العدد 1534 - الجمعة 17 نوفمبر 2006م الموافق 25 شوال 1427هـ

الوعي الانتخابي

فوزية مطر comments [at] alwasatnews.com

تحمل الانتخابات مؤشرات على مستوى وعي وفهم المترشحين وبالقدر ذاته مستوى الناخبين. ولقد منحتنا أجواء الانتخابات الجارية في البحرين تلك المؤشرات التي أمكن استقراؤها مما يطرحه المترشحون من برامج ومن وعود، وبالمقابل ما يتداوله الناخبون من آراء هي خليط من إحباط بشأن التجربة السابقة 2002 وردات فعل - غير واعية لدى الكثيرين - على ما يطرحه المترشحون من برامج ووعود.

الأساس في كل ذلك هو نقص الوعي من طرفي المعادلة/ المترشحين والناخبين. فعدد ليس بقليل من المترشحين وأعداد غفيرة من الناخبين يخلطون بين مهمات وصلاحيات جهات ثلاث: السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والمجالس البلدية. فالسلطة التشريعية (الغرفة المنتخبة بالأساس) يتركز دورها في التشريع والرقابة على عمل السلطة التنفيذية ووضع السياسات واتخاذ القرارات المصيرية المتعلقة بإدارة المجتمع.

والسلطة التنفيذية ممثلة في الحكومة ووزاراتها فدورها هو العمل على تنفيذ التشريعات وبرامج العمل والسياسات التي تقرها السلطة التشريعية. ويكون ذلك من خلال الخدمات التي تقدمها الوزارات للمواطنين من خدمات إسكانية وصحية وتعليمية ومعيشية (كهرباء، ماء، بلديات) وخدمات اجتماعية وأمنية ودفاعية وإعلامية الخ... أما المجالس البلدية ففي تعريفها العام المتداول عالميا هي هيئات منتخبة تملك صلاحيات الحكم المحلي للمناطق في ارتباط وتنسيق مع السلطة العليا للدولة.غير أن المجالس البلدية في التجربة البحرينية هي هيئات خدمية منتخبة تقترح ( في معظم صلاحياتها) تقديم خدمات للمناطق السكنية في مجالات متعددة كالبيئة، التعليم، الشباب، النظافة، الصحة العامة، الشوارع والطرق والمرافق العامة.

طروحات ليس قليل من المترشحين في برامجهم الانتخابية وشعاراتهم ومحاضراتهم ولقاءاتهم تنم عن عدم تمييز المترشح بين صلاحيات الجهات الثلاث السالفة الذكر، ما يؤدي إلى تقاطعات بين الصلاحيات المطروحة. والسؤال هنا هو: كيف يسمح شخص لنفسه أن يترشح لتمثيل المواطنين قبل أن يلم بصلاحياته في مجال تمثيلهم؟ إقدام شخص من هذا النوع على الترشح جريمة لا يحاسب عليها القانون، لكن سيحاسب عليها التاريخ والوطن والمواطن يوماً ما. عدم وعي المترشح وخلطه بين الصلاحيات المناطة به يربك الناخب خصوصاً أن كان ممن لا يملك الوعي المتطلب في هذا الشأن. وفي مجتمع يلج لتوه بوابة الحياة الديمقراطية، فإن نقص الوعي اللازم للممارسة الديمقراطية هو السائد لدى أعداد كبيرة من المواطنين.

ولقد لعبت وتلعب عوامل كثيرة في نقص وعي المواطن بل وفي تغييب وعيه. فتجربة المجلس النيابي والمجالس البلدية 2002 كان لها نصيب في تشويش وعي الناس والحد من إمكانية تكوينهم فهم صائب. فقد خلط عديد من النواب وأعضاء المجالس البلدية في الأربع سنوات الفائتة بين الصلاحيات وتحول عدد من النواب إلى الجانب الخدمي البعيد عن صلاحياتهم. كما تحول بعض أعضاء المجالس البلدية لمهام الوزارات التنفيذية، بل صارع بعضهم طواحين الهواء في ظل قانون لا يجيز لهم سوى تقديم الاقتراحات دون اتخاذ القرارات.

ومن صوبها أسهمت الجهة الإعلامية الرسمية في تغييب وعي المواطن، فلم تسع - منذ تدشين عهد الإصلاح - لتقديم خدمات إعلامية شاملة ومتواصلة تسهم في توعية انتخابية عامة تصل لكافة الناس. وعلى كلٍ فهو عيب كل وسائل الإعلام الرسمي الخليجي التي بإمكانها أن تجند بثها التلفزيوني والإذاعي لحدث مثل الانتخابات الأمريكية أو الانتخابات في أي منطقة عربية أخرى، بينما تغض الطرف أو تتعامى عن حدث انتخابي يجري في دارها وبين ظهرانيها. ولا نعفي - في مجال التوعية - مؤسسات المجتمع المدني التي ظلت تمارس عملا توعويا نخبويا مغلقا - إن لم نقل ترفا فكريا - يجتر ذاته في إطار عدد محدود من النخب التي يتكرر ارتيادها لهذا النوع من الفعاليات وهي بالأصل ليست بحاجتها.

وبالنتيجة فالمواطن المكتوي بصعوبات معيشية شتى، والذي يخلط بين مهام وصلاحيات كل مؤسسة، والذي لا يجد من يقدم له الخدمات التوعوية اللازمة، يتوه منتظرا من أي من هذه المؤسسات أن تجلب له المن والسلوى بين ليلة وضحاها وتنتشله من صعوباته. هذا المواطن لا يُفترض اليوم أن يُلام حينما يحجم عن ممارسة حقه وواجبه الانتخابي مرددا: لن أصوّت لأحد فمن صوّت له في المرة السابقة لم يفعل لأجلي شيئا. امنحوا المواطن حقه من التوعية الانتخابية الحقيقية وستجدون كيف سيمارس حقه وواجبه الانتخابي بغير إحباط وخيبة بل بوعي وعزم ومسئولية

إقرأ أيضا لـ "فوزية مطر"

العدد 1534 - الجمعة 17 نوفمبر 2006م الموافق 25 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً