العدد 3862 - الأربعاء 03 أبريل 2013م الموافق 22 جمادى الأولى 1434هـ

الليبراليون المزيّفون... البحرين نموذجاً

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

من أفضل إبداعات الإنسان الفنان هو فن الكاريكاتير، وأحد تجليات فن الكاريكاتير إظهار شخص على حقيقته الفاقعة خلافاً لما هو معروف عنه بعد أن تزين بالمكياج بمعناه الحرفي أو المجازي، أي خلافاً للصورة الجذابة التي يسوّقها له أرباب العلاقات العامة.

وبالفعل فإن المرء سيصدم عندما يتصفح موقعاً إلكترونياً لجماعةٍ أطلقت على نفسها اسم «ليبراليون بحرينيون». ويعتقد المرء أنه موقعٌ لليبراليين حقوقيين، لكن الوضع مختلف تماماً، فالبحرينيون يعرفون الليبراليين من خلال الحزب الليبرالي البريطاني، الذي مثّله خير تمثيل اللورد ايفبري، والذي ترأس لجنة حقوق الإنسان المختلطة للبرلمان البريطاني بغرفتيه النواب واللوردات، وتبنى قضايا نضال الشعوب من أجل حريتها، وقضايا حقوق الإنسان في كل مكان، ومنها البحرين، منذ الستينيات ولايزال. كما عرفوها من خلال مواقف كتلة الأحزاب الليبراليين في البرلمان الأوروبي، التي كانت سباقةً في تبنّي قضية شعب البحرين.

لكنه عندما يتصفّح موقع «الليبراليين البحرينيين»، سيصاب بالذهول وهو يتابع المقالات للعديد من الكتاب والصحافيين، بحرينيين وأجانب، بعضهم معروف وبعضهم مجهول الهوية. فموقع «الليبراليين البحرينيين»، موقع «متعوب عليه» وجذاب واحترافي، وهو باللغة الإنجليزية حيث أن بعض المواضيع مكتوبة الأصل بالعربية، لكنها تترجم بشكل جيد ولغة إنجليزية سليمة. ومع تواتر مقالات موقع «ليبراليون بحرينيون»، بدأت تتكشف حقيقة هؤلاء «الليبراليين البحرينيين» الزائفة في التمظهر بمظهر الليبرالية فكراً وتحليلاً.

ومع تعدد المذاهب الليبرالية الفكرية وهو ما يعنينا هنا، فإنها تعتبر الحرية الشخصية والحرية الاجتماعية والحرية الاقتصادية، قاعدة المثلث الذهبية. وفي الحالة البحرينية، فإن هذه من المتطلبات الأساسية التي تنادي بها المعارضة الديمقراطية ومعها تيار واسع من المواطنين. وهذه المطالب تتم في ظل وضع سياسي يصادر الحريات الشخصية والاجتماعية، ويحتكر النشاط الاقتصادي، بحيث أضحت الحرية الاقتصادية مجرد شعار لا يصمد أمام الواقع.

لكننا وعندما نحلل بدقة، أطروحات «الليبراليين البحرينيين»، فإنها في المحصلة تستهدف إظهار الوضع الاستبدادي الحالي بأنه دولة مدنية ديمقراطية بها بعض الثغرات والعيوب التي يمكن تصحيحها من داخل النظام وآلياته المعروفة، وفي مقدمتها السلطة التشريعية بغرفتيها، وهو وهمٌ تأكد تهافته كما يرى الكثيرون.

وبالمقابل فإن هؤلاء «الليبراليين» المزيّفين لا يتورعون عن وصم المعارضة وكل من ينتقد السلطة بأنهم ثيوقراطيون، رجعيون، متخلفون، وطائفيون. وفي إطار حملة الكراهية المنظّمة، فإنهم تناولوا بالتشويه جمعية «الوفاق الوطني الإسلامية» بشكل خاص، وجمعيات معارضة أخرى مثل «جمعية العمل الإسلامي»، و»حركة أحرار البحرين»، إضافةً إلى العدو الدائم «حزب الله»! كما تناولوا بالتشويه القيادات الدينية والحقوقية البارزة مثل الشيخ عيسى قاسم والشيخ علي سلمان والسيد عبدالهادي الخواجة، مستندين إلى أقوال ووقائع انتزعت من سياقها، ليصموا هؤلاء وغيرهم بالطائفية والرجعية والتخلف والتبعية. بالمقابل لم يتناولوا أياً من الشخصيات السياسية الرسمية والدينية والمجتمعية الموالية بأي نقد.

نحن نفهم أن يكون هناك موقف لليبراليين البحرينيين تجاه جوانب من برامج المنظمات الإسلامية المعارضة والقيادات الدينية الإسلامية، وقضايا الحريات الشخصية والاجتماعية، لكننا في مرحلة تتميّز بكون الدولة هي القامع للحريات بمختلف أشكالها وتجلياتها، وأن هناك تحالفاً عريضاً بين مختلف القوى الدينية والعلمانية، بالنضال من أجل الإصلاح السياسي الشامل للوصول إلى الدولة المدنية الديمقراطية، وضمن هذا التحالف شخصيات مستقلة ليبرالية معروفة من المثقفين والأكاديميين والتجار ورجال الدين وغيرهم.

إذاً فإذا كان الليبراليون البحرينيين، صادقين فعلاً في دعوتهم وليسوا من جماعة «الريموت كنترول»، فليضموا صوتهم إلى صوت قوى التغيير، مع حقهم في نقد أي تنظيم أو شخصية، وليكن معيارهم الحرية وليس الموالاة.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 3862 - الأربعاء 03 أبريل 2013م الموافق 22 جمادى الأولى 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 8:03 ص

      هم اشباه رجال

      سلمت ابو منصور على هذا التوضيح هؤلاء ليس الا اشباه رجال

    • زائر 5 | 4:26 ص

      قناص الغنائم

      معروفون بدهائهم السياسي كونهم يقدمون أنفسهم على انهم غير سياسيين، جبناء لايدخلون معارك نقدية لا ضد الإستبداد الديني ولا السياسي... هم ينتظرون انتهاء المعارك وتعب المتحاربين ليرقصو فوق موائد القتلى ولا ضير أن يذرفو دمعات الأسى مشفوعةً بتذاكي على الأضداد ويظهروا أنفسهم بمظهر الأفذاذ...تركو النظال للفرسان وتبعو موائد السلطان، لا ليصحووا مسار معوج أو منحرف بل لكي يستفيدو من تلك الإنحرافات على الصعيد الشخصي... ويبقى الوطن آخر آخر آخر همهم.

    • زائر 4 | 2:47 ص

      يا ابو منصور هؤلاء يسرقون حتى شرف النضال

      لكثرة ما يسرق هؤلاء وبسبب جشعهم فإنهم يسرقون حتى شرف النضال والتسميات التي تتعلق بالشرف والشرفاء والحرية والاحرار، هؤلاء هم في الديرة يتسابقون على سرقة كل شيء من الماديات ولأنهم انانيون فحتى الامور المعنوية اصبحوا يسرقونها من الناس حتى لا يبقى لاحد شيء.
      فالمناصب لهم محتكرة وشرف النضال لهم ولم يبقى لغيرهم الا الحسرة
      هذا الاعتقاد الباطل كل العالم يعرفه

    • زائر 1 | 12:08 ص

      حسبتك تقصد رفاق الدرب

      لاتعاتب من باع نفسه المبيوعة والرتهنة والرخيصة
      عاتب واغلظ العتاب على رفاق الدرب الذين تسللوا الى موائد حرم منها من كانوا
      ينادون باسمه

اقرأ ايضاً