العدد 3798 - الثلثاء 29 يناير 2013م الموافق 17 ربيع الاول 1434هـ

رسائل مواطن إلى الجهات المختصة... الحل ليس الحوار بل فعل التغيير (14)

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

لسنا من الجمعيات السياسية، ولسنا من الموالين للسلطات، نحترم الرأي والرأي الآخر والعقائد في خلافها واختلافها، ونصون كرامة الإنسان، ديدننا العدل والمساواة.

تناولنا في مقالة سابقة، سريعاً تواتر الأحداث السياسية والحراكات الشعبية، التي قابلتها السلطة بالحلول الأمنية عبر العنف الرسمي، والوعود منذ الخمسينيات وما قبلها، وصولاً إلى التصويت على ميثاق العمل الوطني وما تبعه من إصدار دستور جديد. وحتى هذا الدستور تم تجاوزه إبان أحداث 14 فبراير (شباط) 2011، بإجراءات توحي بتحلل السلطات المؤسسية، ليدخل الوطن في أزمةٍ امتدت قرابة السنتين، وما عاد لها منظور للحل، في ظل معطيات حديثة، من تجمعات سياسية ومدنية مرخصة وغير مرخصة، وفئات شعبية منقسمة إلى معارضة وموالاة، نتيجة الوضع السياسي والاجتماعي المتدهور، الذي أسّست له جهات رسمية بشراء ذمم المتمصلحين من الأفراد، وأظهرتهم بمظهر قيادات لبعض مؤسسات المجتمع السياسية والمدنية الموالية لها، ودرّبتهم على خداع البسطاء من الشعب، عبر آلية شرسة من الفساد والإفساد، مخصّصة لها الدعم الإعلامي، والملايين من ثروات الوطن، في تمييز حاد لهؤلاء القادة الموالين على باقي المواطنين، بما فيهم أتباعهم من البسطاء، المستخدَمين وقوداً لنارٍ تأتي على الوطن والمواطنين، ومدّوا الفساد والإفساد، إلى العمالة الأجنبية، في ظاهرتي الاستعباد والاتجار بالبشر، في الفري فيزا بعشرات الآلاف، وفي اختلاق قيادات متمصلحة لمؤسسات وهمية مثل اتحاد جمعيات الجاليات الأجنبية، لتساهم في تدمير السمعة الوطنية، عبر بث أكاذيب الاعتداء على الجاليات.

ومن أمثلة الجمعيات السياسية الموالية، الكثير، أولها تجمع الوحدة بقياداته التقليدية وائتلافهم بآخرين، وهناك جمعيات لا أثر لها في المجتمع ويُناط بها أدوار موالية حين الحاجة، وهي بجميع أعضائها يُعَدّون على أصابع اليدين.

إلا أن المضحك المبكي أنه خرج علينا إثر دعوة وزير العدل لاستكمال الحوار الوطني في شقه السياسي، جمعية غير مألوف السماع عنها، أدعت إنها إسلامية. وأول محظورات ثوابتهم، غير القابلة للحوار «ان البحرين مملكة دستورية عربية مسلمة، ويتوارث عليها الحكم...»، في مفردات حتى غير لغوية عربية وليست بالسياسية، ولا تحمل رؤية غير ما تم إملاؤه عليهم، وبعدم دراية بنصوص الدستور في تعريف مملكة البحرين مملكة دستورية ديمقراطية، واستبدلوا مفردة الديمقراطية بكلمة أخرى، هكذا تعمل السلطات أو تتيح لمثل هؤلاء العبث بالوطن، ولمن هبّ ودب.

أي حوار وطني تعمل عليه الحكومة، في حين أن المعني الأول به مؤسسة الحكم، وفي ظل غياب أطراف الحوار الأساسيين، وأولهم قيادات الحراك الشعبي المغيبون في السجون، والقيادات المشردة في أقاصي البلدان، وأهالي الشهداء والمفصولين من الأعمال، والمعتقلون من عامة الشعب، والممارسون للحراك الشعبي على الأرض، من الجمعيات والتجمعات السياسية والائتلافات، المرخصة وغير المرخصة، التي تشكل الغالبية الشعبية، لتختزل الحكومة أطراف الحوار في الجمعيات السياسية والمستقلين المرخصين، من معارضة وموالاة، في تغييب كامل لبقية أفراد الشعب وهم المعنيون بالتوافقات السياسية لنظام الحكم، وللدستور وللتمثيل في السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، عبر المعيار الديمقراطي الوحيد وهو الانتخاب.

وأي حوار في ظل التصريح الرسمي الحكومي على لسان الناطقة الإعلامية للحكومة الوزيرة سميرة رجب، بأن «الحكومة لن تكون طرفاً في الحوار وإنما منفذون للتوصيات»، إذاً الصراع بين من ومن؟ أليس بين أغلبية الشعب والسلطات في الحكومة بمن فيهم السلطة التشريعية والقضائية واختصاصات الأجهزة، وأي حوار والحكومة تنأى بنفسها أن تكون طرفاً، والصراع في حقيقته بينها وبين الشعب، فهل الصراع بين سنة وشيعة، بين موالاة ومعارضة، أم أنه بين عمال وشركة، أو صراع متمثل في خناقة بين فرجان، إرحمونا سادتي من استغبائكم.

فحل الأزمة التي هي دستورية وسياسية، واجتماعية واقتصادية وقانونية وإجرائية، وحقوق إنسان، وعدالة وحرية ومساواة بمبدأ المواطنة، لا يأتي بحوار الطرشان، بل هو في العودة إلى مرحلة دستور 1973 من بعد الاستقلال، وبالاستفادة من كل مجريات الأمور الوطنية لغاية 14 فبراير 2011، ليُصاغ الدستور بإجراء التعديلات عليه، ليؤكد مبدأ المواطنة دون تمييز بالمذهبية والتجنيس، ويترجم عملياً مبدأ أن الشعب مصدر جميع السلطات، بالصوت الانتخابي المتساوي لكل مواطن، في إجراء انتخابات عامة، لمجلس دستوري تأسيسي، لتعديل الدستور الأساسي 1973، وانتخاب مجلس تشريعي، اختصاصه التشريع والرقابة على أداء الحكومة دون شراكة من آخرين، والاستفتاء الشعبي على الجهة الاستشارية، لمجلس النواب في مجلس شورى أو غيره من الهيئات، وانتخاب الحكومة، والاستفتاء الشعبي على السلطة القضائية، ومراجعة القوانين والمراسيم والإجراءات، بالتعديل بحسب الدستور المعدل، وحل جميع الجمعيات السياسية القائمة على معيار الطائفة والدين، وإبدالها بجمعيات اجتماعية لا شأن لها بالسياسة، فالعمل السياسي الذي لا يستوعب جميع فئات المواطنين، إنما هو فئوي وليس وطنياً، وحل جميع المؤسسات الرسمية من قضاء وبرلمان وشورى وهيئات إعلام وغيرها، من بعد انتخاب مجلس تصريف أعمال يقوم بالبناء من جديد لكل مؤسسات الدولة، تعاوناً مع شخص الملك، في ظل حرية جميع أفراد الشعب ومساهمتهم الإيجابية، وفي مقدمتهم المغيبون في السجون والمنافي، إسوةً بما أتى به الملك إبان الميثاق، وتعويض جميع المتضررين من مواطنين وأجانب جراء الأحداث، ما سبق منها وما لحق.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 3798 - الثلثاء 29 يناير 2013م الموافق 17 ربيع الاول 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 20 | 2:29 م

      ما قل ودل

      أستاذ اولاً تقول ديدننا العدل و المساواة هذا كلام لانك لست في محل سلطة صدقني أستاذ يمكن تكون دكتاتور لو انت في السلطة العدل و المساواة لله ثم انبياءة المعصومين . ثانياً تقول فئات شعبية منقسمة الي معارضة و موالاة , أستاذ المعارضة هي ايضاً موالاة و لاكن للخارج و من تطلق عليهم موالاة للداخل فايهم احسن من يوالي الداخل او الخارج

    • زائر 19 | 2:13 م

      هذا ما قصده الكاتب

      بعض الاخوة في التعليق اعتقد لم يفهم العنوان حين يعنون الكاتب العزيز بعنوانه الذي يعني التنفيد او اتطبيق 0 الحل ليس في الحوار الحل في التغيير

    • زائر 18 | 6:43 ص

      من كاتب المقال

      أتفق مع الإخوة، العبرة ليست في النص بل في التطبيق، ولكن النص يسبق التطبيق، فهو البداية في التوافق العام، من خلال المبدأ الأساسي، وهو الشعب مصدر السلطات، وهو يصيغ النص، ويراقب ويحاسب السلطات، فإن حادت عن التطبيق العادل، يعزلها ويأتي بغيرها نابعة من رحمه، لذا يتوجب أن يكون النص معقود بالإرادة الشعبية، ووسيلتها الحقة هي إنتخاب السلطات، عبر الصوت الإنتخابي المتساوي لجميع المواطنين، بمعيار حق المواطنة، دون تجيير لطائفة أو فئة أو لدين أو مذهب

    • زائر 17 | 4:31 ص

      أنت رجل والرجال قليل وبمعنى آخر في زمن عزّ فيه الرجال

      بجد وبدون مجاملة اعجبتني كل مقالاتك ولا اجد كلاما اعبر فيه عن رأيي
      وكل ما استطيع قوله سلمت يداك والى الأمام فالأمم تحيا برجالها امثالك

    • زائر 16 | 4:29 ص

      التطبيق يبين الجدية

      المشكلة ليست في كتابة دستور او ميثاق بل في ضمان التنفيذ، من يضمن ذلك سيخوله الناس، ولو كانت المشكلة وضع دستور كان القران اولى بذلك ففيه الحقوق مكفولة لكل من هو على وجه الارض. الناس فقدت الثقة من ما يرونه يوميا والسياسين لايستطيعون اعطاء الناس ضمانات التنفيذ لان التجارب تجعلهم امام خوف شديد في فشل الحل ويكونوا عرضة للمسألة الشعب وهو مايعني التفريط في الثقة.خصوصا ان الناس اصابة التعب والملل.

    • زائر 14 | 4:04 ص

      الثقة

      انت تقراء الواقع دون ميل لذلك تضع يدك على الجرح
      سيدي الكريم الكل يعرف الحل وكيف يصار اليه والتجارب تكفي من لايفقه السياسة ان يرى ذلك, يقين حوار دون رموز الشعب المغيبين لن يكتب له النجاح،حوار دون وجود الرموز ومن يملك القرار لن يجدي، حوار دون وجود ضمانات التنقيذ لن ينجح،هناك تجربة تكفي وهي الميثاق خرج الرموز الذين هم معتقلون الان وطلبوا من الناس الهدوء فالتزم الجميع بذلك،السلطة تعرف ان المفتاح الحل داخل السجن وفتح ابواب السجن بداية حل مايحصل، وقالها الرئيس اوباما

    • زائر 13 | 3:54 ص

      رجل يا سيادي والرجال قليل

      شكرا ايها الشريف الاصيل كل يوم تتجلى وطنيتك وحرصك على هذا الوطن لقد لخصت ما يجول في خاطري وافكاري

    • زائر 11 | 2:50 ص

      سورة الشمس

      ".. ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها..(صدق العلي العظيم)" وأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم فهذا هو الجوهر وحتى لو أتيت اليهم بدستورا من جنة عدن وصاغوا الموافقة والقبول عليه فهل أنفسهم التى دسوها قد تسمح لهم بالتطبيق الفعلي والعملي كي يسود العدل بالمجتمع فى حين ان الصراع دائم لاكثر من قرنين من الزمن

    • زائر 10 | 2:49 ص

      ولله قطعت الطريق

      لونقول شكرا يااستاذ يعقوب المحب لرفعت وطنه يعجز السان وليس القلم,حل مهضلة البحرين هو في انتخاب لجنه تأسيسيه الى تعديل دستور 73وعرضه على الستفتاء ونقطه تحت السطر ولسنا في خلاف طائفي في البحرين لكي نتحاور مع بعضنا البعض وأن المشكله هي مع الضلم والاستبداد من قبل السلطه على الشعب.فنرجوا بان الجميع يرفع الصوط عاليا لأنريد مايسمى بالحوار والذي يدعى له حتى العمال الاجانب والمتمصلحين من السلطه لانه مهزله في حق الوطن.

    • زائر 9 | 1:54 ص

      شريف واصيل يا استاذ يعقوب: قضيتنا ليست مع اخوتنا السنة فهم معنا مظلومون


      نحن نعرف من سلبنا حقوقنا ومن ظلمنا ولا نوجه اللوم لطائفة هي شريكة معنا في كل شيء حتى في الظلم ينالهم ما ينالنا ربما في بعض المواقع هم اقل منا ولكن الظلم واقع على الجميع

    • زائر 8 | 1:42 ص

      هل نعي ماذا يعني الكاتب بهذه الفقرة؟

      (بل هو في العودة إلى مرحلة دستور 1973 من بعد الاستقلال، وبالاستفادة من كل مجريات الأمور الوطنية (لغاية 14 فبراير 2011) )
      الاخ سيادي ، وماذا عن ما بعد 14 فبراير 2011 !!! هل تريد الرجوع 40 سنة لتعديل دستوري وتترك ما انت فيه الآن للمصالحة والانصاف وهي التوهان عينه!!
      دستور 73 منذ 40 سنة وهي عمر جيل سمع ولم يرى فحتى قرده ناقص العين!!!

    • زائر 15 زائر 8 | 4:10 ص

      كاتب المقال

      14 فبراير ليس تاريخ ليوم، بل بداية مرحلة تضاف الى المراحل سابقاتها، وهي التي عرّت الآوضاع الحقوقية والسياسية المنقوصة والمتجاوز عليها لكامل المواطنين، الظاهرة جلياً في التمييز بشتى صوره الخدماتي والتعليمي وحق العمل وأقساها التعامل الأمني مع المطالبات الشعبية، بالحرية والمساواة والحق الشعبي في كونه مصدرالسلطات، ُمنشِئِاها ومُحاِسبِها ومُطوِّرها، سواء بالظلم أو التجهيل، وهي الأساس في المراجعة والتقويم بالإعتبار.

    • زائر 7 | 12:21 ص

      """

      صح إلسانك ياولد سيادي ولا فض فوك

    • زائر 6 | 11:43 م

      بصراحة طرحك دائما ممتاز من شخص مسلم وطني مطلع وواعي لا يتزلف أو يوارب

      تحية من سترة

    • زائر 5 | 11:30 م

      صح لسانك

      نعم افعال وليس اقوال في الجرائد والفضائيات نريد حلا جذريا وليس ترقيعيا حلا على اساس وطني فقط وفقط حلا يجمع ماشتته السياسه المتعجرفه واصحاب المصالح اللهم اجعل هذا البلد امنا مستقر وسائر بلاد المسلمين االلهم فك اسرانا ومعتقلينا

    • زائر 4 | 11:08 م

      اصيل

      أصيل يأولد سيدي

    • زائر 3 | 11:01 م

      لدي طلب أستاذ يعقوب ان أمكن

      أتمنى ان تكتب مقال بحثي عن الوعي السياسي والخقوقي عن المواطن السني ما قبل الاستقلال و ما قبله وصولا للمرحلة وأثر عسكرته على وعيه السياسي و الحقوقي

    • زائر 2 | 10:57 م

      قطعت جهيزه قول كل خطيب

      صباح الخير أخي الفاضل, إني لأعجز عن التعليق ليس على مقالك هدا فقط, بل كل المقالات التي تكتبها, وإني أقرأ في مقالاتك ما يعجز عنه لساني من شكر لشخصك الكريم لما تتحفنا به من مقالات هادفة تصب كلها في مصلحة الوطن المثخن بالجراح. وفقك الله ولا جف مداد قلمك. (محرقي/حايكي)

اقرأ ايضاً