العدد 1560 - الأربعاء 13 ديسمبر 2006م الموافق 22 ذي القعدة 1427هـ

أمجلس أمن أم وزارة عمل؟

علي محمد جبر المسلم comments [at] alwasatnews.com

ثمة تشابه كبير بين ممارسات مجلس الأمن الذي تسيطر عليه الدول الخمس الكبرى، وتصدر من خلاله على الدول الأخرى قراراتها القسرية، وبين أي وزارة عمل في إحدى دول العالم دكتاتورية المنهج، التي لا تأخذ في الاعتبار المصلحة العامة للشعب، وإنما المصلحة الخاصة للحكومة. الدول الخمس الكبرى حولت مجلس الأمن الى وزارة عمل يعمل لصالحها فقط، من دون مراعاة للآخرين، فبدل أن يصون المجلس حرية وكرامة الدول غير الممثلة فيه، اعتبر حكوماتها وزارات عمل فرعية لها، وشعوبها عمالاً يجب أن يسخروا لخدمة مصالحها. وعلى تلك الدول تنفيذ ما يطلب منها من دون مناقشة أو مراعاة للمصلحة المحلية، وعلى رئيس كل دولة عدم الاعتراض وإلا تم ضده تحريك المواد الجزائية الخاصة بالإقالة أو النفي أو الحبس أو الإعدام.

الأمم المتحدة «الحكومة الجائرة» التي انبثق منها مجلس الأمن لحل القضايا المفصلية الشائكة التي تعصف بالعالم للحفاظ على السلام العالمي، تخلت تماماً عن جميع مبادئها المعلنة. فبدل أن تدرس قضايا الدول وتخطط لحلها بعناية ومنهجية أساسها العدل ووضع حد لقضايا الفقر والمرض والمشكلات السياسية الأخرى، انتهجت سياسات عمياء وسقتها «حلول الجمعة» الذي ليس فيه ومنه أي فائدة، اللهم الخسارة الزائدة من خسارة صلاة الجماعة.

الأمم المتحدة «الحكومة الجائرة» على رغم أن القائمين عليها هم من ذوي الاختصاص والخبرة، ويمتلكون أعلى درجات الفهم والعلم ومن المفترض أن يكونوا على أعلى مستوى الإدراك، أثبتوا من خلال قرارات مجلس الأمن أنهم أنانييون وفاشلون في مجال تطبيق العدل والمساواة، شأنهم في ذلك شأن أي وزارة عمل تسيطر عليها عصابات أصحاب المصالح في أحد بلدان العالم الثالث المتخلفة ثقافياً وفكرياً وعن المنهج الكوني العادل.

والآن ما الذي حققته هذه الحكومة الجائرة «الأمم المتحدة» منذ إنشائها وإنشاء مجلس الأمن؟ الأمم المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية لم تنجز شيئاً يستحق الإشادة به. لقد جعلت العالم أكثر ظلماً، إذ عملت بكل طاقاتها أو مهدت للدول الخمس الكبرى، إعادة تكريس الاستعمار من جديد على أكثر دول العالم. وأما ما قامت به من محاربة الفصل العنصري بجنوب إفريقيا فلا يعدو إلا ذراً للرماد في عيون الآخرين، لكون الأخير نداً لها، ولا تستفيد منه مطلقاً من الناحية المالية أو الاقتصادية والعسكرية.

بمعنى أن الأمم المتحدة ما هي إلا مصح لاقتصاد الدول الكبرى، إذ تشخص فيها حالاتها ومشكلاتها. ثم تعمل من خلال وزارة العمل «مجلس الأمن» التابع إليها على إنتاج القرارات اللازمة لإسعاف حالها واقتصادها أو صناعاتها المتعثرة.

بعدها يقوم فريق أطباء ذلك المصح بوضع برنامج ونمط العملية المطلوب إجراؤها على الدول الأخرى من خلال قوة عسكرية تسمى قوى دول التحالف أو الناتو تجهز بأحدث الأسلحة للبطش والإذلال وتفتيت وتفكيك الآخرين، لتتعافى هي من كل مشكلاتها، وبالتالي ضمان استمرار انتعاش مصالح سعادة تلك الدول الخمس على حساب الآخرين. هكذا هي استراتيجية الاستعمار القديم في ثوبه الجديد. نسألك اللهم اللطف بنا

إقرأ أيضا لـ "علي محمد جبر المسلم"

العدد 1560 - الأربعاء 13 ديسمبر 2006م الموافق 22 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً