العدد 3777 - الثلثاء 08 يناير 2013م الموافق 25 صفر 1434هـ

دم - طبع - أصل

على بعد خطوات من استاد أو ملعب (خليفة) الدولي بلهجة العراقيين، الذي تقرر أن يحتضن لقاء منتخبي العراق والسعودية، شاهدت تجمهرات شبابية مختلطة، بين طبل عريض ورشاقة بوق اومزمار ودبكة نهر وتموجات بحر ورفرفة رايات وأعلام ورقصات طفل بين عشرات بل مئات الأزهار المتنقلة على طول أديم مملكة البحرين. إن المسافة شاسعة متريا وقريبة (عولميا) ما بين المنامة وبغداد، إلا أن المشاعر والأجواء، ظلت واحدة جامدة في قولبها العربي المتأصل المحافظ على إطاره العام من حبيبات رمل أو قطرات بحر أو نهر.

كنت احمل معي بعض الأعلام العراقية التي نساها عندي أعضاء الوفد الذين حملوها الى المشجعين العراقيين في الملعب، ونسيتها أنا أيضا، إذ كنت احمل أدواتي الصحافية التي هي عنواني ورسالتي وهويتي، ومن دون شعور وإذا ببعض الفتية يتهافتون ليلتفوا حولي وهم يهتفون (عراق عراق كلنا نحبك ياعراق)، مبروك عليكم إن شاء الله الفوز والتوفيق يارب. وقد تصورت أنهم من الجالية العراقية أو ممن وصل لتشجيع المنتخب العراقي من بقية الدول، إلا أن الاستطلاع الأولي العيني المجرد، اثبت أن جميع المحيطين والمهنئين والداعين لنا بالتوفيق هم من غير العراقيين، وأبناء خليجنا الممتد من القلب الى القلب.

(ربنا يوفقكم، إن شاء التوفيق يارب، هلا بالخوال، يولاد العم، مبارك مقدما، تسلموا والله، مهلين، يا هلا بالغالين، يعيطكم العافية...)، وعشرات الجمل والكلمات الخارجة من قلب عفوي الى استيعاب عفوي. تلك كانت نماذج من كم كبير، يعجز لساني عن الوصف لترحيب شعبي حار، من قبل أبناء شعبنا العربي الأصيل من مواطني البحرين العزيزة وبقية ضيوفهم الأعزاء، منذ أول قدم حطت لنا في المطار، الى يومنا هذا والآتي منه، الذي لا يمكن أن يكون إلا أفضل وأفضل، من جزالة شعب معطاء وارض مدرار.

حينما ولدت فكرة الخليج العربي مطلع السبعينيات، في ظرف ووقت لم يكن أبناء المنطقة ورياضيوها يتعمقون ويتعملقون في الرياضة عامة والكرة خاصة مثلما هم اليوم، كما أن بعض الآراء، نظرت وطالعت الآفاق المستقبلية لها من زاوية ضيقة أو محصورة في مزاولة لألعاب شبابية، لا تعدو كونها ترويحا أو تسلية بريئة بأفضل الأحوال. إلا أن السنوات اللاحقة والقنوات العاملة والأيادي والإرادات الخيرة امتدت وعبرت، بقية الملفات الأخرى، حتى حجزت بطولة الخليج العربي مكانا في قلب كل عربي وليس خليجي فحسب، فضلا عن عطائها وفضلها غير المنقطع والممتد أثرا بشباب المنطقة ورياضتها وثقافتها وعمرانها بل وحتى رسالتها الإنسانية السلامية السامية، التي تجسدت فعلا قبل أن تطبق شفاه الكلمات.

في الافتتاح جلسنا وتنقلنا بين الجموع المحتشدة من العمانيين والبحرانيين، وكذلك في مباراة قطر والإمارات ووسط محبيهم، كما إني ركزت كثيرا على الجماهير السعودية التي حملت أعلامها الخضراء ووصلت بكثافة الى ملعب خليفة، على خلفية القرب والتسهيلات الموجودة، ولله... ولكلمة حق... يفترض أن تكتب وتوثق جزءا من شرف البطولة ونتاجها الخير وفيضها المبارك على امتداد ولادتها وتواصلها، لم اسمع إلا كلمات التشجيع والتنافس المشروع، الذي غاب عن كثير من مدرجات ملاعب العالم وشهدته موثقا مؤكدا لأصالة ورصانة روابط الدم والتاريخ والمصير المشترك لشعوب وأبناء المنطقة، فضلا عن تجسيد ثقافة امة كانت المودة والبراءة والعفو والعزة شعارها فضلا عن أصل وطبع أراد لها الله أن تتوسم فيه وتعرف من خلاله.

حسين الذكر - عراقي

العدد 3777 - الثلثاء 08 يناير 2013م الموافق 25 صفر 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً