العدد 3822 - الجمعة 22 فبراير 2013م الموافق 11 ربيع الثاني 1434هـ

ذاكرة (19)

عبدالجليل السعد comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كنت كحال شباب المحرق وصغارها مشاركاً في المظاهرات، وكان عندي وقتها دراجة هوائية، وتم القبض عليّ أنا وبعض الشباب وأخذونا في سيارة الشرطة (الجيب) للذهاب بنا إلى القلعة. ومروا في طريقهم على دكان بوعابد ولا أعرف لماذا، وحدث أن كان هناك بعض الشباب ومنهم اثنان من أبناء عمي، وكان بعض الموجودين يعرفون شرطي الدورية وطلبوا منه الإفراج عنا وإننا أطفال ولا نفهم شيئاً. كنت وقتها في الصف السادس ابتدائي، طالباً في مدرسة الهداية وفي وقت الامتحانات أخذتنا المدرسة في باصات لتقديم الامتحانات في مدرسة طارق بن زياد وكانت وقتها تطل مباشرة على البحر قبل الدفان، وذلك حتى اقتنع المسئول وحنّ قلبه علينا فأفرج عنا مقابل دكان بوعابد الشهير، والذي لا أعرف إن كان لايزال موجوداً أم لا.

تلك الأيام مليئة بذواكر خاصة تجسد بساطة النضالات الوطنية العفوية، فحدث أن استضافت البحرين البهلوان خليل عقاب الإيراني، وكانت العداوة حاسمة ضد إيران لاعترافها بإسرائيل. وتم الإعلان عنها بواسطة منشورات من المنظم لهذه الفعالية وكان يعطي بعض الناس مبلغ بسيط مقابل توزيعها، فكنا نأخذ هذه المنشورات ونكتب عليها (قاطعوا خليل عقاب وقاطعوا إيران عميلة إسرائيل).

كان المد القومي وقتها في بدايات تأججه ومحاولة فهمه وتطبيق مفاهيمه على الحياة اليومية والجدل اليومي في مجرى الحياة العامة، لذا كنا كلنا قوميين ومن ليس كذلك فهو عميل وخائن، ولم تكن أهدافنا الفكرية واضحة أو مفهومة في بدايات المراهقة فهي مد وليست إيديولوجية. كان الفريج يضج بالأحداث كأي فريج آخر في المحرق وفيها تعلمنا كيف نتعامل مع مسيل الدموع وكيف نهرب من سيارات الشرطة، وكيف نشارك كوطنيين دون أي التزام حزبي، وكنا فرحين بالمسيرات والهتافات دون أي وعي حقيقي بما يحدث حتي 14 مارس/ آذار 1965 عندما استشهد ابن حارتنا وجار العمر عبدالله حسين بونوده بطريقة بشعة ومؤلمة، والكثير ممن شاهدوا ما حدث، مازالت الذكرى عالقة بأذهانهم. عندما مات بونوده لم نبكِ أو نصرخ أو نهدد بالانتقام، فكأن العملية محسومة ولكل مشوار أو رحلة خسائرها وفقدان شيء من تكوينها البشري والنفسي وحتى الفكري، فما اكتسبناه في 65 فقدناه في سنوات لاحقة ومازلنا نخسر.

إقرأ أيضا لـ "عبدالجليل السعد"

العدد 3822 - الجمعة 22 فبراير 2013م الموافق 11 ربيع الثاني 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 12:55 ص

      الله يرحمك يابوي

    • زائر 1 | 11:26 م

      تلك هي الحقيقة.؟

      نعم ايها النقي،خسرنا ونخسر ذلك الفهم لمعنى الانتماء الوطني والدفاع عن الحق القومي،اننا في انحدار متواتر في مفاهيمنا وتقييمنا لعلاقة ما هو وطني وقومي ومقاربتها بواقع مصطنع ونقنع انفسنا اننا على حق وذلك كما هو عليه حال الذي ينتهي من صلاة العشاء ويذهب الى البار ويقول بعد العشى مافي خشى.؟
      انها السمسرة العصرية في عالمنا المتناقض والمتهالك المرتكز على المرئيات والقيم المتهتكة في بنائها الفكري والمفاهيمي في المتاجرة والثراء على حساب حقوق الاخرين،بيد ان ذلك حالة عابرة في تاريخينا وانها زائلة انشاء الله.

اقرأ ايضاً