العدد 3803 - الأحد 03 فبراير 2013م الموافق 22 ربيع الاول 1434هـ

عنصرية

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لا يمكن في هذا الزمان استغفال الشعوب وسوقها كالأغنام، حتى لو كان لديك وزارة إعلام مجنّدة، وكتيبة ضخمة من الصحافيين الذين يعملون على تسويق سياساتك وشتم وتشويه معارضيك.

الشعوب لم تعد تعتمد على التلفزيونات الرسمية في استقاء معلوماتها، ومن بقي منها يعتمد على تلك القنوات الأرضية، أصبح يعيش ضمن الفئات المسكينة المستلبة من «محدودي الوعي» وضحلة التفكير.

في هذا الزمن، هناك فضاءٌ ضخمٌ لتبادل الأخبار والمعلومات، والأهم... الأفكار. وفي هذا الفضاء يتم تلاقح الثقافات والتعارف بين الشعوب.

الهاتف النقال الذي كان يُستخدم للاتصال وحفظ الأرقام فقط قبل عشر سنين، احتاج إلى خمس سنوات ليستقبل الرسائل النصية، أما اليوم فيستقبل آلاف الصور ولقطات الفيديو والمحادثات والرسائل، ويسهم في نقل التجارب والأفكار، فيما قد يُسفر عن واحدةٍ من أوسع الثورات تأثيراً في التاريخ.

قبل أسبوعين، تلقيت فيديو مصوراً مقتبساً من برنامج تلفزيوني أميركي، تم تصويره بطريقة «الكاميرا الخفية»، في إحدى الولايات الأميركية التي اشتهرت بزيادة نزعتها العنصرية ضد المسلمين. ولعبت ممثلة أميركية دور امرأة مسلمة محجبة، بينما لعب زميلها دور صاحب السوبرماكت، الذي يرفض بيعها، ويتلفظ عليها بألفاظ عنصرية أمام زبائن آخرين.

الفوج الأول من الزبائن انضموا إلى البائع وأيدوه في موقفه العنصري، وعند منتصف البرنامج بدأ الموقف يتحوّل إلى بعض التحفظ والنفور، ولم نصل إلى نهاية الحلقة إلا وقد حدث تحوّلٌ حادٌّ ضد البائع، واحتدم الخلاف بينه وبين بعض الزبائن، الذين انتقدوه وهاجموا موقفه العنصري، وهدّد بعضهم باللجوء إلى القضاء لمخالفته القانون.

كان الدرس واضحاً وبليغاً، حتى في هذه الدولة التي لم تتخلص من لوثتها العنصرية إلا في الستينات، ظلّت العنصرية مترسّبةً في بعض الولايات.

ومخرج البرنامج لم يكن يهدف إلى إضحاك الجمهور أو الضحك عليه؛ وإنّما كان يهدف إلى تبصيره بمواضع مرضه ليبرأ من الأسقام.

هذا الفيديو وأمثاله المئات، يتدفق يوميّاً عبر أجهزة الاتصال الحديثة، ويُحدث موجات ارتدادية في الفكر ويدفع إلى إجراء المقارنات، سواءً على المستوى الفردي أو الجماعي. وهو حراكٌ غير مرئي، يهز البنية الفكرية التحتية للمجتمع، فيما ظلت الأنظمة تلاحق معارضيها وتلقي بهم في السجون، وتقبض على النشطاء الحقوقيين وتلفّق لهم التهم المضحكة ليطول مكثهم في المعتقلات لأطول فترةٍ ممكنة.

في خضم هذه التحولات الكبرى، يحدث هناك فرزٌ واضحٌ في المواقف، فينحاز البعض إلى القيم والمبادئ والأفكار ودعوات إصلاح المجتمع، وينحاز آخرون إلى الإبقاء على الأوضاع كما هي، بما فيها من فساد ومظالم وانتهاكات؛ لأنها ببساطةٍ تضمن لهم مصالحهم والامتيازات. تلك هي خلاصة القضية.

العنصرية بما فيها من شذوذ، ومنذ القدم، كانت المصالح تقف وراءها. أينما وجدتَّ عنصريةً وعنصريين، ابحث عن المصالح والنِعَمِ التي يتقلّبون فيها بغير وجه حق، أو يطمعون في اغتنامها. وهو ما يسمح لطبيبٍ بالشماتة بزميلٍ له تم فصله من عمله بل والتحريض عليه، لأنه التزم بقَسَمِه الطبي وضميره في معالجة جريح وإنقاذ روح مصاب.

العنصرية ثقافةٌ معاشَةٌ يتربى المرء عليها في منزله ومحيطه وعمله وتليفزيونه، قبل أن تتحوّل إلى سلوك عدواني، وشتائم في «فيسبوك»، ولغة تنضح بالبذاءة في «تويتر». إنه المرض الذي لم يفلح 14 قرناً من تعاليم الإسلام في علاجه من بعض النفوس.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3803 - الأحد 03 فبراير 2013م الموافق 22 ربيع الاول 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 16 | 12:03 م

      لكم في المالكي

      لكم فيه خير مثال على العنصرية والطائفية , فبعد أن عزلت أمريكا الشيطان الأكبر بقواتها حزب البعث وقتلت رئيسه الشرعي أتت بنظام يفترض فيه أن يكون ديمقراطي لكن ماذا جرى ؟ .. عزل هذا الحاكم الشيعي كل الموظفين السنة وحاربهم وقتلهم وهو الآن يستفرد بالسلطة .... هـل هذا النوع الذي يريده شعب البحرين فرع الشيعة ؟ الأفضل بقاء الحال على ما هو عليه

    • زائر 14 | 10:36 ص

      ليست عنصرية فقط بل اخلاق جاهلية

      هؤلاء بمختلف الفئات والاعمار والمناصب تربوا على اخلاق بعيدة عن الاسلام لانهم في حقيقة الامر لازالوا يعيشون حياة الجاهلية بكل قساوتها وعنصريتها وبدائيتها واخلاقياتها البذيئة

    • زائر 12 | 3:15 ص

      في فترة الاسلامة

      اعادونا الى عصور الجاهليه حيث الاحقاد والاضغان ويقتل فيها القوي الضعيف لانه ليس على ملتهم او ان ارائه لا تطابق اراءهم ماذنب الشهيد عبدالرسول الحجيري ان يقتل غيله وما دنب السيد حميد السيد محفوظ ان يقتل مخنوقا على ايدي اناس تتراهن في ما بينها على قتله وتعذيبه وبعدين يقولون لم يقصدو قتله اليست هذه قمة العنصريه والانحطاط ان تقتلوا بشرا بريئا اليس لهؤلاء اهل واقارب
      اهذا دين محمد الذين تؤمنون به حتى وان خالفك شخص او قال لك لا يحق لك ان تحكمني هل من حقك قتله ومن امر بذلك هل هو اسلامك ام ماذا

    • زائر 15 زائر 12 | 10:36 ص

      هذا هو دينهم

      والإسلام منهم براء، فحاشا لرسول الإنسانية (ص) أن يأتي بهذا الدين الذي يبيح القتل وانتهاك الحرمات والسرقات( حتى الأكل يبوقونه طايحين الحظ).

    • زائر 11 | 3:08 ص

      رغم اللي حدث من انتهاكات

      الا ان البعض ما زال يقول اسرة واحدة أين الاسرة الواحدة التي اخذت وظيفة شقيقها او اعتقلته وعذبته او اعتدت على عرضه وسرقت امواله او فبركت حوله القصص والروايات التي لا يصدقها اي عاقل وبعدين يأتي ويقول الاسرة الواحدة في المشمش .

    • زائر 13 زائر 11 | 10:33 ص

      صح لسانك

      كما قلت في المشمش، فالحقد والبغضاء والحسد والغل الذي كان في النفوس خرج كمارد اسود قضى على ما كان يعرف بالأسرة الواحدة.

    • زائر 10 | 2:46 ص

      رسالة المصطفى (ص)

      إن اول ماجاء بة النبي الاكرم في رسالتة هو محاربة العصبية والعنصرية وكانت قبائل العرب مشهورة بهذة النزعة النتنة وحاربها النبي طوال سنين حياتة لانة يعلم لايمكن للمجتمع ان تسود فيه العدل والمساواة إلا بمحاربة هذة الآفة
      إن اكرمكم عند الله اتقاكم ,,,,,, لافرق بين عربي وعجمي إلا بالتقوى
      لكن للأسف من يتشدقون بالدين ويكبرون باليل والنهار هم ابعد عن تطبيق هذة الاقوال والاعراف الاسلامية

    • زائر 9 | 2:25 ص

      يريدون العنصرية كي لا يخسروا الامتيازات التي منحها لهم منهم على شاكلتهم

      العنصرية للبعض ضمان استمرار وجودهم وسماتهم السلطوية المادية

    • زائر 8 | 2:10 ص

      الأمم تتعلم وتحاول التخلص من العنصرية ومن لدينا يوغلون في العنصرية

      نحن غير فعلا نحن غير فكل الصفات الذميمة التي يختلص منها العالم يأتي لنا البعض ليتبناها ويمارسها بدل من نبذها والتخلص منها.
      واعجبا ارض ديلمون الطيبة السباقة ارض اوال المبادرة للتوحيد يكون فيها اسوأ وضع
      عنصري بعد ان تخلصت منه الامم يأتي البعض لكي يمارسه علينا ويقول
      انا مسلم وانا انتمي الى ديانة التوحيد والكرامة لبني البشر. لا والله ليس من المسلمين من يتبنى هذه السياسة ويعمل على تفعيلها على ارض الواقع
      وليذهب ليرى اين يكون في التاريخ

    • زائر 7 | 1:41 ص

      برامج الراصد والمرصود

      من حقهم ان يفخروا ببرامجهم التي تحارب العنصرية وتربي على احترام الانسان وحماية حقوقه حتى لو كان من دين آخر اما نحن فسوف نعرض برامجنا كنموذج لتعليم وبث العنصرية والكراهية بين ابناء الدين والواحد والوطن الواحد . بعدها نقول نحن مسلمين !!!!!!!

    • زائر 6 | 1:36 ص

      الناس وين واحنه وين

      الدول الاخرى تفتخر بانها تجاوزت عنصريتها ونحن نبدأ مسيرتنا التاريخية مع العنصرية الآن!!!!

    • زائر 5 | 12:47 ص

      استغلال فرصة تاريخية

      المشكلة هذه ثثقافة حتى بعض اصحاب الشهادات العليا يما فيهم قسم من الاطباء الذين حرضوا على زملائهم وشوها سمعتهم واحتلوا مراكزهم. كانت فرصى تاريخية حرصوا على عدم اضاعتها.

    • زائر 4 | 12:39 ص

      العنصرية المفردة الابلغ في توصيف واقعنا

      كل الانتهاكات التي حدثت و مست العقيدة و المقدسات و العرض و الشرف و التخوين و القتل و التعذيب على الهوية لا توصف بإبلغ من ان يقال عنها جرائم عنصرية

    • زائر 3 | 12:26 ص

      مرضى النفوس

      هؤلاء يا سيدنا مرضى نفسيا وعصيين على العلاج

    • زائر 2 | 10:56 م

      كاميرا خفية

      صباح الخير سيدنا الكريم لقد قلت كاميرا خفية أراد بها المخرج أن يبصر بها الجمهور وما تعيشه تلك الولاية من عنصرية. أما عندنا هنا فوسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة فتبث سمومها لنشر الطائفية البغيضة والفتنة بين صفوف المجتمع, وليعلم الجميع أن دلك لن يطول. (محرقي/حايكي)

    • زائر 1 | 10:50 م

      اضطهاد البحارنة عنصرية

      روح العنصرية تجاه البحارنة برزت بشكل قبيح وسافر بعد ان كانت تمارس بشئ من الحياء

اقرأ ايضاً