العدد 3885 - الجمعة 26 أبريل 2013م الموافق 15 جمادى الآخرة 1434هـ

رئيس تحرير «الوسط» البحرينية في حوار مع صحيفة "الاقتصادية" السعودية

الصورة من المصدر
الصورة من المصدر

صحيفة الإقتصادية السعودية 

26 أبريل 2013

حاوره: مقبل الصيعري

تحسب للدكتور منصور الجمري استجابته لدعوة العاهل البحريني عام 2001 بالعودة ضمن مجموعة من أقطاب المعارضة في الخارج، وهو محسوب على التيار المعتدل بعد أن تخلى عن مناصب قيادية في المعارضة التي اتخذت من لندن مقرا لها في التسعينيات الميلادية، هذا التحول في توجهه أهّله لأن يتبوأ منصبا قياديا في صحيفة "الوسط" التي تولى مهمة تأسيسها مع مجموعة من رجال الأعمال، وسجلت حضورا منذ اليوم الأول لإصدارها في 7 أيلول (سبتمبر) 2002. وفي الوقت الذي يصنفها البعض صحيفة "معارضة"، إلا أنها تلتزم بخط وسطي لا يخرج عن الإطار التنظيمي والقانوني للصحافة البحرينية، وبحكم الصورة الذهنية والخلفية التي رسمها البعض عن الجمري أو أنه محسوب على المعارضة الشيعية، فإن كثيرا من الأطروحات التي تتبناها صحيفته أو الجرأة في الطرح يكون لها صدى عكسي لتيارات مختلفة، ومهما اختلفت الآراء حول توجهها وأطروحاتها إلا أنه لا يمكن إغفال صمودها وتوازنها. ومنصور الجمري الذي ولد في بني جمرة في البحرين في 17 كانون الأول (ديسمبر) 1961، متزوج من الصحافية ريم خليفة "سنية" وله ولدان علي ووائل وثلاث بنات.

ويحمل دكتوراه في الهندسة الميكانيكية من جامعة بايزلي البريطانية (1992). التقيته في مكتبه في مقر صحيفة "الوسط" على شارع البديع الشهير، بعد أن استقبلني عند بوابة الصحيفة، واصطحبني في جولة سريعة على أقسام الصحيفة، وكان آخرها قسم الاقتصاد الموجودة فيه زوجته ريم خليفة، ثم أخذنا لمكتبه الفسيح في الدور الثاني الذي يضم صالة للاجتماعات وجلسه مصغرة، وكان قد حرص على إيداع جواله لدى "السكرتيرة" ليتفرغ لإجراء هذا الحوار الذي تطرق فيه إلى كثير من الموضوعات التي تهم الشأن الإعلامي البحريني. إلى تفاصيل الحوار:

''الوسط'' تمثل الإعلام المدني الناقد، ولسنا بالضرورة إعلام المعارضة، لأننا لا نقف مع المعارضة أو مع الحكومة في كل الأمور، بل نتحرك في الإطار الجامع لكل الوطن. بيد أن الرأي العام له اهتمامات تمس الحق العام والسياسي والخدمات، ولكننا نعد أنفسنا الجانب الناقد في المعادلة السياسية، ونوجه النقد إلى الحكومة بقدر المستطاع أو للمعارضة بقدر المستطاع أيضا.

لكنكم دخلتم في عراك أو صراع مع الحكومة إعلاميا خلال أحداث ''فبراير 2011''؟

كان عام 2011 صعبا ومخاضا على البحرين ككل، ونحن نقاد، ليس نقادا من أجل النقد، بل بصورة إيجابية، كما نتطلع إلى مستقبل أفضل ومزيد من الديمقراطية وحقوق الإنسان والشفافية والتماسك الاجتماعي والاعتدال والوسطية، ونبحث عن إطار سياسي يحفظ للبحرين سيادتها، وأننا جزء لا يتجزأ من مجلس التعاون الخليجي وأن تكون العلاقة بين الحاكم والمحكوم على أسس دستورية عادلة، وأن يشعر الفرد أنه جزء من هذا المجتمع يشارك في سيادته حاضرا ومستقبلا.

لكن طرحكم خلال الأحداث كان مختلفا عن تلك التطلعات؟

أحداث 2011 طرحت كل الأسئلة بصورة مفاجئة على الجميع، ونحن في ''الوسط'' لعبنا دورا لعكس ما كان يحدث، وطرح الرأي الذي يوفق بين الطرح المطالب بحقوقه بصورة مشروعة وقضايا عادلة، وطرحنا وجهات النظر التي كانت تحاول أن تستجيب إلى هذه المطالب، صحيح الأمور تقلبت لاحقا، لكن أعتقد أن الدور الذي لعبناه في هذا الإطار كان واضحا.

الواضح في أطروحاتكم هو الميل للمعارضة بصورة جلية؟

نميل لمن يحتاج إلى نصرة، وأن نكون للمظلوم عونا، سواء كان المظلوم هنديا يعيش في البحرين أو جنديا يمنيا في القوات الخاصة مثلا، أو أيا كان، متى ما اعتقدنا أن أي طرف آخر هو شخص مظلوم سيسمع صوته وسنكون معه.

كيف؟

هناك قضايا كثيرة في البحرين تحتاج إلى من يستمع إليها، ونطرح أنفسنا وسيلة صادقة لأن نوصل هذا الصوت.

في دوار ''اللؤلؤة''، تجلت الدعوة لإقامة الجمهورية الإسلامية، وأنتم تفاعلتم معها بشكل أو بآخر.. كيف تصف ذلك؟

أعتقد أن الدعوة إلى جمهورية وليست إلى جمهورية إسلامية، ونحن في ''الوسط'' كنا ضد هذه الدعوة أساسا، ومعروف موقفنا من تلك الدعوات، كما أننا ضد التصعيد أساسا بل مع احتواء الموقف، وأن تتواصل الجهود من أجل أن تعود الحياة إلى مسرى يمكن أن يتعايش ويتطور، وألا تتطور الأحداث أكثر.

يؤخذ عليك أنك أسست ''الوسط'' لأجندة معينة، من كونك معارضا ومنفيا في الخارج وهو ما انعكس على خط الصحيفة؟

كنت متحدثا باسم المعارضة البحرينية التي تتحرك من لندن في تلك الفترة، وعندما تولى الأمير حمد آل خليفة مقاليد الحكم في نهاية التسعينيات، وفيما بعد تحولت إلى ملكية، وجاء بمشروع انفتاحي حاول من خلاله إصلاح بعض الخلل في الوضع السياسي بصورة عامة، وفي هذه الأثناء وجهت لي الدعوة شخصيا من الملك حمد آل خليفة مفادها أن أعود للبحرين وأساعدهم في العمل، ولكنني عندما عدت لم أتخلَ عن وجهات نظر صحيحة تدعو إلى مزيد من الديمقراطية وحقوق الإنسان، وأن نتطلع إلى مجتمع عصري متماسك.

وما الخيارات التي كانت لديك بعد العودة؟

عدة خيارات، منها الانضمام للحكومة، وقد دعيت أن انضم للحكومة ''مجلس الوزراء''، ولكنني فضلت عدم الانضمام، والخيار الآخر الانضمام للمعارضة كما كنت معارضا أساسا، وأعلنت حينها أنني لا أريد المواصلة أن أكون متحدثا أو ناشطا سياسيا في المعارضة، أو أن أعود كمهندس ميكانيكي وهو تخصصي كما كنت أعمل في شركة كبيرة في بريطانيا، وكان طموحي أن أخدم وطني، لذا فضلت أن أكون حلقة وصل بين من يطمح إلى تحديث البحرين وإصلاحها والأطراف الأخرى، وكانت الصحافة خياري كوسيط، لذا كان اسم الصحيفة ''الوسط''، ومنذ حصولنا على الرخصة كان الهدف أن تمثل الصحيفة رأيا ناقدا للمسيرة بما يخدم البحرين.

كيف تكون ''وسطا'' وهي تنقل خطبة المرجع الديني عيسى قاسم المحرضة وتتجاهل خطبة أئمة السنة في البحرين؟

مستحيل، نحن الصحيفة الوحيدة التي تطرح خطب علماء الشيعة والسنة على حد سواء، فإذا كانت لدينا خطبة لعالم شيعي تقابلها خطبة لعالم سني، وإذا كانت خطبتان لعلماء سنة تقابلها خطبتان لعلماء شيعة، وهذا نهج الصحيفة منذ التأسيس إلى هذا اليوم. والخطب التي ننشرها هي ما تدعو للتآلف والتمازج وأن البحرين بلد واحدة.

كيف ترون ردود فعل الجهات الرسمية فيما تطرحه ''الوسط''؟

القيادة السياسية المتمثلة في الملك هي التي أفسحت المجال لـ ''الوسط''، لذا أرى من واجبي أن تكون صادقة ومخلصة لهذه الرخصة من الأساس، والملك عندما نلتقي به دائما يؤكد حرصه على قراءة ما يطرح في ''الوسط'' ليعرف وجهات النظر في المجتمع، ويهمني أيضا أن اهتمام الحكومة بصورة عامة بما تطرحه ''الوسط''، وهناك اهتمام من رئيس الوزراء وولي العهد ومن الوزراء، لأن ''الوسط'' تمثل رأيا لا بد أن يسمع في الساحة السياسية في البحرين. ونحن نوصل الرأي أو المطالب لصاحب القرار، لربما لم تكن لتوصل لولا أن تكون ''الوسط'' موجودة.

هناك قول بأن ''الوسط'' هي المتحدث لما يسمى ''حركة الأحرار'' في لندن والتي كنت متحدثا لها سابقا؟

حركة ''أحرار البحرين الإسلامية'' كنت أحد قيادييها حتى 2001 وكنت واضحا في ذلك، وأجندة حركة الأحرار، إلى هذا اليوم تطالب بعودة الحياة البرلمانية وتفعيل دستور 1973، وكانت تصر على الإجماع الوطني، بمعنى ألا نتحرك في أي مجال إلا بعد موافقة أطراف أخرى في المجتمع، وهذا انعكست عليه العريضة النخبوية عام 1992، والعريضة الشعبية 1994، وانعكس في تحالفات آنذاك، وعندما خرجت من ''الحركة'' بعد إعلان المشروع الإصلاحي كان خروجا فعليا، في حين أن نهج ''الحركة'' تغير بعد 2001 وأصبح الطرح أكثر شدة، وليست لي علاقة بهم.

كيف تصف طرحك الحالي؟

هو أقرب إلى خطاب التسعينيات، ومختلف عما هو مطروح الآن من بعض الجهات المعارضة وغير المتوافق مع ما تطرحه ''الوسط'' وبشكل واضح. ولا يمكن أن يتفق في كثير من الأطروحات، لأننا لا نمثل وجهة نظر المعارضة في أي شكل من أشكال الطرح.

السائد هو أنكم تكتبون ما تطرحه المعارضة إعلاميا؟

نحن نعكس وجهات النظر ككل، سوى وجهة نظر الحكومة أو المعارضة سياسيا، وما تطرحه المعارضة ''المعتدلة'' المسموح لها بالنشاط، وأيضا لا بد للآخرين أن يعرفوا وجهات النظر الأخرى. ما بين فترة وأخرى، ولا بد أن نغطى وجهات النظر المطروحة من باب العدل، والبحرين مجتمع متنوع لا يقوم على طائفة أو فئة واحدة، وإنما متنوع بصورة جميلة جدا، وأؤمن أن المنامة التي كانت عاصمة البحرين هي أفضل مدينة متنوعة في الخليج العربي، ولا يوجد مكان تتنوع فيه الاثنينيات والجماعات والطوائف بصورة حضارية، ونؤمن بما حققناه من إنجاز في تنوع مجتمعي في المنامة الذي يجب أن ينعكس أيضا في الصحيفة.

كيف تفسر التناغم بين ما تطرحه ''الوسط'' وبعض الجهات الإعلامية الخارجية مثل قناتي ''العالم'' و''المنار''؟

من يقول هذا الكلام ليس عاقلا في طرحه. ونحن نختلف تماما في المصطلحات وطريقة العرض، وشخصيا لا أخرج على قناتي العالم أو المنار لأن لغة الخطاب لا تتفق مع الخطاب الذي نلتزم به في ''الوسط''، قد أخرج على الـ ''بي بي سي'' أو بعض القنوات لطرح وجهات نظري التي لا تؤطر بإطار غير مفيد لوضعنا السياسي أو ما ينعكس بصورة غير صحيحة وخلاف ما يحدث في البحرين.

أحداث شباط (فبراير) أربكت ''الوسط'' حتى أنها نشرت أخبارا ''مفبركة'' خلال الأحداث؟

الأخبار المفبركة عرفنا مصدرها الآن، والجهات المسؤولة تعرف ذلك، وتبناها جهاز متخصص للإيقاع بـ ''الوسط'' ولدينا كل الأدلة، وما تمت فبركته أخبار صغيرة تافهة، ولو أراد مدير بنك أن يسرق أو يختلس فلن يختلس 20 دولارا، ولربما اختلس مليوني دولار، والأخبار التي تمت فبركتها على مستوى 20 دولارا وليست بالحجم الكبير الذي تستحق أن يخاطر مدير بنك بنفسه، والذي فبرك تلك الأخبار أو زرعها هو جهة تافهة وعلى مستوى هذه التفاهة. وأعتقد أن ''الوسط'' كانت مستهدفة مثل استهداف كل المهن وهو ما أدانه المجتمع الدولي وتقرير بسيوني.

من هو الجهاز الذي فبرك أخبار الوسط كما أشرت؟

لا أود أن أذكره، ولكن بالنسبة لي، وبكل بساطة لا أحتاج إلى أخبار تافهة ليس لها قيمة، وخلال هذه الفترة كانت هناك أخبار أعظم وهي تدمير المساجد التي هدمت في تلك الفترة، وكانت لدي صور التهديم، وقد أوصلتها للمسؤولين أطلب منهم أن يتحققوا من الأمر لأن هذه قضية خطيرة جدا، ولو كنت أريد أن أحرض وأهز المجتمع كان الأولى أن أنشر صور تهديم مساجد، ولكنني لم أنشرها، وإذا كنت أتنازل عن الحدث الكبير لكي أنشره، هل لي أن أفبرك خبرا تافها، فحدث العاقل بما لا يعقل فإن صدقك فلا عقل له.

أين الرقابة في الصحيفة من إدارة تحرير ورئيس تحرير؟

في تلك الفترة كنا محاصرين، ونعمل من المنازل ولا نستطيع الوصول للصحيفة، ومررنا بفترة عصيبة جدا، ونصدر الصحيفة بوسائل بدائية جدا، وإذا كنت من ''الوسط'' تتعرض لإجراءات معينة في نقاط التفتيش. فلجأنا لوسائل بدائية والتي لا تسمح للتحقق من كل الأخبار، ولكننا كشفنا خمسة إيميلات وحددنا مسارها إلى أن تم نشر تلك الأخبار المفبركة.

هل تقصد جهازا حكوميا؟

لا أريد الخوض في هذا الموضوع.

وما تفاصيل إقالتك في هذه المرحلة؟

كانت تلبية مجلس الإدارة لاتصال من مسؤول حكومي، ولم يقلني مجلس الإدارة، ولكن عندما انتهى قانون الطوارئ اتخذ مجلس الإدارة قرارا بعودتي بعد أن تفهم حقيقة الأمر.

ألم تكن عودتك وفق توجه حكومي؟

بعد الضغط على الحكومة وتشكيل لجنة تقصي الحقائق برئاسة بسيوني، وضغوط هيئة الأمم المتحدة، على ألا يستمر الوضع على ما هو عليه، والمطالب بإيجاد مخرج للقضية، وكان واضحا للجميع حتى ممن ينتقدون ''الوسط'' أو يحاولون التأثير عليها، وبعضهم من باب الغيرة والحسد لأنه فاشل في مؤسسته الإعلامية ولم يستطع أن يحقق ما حققته ''الوسط'' على الصعيد الاقتصادي والمستوى السياسي فكان يغار من نجاحها، وهؤلاء كانوا يشعرون بأهمية ''الوسط'' وأنها جزء من الحل وليست جزءا من المشكلة.

هل يمكن القول إن إعلام المعارضة انتصر في المعركة خلال الأحداث؟

من الظلم القول إن ''الوسط'' إعلام المعارضة، بالعكس لنا مواقف ناقدة للمعارضة وكثير من الأحيان تجد أن المعارضة بتشكيلاتها وأطيافها المختلفة تنتقد ''الوسط'' لأنها تنشر أخبارا أو تقارير لا تتوافق مع وجهات نظرها، وأنا أفرق بين صحافة المعارضة و''الوسط''، أما إذا نجح خطاب المعارضة أو إعلامها فأعتقد أنه إذا وقعت مظلمة أو أخطاء من أي طرف فإنه من السهل أن تهزم الطرف المخطئ، وهناك أخطاء من الجانب الرسمي ارتكبت وكان من السهل كشفها.

وزيرة الإعلام سميرة رجب قالت في حوار مع ''الاقتصادية'' إن أطروحات ''الوسط'' تضر بالبحرين، ولكنهم يمررونها بذكاء.. كيف ترى هذا القول؟

وجهة نظر أحترمها، ولكن ما نعتمد عليه هو وجهة نظر القيادة السياسية، ومن يحب البحرين يعرف أن ''الوسط'' هي أكثر صحيفة حريصة على خدمة وسمعة البحرين، وعندما تذكر البحرين بخير فإن أحد الشواهد هي صحيفة ''الوسط''.

أفهم أن الحكومة تدعم ''الوسط''؟

لا أقول الحكومة وإنما القيادة السياسية ممثلة في الملك وهي التي أفسحت المجال للوسط وتعرف أنها تلعب دورا قد يكون مؤذيا لبعض الجهات الرسمية، ولكن هذا الطرح يصب في مصلحة البحرين التي هي لكل البحرينيين.

مستشار ملك البحرين أيضا قال إن ''الوسط'' كادت أن تسقط اقتصاديا لولا تدخل الحكومة لإنقاذها؟

كلام من منافس تجاري، أعرف دوافعه التجارية، وأعتقد أن ''الوسط'' هي الصحيفة الوحيدة كانت وما زالت الناجحة اقتصاديا، ولم تحتج أو تأخذ دينارا واحد من الدولة بعكس غيرنا، والتنافس التجاري أحيانا ينتج عنه بعض التصريحات غير السليمة. وكثير من المنافسين التجاريين فشلوا في المنافسة ويشعرون بالحسد والغيرة ويتمنون كل سوء، ونحن نتمنى لهم كل خير.

بعد عودتك مرة أخرى على خلفية الإقالة خلال أحداث شباط (فبراير).. هل تغير خط ''الوسط''؟

لا لم يتغير وسيبقى مساندا ويرفع صوت كل مظلوم له حق مشروع، ويؤذي ويزعج من يخطئ وسنستمر في ذلك، وأي شخص يسير في هذا الطريق يتوقع بعض المطبات، ولكن يجب أن تكون الطريق سالكة وأن يسير وهو مطمئن، ولا يصح إلا الصحيح.

لكن انتقاداتكم لأخطاء المعارضة غير واضحة أو جلية؟

انتقدنا المعارضة عندما قاطعت الانتخابات في 2002، وفي ذروة الأحداث التي انتقدت فيها ''الوسط'' بعض التصرفات أو المظاهرات التي توجهت مثلا، إلى مناطق حساسة أو تعطيل الحركة واضطرابات معينة وكانت واضحة جيدة في انتقادها، وننتقد العنف من المعارضة أو غيرها ولا نعطي أي تبرير لأي خطأ، وننتقد ما يتناوله تلفزيون البحرين وتلفزيون الوصال وأيضا ما يبثه تلفزيون العالم والتلفزيونات المشابهة.

زوجتك ريم الخليفة كانت لها تصادمات معروفة خلال الأحداث في مؤتمرات صحافية أو أحداث ''كراون بلازا''.. يؤخذ عليها أنها تمثل ''الوسط'' وأن هذه التصرفات تنعكس على الصحيفة أو تمثل وجهة نظر الصحيفة.. ما تعليقك؟

ريم خليفة صحافية قبل أن أتزوجها وقبل ''الوسط''، وهي لديها مواقفها وشخصيتها المعروفة في هذا الجانب، وعبرت عن رأيها في بعض المواقف وأمام وزير الخارجية أو في بعض المواقع الأخرى، وهي صحافية تمارس دورها ومعروفة في المجتمع بصورة مستقلة عن زوجها.

ألم تحدث لك إحراجا؟

لا هي هذه الحياة، أن يتزوج طبيب طبيبة أو صحافي صحافية، وهناك قضايا تتعلق بالمهنة وأخرى بالحياة الزوجية ويجب الفصل بينهما، وهي تمارس حياتها الصحافية كما كانت قبل زواجنا واستمرت على هذا النهج.

ألا تعتقد أن فورة الأحداث انعكست سلبا على المهنية الصحفية في البحرين ومنها ''الوسط''؟

أكبر تحد واجهه الجسد الصحافي والإعلامي، هو كيفية التفريق بين وجهة النظر وبين الخبر، وأي إنسان موضوعي سيرى أن ''الوسط'' تحاول الفصل بين الموضوعين، فإذا كان هناك خبر أو حدث يجب أن يغطى بمهنية، وفي 2012 كانت الوسط الأعلى في مؤشر المصداقية الإعلامية الذي صدر في لندن من مؤسسة القرن. وهو تقييم كيفية التعامل مع الأخبار والأحداث في الأوضاع الحرجة هو الاختبار الحقيقي، وجاء البعض ليشوه ''الوسط'' ولكن لم يستطع ذلك. ولدينا وجهات النظر ووقفنا مع كل ما يؤيد مشروعا إصلاحيا ومزيدا من الديمقراطية وحماية حقوق واستقلالية البحرين وحماية المجتمع ككل.

هل تواجهون ضغوطا معينة؟

مررنا بتجارب كثيرة في البحرين وتحملنا الضغوط وسنتحملها، بأي طريقة كانت، والبحرين في حاجة إلى أن تنفتح على المستقبل، ويعرف الجميع أن من لديه أهدافا خارجة عن المنطق العقلي والشرعية الدولية أو الإطار الوطني فإنه لن ينجح، والبحرين ستبقى لكل البحرينيين وأي طرف يحاول أن ينفي الآخر فلن تكن له فرصة على المدى البعيد.

يؤخذ على ''الوسط'' أنها لا تنشر تصريحات خاصة لمسؤولين حكوميين.. هل هذا صحيح؟

لا ندخل أي مكان إلا إذا كانت لدينا رخصة، ونمارس عملنا الصحافي بصورة طبيعية، ونغطي الأحداث، ودائما نذهب للمصدر وقد يتأخر في الرد علينا وقد نخسر الخبر أحيانا، وأحيانا نشعر أن هناك تلكؤا، ولكن نمارس تغطية الخبر بأفضل مما هو متوافر في عالم الصحافة. ولدينا متدربون تدربوا في أفضل الأماكن.

هناك فجوة بين الصحيفة والجهات الرسمية؟

بالعكس بعض الجهات الرسمية إذا لم ننشر لها بيانا تتصل وتحرص على أن تكون موجودة في ''الوسط''، ونحن حريصون بأن نأخذ الرأي الرسمي في كل ما ننشره، ولكنهم أحيانا لا يردون على رسائلنا لأشهر عديدة، وإذا ما ردوا ننشر الخبر.

ما صحة ما يقال إن المعارضة تدرب إعلامييها في الخارج وبتمويل خارجي؟

لا أعرف ما المقصود بالعبارات الفضفاضة والعامة، إذا كانوا يقصدون المعارضة بشكل عام عليهم أن يحددوا أي معارضة، لكن أعتقد أن شعب البحرين لديه إبداع في كل مجال، ومن هو غير مبدع فهذا ذنبه.

هل يوجد صحافيون ''سنة'' لديكم؟

الصحف في البحرين تستقصد أي صحافي سني لإخراجه من ''الوسط''، ولكن لدينا كتاب رأي سنة، ومنذ التأسيس كان معنا كثير من الصحافيين السنة، ولكن تم استقطابهم، حتى زوجتي عرضوا عليها منصبا قياديا في إحدى الصحف لأنها سنية.

هناك أصوات تدعو للتغيير الجذري، في حين أن ''الوسط'' لم تتصدَ لمثل هذه المطالبات؟

لو ترجع لقراءة مقالاتي، في أثناء الأحداث وأوجها وبعدها، ما يؤكد أننا نؤمن في الصحيفة باتجاه معتدل ووسطي، وأن الحكم في البحرين ''لعائلة آل خليفة''، ونؤمن أن هناك سنة وشيعة وأن البحرين لها جناحان ولن تطير بجناح واحد، ولا أستطيع أن أكون ضد السنة، بل يجمعني بهم نسب فكيف أعمل ضدهم، بل أبحث عن المنطقة التي تقربنا جميعا وتجمعنا على الخير، وأعتقد أن البحرين خير ومستقبلها خير عندما نلتفت لما هو جيد وأساسي في وسطنا وهو طيبة الناس.

ربما أن أحداث البحرين خدمت ''الوسط''، حيث وجدتم دعما أكبر من رجال الأعمال الشيعة أكثر من ذي قبل؟

لا يوجد لدينا دعم ونحن الصحيفة الوحيدة التي ليس لديها دعم، بل نعمل بقوانين السوق، والسوق الإعلانية في البحرين ليست طائفية والمعلنون ملتزمون بقوانين السوق ولا سيما الإعلان التجاري، لأن الكثير من المنتجات والوكالات تبحث عن الوسيلة التي تصل بمنتجهم إلى أكبر عدد من الناس، وكون ''الوسط'' تتصدر الساحة الإعلامية في البحرين يجد هؤلاء أنه من المناسب الإعلان فيها، وهذا هو نجاحها أن تكون ملتزمة وحلقة وصل مع الجميع، والسوق ليست خاضعة للأمراض الطائفية بالشكل الذي نجده في الشأن السياسي.

كيف ترى تأثير الإعلام الجديد في الصحافة الورقية؟

بلا شك أخذ مساحة من الصحافة الورقية، وفي المستقبل ربما تزيد المساحة بالنسبة للقراء، ولكنه لم يأخذ مساحة من الإعلانات، وأعتقد أنه مع انتقال معظم الجيل الجديد للقراءة الإلكترونية ربما يؤثر، وعلى الصحافة المكتوبة أن تندمج مع الوسائط الإلكترونية الحديثة وتهتم بالتطوير والمحافظة على المصداقية والموثوقية في الفضاء الإلكتروني لأنه يختلف عن المكتوب.

كيف هي العلاقة بين ''الوسط'' والصحف البحرينية الأخرى؟

يوجد تعاون في بعض الجوانب الفنية، ونحن نقدم بعض الخدمات للصحف مثل الطباعة أو غيرها، كما نلقى تعاونا في الجوانب الفنية من صحف أخرى، في حين أن هناك تفاهمات على أسعار الإعلانات، ما نأمله أن يكون هناك إقلاع وإنهاء لأي ممارسات مخالفة لأخلاق المهنة، لما نجده من استهداف شخصي، والغيرة والحسد وهناك نوع من الادعاءات المغرضة وهي غير صحيحة، ويفترض أن نبتعد عن هذه الأساليب ونركز على الأخبار الصحيحة ونشر ما حدث واقعا، وهناك وجهات نظر لا بد أن تلتزم بالمبادئ التي يحترمها الجميع، وكان بالإمكان أن ننعش هذه البيئة الصحفية، ولكن نحتاج كثيرا من الجهود.

هل يغيرون منك ويحسدونك؟

أعتقد البعض يغار ليس مني ولكن من أي نجاح، وهناك ناجحون في البحرين وبعضهم اضطر للهجرة، ولدينا مذيعون ومذيعات ذهبوا إلى الخارج ويقدمون إنتاجاتهم في الكويت أو الإمارات أو أماكن أخرى، ونأمل ألا تزيد الأحداث الماضية الطين بلة، على أن تعود كل الطاقات للوطن وتمارس دورها في الوطن.

كيف ترى دور نقابة الصحافيين البحرينيين؟

حاليا، ليس لدينا عمل نقابي، وما هو موجود أقل بكثير من مستوى العمل النقابي، والنقابة تدافع عن أعضائها ومهنتها، ولكن ما نراه من النقابة تأثرها بمواقف مسبقة، ولو انفتحنا لما يمكن أن نستفيد منه كجسد واحد لربما يكون هناك تعاون في المستقبل.

تنتقدون الديمقراطية في البحرين.. في حين أن البحرين ملتزمة بالديمقراطية أكثر من غيرها من حيث السماح للجمعيات السياسية ممارسة دورها، بجانب وجود صحيفة ''الوسط'' التي تمارس دورها بحرية، وسقف الحرية مرتفع كثيرا..

ألا ترى أن ذلك يناقض بعض أطروحاتكم؟

بالتأكيد، ووجود ''الوسط'' مفخرة للبحرين وهي لكل البحرينيين، وتنتقد من أجل البحرين، وكلما سمح لمثل ''الوسط''، ارتفع مؤشر المصداقية وكان أكبر، والتي ستعود بالفائدة على البحرين ومكانتها التاريخية والحالية، وأيضا المستقبلية.

هل أنت مستمر في ''الوسط''؟

إن شاء الله، وكانت أمنيتي أن أكون صوتا لمن لا صوت له، ولمشروع طموح لبلدنا الجميلة، ولا أجد ما أعشقه مثل ما أعشق البحرين، وأود أن أراها في أحسن صورها، ومن يسهم في صناعة المستقبل نفخر به جميعا.

لماذا تتحرج من القول إن ''الوسط'' صوت للمعارضة؟

لأني لست صوتا لهم، والمعارضة متطورة في البحرين، ولديها من يتحدث باسمها وكنت في التسعينيات متحدثا باسمها، أما اليوم لا اتحدث باسمها، وهذا واقع بل أتحدث باسمي ''منصور الجمري'' ولا أدعي يوما من الأيام أنني أتحدث باسمها، كما هي لا تدعي ذلك وهذا هو الواقع.

يتحفنا الإعلام الإيراني ببعض المغالطات من حين إلى آخر.. لكننا لا نجد ''الوسط'' تتصدى لها؟

المغالطات موجودة في الإعلام الإيراني وغير الإيراني وفي الإعلام والقنوات الخليجية والإيرانية، ودورنا ليس أن نمارس حربا على هذه الجهات، بل هناك من يشتمنا ليل نهار ومن زملاء لنا، ولكننا لا نتصدى لهم، لأننا نريد أن نشعل شمعة بدلا من أن نلعن الظلام، وإذا كنا نختلف مع أي جهة فإننا نطرح البديل بدلا من أن نلعنها.

منعت أخيرا أنت وزوجتك من دخول دبي.. ما الأسباب؟

لا أعرف ولكنني كتبت لوزارة خارجية بلدي أستفسر عن ذلك، أيضا تواصلت مع سفارة الإمارات، وقد وصلت المطار ومنعت من الدخول، وأحترم دبي والإمارات كلها وشخصيا أتمنى لها النجاح، وكثير من تقاريرنا تركز على نهضة دبي وتطورها المتسارع، ولكن ربما لأسباب تعلق بقواعد من المعلومات المتبادلة، أو التي لها علاقة بالاتفاقية الأمنية الجديدة، ولكن يبقى الإماراتيون إخواننا الخليجيين.

هل ذهبت سياحة أم عمل؟

كنت مدعوا لمؤتمر أعمال عالمي لرابطة الصحافة العالمية، يبحث تطوير مدخول المؤسسات الإعلامية في ظل التطور التقني الرقمي، وكنت مشاركا بورقة عمل للحديث في المؤتمر، ولكن وبكل أدب أخبرني موظف المطار أن اسمي على قائمة الممنوعين من الدخول، واحترمت قرارهم، ولكنني لا أفهمه.

هل تم التحقيق معك؟

لا.

هل عدت على الطائرة نفسها؟

انتظرت لآخر طائرة عائدة للبحرين وعدت فجرا.

وكيف تنظر للمرحلة المستقبلية للبحرين؟

أعتقد أن دول الخليج يجب أن يكون لها دور كبير وهي تتوجه نحو الوحدة، ونحن مع الوحدة، ولكن الوحدة التي تلم الشمل بين المجتمعات، للوصول إلى وحدة خليجية أفضل، كما نحترم القيادة السعودية ونعي دورها الفاعل في حل الكثير من القضايا ونعتبر استقرارها استقرارا وأمنا للبحرين، وأي شر يطولها يطولنا، ونأمل من مجلس التعاون الذي يدعم البحرين سياسيا واقتصاديا أن يدعمه في حل الأزمة الحالية.


المصدر:  الإقتصادية السعودية
بتاريخ: 26 ابريل 2013

http://www.aleqt.com/2013/04/26/article_750681.html

 

العدد 3885 - الجمعة 26 أبريل 2013م الموافق 15 جمادى الآخرة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً