العدد 3876 - الأربعاء 17 أبريل 2013م الموافق 06 جمادى الآخرة 1434هـ

موعد مع ذاكرة الطفولة

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

رسالة على هاتفي كانت كفيلة بأن تطرق ذاكرة المرحلة الأولى في التعلم الرسمي، فما أجمل أن تكون على موعدٍ مع ذاكرةٍ ظننتَ أنكَ نسيتَ جزءاً كبيراً منها، لتجعلها في امتحان مع عودتكَ الأولى بعد أكثر من عشرين عاماً إلى نفس المكان الذي قضيت فيه ست سنوات من عمرك، بكل شقاوتك، واجتهادك، وعفويتك، وبراءتك، وحبّك الكبير لذلك المكان ولمن فيه.

ما حدث لي يوم الاثنين الماضي كان استثنائياً، إذ قررت الصدفة أن أكون ضيفةً في يوم المهن الذي نظمته إدارة الإرشاد بالتعاون مع إدارة مدرسة القادسية الابتدائية للبنات، وهي المدرسة التي تلقيت فيها تعليمي الابتدائي، وكانت سبباً في عشقي للغة العربية والكتابة بفضل المعلمات اللاتي طالما شجعنني على ممارستها.

أن تكون محاضراً في المكان ذاته الذي كنت فيه طفلاً تتلقى التعليم الأساسي، لهو أمرٌ جميلٌ جداً، تدخل المدرسة ذاتها، لتجد الصفوف نفسها لم تتغير إلا بتغير الرسومات الفنية التي على جدرانها الخارجية، وتجد ساحة لعبك بسقفها الذي كان يبدو عالياً حينها، مازالت تحتضن طالبات كنتَ في يومٍ ما مع أقرانكَ في نفس موضعهن وبنفس لباسهن، وتجد مكان المقصف المدرسي هو نفسه، تشم منه رائحة السندويتش الذي لم تكن تحبه، وتسمع صراخ المتزاحمين عند نافذة البيع، وتشعر بالفرحة التي كانت تغمرك بعد أن تنهي عملية الشراء وتخرج من وسط الزحام من غير إصابة.

أن تطل على الجانب الخلفي من المدرسة متلصصاً على ذاكرتك قبل المكان، لترى الساحة التي طالما احتضنت لعبك وركضك وهي تصغر عليك الآن لهو أمر يبعث على الحنين إلى تلك الفترة وذلك المكان، وكل تلك الوجوه التي طالما أحببتها وتعلّمت منها وعلمتها. كل تلك الذكريات تتزاحم وأكثر بين يديك منذ وقوفك بسيارتك أمام سور المدرسة الذي بدا قصيراً بالنسبة إلى ارتفاعه الذي كنت تراه بقامتك القصيرة، ومنذ أن تقرأ اسم المدرسة على اللوحة الإعلانية تتذكّر كيف كانت أختك الكبرى تكتب الاسم نفسه على الدفاتر والكتب أسفل اسمك وصفك. ولو قُدّر لك ورأيت مدرساتك سيكون الحنين مضاعفاً وستكون الفرحة مكتملة.

وأعود إلى الفعالية التي دعيت من أجلها، فعلى رغم إمكانات المدرسة المحدودة، باعتبارها مدرسة حكومية، إلا أن المعرض كان ناجحاً ضم الكثير من المهن والوظائف ابتداءً من الصحافة التي هي مهنتي، مروراً بالتصوير الذي مثّله الزميل في «الوسط» عيسى ابراهيم، وبمشاركة الكثير من الآخرين كالمحامي، وشرطي خدمة المجتمع، وفنية الأسنان، وصانع «القراقير» الذي كان يصنع واحداً بشكل مباشر، و»الحنّاية» التي زينت أيدي الطالبات، والمسعف، وموظفة العلاقات العامة، وصانعي الفخار، وصانعة البهارات وخلطات الأكلات الشعبية، وغيرها.

كان المعرض جميلاً بأسئلة الطالبات وبفقراتهن التي بدأت بها الفعالية، وما زيّنه أكثر هو وجود طالبة الصف الثاني الكفيفة زينب، التي وقفت بكل فخر وشجاعة وجرأة وهي تتحدّث عن رغبتها في أن تصبح طبيبةً حين تكبر، إضافةً إلى وجود بعض الطالبات اللاتي تميّزن في الإلقاء والقراءة، وجمال روح مديرة المدرسة التي كانت تتحدّث مع الجميع بعفوية وتواضع، وبالطبع حسن التنظيم والجهد الذي بذلته المعلمات لإظهاره بشكل متميز.

كثيرةٌ هي الفعاليات التي تقيمها المدارس المهتمة بتطوير الجانب الإرشادي والجانب المعرفي لدى الطلبة خارج إطار المناهج الدراسية، بكل تلك الامكانات المادية المحدودة التي تمتلكها والتي تعوض عنها إمكانات الهيئتين التعليمية والإدارية الذهنية والطموح الذي يتمتعون به لتقديم كل متميز وجميل.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3876 - الأربعاء 17 أبريل 2013م الموافق 06 جمادى الآخرة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 6:08 ص

      ذهبت ذاكرتي لمدرسة الامام الصادق-ع-

      درست فيها الابتدائي وكيف كنت احبها واتلذذ واستمتع بايامها لكن نغصتها ضربات على ايدينا من معلم قاسي ضربني 15 ضربة على يدي لسبب تافه انني اطلقت للفسحة قبل خروجه حين سمعت جرس الفسخة اخضرت يدي وبقيت في البيت مريضا اسبوعا لاني مصاب بالسكلر لا اتذكر اسمه ربما الجمل كان ينسينا ما حفظنا بسبب الخوف من خيزرانته سنقف معه يوم القيامة

    • زائر 1 | 5:03 ص

      موضوع كله شجب

      موضوع فيه الكثير من الذكريان والشجن. سلم قلمك.

اقرأ ايضاً