العدد 3864 - الجمعة 05 أبريل 2013م الموافق 24 جمادى الأولى 1434هـ

أيام علي الطويل الطويلة

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

في الوقفة التضامنية مع الشاب المحكوم بالإعدام علي الطويل في جمعية الوفاق يوم الثلثاء الماضي، كانت دموع والدته رصاصاً اخترق قلوب الجمهور، حين ألقت كلمتها المكتوبة التي أنهتها بدموع كانت أبلغ من أية كلمة، كيف لا تكون رصاصاً، وهي مذروفة على وجنتي أمٍّ تحلم أن ترى ابنها الذي كان يعولها بما يستطيع، حرّاً طليقاً خارج قضبان السجن.

وفي تلك الوقفة اتفق المتضامنون معه على استحالة قيامه بدهس أحد وهو الشاب البسيط الذي خسر دراسته بسبب رغبته في مساعدة ذويه على توفير احتياجات الحياة، لكنني هنا لن أكتب عن ملابسات القضية أو عن الحكم؛ فهذه أمور من اختصاص القضاء، لكنني سأكتب عن مواطنٍ شابٍّ اقتيد إلى السجن وهو معصوب العينين بعد أن تحولت ملابسه إلى قناع غطى وجهه كما ذكر بعد ذلك لذويه، وبقي في سجن انفرادي قرابة العامين، شابٌّ عاش ولايزال ظروفاً غير إنسانية في سجنٍ بدولةٍ تتحدث كثيراً عن احترامها لحقوق الانسان، وصون حقوق المسجونين؛ إذ عانى ما عاناه من تعذيب منذ اقتحام مسكن أخته لاعتقاله، واستمر التعذيب والتنكيل في مركز مدينة عيسى أثناء التوقيف، ولم يتوقف مسلسله في التحقيقات الجنائية، حتى أنه منع من شرب الماء ومن أداء الصلاة في بعض محطات تعذيبه الأولى، فكان يومه أطول من أيامنا، وعامه بمثابة قرن من الوحدة والألم.

ومنذ أن نطق القاضي بحكمه عليه، وهو ينتظر أن يفتح له الباب تارة ليحلق طيراً حرّاً في سماء وطنه، وتارة لا تغيب عنه كوابيس انتظار من سيأتي ليزهق روحه التي لم تشبع بعد من حضن والدته!

والدته التي ما برحت ترفع صورته في الاعتصامات والمسيرات، ترقب الباب حين يفتح، لتنتظر دخول ابنها عليها من غير أصفاد. أمٌّ تحلم أن ترى ابنها في البيت لا في صالة الزيارة في سجن لا يسمح لها بعناقه إلا من وراء حاجز، وبإذن وتصريح مكتوبين.

أُمٌّ سمعت ما كتبه ابنها من سجنه قبل عام ونصف تقريباً، حين أرسل رسالة شرح فيها ألمه الذي عاشه طوال فترة التحقيق والتوقيف، حتى أن جرحه المتبقي من آثار عملية جراحية سابقة لم يسلم، حين أراده عوناً، ففرح به معذبوه وسيلة أقوى للتعذيب!

هكذا يعاني علي الطويل في زنزانته وحيداً، ينتظر يوم الإفراج عنه بشيء من الريبة والقلق الممتزج باليأس أحياناً، لولا نفحة الأمل التي تزوره بين فترة وأخرى. أملٌ ربما يغدو واقعاً هذه المرة ولا يخطئ من تمسك به، ويستجيب لدعاء أمٍّ اشتاقت لحضن ولدها.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3864 - الجمعة 05 أبريل 2013م الموافق 24 جمادى الأولى 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 10:58 ص

      في اعتقادي

      في اعتقادي ان من يصدق هذه المسرحية إما على عينه غشاوة من الحقد والضلال او قد عماه حب الدنيا

    • زائر 8 | 5:54 ص

      اربع روايات وثلاث مرات يقتل فيها الشرطي

      تحية للاستاذه سوسن دهنيم، التي عبرت عن معاناة الشاب علي الطويل، الذي حكم بالاعدام طلما وعدوانا. اربع روايات وثلاث مرات قتل للشرطي المدهوس ولا بد من توجيه التهمة لأحد والضحية هو علي الطويل. تلفيق التهم وفبركة الاحداث هي ما دأبوا عليه، وقائمة الضحايا تطول وتطول. لك الشكر استاذه لتسليط الأضواء على هذه المسرحية التي لم نقتنع بفصولها

    • زائر 7 | 3:45 ص

      اللهم فرج كربة هذا المظلوم

      اللهم احكم بيننا وبين من ظلمنا وانت خير الحاكمين

    • زائر 5 | 1:25 ص

      البحراني 14

      صبرُ جميل و الله المستعان على ما تصفون
      عليكم بالصبر عليكم بالصبر عليكم بالصبر

    • زائر 3 | 1:23 ص

      صبرا أختاه

      مأساة ابنك دكرتني بقول الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم "صبرا آل ياسر فإن موعدكم الحنة" ونحن نقول "صبرا أختاه فإن موعد ابنك الحرية", اصبري واتخدي من زينب عليها السلام قدوة وسلوه. (محرقي/حايكي)

    • زائر 2 | 12:49 ص

      العدالة الآلهية

      إتفق المتضامنون معه إنه يستحيل أن يدهس أحدا !!؟ تردون إعترافاه والأشرطة المصورة وكل درجات التقاضي وتؤكدون براءة هذا الشخص. أعذر وأتفهم وأتعاطف مع دموع والدته ولكن في الطرف المقابل هناك دموع أم ثكلى رأت مقتل إبنها البشع كما رأه العالم أجمع. كانت جريمة غابت عنها الرحمة كما تغيب عنها العقل. ثم إدعى من إدعى إن المغدور به كان دمية, والآن يقولون إن الجاني بريء. القصاص يجب أن يأخذ مجراه هذه هي العدالة الآلهية.

    • زائر 10 زائر 2 | 2:05 م

      أكثر من مئة شهيد

      أكثر من مئة شهيد والقاتل معروف اين محاكماتهم ،اين الدليل ان من حُبسوا هم من قتلوا الشرطي وهذا ان قُتِل احد حيث اعترف وزير هناك ان لا يوجد قتيل واحد من قوات الأمن
      لكن قاضي السماء هو الحسيب

    • زائر 1 | 10:58 م

      حين يكون القضاء غير مستقل

      يشارك في محاولة يائسة بتخويف المتظاهرين الثائرين لمنازلهم ولكن دون جدوى

اقرأ ايضاً