العدد 1528 - السبت 11 نوفمبر 2006م الموافق 19 شوال 1427هـ

تبقى المرأة نصفاً!

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

يؤدي تكرار بعض الأمثال أحياناً إلى أن تفقد مع الزمن معناها، فلا يحمل ترديدها أية إضافة أو تأثير. كقول «المرأة نصف المجتمع»، إذ أصبح «كليشيه بايخ» يتندر به في المجالس، حتى صار البعض يتفادى ذكره باحثاً عن أقوال أخرى، تدعم المعنى نفسه، ولو بكلمات أخرى.

لا ذنب للمثل في تكراره، أو للفلسفة البيزنطية حول معناه، هل المرأة نصف المجتمع؟ من هو النصف الآخر إذاً، الرجل؟ وهل يمكن أن نقسم المجتمع أنصافاً وأرباعاً؟ وماذا عن الأطفال والشباب والشيوخ، أليس لهم جميعاً أنصاف أو أرباع من هذا المجتمع؟ كيف يمكن أن نحدد «حصة» فئة ما من المجتمع؟ وهل يمكننا أن نعتبر النساء « فئة» تدخل في إطار المجتمع؟ وهل الرجال «فئة» أخرى؟

لا إجابة لكل تلك الأسئلة في الواقع، أو ربما الإجابة المعقولة الوحيدة هي أن المجتمع ككل لا يتجزأ إلى أنصاف وأرباع. و لسنا في صدد مناقشة درس في علم الاجتماع، لكنها نقطة عارضة طرحت نفسها على خلفية ملف اليوم من «جهينة»، وهو «المرأة في البرامج الانتخابية»، من هي المرأة في هذه البرامج؟ أين هي،؟ كيف تم التعامل مع مشكلاتها؟ هل تعهدت تلك البرامج الانتخابية بمعالجة قضايا تخصها في المجلس التشريعي المقبل؟ أي قضايا؟ وإلى أي مدى؟

ليست أسئلة بيزنطية أخرى، إذ يمكن التوصل إلى بعض الإجابات عنها بنظرة فاحصة للبرامج الانتخابية التي عرضتها الجمعيات السياسية في خضم حملاتها الانتخابية، نظرة بسيطة دقيقة، ربما تفي بالغرض، أو ربما تدخلنا في متاهات جدل بيزنطي آخر.

لو اتبعنا المنهج «الكمي» يمكننا أن نقول إن قضايا المرأة بدت ظاهرة بشكل محدود جداً في تلك البرامج، لم تكن تلك القضايا ذات أولوية، لم تكن مثلاً بارزة كنقطة أولى أو ثانية أو حتى خامسة في البرامج إجمالاً، خصصت بعض البرامج معالجة قضايا المرأة في عدد من النقاط، أو في فصل كامل، أو محور في أحد الفصول، لكنها كانت دائماً غير ظاهرة كتوجه رئيسي للبرنامج، حتى لدى المترشحات النساء المستقلات أنفسهن.

هل هو توجه إيجابي أم سلبي؟ لسنا في معرض التقييم، وإنما في معرض الوصف، وللوصف ما يبرره أيضاً، فمثلاً «إهمال» المترشحات لقضايا المرأة في برامجهن الانتخابية أمر «طبيعي»، ابتعاداً عن التهمة الأزلية التي تلتصق بأية امرأة تريد أن تترشح لتصبح نائبة، إذ يلصق الجميع بها قضايا «المرأة والطفل» وكأنها المتحدث الرسمي باسمهم ولا تملك أية قدرة أخرى، هذا «الإهمال» طبيعي ومتعمد وهو رسالة تريد بها المترشحات أن تقلن للناخبين: «سأكون نائبة للجميع، وليس للنساء فقط».

الكتل السياسية المختلفة وعدد من الجمعيات السياسية لم تهمل المرأة أيضاً، وضعتها بنداً أو رقماً أو محوراً ضمن البرنامج، بقضايا اختلفت وتنوعت، لكنها ركزت على تعزيز حقوق المرأة، فصّل البعض هذه الحقوق وكيف سيدافع عنها، واكتفى البعض الآخر بعموميات، لكن المرأة لم تكن ذات أولوية أبداً.

كان برنامج جمعية «وعد» متقدماً عن غيره في هذا الخصوص، إذ خصص فصلاً كاملاً للحديث عن حقوق المرأة، وطرح رؤيته في التوصل إلى هذه الحقوق، وكان واضحاً ذلك الاهتمام بصياغة هذا الفصل، وإدراج كل القضايا «النسائية» فيه، بل وأدخل حقوق المرأة أيضاً ضمن قائمة الخمسة عشر قضية وطنية اعتبرتها الجمعية «كبرى».

«كانت المرأة حاضرة في أذهاننا عند صوغ البرنامج الانتخابي للجمعية، والبرنامج يمس المرأة كما يمس الرجل من صفحته الأولى إلى الأخيرة» هذا ما قاله الأمين العام لجمعية «الوفاق» الشيخ علي سلمان، رافضاً أن تفصل قضايا المرأة في نقاط، باعتبارها «نصف المجتمع»، ولكن مع ذلك وضعت بعض النقاط الخاصة بالمرأة في البرنامج، ولم توضع نقاط خاصة بالرجل مثلاً. تبقى المرأة نصفاً إذاً، حتى في البرامج الانتخابية

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 1528 - السبت 11 نوفمبر 2006م الموافق 19 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً