العدد 3903 - الثلثاء 14 مايو 2013م الموافق 04 رجب 1434هـ

إيروم شاميلا... الجوع من أجل حقوق الإنسان

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

تدفع قراءة التاريخ الحديث إلى القول بأن المتغيرات التي تحدث في المجتمعات لا يمكن أن تحدث في مجتمع ولا تحدث في آخر، ومن يقول إن بلدان المنطقة العربية محصنة من التغيير؛ فهذه مقولة لم تعد دقيقة منذ العام 2011 حتى اليوم. لقد تحولت حركة المطالبة بالحرية والعدالة إلى مطلب عالمي، وأصبحت حركة عالمية تعزّز وتنشر مبادئ حقوق الإنسان، وقد تكون الناشطة الهندية إيروم شاميلا التي سبق ذكرها في مقال سابق، مثالاً لامرأة اختارت الصوم أسلوباً لمقاومة الظلم في مانيبور بالهند.

فقد استخدمت هذه المرأة الهندية جسدها على مدى 12 عاماً كسلاح للتغيير السياسي، وقامت بتجويع نفسها اعتراضاً على قانون السلطات الخاصة للقوات المسلحة (يعطي هذا القانون سلطات شاملة للجيش الهندي)، إلا أنها لم تنجح بعدُ في إلغاء القانون ومازالت صائمة من أجل العدالة. (راجع مجلة كل اليوم الالكترونية ومجلة «تيهيلكا» تحت عنوان: «إرادة إيروم الحديدية»). ويعود استمرار إضراب أطول مضربة عن الطعام في العالم إلى استمرار القبض على أي شخص واتهامه بالإرهاب وسجنه أو حتى قتله من دون توجيه أية تهمة إليه أو محاكمته، ويقدر عدد القتلى منذ العام 1980 بحوالي 25000 مواطن.

وقد زُجّ بشاميلا في السجن عاماً كاملاً ثم أفرج عنها ولم تغيّر موقفها إلى الآن، ولم تتناول لقمة واحدة أو تشرب قطرة ماء واحدة، لكن السلطات الهندية أجبرتها بالقوة على تركيب أنبوب يمد جسمها بالمحاليل حتى لا تموت جوعاً، وتفرض عليها رقابة صارمة ليلاً ونهاراً لا تمارس أي نشاط أو حياة طبيعية لكنها تنتظر الموت، وتحمل الجميع مسئولية موتها؛ فتقول شاميلا: «إذا لقيت حتفي ستكون السلبية والجبن هما المتهم الأول». هذه شاميلا المرأة المبدئية والحديدية، كما وصفتها الصحافة الهندية، وأسلوب نضالها من خلال اختيار الجوع لتحقيق عدالة غائبة تريدها لمجتمعها في مقاطعتها الهندية.

تم الاستشهاد بتجربة قادمة من الهند رغم تعددية الهند السياسية، إلا أن موضوع حقوق الإنسان مازال يقع على رأس الكثير من القضايا ولاسيما أن التعذيب والزج في السجون والملاحقات القضائية كان هو الحل بدلاً من الحل السياسي الذي يسعى إلى تحقيق العدالة بين الناس.

إن الحديث عن ثقافة حقوق الإنسان ومبادئها بغض النظر عن أي جنس أو فكر أو دين، هي ثقافة واحدة تجمع البشرية جمعاء. فكل نفس بشرية تنزع نحو الكرامة المذكورة في جميع المبادئ السماوية والأرضية، بدليل أن الغطرسة التي ظلت زمناً طويلاً تمارس في بلدان المنطقة العربية بدأت تتساقط في مقابل مقاومة من يريد هذا الاستبداد أو اعتاد عليه في تشويه التاريخ والمجتمع. ليس هذا فحسب بل ومنذ أن حلت المتغيرات السياسية في المنطقة على مدى أكثر من عامين وممارسات الاستبداد مستمرة لطمس ملامح المرحلة الحالية التي تسعى إلى نشر ثقافة حقوق الإنسان، وهي المنقذ الرئيسي من الاستبداد الذي يهاب مبادئ نشطاء حقوق الإنسان في أي بلد وفي أي مكان، ولهذا هم يُحاكمون أو يُستبعدون في الدول التي لا تعترف بالعدالة.

إن حراك نشطاء حقوق الانسان في العالم لم يأتِ بالعادة من فراغ، بل يعكس واقع استمرار السياسات القامعة لحرية الإنسان والعمل على تشويه وتغييب هذه الثقافة وتجميل الواقع للتغطية على العيوب والتشوهات، وذلك من خلال فرض قبضة أمنية لقمع كل صوت مبدئي يتكلم بضمير إنساني عالمي.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 3903 - الثلثاء 14 مايو 2013م الموافق 04 رجب 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً