العدد 1522 - الأحد 05 نوفمبر 2006م الموافق 13 شوال 1427هـ

قراءة أولية لمصير المرأة في الانتخابات المقبلة

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

أستطيع من الآن التنبؤ بشأن مصير مستقبل المرأة في المشاركة السياسية للانتخابات المقبلة، ليس بغرض الانتقاص من قدر المترشحات اللاتي أعلن ترشحهن أو تثبيط هممهن ولا التشكيك في قدراتهن على العطاء أو الإخلاص في عملهن أو التقليل من شأنهن أبداً، فغالبيتهن قياديات في مراكز ومواقع مختلفة، بل إن غالبيتهن نجحن في وظائفهن.

وشخصياً أتمنى لهن الفوز في الانتخابات، ولكن ما أود الإشارة إليه إنما هو قراءة أولية استقرأتها من خلال المعطيات الموجودة في الساحة، وأيضاً من خلال دراسة الدوائر الانتخابية واستمزاج آراء الناخبين ونظرتهم إلى المرأة، إلى جانب تطلعهم أصلا إلى المشاركة في العملية الانتخابية. وكذلك الفرص المتاحة أمام المترشحات، ولاسيما أن المزاج الغالب على الشارع هو الإحباط واليأس من الوضع السياسي عموماً، والنظر إليه على أنه وضع عقيم عديم الفائدة، بغض النظر عن كون المشارك رجلاً أم امرأةً، وأن المشاركة في الانتخابات ما هي إلا محاولة يائسة بائسة لمحاولة الحصول على بعض الاستحقاقات السياسية للمواطن البحريني الذي يطمح إلى الحصول على حقوقه، فالساكت مأكول حقه ولابد من المطالبة بالحقوق التي تؤخذ ولا تعطى.

وعند قراءة مشاركة المرأة في العمل السياسي من خلال الترشح في الانتخابات البلدية والنيابية المقبلة، يتضح للوهلة الأولى أن غالبية المترشحات يخضن المعركة الانتخابية بشكل مستقل بغير دعم من الجمعيات السياسية، باستثناء قلة وفي دوائر انتخابية صعبة جدا. أي أن حظوظ المرأة فيها بسيطة جداً إلى جانب وجود أكثر من مترشحة واحدة في بعض الدوائر، أي أن النساء أيضاً ضد بعضهن بعضاً، وهذا يؤكد أن المرأة ضد المرأة، ليس على مستوى التصويت فقط بل أيضا على مستوى الترشح، ما يقلل من فرص فوزهن.

كما أن غالبية المترشحات بالرجوع إلى تاريخهن وسيرتهن الذاتية، لا يمتلكن تاريخاً سياسياً حتى نشاطاً سياسياً، وأن اهتماماتهن ربما في مجالات أخرى غير المجالات السياسية كالمجال الاجتماعي، بل إن بعضهن أسماء جديدة على الساحة لا ذكر لها ليس فقط على مستوى المؤسسات الإعلامية، بل داخل دوائرهن الانتخابية. كل هذه الأمور قد تصعب من العملية الانتخابية عليهن، وتجعل فرص فوزهن بثقة الناخب غايةً في التعقيد. فالناخب حينها قد يكون على صواب في موقفه، بدليل أنه كيف له أن يثق ويسلم يقينا بقدرة المترشحة على خوض العملية الانتخابية ونجاحها في أروقة العمل السياسي وهي طوال الفترة السابقة لها اهتمامات تختلف كل الاختلاف عن العمل السياسي الذي ترغب في الحصول على منصب سياسي فيه؟

قد تنجح في ذلك إذا أعطيت لها فرصة، ولكن الراهن في ذلك رهان كبير يتطلب تضحية وثقة كبيرة من قبل الناخبين بالمترشحة، وهذا يحتاج بطبيعة الحال إلى مجتمعات منفتحة وإيثار وقدرة على التنازل. ولا ننسى أن المجتمع البحريني مجتمع شرقي حتى إن كان يقدر المرأة ويقدر الأدوار والمهمات التي تقوم بها، إلاّ أن المجتمع البحريني أساساً مجتمع ذكوري حتى النخاع، فلاتزال حتى الآن بعض المواقع لا تسمى إلا للرجال، وبالتالي يتم شطب المرأة من الوجود الفعلي، فكيف لنا أن نتحدث عن مجال سياسي كهذا، ونغير كل الأعراف والعادات والتقاليد بين عشية وضحاها؟

وإذا كنا نريد أن نحقق ذلك فلابد أن يكون للمرأة دورٌ فاعلٌ ومؤثرٌ ليس فقط في العملية الانتخابية، وإنما قبل ذلك بكثير، من خلال حضورها الفاعل والمؤثر في المجتمع والمؤسسات السياسية والاجتماعية بالقيام بأدوار رئيسية لا أن تبقى على الدوام على الهامش، مشككة في قدراتها وعطائها، وفي لحظة الحصاد تأتي لتبحث لها عن استحقاق. إن تنازل المرأة عن مواقعها هو الذي تدفع ضريبته، فتكون في المؤخرة وذيل القوائم ويكون التصدر للرجل، على رغم أنه لا يعني ذلك تميز الرجل من المرأة.

أيضاً الرجل الشرقي أناني عموماً، بمعنى أنه يحب مصلحته الشخصية ويضعها فوق كل اعتبار، ويستفيد كثيراً من الرأي القائل إن الوعي المجتمعي لم يتحقق بعد، وإن المرأة لا يمكن لها بحكم العادات والتقاليد تبوء منصب سياسي هنا أو هناك، إلى جانب أن البعض لايزال - للأسف الشديد - يتمسك بمقولة تذكرنا بالعصر الحجري بأنه لا يمكن لنا أن نختار المرأة ممثلةًَ لنا، فالرجال لم يموتوا بعد. وللرد على هؤلاء نقول: لن تعدم المجتمعات في يوم من الأيام الرجال، فهل هذا يعني أن المرأة لن تحصل على حقها طالما أن الرجل موجود؟ أم ماذا؟ فالرجل من أنانيته - ولا أقول كل الرجال - ولكن هناك من يعيش بيننا أنانياً، وأنانيته تطغى على تفكيره وبالتالي يقلل من شأن المرأة، ويقرر بالنيابة عنها أن تظل تحت كنفه ومظلته إلى أجل غير مسمى، طالما أن ذلك يحسسه برجولته المطلقة، وأنها المستفيد الأول والأخير من الترويج لأمور سخيفة كتلك الأطروحات.

أنانية الرجل أيضاً تتضح بجلاء حتى في قوائم الجمعيات السياسية التي مُلِئَت بأسماء الرجال وخلت من الأسماء النسائية تحت مبررات غير مقنعة، فالذي يدعي أن المجتمعات إلى الآن لم تنضج لكي تختار المرأة، وطالما يحمل في نفسه هذه القراءة المتقدمة، نسأله ماذا قدم؟ وكيف سعى في سبيل تغيير هذا الواقع؟ أم أننا دائما نكتفي بتشخيص الواقع من دون العروج إلى وضع الحلول المناسبة للخروج من إشكالاته؟ ألم يعلم هؤلاء أن الحل يكمن في السعي إلى إيجاد المرأة الكفؤة المخلصة في خضم هذا المعترك، والسعي إلى إيصالها لكي نبدد تلك المقولات، ولكي نسعى إلى كسر الحاجز النفسي التي أسرنا من خلاله إرادة المرأة وحققنا من خلاله أنانية الرجل الشرقي التي لا نهاية لها؟

لذلك لست متفائلة بالقراءة الأولية، ومن الآن أستشرف القول إن نصيب المرأة وسط هذا الجدل كله، وأقصد بذلك من خلال العملية الانتخابية وليس من خلال التزكية فقد وصلت أحدهن إلى المقعد النيابي، ودخلت عندها المرأة البحرينية البرلمان نائبةً، ولكن بالنسبة إلى الجانب الانتخابي أظن أنه رهان خاسر قد لا تصل المرأة إلى مواقع صنع القرار السياسي وفق المعطيات الحالية ولا عزاء لهن

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1522 - الأحد 05 نوفمبر 2006م الموافق 13 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً