العدد 3878 - الجمعة 19 أبريل 2013م الموافق 08 جمادى الآخرة 1434هـ

البحر وين ولعبة الغازات

محمد حميد السلمان comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ثلاثة مقاطع وردت عبر فضاء التقنية الإلكترونية خلال الأسبوع الماضي، كلها تدور حول المشهد البحريني الذي لا يكاد يفارق البصر والذاكرة الشعبية والرسمية المثقلة به وبهمومه، والتي لا تفتأ تبصر بصيص أمل في الأفق بقرب الانفراج، إلا وتجره أيادٍ أخرى في مشروع الهروب إلى الأمام، وهو ما يعني حد الهاوية والسقوط في المجهول.

عفواً إنها ليست مقدمة فلسفية سفسطائية، ولكنها جزء بسيط من إفرازات الواقع الزجاجي الحذر. فقد ورد مشهد، وهو متوافر في النت، بشكر خاص من إحدى الكتائب العاملة ضمن نطاق الحرب الدموية في سورية اليوم لنائب محلي بالاسم على ما قدّمه من دعم مادي و«بما جادت به يمناه»، لنصرة المجاهدين والمستضعفين في الشام. وشكر آخر بالاسم «لرابطة أحرار بلاد الشام» في مدينة حمد تحديداً على إيصال مبلغ وقدره 600 ألف ليرة سورية لنفس المجاهدين، فجزاهم الله خير الجزاء.

كل ذلك تحت تفسيرٍ ظهر فجأة هذه الأيام لمعنى الحديث النبوي الشريف حول «تجهيز غازٍ»، ولكن التفسير، للأسف، لم يصدر في ضرورة تجهيز «غزاة مسلمين» ضد الصهاينة وتحرير فلسطين من الشمال إلى الجنوب، ومن البحر إلى البر؛ بل لتحرير فقط بلاد «الشام» من ربقة الاحتلال السوري لها! ويلاحظ على ذاك المشهد وجود طفل صغير يحمل السلاح الناري مع المجموعة (بلا تعليق)، والملاحظة الأخرى على لكنة المتحدث غير السورية. والأسئلة التي تدور على الألسن: من هم هؤلاء؟ ولماذا يشكرون النائب المحلي؟ وكيف وصلت الأموال منه ومن غيره، مرةً أخرى، لتلك الجماعات وبأي شكل؟ ونحن لا نتدخل في شئون الدول الأخرى دبلوماسياً فكيف عسكرياً؟ وما الموقف القانوني منها، مثلاً، مادمنا في دولة القانون؟

كما شاهد معظم المتصفحين لمقاطع الفيديو عبر الانترنت مشاهد لعبة الغازات المنبعثة من فناء مدرسة ثانوية ومنظر الطلبة وهم يتراكضون هلعين مذعورين منها ومن خطورتها. وكما كرّرت الأصوات الحريصة على أبناء هذا الوطن وعلى مستقبله أكثر من مرة، أليس هناك من أسلوب تربوي آخر في كل العالم للتعامل مع طلبة مدرسة لا يملكون أي سلاح ولا أية أداة مؤذية في الأصل؟ ثم لماذا ولماذا لا يتم اللجوء لأساليب الحل غير الأمنية؟ والقضية التي استغرب لها الجميع كيف تحوّل فناء المدرسة إلى ساحة حرب وكر وفر، بين قوى الأمن والطلبة مع إصابة بعض الطلبة من جراء ذلك؟ وأين هي إدارة المدرسة حين تم التعامل الأمني مع الطلبة بدايةً وأدّى لما حدث؟ لماذا تركتهم إدارة المدرسة، وهي قرب سفارة دولة أجنبية، يواجهون المصير مع الغازات وحدهم وكأن المدرسة بلا قائد؟

ولسنا نؤمن هنا بنظرية «التواطؤ» أو نتهم إدارة المدرسة، ولكن هو سؤال للبحث عن المسئولية المدنية الأولى قبل أن نحمل مجموعة طلبة مسالمين المسئولية الجنائية الكبرى؟ وإذا كان الرئيس الأميركي أوباما قد عفا عن ديكين روميين في عيد الشكر الأميركي في نوفمبر الماضي كعادة الرؤساء الأميركيين منذ عهد الرئيس إبراهام لينكولن؛ أفلا يمكن العفو عن طالب أو طالبين مهما بلغ خطأهما اللفظي والحركي في فناء مدرسة محترمة، وهما بالطبع أكرم عند الله من الديكين الروميين.

والمقطع الثالث جاء على شكل تغريدة تقول «بما أن المواطن لا يرى البحر هذه الأيام بعد الاستيلاء عليه عنوةً من قبل متنفذين؛ فعدد من المواطنين اقترحوا تغيير اسم البحرين بإضافة حرف الواو في وسط الاسم لتصبح البحروين؟، تحسراً على ما وصل إليه شعور الإنسان البحريني النبيل في زمنٍ عليل وعلته (جايده)، وليس لها من علاج أو بديل. إنها ليست نكتة للترفيه عمّا يختلج في نفوس الناس ولكنها حالة شعورية أضحت من أساسيات القلق والتوجس لدى المواطن مما يحدث على أرضه وفي بحره وتحت سمائه، وهو لا يملك أمامها إلا «التحوقل والتحلطم»، ولله في خلقه شئون.

إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"

العدد 3878 - الجمعة 19 أبريل 2013م الموافق 08 جمادى الآخرة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 4:35 ص

      لا بئس اسم جميل

      وانا اشاطركم البحر وين وين وين وين

    • زائر 6 | 4:24 ص

      البحر وين؟

      للتوضيح فقط كنت قد ذكرت في إحدى تغريداتي هذا الاقتراح وقد لاقى انتشاراً واسعاً وتم تداوله بالواتس اب أيضاً حتى بين قروب النواب.

    • زائر 4 | 3:49 ص

      نوال عطية

      تغريدة البحر وين للميزة المبدعة في تويتر انفاس راحلة

    • زائر 2 | 12:46 ص

      يطبقون قول المغنية

      قول -كول- عني ما تقول = واللي ميطال العنب حامضن عنه يقول .......هكذا لسان حال الحكومة وقعلها تطبيق ما تريد وانتم قولوا ما تريدون قوله ويطبقون قول شاعر :الارض لله ثم القادرون بها ...ويلفظ القادرون الغادرون ثم يقول :نحن الغادرون بها رحم الله الشرفاء كأن الارض خلت منهم فلا نرى الا التصفيق والمدح والثناء وكلام الشرفاء مخنوق

    • زائر 1 | 12:16 ص

      يا منتقم

      الله ينتقم من كل ظالم.....

اقرأ ايضاً