العدد 1545 - الثلثاء 28 نوفمبر 2006م الموافق 07 ذي القعدة 1427هـ

«وعد» ضرورة «برلمانية»

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

مرةً أخرى، لا أخفي انتقادي «الوفاق» لأنها تركت حلفاءها «الوطنيين» يخوضون معترك الإنتخابات في دوائر غير مضمونة، أمام خصومٍ شرسين، لم يمنعهم اللباس الديني الذي يرتدونه من استخدام أساليب الرشوة والتشهير بالأعراض في سبيل الإطاحة بالمنافسين.

ربما يتفق الكثيرون مع الرأي القائل بأهمية وجود «وعد» في البرلمان بالنسبة للوفاق، لئلا يتم الاستفراد بها و«تصفيتها» بالطرق الدبلوماسية «الهادئة»، فالبرلمان بتركيبته الجديدة يعكس حالةً من الاصطفاف الطائفي، مهما كانت هذه الحقيقة صعبة على القبول. فما جرى أثناء الحملات الانتخابية يُنذر بما يُخطّط له البعض من «إثارات» طائفية للتغطية على ضعف برامجهم وقلة انجازاتهم وسلبية مواقفهم السابقة. ومهما كانت سخونة الأجواء الانتخابية، فإن ذلك لا يبرّر للخطباء اتباع سياسة الاستنفار الطائفي، وقذف المواطنين الآخرين في شرفهم ودينهم. ومن الواضح ان بعض المترشّحين تصرّفوا بنفسية الموتورين، وهو إنذارٌ باستمرار نهج الحقن الطائفي وتوتير الأجواء الذي انعكس على الشارع بلبلةً واحتقاناً.

وأعتقد ان الحقن المتعمّد الذي جرى داخل البرلمان، كان من أكبر عوامل زيادة المترشّحين من فئة رجال الدين (الشيعة)، بما يفوق كثيراً نسبتهم العددية بالنسبة لبقية الفئات في المجتمع، فالقاعدة ان لكل فعلٍ رد فعل، وكل نفيرٍ يقابله استنفار.

من هنا فإن أكبر ما نخشاه أن يتحوّل البرلمان إلى مصيدةٍ للصدام الطائفي، تُستدرج إليها «الوفاق» لقطع الطريق على أي تناولٍ للقضايا الوطنية المهمة، و«إشغالها» بقضايا «التاريخ»، بدل «اشتغالها» بقضايا الجغرافيا والمال العام وتوزيع الثروة والحقوق العامة. وبعد أن قبلت المعارضة الدعوة لنقل قضاياها من الشارع إلى البرلمان، والقبول بقواعد اللعبة على رغم كل «المنغصات»، فإن هذا السيناريو سيعمل بالاتجاه المعاكس، وهو تصدير الاحتقان من البرلمان إلى الشارع.

هنا تكمن أهمية دخول «وعد» إلى البرلمان، ليس كقوةٍ داعمةٍ للوفاق، وفق حسابات المعارضة، بل كـ «صمّام أمان» للوضع السياسي العام، وخلق نوعٍ من التوازن الذي يحفظ التجربة من العثرات، إذا كان هذا ما يطمح إليه الحكم، وفق ما يقتضيه التفكير السليم، والسياسة الحكيمة. ما يحصل على أرض الواقع هو أن هناك حساباتٍ أخرى، قد يفسّرها ما حصل مع منيرة فخرو. فعلى رغم كل المؤشرات على فوزها حتى الساعة الثالثة من فجر الأحد، حتى نشرت الصحف صباحاً صورتها كفائزة، إلاّ أن المراكز العامة، «مخرج الطوارئ» الاستراتيجي الجاهز لتعديل المعادلات الديمقراطية، أخرجتها نهائياً من الميدان بعد ست ساعات فقط، وحرمتها حتى من الدور الثاني، ما يؤكد وجود نظرةٍ يراد ترسيخها بأن المعارضة طائفيةٌ خاصة وليست وطنيةً عامة، وان كل ما يجري مجرد مناكفات من أبناء طائفةٍ ما ليس إلاّ، وليس خلافات سياسيةً كبيرة على ملفاتٍ وطنيةٍ كبرى تبحث عن علاج منذ عقود، وفي مقدمتها قضايا المال العام، وسيادة القانون والحريات العامة...

قضية فخرو توضح أن الطرف الآخر سيستقتل من أجل إيصال «رفاقه» و«حلفائه»، والبركة في الصناديق العامة! والمنتظر من الوفاق ألاّ تكون أقل وفاءً لـ«رفاقها» حلفائها، بعد هذا المخاض الطويل. فهل يشهد المراقبون نزول أطقم عملها الميدانية لدعم مترشحي «وعد»، فلم يبق من نهاية المباراة إلاّ ثلاثة أيام.

عطني خدك!

جميلٌ أن تلتفت «الوفاق» إلى جماهيرها مع بداية الفوز، فتنشر إعلاناً ملوّناً يشيد بموقف الوفاء، وأجمل ما في الإعلان الإلماع إلى «كتلة الوفاق الموحدة». وهي تسميةٌ سياسيةٌ درجة أولى، لن يتمكن حتى الخصم من الاعتراض عليها، على خلاف إقحام «الإيمان» و«التقوى» الذي يثير جدالاً لن ينتهي إلاّ يوم القيامة. ألا يمكن «تجويد» الأداء قبل ارتكاب الأخطاء حتى على مستوى اختيار التسميات والمصطلحات؟?

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1545 - الثلثاء 28 نوفمبر 2006م الموافق 07 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً