العدد 1520 - الجمعة 03 نوفمبر 2006م الموافق 11 شوال 1427هـ

"بلاد رحمة"... فعلا بلا رحمة!

المتابع لبرامج ومسلسلات شهر رمضان الماضي والمتتبع للإعلانات الاستباقية التي صاحبت الشهر الفضيل سيلحظ الإعلانات المكثفة لمسلسل "بلا رحمة" الذي أنتجته وتابعته وألفته وكانت بطلته المطلقة زينب العسكري.

إلا أن المتابع فعلاً للمسلسل وبتفاصيله سيلحظ الكثير من المغالطات والمبالغات على مستويات كثيرة من قصة وطريقة سردها وعرضها في أحيان كثيرة والتي تتصف باللاواقعية ألبتة، فلم تكن البنت لميس (ود) مثلاً تلك البنت من ذوي الاحتياجات الخاصة كونها غير مدركة وتم استغلالها فنياً ولم يتم توظيفها بالشكل المناسب لتوضيح معانات هذه الفئة وأهلها ومجتمعها ومن حولهم معهم بل اكتفت بالحب المفرط معها وكفى، لحين الوصول إلى نهاية مفجعة أخدشت شعور أهالي وأسر من لديهم مثل هذه الحالات.

الفنانة الكويتية مريم الصالح (منيرة)، هي الأخرى والتي تتمتع بتاريخ فني عريق وبعد مشاركتها الركيكة في هذا المسلسل ففي اعتقادي أنها خطت عشر خطوات إلى الخلف، فلم يكن دورها يناسب تاريخها مثلها بالضبط مثل الفنان البحريني سعد البوعينين الذي اعتبر هذا الدور بالنسبة إليه إهانة فنية والذي اكتفى بأدوار جانبية كفراش في تلك الشركة الكبيرة جداً والتي لا تحتوي على أكثر من سكرتيرة وفراش! وذلك بعدما كان بطل المسلسلات الرمضانية في الأعوام السابقة.

فحتى دور (خليفة) الذي لم أعرف هو يتبع أية إدارة أو وزارة، فهل هو رجل مرور أم رجل شرطة أم هو من مكافحة الشغب عندما فض اعتصاماً في أحد الشوارع بطريقة سمجة، أو هو رجل المخابرات الذي تستعين به زينب العسكري (فجر) في البحث والتقصي عن كل شيء وأي شيء أو هو مستشارها القانوني والاجتماعي، فباختصار كان بالنسبة إلى هو بمثابة جيمس بوند المسلسل.

ومازلت لا أعلم عن سبب وجود البنتين اللتين ظهرتا في الحلقات الأخيرة من المسلسل وهما صديقتا فجر التي تحضر معهما الحفلات الراقصة واللتان تسكنا مع بعضهما ولوحدهما في شقة وتبيعان المخدرات وتعرضان المبالغ الطائلة بطريقة غبية وسطحية جداً حين الأزمات مع سكرتيرة فجر، إذ لم يكن توظيفهما في القصة بشكل معقول.

عبير الجندي (إيمان) هي شخصية مقحمة إقحاماً في المسلسل وكأنها هدية على تاريخها الفني مع زينب العسكري، فقد ظهرت في البداية واختفت لتظهر لنا في النهاية صاحبة الحلول العقلانية والأكاديمية!

هذه باختصار بعض الإسقاطات على الشخصيات التي استثنينا منها البطلة الوحيدة زينب العسكري (فجر) التي مارست البطولة المطلقة والشخصية المحورية جداً جداً والتي تأتي من لا عائلة ولا تاريخ عائلي وهي مقطوعة من شجرة وهي في الدنيا وأختها (ود) التي تعشقها بطريقة مبالغة سمجة أيضاً، وهي التي تملك الشركات وتتعامل مع رجال الأعمال الذين يريدون استغلالها وسرقتها، والتي اقتصرت الخمس عشرة حلقة الأولى على رؤيتنا لها وهي ذاهبة إلى الشركة وراجعة منها وهي صاحبة البيت الذي سكنه كل من هب ودب والبيت المشرع الأبواب الذي يمكن لأي أحد أن يدخله وصولاً إلى غرفة نومها ليفعل ما يشاء وما يريد، هي صاحبة معرض السيارات من فرط عدد سياراتها الفارهة وهي عارضة الأزياء في المسلسل، فجر مارست علينا طوال التسعة والعشرين الحلقة الأولى الطيبة الحنون العطوفة التي تعطي الطرارة عشرين ديناراً! لتظهر علينا في إحدى الحلقات بشكل مريض نفسياً ومعقد جداً تمارس الانتقام والتعذيب لـ (جاسم) وكأنه أحد سجناء غوانتنامو بطريقة فاشية وبطريقة لا تخلوا عن خبث مدفون لا يتناسب والشخصية التي عرفناها من الحلقات الأولى.

ترابط حوادث المسلسل ركيكة، أو بالأحرى لم توجد حوادث لتترابط لأن أسلوب القصة كان يتبع البطل الأوحد فالكل يتحدث عن فجر، جيمس بوند مع زوجته التي مارست التعذيب على نفسها لتسقط جنينها وفي حديثهم في بيتهم يتكلمون عن فجر، العمة منيرة وذاك الذي سرقها وطار بأرزاقه عند حديثه مع منيرة يتحدث عن فجر، الفراش سعد البوعينين تدور جل حوادث بيته حول فجر التي تتدخل وتحل مشكلاتهم العائلية والمادية دائماً، جاسم ذاك السكير الذي أبدع حقيقة في دوره جميع حيثيات حياته تدور بسبب فجر من سكر وسفر وربح وخسارة وخيانة مع السكرتيرة فلا أصدقاء له ولا أصحاب تدور حوادثه معهم، وتلك (العاهرتان) في الشقة اللتي تبيعان المخدرات فيها تصور سهولة المخابرات وتساهلها في هذا الشأن، أيضا تدور فيها حوادثهما وحيلهما حول فجر!

ذاك الفنان القطري الذي أجاد دور السرقة على العمة منيرة وخيراتها موصلاً إياها إلى الإفلاس والسكن مع أم الخير (فجر)، نصيحة جيمس بوند (خليفة) لها بالصبر والنسيان، حوادث الاحتيال تحدث في كل مكان وتنتهي قصته من غير أية خطوات أمنية أو قضائية كون صاحبة القصة تريد أن توصلها إلى الإفلاس وأن تعيش معها في بيت واحد...

فعندما كنا نتابع مسلسلات فجر السعيد نرى بصمتها في كل مسلسل تنتجه، وكذلك الحال مع وداد الكواري، وهي طبيعة الحال مع جميع النتاجات الفنية، إلا أنني لم أر أية بصمة واضحة تنبهني بأن كاتبة قصة عذاري هي نفسها كاتبة قصة بلا رحمة، وهذا الذي يثير سؤالي: هل ادعاء القفاص والفردان في مسلسل عذاري صحيح أم لا؟

العدد 1520 - الجمعة 03 نوفمبر 2006م الموافق 11 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً