العدد 3848 - الأربعاء 20 مارس 2013م الموافق 08 جمادى الأولى 1434هـ

أمهات شهداء الربيع... عامكن سعيد

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

ربما من الصعب على المرء أحياناً أن يصدق أن ربيعاً ما، قد ينتج كل هذا اليباس والإصفرار والموت، ولكن حين يكون هذا الربيع مخاضاً لحقبة سياسية مختلفة، ترسم فيها الشعوب طريقها ومستقبلها، سيبدو الأمر شبه طبيعي خصوصاً إذا ما عرفنا أن أبطال هذا الربيع هم دول العالم العربي المنغمسة في أنظمة ديكتاتورية هدفها الأول هو المحافظة على كراسيها وامتيازاتها وأرباحها.

الربيع العربي الذي يمر على هذه البقعة من العالم خلّف الكثير من الثكالى، من الأمهات الفاقدات اللائي ما برحن ينتظرن عودة أبنائهن بمزيد من الحنين وشيء من اليأس، وكثير من الفخر الممزوج بمشاعر متناقضة تحمل الفرح والحزن في آن.

أمهات ما زلن يبحثن عن رائحة أبنائهن في كل من يمر على أبوابهن وكل من يبتسم لهن إجلالاً. وفي كل مناسبة يفتشن في وجوه من حولهن عن ملامح أبنائهن الذين جرفهم الربيع في برك الدم وهم ينتظرون ينابيع الكرامة.

هنا أمٌ نسيت ثوب ابنها معلقاً على مشجب العيد، لم يدنسه غبار أو بقعة لون من قطعة كعكة سقطت عليه صباح العيد على غفلة من فرحه، في حين عاد لها هذا الابن بعد أن فرغ من صلاته مضرجاً بدمه بفك متحطم ورقبة مهشمة.

هناك أمٌ أعياها انتظار طفلها الذي ذهب للعب كرة القدم بالقرب من منزله مع أقرانه، وحذاؤه يبحث عمن يربط خيوطه، فيربط معها قيوداً على أيدي القتلة، قبل أن يتوزع الدم شراباً في ردهات المحاكم التي تناست القاتل وبحثت عن المقتول.

أمهات دفن أجنتهن قبل أن يهدينهن هديتهن الأولى في عيد الأم، وقبل أن يخطن لهم ثوب المدرسة الأول، ويطهين كعكة عيد ميلادهم الأول.

في عيد الأم، يختار الربيع أزهاره الأكثر شذى، والأنصع بياضاً، ليهديها لتلك الأمهات اللاتي مازلن يتحسسن أحضان أمومتهن بحثاً عن أبنائهن الذين تركوا لعبهم، وتركوا أطفالهم وزوجاتهم، وتركوا أحلامهم معلّقةً على سياج الجنائن، وآمالهم تنتظر من يبذرها لتزهر في الربيع القادم.

في عيد الأم، يخطئ معلم بذكر اسم طفل اقتسم مصروفه الشخصي ليفاجئ أمه بهديتها كباقي التلاميذ، كما يفعل كل عام، قبل أن يختطفه الموت ذات مسيرة سلمية، فيتلعثم المعلم عند قراءة اسمه قبل أن يضع الهدية جانباً، وهو يتنهد: صبرك الله يا أمه.

في عيد الأم، كل أمهات الشهداء، هن في الواقع أمهات الربيع، أمهات الشعوب، أمهات النصر، يخطن من صبرهن ملحمات لا تكتب إلا بحبر الفخر، ومن جَلَدهن يوزعن سكاكر الفرح.

في عيد الأم وفي كل يوم، نقول لأمهاتنا: كل عام وأنتن مدرسة من كفاح، وشموع لا تحترق إلا لتنير الأوطان، كل عام وأبناؤكن منارات تهدينا لطريق السلام.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3848 - الأربعاء 20 مارس 2013م الموافق 08 جمادى الأولى 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 4:42 م

      الى صديقي وأخي العزيز الشهيد عبد الكريم فخراوي .. هنيئاً لك وسام الشهادة الرفيع .. .. صديقك : عبد الهادي الركابي / جامعة البصرة

    • زائر 12 | 4:51 ص

      عيد سعيد

      كل عام وكل أمرأة بخير وأخص بها المرأة البحرينية وهنيئا لك الشهادة يا بهية العرادي إلى جنة الخلد

    • زائر 11 | 4:35 ص

      الشهيد البطل الحر

      حسين علي احمد الجزيري رحمة الله واسكنة فسيح جناتة اهداها احلى باقة في عيدها ويمكن اخذ الصورة موجودة لديهم ابوة وامة فهنيئاً لكم يااهل الشهداء في عيد الام وهنيئاً للاحرار والشرفاء في وطني

    • زائر 10 | 4:32 ص

      نبارك لجميع امهات العالم الحر فقط

      انتم يامن بذلتم الغالي والرخيص لوطنكم كما اهدى الشهيد البطل روحه للوطن اهدى امه اغلي باقات الزهوري في يوم عيدها فقد قسيتم بقتلكم طفلها فيارب خذلها حقها من القاتلي ولاتزئف بة لانة لم يرئف لحال امة في عيدها

    • زائر 9 | 4:23 ص

      شموع الحرية شكرا لكم

      سَلامٌ مِنَ الله تَعالى يَحْتَضِنَ طُهْرَ فُؤادِكُم ، وَ يُصافِحَ كُفوفَ بَنانِكُم ، وَ يَهْديكُم ابْتِسامَة فَخْرٍ منْ شِفاهِ شُهَدائنا الأبرار ...فتحيّة إكبار وإجلال لشُهَدائنا العظام جاء الحادي والعشرين من شهر مارس ليبشر بربيع ترتدي فيه الأرض ثوبا أخضر ويعبر الأبناء عن حبهم للأم بباقة وردٍ أو هدية رمزية لكن عيد الأم هذا يطل وقد غيب فلذة كبدي ( علي ) ملاك الجنة فها أنذا أترقب طيف ولدي يحنو علي ويقبل وجنتي ويدي قائلا : أحبك يا أمي وكل عام وانت بخير هنيئا لعلي ورفاقه وشكرا لصحفيتنا القديرة

    • زائر 6 | 2:50 ص

      عيد

      ليتك ياعيد لا تكون عيدا وهذه امهات الشهداء الثكلا .تصبح وتمسى وهى فى حرقة وتبكى ليلها ونهارها على احبتها من كان يسليها ويفرحها .

    • زائر 5 | 2:03 ص

      وكل عام وانت بخير

      كل عام وانت بخير اختنا سوسنة الماء بمناسبة عيد ميلادك اليوم الذي يصادف يوم عيد الام ويوم الشعر العالمي ويوم القضاء على العنصرية. لانك مميزة ولدت في هذا اليوم .
      شكرا على المقال الرائع بقلمك المتميز

    • زائر 4 | 1:36 ص

      تحية لأم الشهيد ...كل الشهداء السعداء وتاج الرأس...

      ******* أماه ......
      أي عيدٍ قد أتى بالألم....زُينّت روحي بقانٍ من دمي
      وغدت تفخرو في دار الجنانْ...وبقى الّدم كحبر القلم
      رسموا بالدمّ درب الإنتصار...وبه يعلو ويخفق علمي
      -الماحوزي-

    • زائر 3 | 1:17 ص

      هنيئا

      هنيئا لأمهات شهداء البحرين الأحرار

    • زائر 2 | 1:14 ص

      شهداء البحرين ...الفخر والعزة ...

      الى امهات الشهداء السعداء ...
      علي مشيمع
      البداح
      الشيخ
      سيد شمس
      سيد هاشم
      علي عباس
      الحداد
      ابناء الجزيري
      الموالي
      فرحان
      ابو تاكي
      والقائمة تطول
      امهات الاجنة
      امهات الرضع
      فدك
      حوراء
      ساجدة

      الى امهاتكم فخرا وعزة وتربية على خلق حميدة وحب الوطن ...
      مبارك امهات الشهداء ...

    • زائر 1 | 12:41 ص

      عيد الأم

      هنيئاً لأمهات شهداء مصر الأحرار
      هنيئاً لأمهات شهداء ليبيا الأحرار
      هنيئاً لأمهات شهداء تونس الأحرار
      هنيئاً لأمهات شهداء اليمن الأحرار
      هنيئاً لأمهات شهداءسوريا الأحرار

    • زائر 7 زائر 1 | 3:00 ص

      يادافع البلى

      الله يساعدك على هالروح الخايسة
      مو محتاجين لامثالك امهات شهداء البحرين الابطال لهم العزة والشرف والجنة وارفعهولك ولامثالك الخزي والعار
      وهنيئا لكل ام شهيد حر على حق في اي مكان في العالم

    • زائر 8 زائر 1 | 4:23 ص

      شهداء البحرين

      وقل للشامتين بنا أفيقوا ... سيلقى الشامتون كما لقينا

اقرأ ايضاً