العدد 3844 - السبت 16 مارس 2013م الموافق 04 جمادى الأولى 1434هـ

سـرطـان الـرئـة

التدخين والسمنة أكبر المسببات... اسـتـشـاري الأورام الـمـسـقـطــي:

كشف استشاري علاج الأورام والعلاج الكيميائي بمستشفى ابن النفيس الدكتور جلال المسقطي أن أكثر أنواع مرض السرطان المنتشرة بين البحرينيين الذكور هو سرطان الرئة بينما سرطان الثدي هو الأكثر انتشاراً لدى البحرينيات.

وعزا المسقطي خلال لقاء مع «الوسط الطبي» أكثر أسباب الإصابة بمرض السرطان في البحرين إلى «التدخين والسمنة»، مبيّناً أن «سرطان المثانة مرتبط بالتدخين غير أن كثيرين يجهلون ذلك».

وأشار استشاري علاج الأورام والعلاج الكيميائي إلى أن «العلاج المناعي والعلاج الموجه وكذلك العلاج بإغلاق الأوعية الدموية التي تغذي السرطان بالدم هي آخر تطورات علاج مرض السرطان»، موضحاً أن «هذه العلاجات تعالج مكان وجود الورم على خلاف العلاج الكيميائي الذي يؤثر على الجسم ككل ويؤثر على الأنسجة؛ بما يسير نحو السيطرة على خواص معينة للورم لإيقاف نموه وانتشاره حتى قتله»...

* ما هي أكثر أمراض الأورام (السرطان) انتشاراً في البحرين؟

- بناءً على الدراسات المختلفة ولسجل تسجيل الأورام الذي بدأ تدوينه في البحرين منذ تسعينات القرن الماضي، فإن النتائج تكشف أن نسبة الإصابة بالسرطان غير مرتفعة مقارنة بالعالم وأكثر الإصابات موجودة في المجتمعات الغربية بسبب نمط الحياة، ولكن المشكلة في البحرين تتزايد وهذا ما توضحه الأرقام.

ومن أكثر الأنواع انتشاراً حسب آخر الإحصاءات سرطان الرئة الذي يُعَد الأعلى بين الرجال بمعدل 35 حالة لكل 100 ألف شخص، في المرتبة الثانية يأتي سرطان المثانة وسرطان البروستاتا، أما بالنسبة للنساء فالشائع جداً هو سرطان الثدي، ومعدله يصل إلى 46 حالة لكل 100 ألف شخص وهو رقم مرتفع؛ حيث يُعتبَر أكثر أنواع السرطان انتشاراً على المستوى العالمي، إضافة إلى أن أورام الرئة موجودة في البحرين؛ بسبب انتشار التدخين بين النساء، علاوة على سرطان المبيض، في المقابل يوجد انخفاض في نسبة أورام عنق الرحم؛ نتيجة الفحوصات الدورية في المراكز الصحية، والتي تُجرَى بمعدل كل عام أو عامين.

* هل يمكن أن تتحول الأورام من حميدة إلى خبيثة؟

- المسببات مختلفة بين الحميد والخبيث، وفي بعض الأحيان يبدأ الورم حميداً ويتحول بعدها لخبيث، على سبيل المثال سرطان عنق الرحم عند النساء الذي يكون في البداية عبارة عن التهابات بسبب فايروسات معينة ومن ثم يتحول لتغيرات حميدة ومنها لخبيثة، فإنه في الغالب إما أن يبدأ حميداً أو خبيثاً، وهذا التغير في العادة غير وارد دائماً.

* هل مسببات السرطان عادةً ما تكون فايروسية أو هنالك أسباب أخرى؟

- لا، الأسباب مختلفة فالفايروسات مثلاً تسبب سرطان عنق الرحم والتهاب الكبد الوبائي، إضافة لفايروس نقص المناعة (الإيدز) الذي تنتج عنه العديد من الأورام بسبب قلة مناعة الجسم وقابلية الجسم لذلك، علاوة على المسببات الأخرى ومنها سرطان الرئة المرتبط بعادة التدخين، التي يتم خلالها تهييج الأنسجة بسبب تعرضها لأمواج من المواد السامة والمسرطنة، وهذا أحد الأسباب القوية، كذلك سرطان المثانة مرتبط بالتدخين وهذا قد يجهله كثيرون.

والأورام مرتبطة بعادات أصبحت عالمية، على غرار السمنة التي تُعتبَر مسبباً رئيسياً لسرطان القولون والثدي لدى النساء، مع وجود أسباب أخرى كالقابلية الوراثية بنسبة تتراوح بين 10% إلى 15% تكون لديهم القابلية لحدوث الأورام، في حين السابق كان الحديث عن موانع الحمل ولكن هذا الأمر لم يعد مؤثراً اليوم ونسبة حدوثه قليلة.

* ماذا عن نوعية الغذاء، في ظل الحديث عن المواد المسرطنة في العديد من الأنواع المعلبة؟

- بالطبع الغذاء له دور كبير ومؤثر في وجود الأورام، فالنوع والتركيب إضافة لنقص الألياف في الغذاء وزيادة معدلات اللحوم الحمراء والدهون وغيرها من أمور تؤدي إلى ظهور الأورام، ولكن في المقابل الهوس الكبير الذي يعتري البعض بشأن الأنواع المعلبة واحتوائها على مواد مسرطنة ليس علمياً، فهي ليست بهذه الخطورة، غير أنه كلما كان الطعام يحتوي على مكونات طبيعية وطازجة فإنه يكون أفضل. وفي وقت يدور الحديث حول المواد الحافظة في الأطعمة المعلبة واعتبار أنها مسرطنة فإن هذا الأمر غير موجود، وإن وجد فسيُوقَف المنتج من السوق من دون شك.

وفي الحقيقة هذا الأمر يعتمد على نمط الحياة، فعندما يتناول الشخص الأطعمة المعلبة والمحفوظة لفترات طويلة فإنها قد تسبب الأورام، ولكن هذا لا يقوم على نتيجة حتمية.

* ولكن مع وجود مختلف هذه المسببات هل يبقى التدخين المتهم الأول والمسبب الأكبر؟

- التدخيل مسبب رئيسي لأنواع معينة من السرطان، ولكن بالنسبة للمجتمع البحريني يُعتبَر المسبب الرئيسي بجانب السمنة؛ لكون سرطان الرئة النوع الأكثر انتشاراً في المجتمع بين الرجال، بينما يُعتبَر سرطان الثدي بين النساء الأكثر انتشاراً، والأمر يحتاج لجهود وقناعة لدى الناس لإيقاف هذه العادة السيئة، فعلى رغم التحذيرات التي تضعها شركات التبغ على العلب، إلا أن عدد المدخنين في تزايد، ولاسيما عادة تدخين الشيشة التي تُعتبَر لها خصوصية في مناطق معنية منها البحرين.

* تحدثنا عن الأورام لدى الرجال والنساء، فماذا عن الأطفال في البحرين؟

- على رغم وجود أنماط مختلفة من الأورام التي تصيب الأطفال، إلا أن الأرقام غير مرتفعة في البحرين مقارنة بالعالم، ومازالت محدودة، وبسبب طبيعة جسم الأطفال فإن أنواعاً معينة من الأورام يصاب بها الأطفال، سواءً في العين أو الكبد أو العظام، وهذا يكون نتيجة قابلية وراثية واختلال جينات معينة، في المقابل فإن العلاجات بالنسبة لأورام الأطفال مدهشة، ومع الكشف المبكر وقابلية الجسم لتحمل العلاج بشكل أكبر فذلك يساهم في الشفاء.

* ما هي أفضل طرق الوقاية من الأمراض والتي يمكن القيام بها حتى في المنزل؟

- ينبغي الأخذ في الاعتبار أن لكل فئة عمرية أنواعاً مختلفة من الأورام، وعموماً إن الطريقة الأفضل تكمن في وجود نمط حياة صحي مبني على نظام غذائي طبيعي غني بالخضراوات والفواكه فهي غنية بمواد تمنع ظهور الأورام، إلى جانب تجنب تناول الوجبات الدسمة واللحوم الحمراء بكثرة، إضافة إلى ضرورة الابتعاد عن الوجبات المملحة وهي عادة منتشرة في البحرين، والوجبات المدخنة التي لها دور على المدى البعيد كذلك.

إضافة للطعام، فإن التدخين له دور سلبي وكذلك الكحول التي يؤثر تناولها على الكبد والمريء، كما أن المحافظة على الوزن المثالي يقي الشخص من الإصابة بالأورام، والتي تأتي عبر ممارسة الرياضة وهي مهمة جداً، وبعيداً عن هذه الأمور توجد لقاحات اليوم تبعد الأورام.

* ما هو دور الفحص أو الكشف المبكر في الحد من الأورام والسرطان؟

- في الحقيقة، إن الكشف المبكر لا يمنع ظهور الأورام، ولكنه يحد من تطور المرض وتأثيره على حياة الانسان، فهو يتيح فرصة التعرف إلى المرض مبكراً وعلاجه بشكل أسهل وأسرع عبر إزالته، قبل أن يتفاقم، ولاسيما في ظل وجود قابلية الانتشار لدى الأورام الخبيثة، حينها تصبح مسألة إزالته صعبة، فيحتاج المريض لعلاجات عدة وليس لجراحة فقط، على غرار العلاجات الكيميائية والهرمونية التي تسبب أعراضاً جانبية وتكون مزعجة لغالبية المرضى، وفي النهاية قد تؤثر على حياة المريض.

* في ظل تطور العلم، هل مازال السرطان يُعتبَر مرضاً فتاكاً وقاتلاً؟

- مازال السرطان لغاية اليوم يُعتبَر مرضاً فتاكاً وقاتلاً، والأرقام من حيث الوفيات تبيّن أنه في المرتبة الثالثة على المستوى العالمي والمحلي، بعد أمراض القلب والحوادث.

* هل يمكن محاصرة مرض السرطان في حال انتشاره لإطالة حياة المريض؟

- يفضل دائماً عدم إهمال الأعراض عند الإحساس بها، وهذا يتم بزيارة الطبيب لاكتشاف المرض مبكراً، وهنالك بعض الأعراض التي تعطي إشارات على وجود مشكلة، كالكحة المزمنة أو تلك التي يرافقها وجود الدم، إضافة للهزال وفقدان الوزن والآلام في البطن والاصفرار في العين، وفي الحقيقة فإن بعض الأورام تستجيب استجابة كبيرة للعلاجات غير أن العلاج دائماً ما يكون جراحياً عبر الاستئصال، وكلما كان هذا في مراحل متقدمة فإنه يكون صعباً؛ لهذا نلجأ لأنواع أخرى من العلاجات، كالعلاج الكيميائي الذي يساهم في تقليص حجم الورم قبل إزالته جراحياً.

* لكونك طبيباً متخصصاً في الأورام، وطوال سنوات عدة في هذا المجال، لابد أنك قد مررت بلحظات صعبة مع المرضى وأهاليهم، فكيف إذن تتعامل مع هذه المواقف؟

- في الواقع، واجهت بعض الصعوبات في البداية مع ممارسة هذا المجال من الطب، في ظل عدم رغبة كثيرين في الحديث عن السرطان، فأحياناً أخضع لضغوطات كبيرة ليس من المريض ولكن من ذويه فهم يرفضون إخبار المريض بحالته، وهذا يشكل صعوبة في عدم التصريح له، خوفاً من تقبل المريض وأهله للمرض، وللسيطرة على ذلك فهو يعتمد على شخصية المريض وهذا ما يدفعني لدراسة شخصيته وحالته ومستواها التعليمي، وهذا يدخل فيه جانب من الطب النفسي، ودائماً ما أسعى إلى أن أكون صريحاً مع المريض بطريقة غير مزعجة لعدم التأثير على حياته، ومن المهم كذلك مشاركة المريض في رحلته العلاجية التي دائماً ما تأخذ وقتاً طويلاً.

* منذ عام 1997 وأنت تعمل استشارياً لطب الأورام، وعلى مدى 17 عاماً هل لاحظت تغيراً في تقبل المرضى لنبأ إصابتهم بالسرطان؟

- بالطبع قد تغير الأمر. في السابق كان هنالك جهل بالمرض، وكل الغريب أن المرضى الآن أصبحوا يتقبلون الحديث عن السرطان والاستفسار عنه، كما أن تطور التكنولوجيا ووسائل الإعلام أتاح أمامهم فرصة الاطلاع أكثر والتعرف إلى المرض وطرق علاجه الحديثة، بعيداً عن حالة الخوف الذي كان يسببه الجهل بالمرض في السابق.

* كيف يبدأ علاج المريض بالأورام، باختلاف أنواعه؟

- في البداية فإن علاج السرطان مختلف، فهو ليس مرضاً واحداً يصيب أجزاءً مختلفةً، بل هو أمراض مختلفة من الممكن أن تصيب أجزاءً عدة في الجسم، ولكل نوع له نمط وطبيعة مغايرة تحتم علاجاً مغايراً كذلك، والأهم مرحلة التشخيص للتعرف إليه، ومن ثم وضع خطة للعلاج، في المراحل المبكرة يكون العلاج بالتدخل الجراحي، وبعض الحالات تحتاج لأنماط مختلفة كالإشعاعية والكيميائية حتى بعد الجراحة، وفي حالات الأمراض المتقدمة يمكن السيطرة على المرض والحد منه.

* ما هي آخر تطورات علاج السرطان اليوم؟

- قد يكون العلاج المناعي آخر التطورات في هذا المجال، وهو قائم على العلاج بالأجسام المضادة، والعلاج الموجه كذلك وهو قائم على توجيه أجسام مضادة بشكل مباشر لمكان وجود الورم على خلاف العلاج الكيميائي الذي يؤثر على الجسم ككل ويؤثر على الأنسجة، ومن بين العلاجات الحديثة تلك التي تحاول السيطرة على خواص معينة للورم لإيقاف نموه وانتشاره حتى قتله عن طريق إغلاق الأوعية الدموية التي تغذيه بالدم.

* ومع تطور العلم وأنماط العلاج، هل باتت ثمة إمكانية للحفاظ على حياة المريض بالسرطان بشكل أكبر؟ وما هي النسبة الغالبة بين الوفاة والشفاء؟

- بالطبع دائماً ما يطمح الإنسان للشفاء الكامل، ولكن أثبتت الأيام وجود قابلية لعودة المرض، ومع تطور العلاج تغيرت الصورة بشكل كبير، وأصبحت هنالك قدرة على السيطرة على المرض والتخلص منه وإطالة الحياة فترة أطول دون ارتجاع المرض، وما استطيع قوله إن العلاجات لها دور كبير في تغيير نمط الإصابة والحياة في ظل وجود الأورام، والصورة تتغير كل يوم مع التطور المستمر، على سبيل المثال بعض المرضى لدي أمضوا أكثر من 12 عاماً وهم مصابون بالمرض ولكن تمكنا من السيطرة عليه، ليصبح السرطان مرضاً مزمناً وليست قاتلاً، على عكس السابق.

العدد 3844 - السبت 16 مارس 2013م الموافق 04 جمادى الأولى 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً