العدد 1538 - الثلثاء 21 نوفمبر 2006م الموافق 29 شوال 1427هـ

«فاوست»

هشام عبدالرحمن خليفة comments [at] alwasatnews.com

حكاية «فاوست»؛ خصوصاً كما سردها الفيلسوف الألماني «جيرتا»، ربما من أشهر الحكايات التي تتضمن معنى الإنسانية بما فيها من حب وأمل وماضٍ ومستقبل وإنقاذ الذات. باختصار، هي تسرد قصة رجل متعلم يدعى «فاوست» والذي بادر في البحث عن المعنى الحقيقي للحياة. في مساره للبحث عن ذلك المعنى، سلك «فاوست» طريق الظلمات حيث عقد صفقة مع «مفستوفيلس» أو الشيطان. في الصفقة يخدم ويلبي «مفستوفيلس» طلبات «فاوست» مدى الحياة، ولكن في حالة حصول «فاوست» على «قمة السعادة الإنسانية» يمكن لـ»مفستوفيلس» أن يمتلك روح «فاوست».

يصل «فاوست» إلى قمة السعادة، ولكن عندما يحاول «مفستوفيلس» بامتلاك روح «فاوست» وهو يموت لا يتمكن. فيحرق شغف حب «فاوست» «ميفستوفيلس» ويدمره. «فاوست» يحظى بالجنة في نهاية مطافه على رغم سلك الطريق الخطأ، ففي تعطشه للعلم والمعرفة أخطأ ولكن لا بأس، فمن يسعى إلى الحقيقة والمعرفة والعلم قد يتعثر ويخطأ ويسيء. لكن ما دام كان متمكناً من عدم فقدان ذاته وإيجادها مرة أخرى عبر الحب والإيمان فبإمكانه الخلاص.

قصة «فاوست» قد تبدو خارج إطار المال والأعمال، لكن في الواقع هي متواجدة في كل جانب من أعمالنا اليومية. فـ «فاوست» فيها المظاهر، التبجح، الطمع، الكراهية، الحقد، الخير والشر. وإذا لم نعترف بأن تلك الأمور هي واقع من حياتنا المالية والعملية يومياً، فلن نخدع أحداً سوى أنفسنا.

وفي «فاوست» أيضاً الأمل والخلاص وطبعاً الحب. ولا شيء أجمل في الوجود من أن يكون الإنسان محباً، متفاهماً ومتسامحاً. فهذه صفات لا تقتصر على الفقراء، الضعفاء, المتعلمين أو نوع خاص من الناس. فهي صفات شاملة للجميع، ولا أحداً يملكها كما لا يملك أحداً تفكيرك ولا قلبك إلا أنت. فإذاً، قد نسلك مسارنا الخاص في الحياة والعمل، وقد نخطئ أحياناً ونصيب أحياناً. لكن على رغم ضعفنا في بعض الأحيان، فلا يصعب علينا أن نستعيد روحنا وذاتنا إذا تمسكنا بما هو يستحق الحب. فمن ترى يستحق الحب؟ أنت. ولا شيء يمنعك من أن تستحقه عبر تثبيت قدميك على عقيدة مبنية على الاستقامة، الصدق والإخلاص.

في النهاية، حياتك في يدك، حتى إذا بدت لك بأنها ليست كذلك. وإذا وجدت نفسك مخطئاً، اعترف. وإذا وجدت نفسك ناجحاً، تواضع وتسامح مع من أخطأ معك. فلا عليك من الكبرياء أمام الصدق. فالكرامة ليست بالكبرياء ولا التبجح ولا حتى الأموال. الكرامة هي بالصدق. بأن تكون صادقاً مع من حولك ومن جنبك ومن ورائك. بأن تكون أولاً و أخيراً صادقاً مع نفسك والله ولي التوفيق

العدد 1538 - الثلثاء 21 نوفمبر 2006م الموافق 29 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً