العدد 3906 - الجمعة 17 مايو 2013م الموافق 07 رجب 1434هـ

هل تُهزَم الثمانون عاماً في إيران؟

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قال هاشمي رفسنجاني أثناء تسجيله اسمه في اللحظات الأخيرة كمُرشَّح للانتخابات السبت الماضي: «ليس من الضروري حضورُ رجلٍ كَهْل عمره ثمانون عاماً في هذه الانتخابات». وخَتَم: «لدي برنامجان لمعالجة المشكلات التي تعانيها إيران، الأول هو الإيمان بأن الحكومة هي لمصلحة الشعب، الذي يجب منحه فرصة مراقبة عملها، والثاني يتمحور حول السياسة الخارجية».

ترشُّح هاشمي رفسنجاني لا يُعادله أيُّ ترشُّح آخر، لا من المحافظين ولا من الإصلاحيين. ففي إيران، هناك شخصٌ يترشَّح ممثلاً لتيار، وهناك تيارٌ يترشَّح يُمثله أشخاص، وهنا العقدة. في حالة هاشمي رفسنجاني فإنه كشخص يُعتبر تياراً بأكمله، يُمثله ويتبعه أشخاص في قاع المجتمع السياسي الإيراني. وهو ما يعني وجود أعلى سقف ذلك التيار في المعادلة، من حيث الزخم والرمزية.

ورغم أن تلك أحَد ملامح الرجل، إلاَّ أنها تمثل إشكالية خطيرة، كونه (أي رفسنجاني) نقطة الجَذْب عندما يتحدث، وبالتالي لا مجال للتبعيض في كلامه أو إعادة التفسير، بعكس فيما لو كان الأمر مُغايراً. بمعنى لو تحدّث منتسبون إلى التيار كأفراد، لا يحظون بمكانة ورمزية كالتي يتمتع بها رفسنجاني.

عندما كان ما شاء الله شمس الواعظين وعباس عبدي وأضرابهما يتحدثون كونهم متطرفي التيار الإصلاحي، كان محمد خاتمي (عندما كان رئيساً للجمهورية) ينأى بنفسه عنهم. بل وفي أحيان كثيرة، كان يُمايز نفسه عنهم، كونهم أحد أطراف التيار المقسوم.

الإشكال الآخر، أن التيار الذي يقوده رفسنجاني، هو في الحقيقة، تيار هجِيْن، خَلَقَته ظروف المرحلة «النجاديَّة» التي كانت غير ميثاقية مع التيارات السياسية. يُضاف إلى هجانة ذلك التيار، أنه لم يُجرِّب صلابة تحالفاته في السلطة. فهو جرَّبها في العام 2009 (كمُحاوِل) إلاَّ أنه لم ينجح في الانتخابات، وبالتالي، فإنه ظروف تشكله، وعدم ممارسته السلطة، يفتح المجال أمام «مطبَّاته».

خصومية رفسنجاني، وتحوُّله إلى تيار بشخصه، ونقطة جَذبِه، وهجانة تياره، ودرسه الأول في السلطة (وفق ذلك الهجين) يضاف إليها إشكالية أخرى، تتعلق بمركز الرجل في النظام السياسي، بدءًا من تاريخه في السلطة، وشبكة علاقاته، والأهم تحوُّله منذ العام 1989 (وبالتحديد بعد وفاة الإمام الخميني) إلى الشريك الفعلي للمرشد الأعلى في إدارة الدولة.

عندما ترشَّح محمد خاتمي في العام 1997، فإن أقصى ما قالوا عنه، أنه كان وزيراً للثقافة والإرشاد. وعندما ترشَّح أحمدي نجاد في العام 2005، فإن أقصى ما قالوا عنه أنه شارك في الحرب العراقية الإيرانية. وعندما ترشَّح موسوي، فإن أقصى ما قالوا عنه أنه كان رئيساً للوزراء إبَّان الحرب. وعندما ترشَّح كروبي، فإن أقصى ما قالوا عنه أنه كان رئيساً للبرلمان الثالث والسادس.

في حالة رفسنجاني، فإن الجميع سيتحدث عن أنه كان عضواً في مجلس قيادة الثورة، ووزيراً للدفاع والحرس الثوري، والقائد الفعلي للحرب مع العراق، ورئيساً للحكومة المؤقتة، ورئيساً للبرلمان والجمهورية لدورتيْن لكل منهما، ثم رئيساً لمجمع التشخيص الذي يُعتبر المجلس الاستشاري الأول للمرشد، والفاصل في الخلاف بين البرلمان ومجلس صيانة الدستور في القراءة الثالثة.

رفسنجاني، اعتمد في ترشحه على منهج مزدوج، يقوم على تأثيم الحكومة الحالية، وعلى استنطاق رأي المرشد في ترشُّحه بطريقةٍ ذكية. فيما يتعلق بالشق الأول، فقد اعتمد رفسنجاني على إغراق الفضاء الإعلامي والسياسي بكعب أخيل الحكومة، وبالتحديد في المجال الاقتصادي، حيث التضخُّم، وانخفاض قيمة العملة، وتراجع أسعار النفط وغيرها من الملفات الاقتصادية.

في الشق الثاني، فإن رفسنجاني وضَعَ رغبته في الترشُّح على مدار ثنائي بينه وبين المرشد الأعلى. فقد صرَّح محمد خاتمي بالقول: «سُرِرت بقوله (أي رفسنجاني) أنه مستعد للترشح، إذا وافق المرشد علي خامنئي. إذا لم يُرِدْ المرشد ترشّح شخص، سيسبّب ذلك مشكلة، وأقول لماذا قد يعارض المرشد خوض رفسنجاني السباق؟ وهو ما أصبح بعد ذلك أمراً حاضراً في النقاشات.

في كل الأحوال، فإن الرابع والعشرين من الشهر الجاري هو أمرٌ حاسم بالنسبة للعملية الانتخابية الرئاسية في إيران، حيث سيُعلِن مجلس صيانة الدستور عن الأسماء التي أُجِيْزَت للترشُّح. كما أن آخر التحركات التي تمَّت ما بين المرشحين، هو انسحاب رحيمي لصالح اسفنديار مشائي، ونية انسحاب حسن روحاني لصالح رفسنجاني، أو العكس حسب المُعلَن.

لكن ذلك لا يحسم الصراع. فلا زالت جبهة المحافظين والإصلاحيين تتمسك بمرشحيها. فاليمين، لازال لديه سلة من المرشحين، أبرزهم سعيد جليلي، باقر قاليباف. والإصلاحيون لازال لديهم محمد رضا عارف ومصطفى كواكبيان. فضلاً عن بقية التيارات الأخرى والمستقلين. وهو ما يعني أن التحالفات السياسية غير واضحة لحد الآن، ولا النظرة إلى الملفات العالقة ومعالجتها.

السبب الرئيس في ذلك، هو أن ظروف التحالف ضد حكومة أحمدي نجاد أوسع بكثير من ظروف التحالف مع مَنْ عارضوه خلال فترة الانتخابات. كما أن موقف صيانة الدستور من بعض المرشحين، وبالتحديد استفنديار رحيم مشائي سواء بالرفض أو القبول سيُغيِّر الكثير من المعادلات السياسية. فالأكيد، أن المحافظين والإصلاحيين، يُجمعون على رفض فوز مشائي.

لذا، فإن موافقة مجلس صيانة الدستور على ترشُّح مشائي، سيعني تحالفاً محافظاً إصلاحياً على إسقاطه، والتوافق على مرشَّح واحد، ربما يكون رفسنجاني أو روحاني أو قاليباف أو جليلي. وفي حالة رفَضَ المجلس اسم مشائي، فسيُضيِّق المحافظون والإصلاحيون من منسوب تحالفاتهم، وبالتالي تنازلاتهم لبعضهم. وهو ما سيجعل العملية الانتخابية غاية في التعقيد.

وأمام كل هذا التوصيف، فلا أعتقد أن الظروف ستكون مُهيَّأةً بالكامل أمام فوز هاشمي رفسنجاني (إن لم ينسحب من السباق أصلاً)، سواء بالفوز المريح أو النسبي. فالساحة الإيرانية تغيَّرت كثيراً، بالتحديد إذا استمرت المواقف المناوئة له من داخل النظام، والتي تحمل رايتها أطراف نافذة جداً، إلاَّ إذا حدَثَ العكس.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 3906 - الجمعة 17 مايو 2013م الموافق 07 رجب 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 1:53 م

      خلك في حالك

      ؟ انا ما أشوفك الا تكتب عن ايران خلك من ايران واكتب عن بلدك يا أبو ألغيت

    • زائر 4 | 5:58 ص

      محرقي بحريني

      والله يا أستاذ محمد عندما أقارن بين الديمقراطية في بلد مثل الهند وبين إيران كأنني أقارن بين الجبن والطباشير شتان بين دوله مثل الهند تمتلك ديمقراطية حقيقية بمعنى الكلمة حيث بها أحزاب سياسية تشكل الحكومه ورئيس الدولة وبين إيران الذي يختار المرشد في ديمقراطية غريبه أشخاص موالين له ويزكيهم ثم يطرحهم للترشيخ ومن بعد ذلك يأتي رئيس مسير من الولي الفقيه وهذي غير أن الانتخابات الايرانيه ليست عليها رقابة دوليه ولهذا الانتخابات الايرانيه مليئه بالتزوير

    • زائر 6 زائر 4 | 10:33 ص

      عاش السنون الأسود

      إذا كانت ديمقراطية إيران طباشير عيل شنو نسمي ديمقراطية البحرين؟؟؟!! سنون أسود مثلا سلمك الله؟؟؟!!!!

    • زائر 7 زائر 4 | 11:43 ص

      محرقي بحريني

      ومين قال لك في البحرين ديمقراطيه وشدخل البحرين في الموضوع الايراني وليش من تسمعون الموضوع الايراني الكل يشتد غيظاً
      البحرين حالها حال بقية الدول فيها مشاركة سياسيه فقط
      لاتوجد ديمقراطية في الوطن العربي والدول الاسلامية بالمفهوم الصحيح حتى في لبنان والعراق فيها نظام المحاصصه الطائفيه ولا تقارن بدول ديمقراطية عريقه مثل فرنسا وأمريكا والهند
      أيران دولة شمولية دينيه أقصائية وليست ديمقراطية نهائياً

    • زائر 9 زائر 4 | 3:36 م

      توضيح

      الاستاذ محمد صار لة مدة يكتب عن ايران لأنة يجد ان لدية بعض المعرفة في هذا الشأن و انا لا اجد غبار على ان يتخصص شخص ما في شىء معين. اما بالنسبة للديموقراطية فهي كلمة مطاطة حيث انها تختلف من بلد الى اخر ولكن للحق فإن ايران لديها قسم وافر من ذلك الا ان وجود الدين كعامل ينتقص من ذلك. اما بالنسبة لقول رفسنجاني بأنة سيترشح عندما يوافق المرشد فهذا تحصيل حاصل حيث لم يحدت ان رفض المرشد ان يترشح شخص ما انما يبت في اهلية المترشحين لجنة قضائية و ليس المرشد.

    • زائر 3 | 3:03 ص

      شكرا لك

      بغض النظر عن اي توصيف لهدا المقال , الا ان المرء يشعر بعد قراءته بأن الصورة قد اصبحت اوضح بكثير عن دي قبل . فهمك وابحاثك في الشأن الأيراني يجعلان منك خبيرا واستادا في هدا الموضوع الدي يطلق عليه بعض المختصين بأنه مغقد . شكرا لك يااستاد .

    • زائر 2 | 1:58 ص

      كلام دقيق .. ولكن

      كلام دقيق لكن حسبة رجل الشارع الايراني ليست بهذه الدقة في تشخيص المرشحين وأولويات رجل الشارع اختلفت والأشكل .. أن هناك فراغا بين رجل الشارع والنظام يسده تماسك النظام غالبا ، لا الحماس الشعبي

    • زائر 1 | 11:11 م

      رفض رفسنجاني

      مؤخرا طالب اكثر من 100 نائب من مجلس صيانة الدستور ان يمنع رفسنجاني من الترشح بسبب قوله ان ايران ليست في حالة حرب مع اسرائيل

    • زائر 5 زائر 1 | 8:08 ص

      نواب آخر زمن

      هؤلاء النواب لا يعلمون ولا يعلمون أنهم لا يعلمون

اقرأ ايضاً