دعا رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة إلى العمل على تحقيق المنهج النبوي في تعليم القرآن الكريم، مؤكدًا سموه أنَّ مملكة البحرين تجعل من خدمة القرآن الكريم "دربًا من دروب أصالتها وعزتها وتقدمها"، منوهًا بجهود الحكومة برئاسة رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة في هذا المجال، معربًا سموه عن اعتزازه بما حققه أبناء البحرين من مراكز متقدمة في محافل القرآن الكريم ومسابقاته الدولية.
جاء ذلك في كلمة سموه في افتتاح المؤتمر العالمي الثاني لتعليم القرآن الكريم الذي يقيمه المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالتعاون مع وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، والهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم التابعة لرابطة العالم الإسلامي برعاية كريمة من لدن عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والذي انطلقت فعالياته صباح اليوم السبت ويستمر حتى يوم الثلثاء المقبل 20 جمادى
الآخرة 1434هـ الموافق 30 أبريل 2013م، تحت شعار "المنهج النبوي في تعليم القرآن الكريم".
ونوَّه سموه في كلمته بالرعاية الملكية السامية للمؤتمر، لافتًا إلى أنها تعكس إيمان جلالته بأهمية القرآن الكريم في حياة المسلمين. معربًا سموه عن ترحيبه بضيوف المؤتمر والمشاركين فيه، متمنيًا لهم طيب الإقامة ودوام التوفيق في أعمال المؤتمر. ونقل سموه لهم تحيات صاحب الجلالة الملك المفدى وترحيب جلالته بهم.
من جانبه، نوَّه الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس مجلس إدارة الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم معالي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي في كلمته في افتتاح المؤتمر بـ"جهود مملكة البحرين في خدمة القرآن الكريم، والتعاون مع الهيئات والجمعيات العاملة في مجاله، ومن ذلك هذا المؤتمر الذي يرعاه صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، سدد الله على الخير خطاه". شاكرًا معاليه لسمو الشيخ عبد الله بن خالد آل خليفة على افتتاح المؤتمر نيابة عن جلالة الملك وتعاون المجلس في عقده. مثنيًا في الوقت نفسه على جهود المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، ووزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف على حسن التعاون والتنسيق مع الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم في عقد هذا المؤتمر القرآني المتميز.
وأكد أن التربية القرآنية حوَّلت الأمة من أمية إلى "أمة قارئة حاسبة كاتبة، متعلمة بحاثة غواصة، تُقدِّر العلم وتنشُد المعرفة"، مشيرًا إلى أن "ما أصابها بعد ذلك من التراجع عن هذا المقام المحمود، إلا من تراخي صلتها بتوجيهات القرآن، وإصابتها بما حذر منه عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، من إقامة حروفه وتضييع حدوده".
منبهًا إلى أنَّ المسلمين اليوم أحوج ما يكونون إلى هذه التربية، التي بها يستعيدون لحمتهم، ورابطتهم الإسلامية.
وأضاف: "إن الابتعاد عن التربية القرآنية المؤلفة للقلوب، العاصمة من الفتن، الصائنة للحرمات، جر إلى ما نشهده اليوم في العديد من المجتمعات الإسلامية، من اضطراب أمنها واستقرارها وضعف أمل أبنائها في مستقبلهم، من جراء النزاع والفتن بين فئات تنتمي إلى أمة واحدة، نبيها واحد، وكتابها واحد، وقبلتها واحدة".
وشدد على أن "إثارة النزعة الطائفية لتأجيج الصراع في أوطان المسلمين أمر في غاية الخطورة، إذ يصيب أبناء الأمة بحالة من الإحباط، ويخيب أملهم في التعافي من حالة الضعف التي يعيشونها". وصرَّح بأن رابطة العالم الإسلامي لتُهيب بقيادات الأمة الحكيمة، ورجالها المخلصين الحريصين على وحدتها وأمنها واستقرارها، أن يضاعفوا جهودهم في احتواء الطائفية التي أصبحت هاجسًا مروعًا للأمة، من قبل أن تتفاقم وتتحول إلى مشروع بديل عن مشروع العمل للإسلام والدفاع عن قضايا الأمة الكبرى، ويقطع التواصل والتكامل بين فئات المسلمين، ويجند الطاقات المادية والبشرية لتعمل في غير طائل، بل في المزيد من التأزم والضعف والخذلان أمام الأعداء". وأشاد معاليه في هذا السياق بالجهود التي تبذلها قيادة البحرين في "لم شمل أبناء مملكة البحرين، والتصدي للطائفية البغيضة التي تسعى للتفريق بينهم". وفي سياق متصل، أثنى معاليه على "ما تبذله المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، من جهود في خدمة القرآن والعناية به من دعم جمعيات التحفيظ، ورعاية العديد من الجوائز الوطنية والدولية، وطباعة المصحف مع ترجمة معانيه، ودعم الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم". ثم ألقى وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف معالي الشيخ خالد بن علي آل خليفة كلمة رحب فيها بضيوف المؤتمر، منوِّهًا معاليه بالرعاية الملكية السامية للمؤتمر، لافتًا إلى أنها "تعكس حرص واهتمام جلالته حفظه الله وحكومته الرشيدة بالقرآن الكريم وحَمَلته ومؤسساته". وأكد معاليه أهمية عقد المؤتمر الذي يقام على أرض مملكة البحرين، معربًا عن أن "هذا المؤتمر يأتي استكمالاً لما بدأته الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم مشكورةً في مؤتمرها العالمي الأول لتعليم القرآن الكريم في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية قبل ثلاث سنوات، وبرعاية سامية كريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله".
وأشار معاليه إلى جهود المسلمين عبر تاريخهم المشرق في العناية بالقرآن الكريم وعلومه، لافتًا إلى استمرار هذا الاهتمام والرعاية، موضحًا أنه "كان لمملكة البحرين نصيب وافر في هذا الميدان المبارك، منذ البدايات الأولى للدعوة الإسلامية، إسهامًا منها في ازدهار الحضارة الإسلامية والحفاظ على ثوابت الأمة وتأكيد الهوية الإسلامية". مستعرضًا جهود حكومة البحرين ووزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف في خدمة القرآن الكريم وتعليمه، مشيرًا إلى عمق صلات التعاون بين حكومة البحرين ورابطة العالم الإسلامي في هذا المجال.
كما ألقى وزير الأوقاف بجمهورية مصر العربية طلعت عفيفي كلمة المشاركين في المؤتمر تحدث فيها عن فضل القرآن الكريم وواجب التمسك به، مؤكدًا أنه كتاب هداية أخرج الأمة من التخلف والضلال إلى الهدى والنور والتقدم. ولفت معاليه إلى أن "أعداء الأمة يعون أن القرآن الكريم هو سبب رفعتنا، فحاولوا جاهدين إبعاد هذه الأمة عن كتاب ربها". منبهًا إلى أن "عز الأمة وشرفها ورقيها لا يكون ولن يتحقق إلا بالتمسك بالقرآن الكريم".
كما نوه بجهود مملكة البحرين في خدمة القرآن الكريم، شاكرًا استضافة المملكة لهذا المؤتمر المهم. وفي ختام الحفل، قام سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة بتكريم رابطة العالم الإسلامي والهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم إلى جانب عددٍ من كبار الضيوف، فيما تسلم سموه ومعالي وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف هدايا تذكارية من رابطة العالم الإسلامي ومن الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم.
وعلى هامش حفل الافتتاح، افتتح رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية رئيس اللجنة العليا للمؤتمر نائب راعي الحفل سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة المعرض القرآني الذي تشارك فيه أكثر من عشرين جهة متخصصة في مجال القرآن الكريم.