العدد 2486 - السبت 27 يونيو 2009م الموافق 04 رجب 1430هـ

طلسم خليج توبلي

مجيد جاسم Majeed.Jasim [at] alwasatnews.com

.

تُعتبر ديمومة الموت البطيء لأسماك وقشريات وروبيان وموائل خليج توبلي أحد المواضيع الساخنة والمزمنة من بين قضايا الشأن الداخلي في المملكة. فمنذ بداية فصل الصيف الملتهب، ظهرت أسراب من الأسماك النافقة على شواطئ المناطق القريبة من خليج توبلي لتكون شاهدا على مأساة الكائنات البحرية والتنوع البيولوجي والمواطنين - سواء الساكنين أو الصيادين - في تلك المنطقة. وقد تم تناول هذا الموضوع من قبل العديد من المهتمين من الأقلام الصحافية والبيئيين والبرلمانيين والبلديين محللة لمسببات المشكلة لتوعية الرأي العام ومنتقدة لتباطؤ الجهات المسئولة في تنفيذ التوصيات العملية المذكورة في تقرير الشركة الاستشارية التي قامت بدراسة شاملة لسطح وأعماق الخليج.

الدراسة العلمية من قبل الشركة الاستشارية التي تم صرف مئات الآلاف من الدنانير في سبيل إنجازها كانت خطوة إيجابية نحو تحقيق حل شامل لمشاكل الخليج المستعصية. فمن المتعارف عليه منطقيا أن التسلسل الطبيعي لحل أية مشكلة بيئية هو فهم أبعادها وأسبابها من الناحية العلمية ومن ثم القيام باقتراح التوصيات التي قد تساهم في إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

لاشك أن مملكة البحرين سبّاقة إلى التوقيع على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية لحماية البيئة بصورة عامة والمتعلقة منها بالبيئة البحرية بصورة خاصة فنحن من الناحية الجغرافية أرخبيل من الجزر. فعلى سبيل المثال، هناك المرسوم بقانون رقم (18) لسنة 1996 بالتصديق على اتفاقية التنوع البيولوجي، وهناك مرسوم رقم (3) لسنة 1997 بالانضمام إلى اتفاقية الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية وخاصة بوصفها مآلف للطيور المائية (رمسار) للعام 1971، وهناك المرسوم بقانون رقم (9) لسنة 2002 بالتصديق على إتفاقية المحافظة على الحياة الفطرية ومواطنها الطبيعية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وهناك المرسوم بقانون رقم (20) لسنة 2002 بشأن تنظيم صيد واستغلال وحماية الثروة البحرية، والمرسوم بقانون رقم (33) لسنة 2006 بشأن الصرف الصحي وصرف المياه السطحية، وأخيرا قرار مجلس الوزراء رقم (1) لسنة 1995م بشأن منع الدفان والتعمير في خليج توبلي.

لذلك لم يكن من المستغرب أن يهتم سمو الشيخ عبدالله بن حمد شخصيا بهذا الموضوع فهو الرعيل الأول للشأن البيئي في المملكة وبالتالي فإن قيامه بعقد الاجتماعات مع الوزراء المختصين بهذا الشأن وحثهم على زيادة الاهتمام والعمل الدؤوب لتنفيذ خطة عمل مدروسة لإنقاذ الخليج وموائله من شبح الانقراض لهو دليل على متابعته لتنفيذ استراتيجيات لحلحلة الهموم البيئية في المملكة.

لاشك أن مشكلة المياه العادمة في خليج توبلي موضوع ذو شجون وهو يعتبر نموذجا كلاسيكيا لافتقار بعض المسئولين لألف باء الخبرة البيئية عند اختيار موقع إنشاء محطة توبلي قبل 30 عاما ومن ثم تراكم الأخطاء الهندسية والرؤية عند تنفيذ مشاريع البنية التحتية في المناطق المحيطة.

من المتوقع أن تكون العلة الوحيدة لتنفيذ اقتراحات وسيناريوهات إعادة تأهيل الخليج هي سبب مادي بالدرجة الأولى، فمن المتوقع أن تكون فاتورة الإصلاح ثقيلة على موازنة الحكومة، لكن هذا درس مهم لقادة المستقبل لعدم تغييب عنصر البيئة عند تنفيذ مشاريع البنية التحتية.

إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"

العدد 2486 - السبت 27 يونيو 2009م الموافق 04 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً