتعطيل مصالح الناس والتهجم عليهم ، والقيادات الشيعية مثل ما ذكرت في جانبهم في تحسين الامور المعيشية والسياسية ولاكنهم تركوهم يوم شاهدوا اصرارهم على ارجاع حزب البعث الصدامي المجرم.

    • زائر 33 | 7:15 ص

      كما فشلت اللعبة في سوريا ستفشل في العراق

      لقد فشلت اللعبة في سوريا وسوف تفشل في العراق بإذن الله

    • زائر 32 | 5:45 ص

      المرض

      يعتقد جمهور كبير من المتابعين للكتاب الخليجيين ان لديهم عقده مرضية تسمى الشيعة وعندهم ايضا عمى شديد لكل ما هو ضد الشيعة
      فمثلا كاتب هذا المقال يهاجم المالكي فقط لانه شيعي وانتقد امريكا فقط لانها سلمت الحكم للشيعة وغض الطرف عن ان المالكي اتى بالإنتخابات نزيهه وشفافة كما الذين سبقوه ولكن في المقابل هل يستطيع الكاتب يا ترى ان يتكلم عن اي رئيس وزارء خليجي علماً بأن لا احد من الشعب انتخبهم ؟!!

    • زائر 30 | 4:55 ص

      المؤامرة المفضوحة

      المؤامرة في العراق لن تنطلي على أحد
      كما في سوريا
      فكيدوا كيدكم واسعوا سعيكم ولن تحققوا شيئًا

    • زائر 29 | 4:52 ص

      الناس مدركين للحقيقة

      من يعيش في دولة مثل البحرين ويرى بعينه ما تفعله السلطة للمواطنين الأصليين من تمييز وانتهاك للحقوقهم أمام مرأى ومسمع شركائهم في الوطن ويسكت عن ذلك
      فليس من حقه أن ينتقد حكومات دول أخرى
      ابدأ بنفسك أولاً وغير من نفسيتك أولاً ثم تحدث عن الآخرين
      الناس واعين ومتابعين ومدركين لكل ما يدور حولهم فلا تحاول تضليلهم بمعلوماتك المغلوطة

    • زائر 28 | 4:42 ص

      الساعة في العراق لن تعود الى الوراء

      لهم برلمان منتخب من قبل الشعب ونزيه وليس تعين .

    • زائر 26 | 3:55 ص

      مغالطات كثيرة سقتها في مقالك

      من أتى بالشيعة للحكم هو صندوق الإقتراع والعالم كله يشهد بذلك، والمالكي لا حاجة له في اللهب على الوتر الطائفي لأن وراءه برلمان يحاسب.
      أعتقد أن كلامك يدفعه عدم قبولك بمحاكمة مجرمين من أمثال طارق الهاشمي وغيره. كنت أعتقد أنك تكتب بإنصاف ولكنك تفصح عن نفسك يوما بعد يوم.
      لماذا لا تذكر أن أموال النفط السعودية هي وراء مشاكل العراق؟ أم أنك لا تعترف بهذا القول؟

    • زائر 24 | 3:45 ص

      راح

      العراق صار لعبه عتد المالكي وربعه بعد رحيل الأسد

    • زائر 27 زائر 24 | 4:29 ص

      قصدك بعد رحيل ( ضب الحفرة )

      قصدك بعد رحيل ( ضب الحفرة )

    • زائر 23 | 3:06 ص

      اسمح لنا ايها الاخ العزيز انت وقعت في نفس المحذور ... ما هذا التناقض

      اقتباس من المقال : وقد عرف أعداء الأمة المسلمة أن التناصر المذهبي هو من أقوى وسائل تفريق الأمة؛ ولهذا عمل المحتلون الأوائل على إثارة هذه الفتنة لكنهم لم ينجحوا، ولما احتل الأميركان العراق؛ أعادوا المحاولة مرة ثانية وحققوا نجاحات كبيرة، لكنها أوصلت العراق إلى حافة التقسيم والفقر والفساد.

    • زائر 22 | 2:55 ص

      القصد ان الشيعة كانوا اكثرية او اقلية ما لهم حق ان يحكموا

      هل هناك ظلم اكبر من هذا فسواء أكان الشيعة اقلية او اكثرية لا يهم المهم انهم ليس لهم الحق في حكم بلدهم وعلى البلاد الاخرى ان تفرض من يحكم العراق
      يتدخلون في الشأن العراقي ولا يريدون التدخل في شؤنهم ويرهنون ثروات وطنهم من اجل الفتن ولا يقبلون بان يحكم شيعي
      الفساد له اصل ويأتي من مكان معروف

    • زائر 19 | 2:26 ص

      هناك دولة عربية أوقفت مخزونها النفطي والغازي لتغديت الفتن الطائفية

      لماذا لا تكون هناك فتن طائفية وبعض الدول اوقفت مخزونها النفطي لتغدية هذه الفتن بدل من التمنية في بلدانها
      وهناك عقول مستحمرة باعت آخرتها بابخس الأثمان لكي يتلاعب بها اهل المال والبترول

    • زائر 18 | 2:02 ص

      مقال مخالف للحقيقة

      إذا كان سنة العراق يخرجون في مظاهرات بقصد إزاحة رئيس الوزراء نوري المالكي ، فالمالكي لن يبقى طويلاً بل سيأتي يأتي غيره قريبًا
      أما إذا كانوا يخرجون لكي يغيروا في الدستور العراقي ويريدون جعل رئاسة الوزاء في يد الأقلية فهذا إجحاف بحق شيعة العراق وهم الأغلبية
      فكل العالم لم ينسى المجازر التي اقترفها صدام وجلاوزته بحق شيعة العراق وحتى العمليات الإرهابية التي تستهدف الشيعة حتى يومنا هذا لن ينساها أحد
      فكن منصفًا أخي الكاتب بحق ممن يختلفون معك مذهبيًا ولا تطلق الأحكام قبل التثبت من صحتها

    • زائر 16 | 1:23 ص

      ثورة العراقيين... مطالب مشروعة أم حرب طائفية؟ الجواب

      حرب طائفية لأن هناك من يغذيها من الدول العربية .

    • زائر 12 | 12:35 ص

      غاورت عن البحرين وتجاهلت ما يتهم به المظلومين ومطالباتهم المحقة ياسيدي؟!

      لعب المالكي على خط التوتير المذهبي فبدأ باضطهاد بعض قيادات السنة واتهامهم بالإرهاب، فخرج مجموعة من هؤلاء خارج العراق، وحكم قضاؤه على بعضهم بالقتل مثل السيد الهاشمي نائب الرئيس، ثم أراد أن يكرر التجربة مع وزير ماليته رافع العيساوي فاتهم مجموعة من حراسه بالإرهاب تمهيداً لتوجيه التهمة نفسها إلى العيساوي، وربما يكون الحكم عليه بالإعدام أسوة بالهاشمي، وربما ليستسيغ هذه اللعبة فيعيدها المرة تلو الأخرى.

    • زائر 10 | 12:30 ص

      ثورة العراقيين... مطالب مشروعة أم حرب طائفية؟

      ألا ترى يا سيدي أن هذا بنطبق تماماً هنا في البحرين فلماذا تغض الطرف هنا وتفتح عينيك هناك فقط؟(مشكلة العراق الحالية ليست بسبب العداء الطائفي بين السنة والشيعة، لكنها كما أرى بسبب الاستبداد الذي يمارسه المالكي واستغلاله لبعض القوانين وبعض القضاة للمضي قدماً في هذا الاستبداد، أما الحديث عن الفتنة الطائفية؛ فإن هدفه التغطية على فشل حكومة المالكي في تحقيق احتياجات الشعب، وترسيخ نظامه الاستبدادي ولو على حساب كل العراقيين الذي يدعي أنه يعمل من أجلهم)هذا ما تقوله يامحمد الهرفي!!.

    • زائر 15 زائر 10 | 1:15 ص

      فاتك امر اخوي

      المالكي جاء للسلطة بالانتخابات ولم يكن في سده ألرئاسة سوى بضع سنوات ولكن هناك مصالح دولية تريد من العراق ان يبقى ضعيفا متشرذما

    • زائر 8 | 12:16 ص

      وما كائنا القتل والتفجير الطائفي حدث

      تناسيت جرائم صدام والقتل اليومي في شيعة العراق والمقابر الجماعية ولم تذكر ما اكتشفوه إستغلال لدى حماية الهاشمي من عدة تفجيرات راح ضحيتها الالوف.

    • زائر 6 | 12:00 ص

      المجرم لا يحسب على طائفته

      معيب جدا ان يكون مثقف مثلك استاذ هرفي وتحسب المجرم على طائفته او ان طائفته هي المستهدفه ما ابقيت للجهلاء هداك الله!!

    • زائر 5 | 11:57 م

      ماذا عن مظاهرات الامس

      خرج فيها الآلاف تأييدا للوحدة ورفض التقسيم

    • زائر 3 | 11:51 م

      جانبت الصواب استاذي الفاضل

      المقال لا يتسم بالموضوعيه ولو استمعت لمعتدلي السنه العراقين.من خطباء منابر وشعب لوضحت الرؤية عندك بشكل افضل ولكن رايك محترم مهما يكن

    • زائر 2 | 11:45 م

      عبد علي البصري

      سلام عليكم محمد عي الهرفي ويش اخبارك غبت عنا واجد واجد , والله ابدنا انعلق على موضوعك بس هذا ما اخصنا ولا نعرف ملابساته زين . دمتم بخير انشاء الله ولا اطولون واجد عشت

اقرأ ايضاً