العدد 3780 - الجمعة 11 يناير 2013م الموافق 28 صفر 1434هـ

اللهجات في البحرين: صفات الألوان

تناولنا في الفصل السابق الصفة المشبهة باسم الفاعل, وذكرنا أن لها في اللهجات المحلية أوزاناً تتباين عن أوزانها في الفصحى حيث إنها إحدى الخصائص التي على أساسها تقسم اللهجة البحرانية إلى قسمين, جنوبي وشمالي, فاللهجات البحرانية الجنوبية لها زوج واحد من الأوزان وذلك للصفة المشبهة الدالة على عيب أو لون وهو «أفْعَل» للمذكر و «فَعْلَه» للمؤنث مثل أعرج وعرجه وأسود وسَوده, بينما اللهجات البحرانية الشمالية لها زوجان من الأوزان, وهما: «أفْعَل» ومؤنثه «فَعْلَه» (مثل أعرج وعرجه) و «أفْعَل» ومؤنثه «فُعْلَه» (مثل أسود وسُوده), وهذه الضمة على الفاء ليست ضمة حقيقة بل هي حركة ممالة نحو الضم وسوف نتناول الإمالة بصورة مفصلة في فصول لاحقة. أما في لهجة العرب فهناك أربعة أزواج من الأوزان لهذا النوع من الصفة المشبهة وذلك بسبب تأثر هذه اللهجة بحروف الحلق.

يذكر أن إحدى اللهجات البحرانية وهي المتحدث بها في كل من راس رمان والجفير تتأثر أيضاً بحروف الحلق إلا أنها في حالة هذا النوع من الصفة المشبهة لا تتأثر بحروف الحلق, فيقال في هذه اللهجة أحمر وأخضر ولا يقال حَمَر وخَضَر, ويستثنى من ذلك قلة من أهالي هذه المناطق التي تطورت لهجاتهم ومالت أكثر نحو لهجة العرب.

وفي هذا الفصل سوف نتناول صفات الألوان, وهذه الصفات غير مشتقة من أفعال بل من أسماء فليست هي صفة مشبهة وإنما نوردها هنا لإتمام الفائدة فهذه المسميات انقرض أغلبها ولم يعد يتذكرها أحد أو يتذكر ما هي أصولها.

اللون الصُوَّعِي

الصُوَّعي هو درجة من اللون الأصفر وقد خصه البعض باللون الأصفر الفاقع. وقد سمي بالصُوَّعي نسبة للطائر المعروف في اللهجة البحرانية باسم الصوعة وهي المعروفة في لهجة العرب, ولهجة الخليج العربي بصورة عامة, باسم صْعَوَه أوأصْعَوَه وجمعها صَعْو, وهي المعنية في المثل المشهور «بيض الصَعو نسمع به ولا نشوفه». والاسم العربي الفصيح لهذا الطائر هو الذُعرَة وسميت بذلك لأنها لا ترى إلا مذعورة تهز ذنبها, ومنه الاسم الإنجليزي Wagtail والذي يعني هزازة الذنب, وهناك سلالة من هذه الطيور تسمى صوعه إزيانيه أو أصعوه زيان وهي التي يكون فيها اللون الأصفر أكثر لمعاناً.

اللون الفوفلي

الفوفلي هو اللون البرتقالي وهو نسبة للون ثمرة الفوفل Areca nut, وهو ثمرة نبات يعرف باسم نخيل الفوفل أو جوز الفوفل, وقد ذكر في كتب الطب العربية كـ «القانون» لابن سيناء و «المفردات» لابن البيطار باسم الفوفل والحُضَض الهِنْدِيّ, واسمه العلمي Areca catechu. وذكر هذا النبات Hooper في كتابه عن النباتات والعقاقير في إيران والعراق, وذكر عنه أن بذور ثمره كانت تمضغ كالعلك في كل دول الشرق الأوسط, ويعرف هذا النبات عند العرب وكذلك في طهران باسم فوفل وربما هو تعريب اسمه الفارسي بابل (Hooper 1937, p. 86). وقد استخدمت بذور الفوفل في تحضير حلوى عرفت باسم حلوى الفوفل. أما اللون الفوفلي فقد وثق في بعض الأدبيات, كالوزار الفوفلي الذي ذكره عبدالله السيف في صحيفة «القبس» الكويتية (نشر بتاريخ 17 أغسطس/ آب 2011) وكذلك في بعض الأهازيج القديمة, وقد ذكره الناصري ضمن أهازيج المهوداة مثل هذه الأهزوجة (الناصري 1990, ص 53):

ما مر عليكم وليف أصباي يا صاغة

لابس گبا فوفلي والثوب إله ياغه

ويختلف اللون الفوفلي عن اللؤلؤ الفوفلي الذي يعرف بالجالس لأن له قاعدة مسطحة, فاللؤلؤ الفوفلي شبه بشكل جوزة الفوفل التي تكون مسطحة القاعدة. واللؤلؤ الفوفلي ذكره ابن الأكفاني (توفي العام 1348م) في كتابه «نخب الذخائر في أحوال الجواهر» (طبعة مكتبة لبنان 1991, ص 34).

اللون الشَرْبَتِيْ

شَرْبَتِيْ أي منسوب إلى الشربت وهي تسمية تعني العصير بصورة عامة، إلا أن العامة تقصد به نوعاً محدداً من العصير وهو عصير الليمون, «وهو لون مغبر، وغالباً ما يوصف به قماش من نوع الشاش رقيق يشف عما تحته كان يلبس صيفاً لخفته» (القصاب 2005, مجلة «الواحة» العدد 39). وقد ذكر الناصري هذا اللون في إحدى الأهازيج التي تعد من أقوال النساء (الناصري 1990, ص 53) ومما جاء في أقوال النساء:

عَبَّاسْ شَدّ احْمَارَتِهْ يبغي الْمَنَامَهْ

وصت عَلَيهْ امْرَيَّتِهْ تبغي خزامه

وگالت إليه ابجيتك خد لك إعمامه

خِدْ لُكْ اوْزَارْ امْشَخْبَطِي حَگْ تِسْتَوِيْ احْلَيو

خِدْ لُكْ افْوَيبٍ شَرْبَتِيْ حَگْ نَومَةْ اللَّيلو

اللون الخمري

نسبة إلى الخمر، وهو اللون الأبيض المشرب بسمرة خفيفة مع حمرة، ويكون هذا اللون للأقمشة وللبشر أيضاً, وقد ذكره الناصري في إحدى أهازيج الزاجرة (الناصري 1990, ص 35):

مرت علينا وتسحب ذيلها الخمري

ومحنية عشر أصابعها بسر حمري

الألوان المتداخلة

هناك صفات تصف ألوان الأشياء أو الحيوانات التي يتداخل بها أكثر من لون, من ذلك: لِمْگَلَّمْ (المقلم), وهو القماش المخطط بخطوط طولية, ولِمبكر وهو القماش الذي يكون مخططاً بخطوط طولية وعرضية بحيث تكون مربعات صغيرة ذات لونين أبيض وأسود, وأكثر ما اشتهر بهذا اللون الغترة المبكره والوزار المبكر.

من تلك الصفات أيضاً الأَرْگَطْ أي الأرقط, وهو الأبيض المنقط بالأسود, وهي فصحى, جاء في «لسان العرب»: «الرُّقْطةُ: سواد يشوبُه نُقَطُ بَياضٍ أَو بياضٌ يشوبُه نُقَطُ سوادٍ... وهو أَرْقَطُ، والأُنثى رَقْطاء... ودجاجة رَقْطاء إذا كان فيها لُمَعٌ بِيضٌ وسُود».

ومنها اللغز المشهور عند العامة (دْيَايَتِيْ يَا الرَّگْطَا إتْنُطْ البَحُرْ فِيْ نَطَّهْ), ويقصد بها الرسالة. ويقال أيضاً امْرَنْگَطْ, والأكثر استخداماً هي كلمة «أمنگَط». أما في حال كان هناك تداخل لأكثر من لونين فيوصف بعدة صفات منها: امْبَرْگَشْ (مبرقش), وامْبَگّعْ (مبقع), ومشخبط.

ألوان الناس

هناك عدد من الألوان التي تكون حصرية على البشر, كالأسمر والسِنْگَاحْ (ويعني الأسود القاتم), ومنه الأخضر وهو الأسمر المائل إلى السواد والأنثى خَضْرَه, وهذا وارد في الفصحى, جاء في معجم «تاج العروس» مادة (خضر): «والخُضْرَةُ في أَلْوانِ النَّاسِ: السُّمْرَة». والعامة تقول أخضر وخْضَارِيْ والأنثى وخْضَارِيَّهْ كما في الأغنية المشهورة التي تغنى في الأعراس:

يَا عَينْ مَالِيَّهْ يَا عَينْ مَالِيَّهْ

هَدِيْ سَبَبْ عِلَّتِيْ السَّمْرَا لِخْضَارِيَّهْ

ومن ألوان البشر أيضاً, الحنطاوي (نسبة للحنطة) وهو الأسمر المشرب بحمرة خفيفة, «وهو حديث الاستعمال لم يكن معروفاً من قبل، وقد يشكل على البعض فيجعله مرادفاً لـ (لِخْضَارِيْ)، غير أنك تجد بينهما فرقاً لو عقدت مقارنة بين التعريفين المثبتين هنا، والأظهر أنه يرادف الـ (خمري) المتقدم» (القصاب 2005, مجلة الواحة العدد 39).

العدد 3780 - الجمعة 11 يناير 2013م الموافق 28 صفر 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً