العدد 3827 - الأربعاء 27 فبراير 2013م الموافق 16 ربيع الثاني 1434هـ

المجوهرات حين تكون... «زينة وخزينة»... نبيل الزين: علاقة الهيرات باللؤلؤ... علاقة المرأة بالجمال

العقد والقلادة والخلاخيل والأساور وتنظيم الجوهر والحلي النسائية، أدوات زينة عرفتها المرأة منذ غابر العصور... مثلاً، عثر الآثاريون والمنقبون في مقبرة توت عنخ آمون على مجموعة من 143 قطعة من الحلي الذهبية المرصعة بأحجار شبه كريمة غالبيتها يمثل معبود الشمس بأشكاله المختلفة والقمر أيضاً، فهناك الأساور والأقراط والخواتم والصدريات والدلايات... فعلى مر العصور، اهتمت المرأة بالحلي كزينة و... كرأس مال أيضاً.

وقد أورد الثعالبي في مؤلفه الجميل «فقه اللغة وسر العربية» أسماء الحلي التي كانت تلبسها النساء في عصره، وأقرب الروايات تشير الى أنه العصر العباسي حيث ازدهرت الأمة الاسلامية وزاد الثراء والغنى والترف، وذكر منها: «الخاتم للأصبع، والخلخال والخدمة للرِّجل، والفتخ لأصابع الرِّجل، ومنها أيضاً الشنف والقرطة والرعثة للأذن، والقلب والسوار للمعصم، ثم الدملج للعضد والجبيرة للساعد، وكانت النساء أيضاً يتحلين بالقلادة والمخنقة للعنق، والمرسلة للصدر»، وحدث ذلك بصورة ملحوظة بعد الفتوحات الإسلامية حيث انتقلت فنون الصياغة التخريمية والحفر والترصيع الى البلاد الإسلامية.

من الطواشة الى المجوهرات

ومع تطور الزمن، تطورت صناعة المجوهرات، ولمعت أسماء عديدة في البحرين لها مكانتها في هذا المجال، ومنها بالطبع، شركة الزين للمجوهرات، حيث يستضيفنا رئيس مجلس إدارة الشركة نبيل الزين، في جلسة لطيفة يقول فيها: «إن تجارة الحلي والمجوهرات هي بالفعل تجارة منذ الأزل، ولأن النساء يعشقن هذه الزينة؛ فقد ارتبطت بهن، بل وأستطيع القول إن جزءاً منها هو جانب استثماري دون شك، فالمرأة تشتري الذهب ثم تبيعه، وأصبحت الكثيرات منهن اليوم يقتنين المجوهرات المميزة دون مبالاة بسعرها، وتبقى فئة يقتنين الذهب والمجوهرات على ما جاء به المثل الخليجي الشهير :«زينة وخزينة».

وعن نشأة المهنة، يقول الزين إن العائلة توارثت المهنة أباً عن جد، فجدي ووالدي رحمهما الله كانا طواشين، وبمرور الزمن، تطور العمل ودخلنا مجال الذهب والمجوهرات ونحن نمثل الجيل الثالث وأولادنا يمثلون الجيل الرابع، وكما تعلمون؛ فإن صناعة الذهب والمجوهرات في البحرين تحديداً صناعة قديمة، وأهل الخليج كلهم كانوا ولايزالون يعتمدون على سوق الذهب في البحرين لشراء حليهم، وليس ذلك فقط للشراء والتجارة والتبادل، بل إن الناس المقتدرين تجدهم يزورون البحرين بمعية زوجاتهم وبناتهم لابتياع الذهب البحريني لشهرته العريقة... بل حتى في بعض الدول العربية، ومنها الأردن أيضاً، تجد هناك في سوق المجوهرات خصوصية للذهب البحريني وذلك كله لأن أهل البحرين حافظوا على سمعتهم في هذا المجال.

نقلة في الجودة والتصاميم

وينوه الى جانب مهم بقوله: «صناعة الذهب والمجوهرات في البحرين شهدت نقلات واضحة من ناحية التصاميم أيضاً، وحقيقةً، لابد أن نذكر دور الحكومة هنا؛ فمع تأسيس مختبر الذهب، وهو أول مختبر على مستوى الخليج، هدفت منه الحفاظ على حقوق كل من التاجر والزبون لتثبيت العيار المطلوب، والمختبر ولله الحمد، سمعته طيبة والقائمون عليه أصحاب ذمة ويقومون بعمل رائع، وهذا جانب مهم في مسيرة الحفاظ على مكانة الذهب البحريني». وأضاف «بفضل الله، تطورنا بشكل كبير في مجال عمل المصاغات التي تحمل الأحجار الكريمة مثل الألماس والياقوت والسفير والزمرد، وأصبحت هي عملنا الذي تميزنا فيه بالأفكار التطويرية، وحقّاً، نحاول دائماً أن نطور صناعة الذهب والمجوهرات، وكذلك تشجيع استخدام اللؤلؤ البحريني في كثير من مصاغاتنا التي لها رواج في منطقة الخليج العربي، ولدينا منهجية وهي أن نبث روح التراث والأصالة والحداثة معاً في عملنا من خلال إنتاج التشكيلات المواكبة لمتطلبات الأسواق في الخليج.

معرض لاس فيغاس

خلال شهري مايو/ أيار ويونيو/ حزيران من العام الجاري، يكشف الزين أن هناك معرضاً دوليّاً للمجوهرات في لاس فيغاس بالولايات المتحدة الأميركية، فمن خلال غرفة تجارة وصناعة البحرين، تم تعزيز فكرة المشاركة في المعارض العالمية في مجال صناعة الذهب والمجوهرات، وستشارك في معرض لاس فيغاس حوالي 8 دور مجوهرات بحرينية، ونأمل أن تكون لدينا الفرصة لعرض الإنتاج البحريني في السوق الأميركية من مجوهرات وذهب ولؤلؤ طبيعي.

وبودي، والحديث للزين عن اللؤلؤ الطبيعي، أن أطرح مقترحاً للمسئولين في منطقة الخليج العربي لتشجيع أنشطة الغوص للبحث عن اللؤلؤ بين الهواة من الشباب وكذلك الغاصة المحترفين، فمصادر اللؤلؤ الطبيعي في المياه الإقليمية لدول الخليج فيها خير كثير، ونحن كشركة الزين، نشجع الشباب في البحرين ممن يغوصون ويتمكنون من جمع كميات لا بأس بها... الكميات التي وجدت في موسم العام الماضي كانت كمية كبيرة جدّاً، والشباب البحرينيون يدخلون البحر كهواة ويجمعون ما تيسر من بعض المغاصات، وأرى أن المهتمين باللؤلؤ الطبيعي في الخليج يولون أهمية خاصة لهذا الجانب، والتجار يدفعون مبالغ جيدة لتشجيعهم على الغوص، ونتمنى من جانبنا من الحكومة أن تشجع هذه الأنشطة، وأن تجري مسوحات ودراسات على مستوى مصائد اللؤلؤ المنتجة التي يتكاثر فيها المحار.

مقترح مشروع «صيد اللؤلؤ»

واليوم، كما يعبر الزين؛ فإننا لا يمكن أن نفصل علاقة الهيرات باللؤلؤ كتراث غني يجب الحفاظ عليه؛ لأنه ذاته ما يمثل علاقة المرأة بالجمال، وقد وجدتُّ أن بعض الشباب يغوصون لاستخراج المحار، والمعروف، أن الغواص يستخرج كميات كبيرة من أصداف المحار وينتج منها القليل من اللؤلؤ بأحجام مختلفة، وهذه المصائد تحتاج الى عناية خاصة على أيدي متخصصين لدراسة المواقع والبيئة المحيطة بالهيرات، وذلك لكي تتحول إلى محمية طبيعية كمحاضن اللؤلؤ، ويمكن أن تكون مصدر رزق للكثير من الناس، فالله سبحانه وتعالى منح بحار الخليج هذه النعمة ويجب ألا تذهب هدراً، وما الذي يمنع الصياد الذي يصطاد السمك والروبيان من أن يكون صيد اللؤلؤ مصدر دخل كريم له؟، وأرى أن الهيرات المنتجة متوافرة في سواحل المنطقة الشرقية والكويت وقطر، وخصوصاً إذا ما بادرت حكومات الخليج إلى تبني هذا المشروع وتشجيع مرتادي البحر من الهواة والمحترفين على البحث عن اللؤلؤ... وأقول، إن ما دمر اللؤلؤ الطبيعي هو اللؤلؤ الصناعي الذي أنتجته اليابان، وبعد كل هذه العقود من الزمن، فإن اليابان، كما أرى، هي أكبر جهة تطلب اللؤلؤ الطبيعي، وأصبحت أسعاره خيالاً وشيئاً لا يصدق وكل يوم يرتفع ولا يتصوره العقل، وما أطلبه من الجهات المختصة في البحرين هو أن تتبنى هذا الموضوع وتدرسه مع دول الخليج، لأن هذه الصناعة قائمة... لن تنضب ولن تنتهي.. النفط والغاز قابلان للنضوب، ولكن اللؤلؤ الطبيعي لا ينضب.

ذوق المرأة الخليجية

عوداً الى المرأة الخليجية وعلاقتها بالحلي والذهب والمجوهرات؛ فالزين يرى أن ذوق المرأة الخليجية كبير وتعرف ماذا تقتني بدقة، بل وتدرك كيف تستثمر من جانبين: التزيين والاستثمار، وعلى قول ما خف وزنه وغلا ثمنه، فإن الذوق العام هو اقتناء المصوغات الناعمة ذات التصاميم الإبداعية، وهو أمر تتميز فيه المرأة البحرينية خصوصاً والخليجية عموماً.

وكم كنت ولاأزال، والحديث للزين، أتمنى أن يتخصص الشباب البحرينيون في هذا المجال، وأقول للأسف، قليلون جدّاً جدّاً هم من يصبر ويبدع، فعلى سبيل المثال، وحينما كان الأخ عبدالنبي الشعلة وزيراً للعمل وكنت رئيساً للجنة الذهب والمجوهرات بغرفة تجارة وصناعة البحرين، طرحنا برنامجاً لتدريب الشباب من الجنسين بمعهد البحرين للتدريب يمتد لعامين، فبعض الطلبة واصلوا وتخرجوا وبعضهم الآخر انسحب، وبدأنا بحوالي 40 طالباً وطالبة ثم تناقص العدد الى 24 طالباً وطالبة فقط! ولا أخفيكم أن البرنامج التدريبي كان مصمماً بصورة صحيحة وتم توفير المعدات والمدربين والبرنامج العملي في الورش، لكن الذي حدث أن معظم أبنائنا تسربوا من البرنامج، وأنا شخصيّاً، لدي أحد البحرينيين مشرف وهو كابني... يقوم بعمله بشكل متقن وهو شاب طموح ويسعى لتطوير نفسه، ونحن نعمل معه ونسانده بجد ونجاح، وكم كنت أتمنى أن يكون الكثير من الشباب البحرينيين متخصصين في هذا المجال.

ومسك الختام في ضيافة الزين، هو تلك المعاني والدلالات التي تمثلها الهدية للزوجة... إنها تشيع حالة من السرور والألفة والمحبة، وحين يهدي الزوج زوجته تشكيلة رائعة من الحلي والمجوهرات، فهي دون شك، دلالة على علو مكانتها في نفسه... ولعلنا في شهر فبراير/ شباط، وتحديداً ليوم عيد الفالنتاين، فإننا، والحديث لنبيل الزين، نخصص منتجات وقطعاً خاصة لهذه المناسبة... ليس مهماً بالنسبة لدينا تسمية المناسبة، لكن المهم هو تلك المعاني التي تحملها الهدية الجميلة بين الأزواج، وأحمد الله جل وعلا على توفيقه لنا في مجال عملنا، وسنبقى في غاية الحرص للحفاظ على مهنة الأجداد وتشجيع الشباب الطموحين لتعلمها والمساهمة في إيجاد رزق كريم... فالمجوهرات والحلي، عوداً على بدء، زينة و... خزينة.

العدد 3827 - الأربعاء 27 فبراير 2013م الموافق 16 ربيع الثاني 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً