العدد 1540 - الخميس 23 نوفمبر 2006م الموافق 02 ذي القعدة 1427هـ

المرأة والمشاركة في الحياة العامة والنضال السياسي

هدى رياض آل رحمه comments [at] alwasatnews.com

نائبة رئيسة جمعية المستقبل النسائية 2006

لا يختلف دور المرأة عن دور الرجل في بناء الأمة ونهضتها، فالأعمال الفكرية والقدرات التحليلية والمشاركة السياسية لا تحتاج الى قوة عضلية لا يتوافر عليها إلا الرجل، وليس هناك ما يمنع المرأة من المشاركة العامة لأنها تعتمد على مستوى التفكير وليس قوة العضلات، ولا يمكن قصرها على جنس دون آخر، بل لابد أن يكون لكل جنس حضوره ومشاركته لأن المجتمع يقوم عليهما جميعاً. ولا شك أن للمرأة حاجات ومتطلبات هي أعرف بها من شقيقها الرجل، ولا حاجة الى أن يتحدث هو عنها ما دامت قادرة على الحديث والدفاع عنها، وكرمها الله بمثل ما كرم به الرجل، وجعل مقياس العمل هو التقوى، وسمح للرجل والمرأة بالعمل والتفاعل مع المجتمع شريطة الالتزام بالمبدأ، وحثهما على المشاركة في بناء المجتمع ونهضته، وخاطبهما جميعاً بخطاب واحد، قال تعالى: «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم» (التوبة: 71). ووعدهما بوعد واحد صادق دون تفريق في العمل والأجر. من هذه النصوص القرآنية الكريمة ومن الأحاديث الشريفة يتضح عنصر المساواة بين الرجل والمرأة، بما فيها ما يتعلق بالمشاركة العامة سواء في مباشرة العمل السياسي أو في تفويض الرجل للعمل السياسي وللمرأة حرية الرأي ما دامت ملتزمة بأمور دينها، ولها أن تصوت لنفسها أو تمنح صوتها لغيرها رجلاً كان أم امرأة. فلقد بايع النساء الرسول (ص) على العمل والجهاد والنصرة والدفاع عن الحقوق العامة، وكان للكثيرات من النساء أثرهن في نهضة الإسلام وقوته وبقائه، ولعبن أدواراً في الاستشارة والنصيحة والتعليم والتوجيه، وكان لبعضهن الدواوين والمجالس الفكرية والأدبية والسياسية.

ولئن كانت العادات والموروثات المجتمعية حجّمت المرأة وقصرت أدوارها على أعمال هامشية أو مهنية بسيطة أو وظائف ذات بعد بيولوجي وتجنيبها الأعمال الفكرية والسياسية، وتمادى البعض في قصر تحركها على بيتها، فإن ذلك لا يعدو اجتهاداً قاصراً عن معرفة المباح لها شرعياً. ولنا في موقف الرسول وأهل بيته وصحابته من المرأة أكبر الشواهد وأروعها، فمن المواقف المشرفة ما سمح لها الإسلام بإجارة الغريب المشرك المظلوم فقد أجارت أم هاني بنت أبي طالب، رجلين من المشركين من أحمائها كانا أسيرين، فأجاز الرسول جوارها قائلاً: «أجرنا من أجرت وأمنا من أمنت يا أم هاني»، وهو ما أعطاها مقام الحاضنة للجوء السياسي وهو من أكبر المهمات، ولقد كان الرسول (ص) يستشير زوجته خديجة في الكثير من الأمور، حتى قال فيها (ص): «فقد آمنت بي إذ كفرني الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس وواستني بمالها إذ حرمني الناس». وكانت للمرأة مواقفها النضالية، فكانت سمية أم عمار بن ياسر أول شهيدة في الإسلام، وكانت زوجات الرسول، أم سلمة وعائشة وحفصة، يشاركن في عدة أدوار سياسية تقوي من مواقف المسلمين، وتبصر الكثير منهن أساليب الحوار والمجادلة مع الرسول، وكانت للسيدة فاطمة بنت رسول الله وزينب حفيدته الدور النضالي البارز في الدفاع عن الحق وسط المحافل الرجالية في مواجهة الحكام، ولم يخدش ذلك من عفتهن وكرامتهن، بل زادهن شرفاً وقوة وخلوداً حتى عدّت زينب بطلة كربلاء بحق. بل كانت بعض النساء يغزين مع الرجال في صدر الإسلام، وكانت لهن استشارات ومواقف حفظت الدين والمسيرة النضالية في الإسلام. فإن كانت هناك آراء تقلل من شأن المرأة ودورها السياسي فإن ذلك يرجع إلى قصور في الفهم وحاجة إلى تغيير الواقع وضرورة التوعية للمرأة بحقوقها وكبح لجماح الرجل من أجل ابتزاز حقوقها والسيطرة عليها. فعزة المرأة وكرامتها في إسلامها وعفتها ونضالها وفق الرؤية الإسلامية الشاملة

إقرأ أيضا لـ "هدى رياض آل رحمه"

العدد 1540 - الخميس 23 نوفمبر 2006م الموافق 02 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً