العدد 3814 - الخميس 14 فبراير 2013م الموافق 03 ربيع الثاني 1434هـ

فصول من رواية 2011

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في مساء مثل هذا اليوم (15 فبراير)، من العام 2011، دوّنت في مفكرتي أهم الأخبار، وكان أولها: «صباحاً استشهاد شخص ثانٍ (فاضل المتروك)، أثناء تشييع الشهيد الأول عند مجمع السلمانية الطبي حيث احتشد الآلاف، وإصابة عشرين آخرين».

الخبر الثاني: 12 ظهراً: الوفاق تعلن تجميد عضويتها في البرلمان بعد اجتماع مع الديوان ملكي. وفي 2:30 تشييع ودفن الشهيد المشيمع. وفي 3:00 خطاب للملك يعزي عائلته ويأمر بتشكيل لجنة تحقيق برئاسة جواد سالم العريض، واستخدام لهجة هادئة.

وقت المغرب: خطاب في نشرة الأخبار لوزير الداخلية باللهجة ذاتها. خبر عن وفاة الشهيد الثالث من سترة والتليفزيون يبث نقلاً مباشراً من ميدان اللؤلؤة الذي توجه إليه 20 ألفاً للاعتصام، وبموازاة ذلك ينقل صور احتفالات المحرق بالميثاق.

نقلت هذه السطور حرفيّاً، وفي ذيلها دوّنت ملاحظةً تقول: «تغطية في الفضائيات العربية والأجنبية اليوم واهتمام الصحف الغربية». وكان ذلك بداية الاهتمام بالحدث البحريني بعدما طفت البحرين على سطح الأحداث في الشرق الأوسط، لتنافس أخبار بقية بلدان الربيع العربي في تلك الحقبة المبكّرة، ولتبقى كذلك لعدة شهور قبل أن يغطيها الإعلام الرسمي العربي بلباس طائفي.

الغريب أن الصفحات التالية بقيت بيضاء من دون خبر واحد، حتى يوم 7 مارس، حيث سجّلت التالي حرفيّاً: «دخول القوات السعودية (1000 جندي) و500 شرطي إماراتي، الساعة 3:30 ظهراً... كنت في مقر الوفاق حيث يعقد مؤتمر صحافي للجمعيات الست، يأتي ذلك بعد يوم واحد من زيارة روبرت غيتس (وزير الدفاع الاميركي)».

أما سر هذا الانقطاع (3 أسابيع)، فتفسيره؛ أني تحوّلت في تلك الفترة إلى رصد وتدوين الأخبار بالتفصيل في عمودي اليومي، حيث شعرت بأن البحرين تمر بمرحلة مخاض غير مسبوقة، على الأقل بالنسبة إلى جيلي، الذي عرف العمل السياسي، وتعرّض للنفي والاعتقال والسجن لسنوات طويلة، لكن كل ذلك كان ضمن حركات سرية أو شبه سرية، لطبيعة القمع الشديد في ظلّ قانون أمن الدولة. أما هذا الحراك فكان مختلفاً من حيث طبيعته ومدى انتشاره، واحتاج جيلنا لفترةٍ حتى يستوعبه؛ لأنه أتى بوسائل ثورية جديدة نقلت عمل المعارضة إلى الميادين العامة.

من هنا، تركت المفكّرة وتفرّغت لتدوين كل شاردة وواردة في مقالي اليومي، الذي أخذ يطول حتى وصل حجمه إلى 900 كلمة، وهو ضعف العدد المعتاد. وكان كثيرٌ من القرّاء لا يستهويهم هذا «العرض الممل» لتفاصيل الأخبار التي سيقرأون أكثرها في صفحات المحليات. كانوا ينتظرون رأياً، لكنّي كنت مشغولاً بتسجيل هذه التفاصيل، عن قناعةٍ تامةٍ بأني أكتب مادة توثيقية للغد. ولم يكن الوقت وقت إعطاء رأي، فالآراء التي أخذ يسمعها الجمهور في ميدان اللؤلؤة تجاوزت كل الجمعيات والصحف والأقلام.

في تلك الفترة، أصبحت أتنقل طوال يومي، بين مقر الصحيفة ومجمع السلمانية ودوار اللؤلؤة، أشاهد بعيني هذه المعجزة التي لم تخطر على بال. ففي فترة وجيزة أصبح الدوار منطقةً حرّةً مثل «الهايد بارك»، يتنفس فيها الجمهور هواءً نقيّاً تماماً، وستكون هذه التجربة القصيرة التي لم تطُل أكثر من شهر واحد، مصدر إلهام وحنين دائم لهذا الشعب الحالم دائماً بالحرية والعدل والمساواة. كانت حراكاً شبابيّاً جديداً، سمّها ما شئت. تغنّي بأجمل أناشيد الربيع العربي «سلمية... سلمية».

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3814 - الخميس 14 فبراير 2013م الموافق 03 ربيع الثاني 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 28 | 5:10 ص

      اشتقنا لتلك الايام

      اتمنى ان يعود هواء الحرية الذي تنفسناه في الميدان ويعود نصب الؤلؤة وينقش فيه صور الشهداء اللذين رووا بدمائهم الارض الطاهرة

    • زائر 26 | 12:47 م

      كثر الله من امثالك ياولدى

      الله يحفظك ياسيد ويحفظ شبابنا الحر الابي وهيهات منا الذلة

    • زائر 25 | 12:31 م

      ليت الزمان يعود يوما

      لقد شممنا رائحة الحرية واستشعرنه بالكرامة المهدورة لقد اكسبنا عدم الخنوع للظلم وصمود لا يعرف اليأس فشكرا 14 فبراير لانك جمعتنا في دوار الشموخ والعزة .

    • زائر 22 | 6:29 ص

      yes

      Yes I miss those days

    • زائر 21 | 5:07 ص

      «الهايد بارك»

      ففي فترة وجيزة أصبح الدوار منطقةً حرّةً مثل «الهايد بارك»، يتنفس فيها الجمهور هواءً نقيّاً تماماً، وستكون هذه التجربة القصيرة التي لم تطُل أكثر من شهر واحد، مصدر إلهام وحنين... هذا الشعب الحالم دائماً بالحرية والعدل والمساواة. كانت حراكاً شبابيّاً جديداً، سمّها ما شئت. تغنّي بأجمل أناشيد الربيع العربي «سلمية... سلمية».

    • زائر 17 | 2:55 ص

      هايد بارك الخليج

      مرت بي أفكار كثيرة ايام الدوار ومن ضمنها انه ممكن ان يكون طبعا بعد انتهاء الأزمة مفخرة ليس للبحرين فقط بل لكل الأخوة الخليجيين بان يكون عندهم مكان عام يجتمعون فيه وينفسون عن مشاعرهم وهمومهم بكل حرية مثلهم مثل إخوانهم في البلدان المتحضرة ولاكن شاءت الأقدار ان يمحى من الوجود الى الأبد بدلا من تخليدة

    • زائر 13 | 12:51 ص

      للأسف يا سيد هذه الأنفس مزقتها الأعيرة النارية وخنقتها الغازات السامة وجرحتها شماتة شريك الوطن بعد أن جوعتها ورقصت على جراحها..

      هذه التجربة القصيرة التي لم تطُل أكثر من شهر واحد، مصدر إلهام وحنين دائم لهذا الشعب الحالم دائماً بالحرية والعدل والمساواة. كانت حراكاً شبابيّاً جديداً، سمّها ما شئت. تغنّي بأجمل أناشيد الربيع العربي «سلمية... سلمية»..

    • زائر 15 زائر 13 | 2:27 ص

      نعم جرحت مشاعرنا واوجعت قلوبنا

      ما يؤلمنا شماتة اخوتنا والرقص على جراحنا ..رحمة الله على تلك الارواح التي حلقت في ميدان اللؤلؤة والانفس الزكية

    • زائر 16 زائر 13 | 2:51 ص

      هواء الحرية

      صحيح صحيح صحيح! في كل مرة أعبر الجسر اللي فوق الدوار .. تجيني الصيحة وتدمع عيوني بس لاني اتذكر هوا الحرية و ايام حلوة كانت ايامك يا دوار

    • زائر 12 | 12:43 ص

      كتبت فأبلغت

      تسلم سيد ويسلم القلم

    • زائر 11 | 11:57 م

      رب ارجعوني.............................

      بالأمس كانوا يستعبدون الناس باسم ( أمن الدولة ) ..... واليوم يريدون أن يستعبدونهم باسم ( أمن الوطن والمواطن ؟!؟! ) .... وكل ذلك من أجل الاستحواذ على المال والرقاب وتكميم الأفواه ،،،،،،،،،،،،، فما أشبه اليوم بالبارحة !!

    • زائر 9 | 11:54 م

      مصدر الهام

      ضحكتني من الصبح مصدر الهام ليش ماتكتب عن اغلاق الشوارع على الناس وتعطيل مصالحهم ليش تشوف بعين وحدة يرضيك ايها الكاتب الكبير

    • زائر 24 زائر 9 | 9:35 ص

      ويش عرفك بالالهام يا ولدي!!!!!!!

      ويش عرف أمثالك بالالهام وبالحرية والكرامة... تحتاج إلى قرن كامل حتى توصلك هالمفاهيم. اكتب يا سيد خلهم يمكن يمكن تتفتح عقولهم أشوي.

    • زائر 8 | 11:25 م

      "

      نقلتني يا سيد بالذاكرة لتلك الأيام السعيدة رغم مرارتها بسقوط الشهداء

    • زائر 7 | 11:06 م

      استكثروا علينا شهر واحد نفرغ فيه هموم عشرات السنين

      يومين في الدوار وتم الانقضاض علينا ليلا ثم نعطى الامان فينقض علينا مرة اخرى ولكن هذه المرّة يختلف نوع الانقضاض فهو تحرير الوطن المحتل اذا تدخل جيش البلد ومعه من يسنده لتحرير الدوار!!!
      وانت تقول هايد بارك

    • زائر 6 | 11:02 م

      الهايدبارك لم يتم الانقضاض عليه مذ انشأ

      الدوار متنفس لشهر واحد تم الانقضاض عليه مرتين وكل مرة قتلى وجرحى بينما الهايدبارك منذ عشرات السنين ولم يقتل احد فيه لأنه انتقد الحكومة البريطانية او غيرها كل انسان يخرج هناك ويفرغ ما في جعبته ثم يمضي دون ان يتعرض له احد وهنا فتح المجال ثلاثة ايام ليفرغ الناس هموم سنين فتم الانقضاض عليهم ليلا
      ثم يعودون لنفس المكان ويعطون الامان ليفرغوا ما تبقى من هموهم وما لحق بهم
      في الضربة الاولى فينقض عليهم ولكن هذه المرّة بالجيش والعسكر وليس بالشرطة
      فهل حدث ذلك في الهايد بارك ؟

    • زائر 5 | 10:34 م

      مــــــا أجــــمــــل الــذكـــريــــــــــــــــــــات

      جميل جدا تدوين الذكريات وأهم الاحداث اولا بأول . تقول بعض المواقع الاخبارية الالكترونية أن من زار ووصل الدوار وعلى مدى شهر وعلى مدار الساعة وصل إلى 3 ملايين مواطن . ااااه كم هي جميلة ( الحرية ) وفاتنه وذات قوام رشيق تستهوي الكبار والصغار .

    • زائر 4 | 10:33 م

      كان التلفزيون ينقل اعتصام الدوار

      كان التلفزيون ينقل اعتصام الدوار ليدلل على حضارية التعامل مع تعبير الرأي هذه لم تدوينها سيدنا

    • زائر 3 | 10:18 م

      سلمية

      سلمية سلمية احرفها خطت على الجدران عرج على ذاك الزقاق في القرى الابية و انظر الى الجداريات تدرك العدالة عدالة القضية سلمية سلمية ابلغ من معجم لاروس و انفذ من شوزن بندقية اذهلت العالم في منهجها كيف لمن ينحر ان يلتزم السلمية يستبصر النصر لنهجنا و ينتظر رغم ذهول حاله ان نحصد الحرية و نحن في اعتكاف كعابد لا يبرح المحراب نعارك الجهل و نصرع الحمية نعتكف السلمية..... "الحرية"

    • زائر 2 | 10:15 م

      كان بالإمكان أن تستغل تلك الفترة بأحسن مماكان

      لكن العجلة من الطرفين أفسدة الكثير .

    • زائر 1 | 9:14 م

      بارك الله فيك

      قلم حر

اقرأ ايضاً