العدد 1521 - السبت 04 نوفمبر 2006م الموافق 12 شوال 1427هـ

إلا الألعاب القذرة...

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

نعرف صعوبة الموسم الانتخابي على المترشحين جميعاً، ونعرف الحروب التي عليهم أن يخوضوها، والمصاعب التي ستواجههم للوصول إلى أبناء الدائرة، وللتعامل مع المنافسين، وللإقناع ببرامجهم الانتخابية، نعرف جميعاًَ كل ذلك، مثلما عرفه كل من قرر دخول هذا المعترك، وبحسب حساباته مسبقاً، مثلما حسبت المترشحات حساباتهن مسبقاً أيضاً، وتوقعن الأسوأ. واستعددن له، بشكل يتفاوت اطراداً بين مترشحة وأخرى.

تكسير إعلانات المترشحات، تشويهها، تمزيقها، إطلاق الإشاعات، كلها أمر متوقع، مؤلم بحق، لكنه متوقع وليس جديداً. عندما تتحدث إلى المترشحات، يمكنك أن تلمس جانباً من الأمل والتحدي لايزال موجوداً في نبرات أصواتهن، لقد دخلن في لجة البحر الآن، ولا سبيل للتراجع... هذا ما يفكرن فيه.

«يمكننا أن نتحمل أي شيء، سنحاول على رغم المصاعب أن نتخطى جاهدات تلك العراقيل التي تواجهنا، شيء وحيد نخشاه، أن تتحول المعركة إلى لعبة قذرة، غير شريفة».

هذا ما ينطق به لسان حال المترشحات، ولكن المعركة تحولت فعلاً إلى لعبة قذرة، أو تكاد، في مواقع عدة، وبأساليب مختلفة، ومبتكرة جداً في أحيان كثيرة.

وإلا، فماذا يعني أن تطلق على مترشحة ذات تاريخ وطني طويل أنها تحتسي الخمر، وأنها تخلت عن مذهبها، وأنها وأنها...، ولماذا، ولمصلحة من؟

إنهم الخفافيش التي تظهر في الظلام، فتنشر الفتن وتختفي، لمصلحة من، لا ندري، أو ربما ندري ولكننا لا نملك الدليل. والمشكلة أن لا حكم في هذه القضية، الحكم في النهاية للجمهور كما يقولون، فإما أن يصدق الشائعة، وإما أن يزيده ذلك إصراراً على نقاء الشخصية التي صدرت منها هذه الشائعة، انطلاقاً من مبدأ « لا ترمى إلا الشجرة المثمرة».

إنها المترشحة منيرة فخرو، ذات التاريخ النضالي الطويل، أرادت خوض الانتخابات بشرف، مؤمنة بالفرصة العادلة للجميع في المنافسة الانتخابية، لكن اللعبة القذرة بدأت ضدها، ولا نعرف كيف ستنتهي.

في افتتاح مقرها الانتخابي أمس الأول، لابد أن تنسى أنها «امرأة»، كل ما حولك ينسيك أنها امرأة في مجتمع لا تظهر النساء فيه كشخصيات استثنائية، ببساطة لأن المجتمع لا يسمح لهن بذلك، حتى وإن كن كذلك فعلاً. لا بد أن تنسى أنها امرأة، إن لم تنسك الحشود الغفيرة التي قضى غالبيتها الوقت واقفاً في الافتتاح، فسينسيك تاريخها النضالي والسياسي الطويل ومواقفها المشرفة أو ستنسيك كفاءتها وعطائها العلمي، أو سينسيك حضور غالبية القيادات السياسية والوطنية دعماً ومساندة لها، وكلماتهم المشرقة في حقها. فإن لم تتمكن أي من العوامل السابقة من أن تنسيك أنها امرأة، فلا بد أن تنسيك اجتماع كل هذه العوامل في شخصية واحدة ذلك. وإن لم تنس أيضاً، فسينسيك حدسك البسيط بأنها ستفوز، لابد أن تفوز، لا يمكن أن تجتمع كل هذه العوامل السابقة في شخصية ولا تفوز، ولأن المرأة في عقلية مجتمعنا «لا تفوز»، فستنسى أنها امرأة، ستتذكر فقط كل العوامل المحيطة بها.

لابد أن الجمعيات السياسية التي اختارت دعمها تذكرت كل ذلك، قبل أن تتذكر أنها امرأة، فلا عيب أو نقيصة في كونها امرأة، إن لم يكن فخراً فوق فخر.

لدينا نماذج نسائية مشرفة، لدينا شخصيات نسائية تريد أن تعمل بإخلاص، تريد أن تجرب معترك السياسة عن قرب وتعيش العملية الانتخابية بكل أبعادها، تريد أن تحتك بالحياة السياسية التي طالما أبعدت عنها المرأة في مجتمعاتنا، وحتى لو لم تفز، تريد فقط أن تكسب شرف المحاولة وحلاوة التجربة، وتحاول مثل غيرها، لا جريمة في ذلك ولا عيب، يمكنها أن تحتمل أية صعوبة وعراقيل، إلا الألعاب القذرة

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 1521 - السبت 04 نوفمبر 2006م الموافق 12 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً