العدد 3907 - السبت 18 مايو 2013م الموافق 08 رجب 1434هـ

فيديلا يحمل معه الى قبره اسرار المفقودين في ظل الحكم الدكتاتوري في الارجنتين

توفي الدكتاتور الارجنتيني السابق خورخي فيديلا الذي جعل عمليات خطف المعارضين في صلب سياسة الدولة المنهجية في ظل النظام العسكري الارجنتيني (1976-1981) حاملا معه اسرارا لم يكشفها عن عمليات الاختفاء التي ظل وقعها مؤثرا على اجيال من الارجنتينيين.

وقد خطف حوالى 500 طفل من ذويهم ابان فترة الدكتاتورية ومنحوا بالتبني الى مسؤولين او مقربين من النظام.
لفظ خورخي فيديلا (87 عاما) انفاسه الاخيرة في الزنزانة التي كان يمضي فيها عقوبة السجن المؤبد عن الجرائم التي ارتكبها نظامه العسكري الاستبدادي من 1976 الى 1981.
وصل الى الحكم على اثر انقلاب عسكري اطاح بدون اراقة دماء حكومة ايزابيل بيرون في اذار/مارس 1976 ليقيم نظاما حديديا مارس القمع الذي ادى الى اختفاء نحو 30 الف شخص لم يعثر على جثثهم مطلقا بحسب منظمات انسانية.
وبحسب هذه المنظمات فان حوالى خمسمئة طفل خطفوا من ذويهم خلال تلك الفترة ومنحوا للتبني لشخصيات او مقربين من النظام. وقد عثر على 108 اطفال منهم فقط حتى اليوم كما اكدت جمعية جدات ساحة مايو.
ومع موت فيديلا ذهبت معه اسرار كثيرة عن تلك الفترة الحالكة في تاريخ الارجنتين ما سيؤثر كثيرا على بعض الاجراءات القضائية.
وكان الدكتاتور يمثل منذ بعض الوقت في اطار محاكمة خطة كوندور، شبكة قمع المعارضين التي انشأتها الانظمة الدكتاتورية العسكرية في اميركا الجنوبية في سبعينات وثمانينات القرن الماضي.
وهذه المحاكمة ستتواصل حول وقائع تؤخذ على متهمين اخرين، كما اعلن المدعي العام ميغيل اوسوريو لوكالة فرانس برس، لكن "بين القضايا ال106 المطروحة امام القضاء، لن يكون ممكنا اجراء المحاكمة في 44 منها لكون فيديلا المتهم الوحيد فيها كما اكد مركز الدراسات القانونية والاجتماعية وهو منظمة غير حكومية.
ولفتت هذه المنظمة غير الحكومية الى ان فيديلا كان يواجه تسع قضايا اخرى تبقى عالقة.
وبعد وفاته الجمعة انتقدت الارجنتين بصوت واحد ذلك الرجل الذي جسد الدكتاتورية ولم يعبر مطلقا عن اي اسف او ندم، لكن الجميع اسفوا لعدم كشف النقاب عن المفقودين والاطفال المسروقين.
وامس السبت عبر القاضي السابق ليون ارسلانيان الذي شارك في 1985 في المحاكمة التي اصدرت اول ادانة بالسجن المؤبد بحق فيديلا، عن اسفه لان الدكتاتور السابق "حمل معه الى قبره اسرار كل العمليات العسكرية ابان الحكم الدكتاتوري وكذلك مصير الاشخاص المفقودين".
واكد القاضي السابق راديو ميتري "ان القوات المسلحةعندما نظمت (تلك العمليات) فعلت ذلك بطريقة منظمة جدا مع تحديد مراحل للتنفيذ وتوزيع للمهام والادوار".
وقد حذرت منظمات عدة مثل منظمة امهات ساحة مايو او منظمة ابناء المفقودين غير الحكومية من خطر النسيان ودعت الى كسر جدار الصمت القائم منذ زمن طويل بين مئات العسكرييين السابقين الذين مروا امام المحاكم الارجنتينية.
وطالب ابناء المفقودين في بيان بجلاء الحقيقة من "اجل السماح للامهات باستعادة جثث اولادها".
وفي كتاب مقابلة نشر في 2012 قام خورخي فيديلا بخروج نادر عن ذلك الصمت ووصف للمرة الاولى الاسلوب المستخدم لقمع معارضيه.
وبرر الدكتاتور السابق استخدام التعذيب واختفاء الجثث قائلا "كان ينبغي تصفية 7 الاف الى 8 الاف شخص. كنا نعلم ان ذلك كان الثمن الواجب دفعه لكن لم يكن هناك اي حل اخر ان كنا نريد كسب الحرب ضد المخربين (المعارضين)".
وقد تم احصاء نحو 350 معسكرا سريا للتعذيب والتصفية على كافة الاراضي خلال الحكم الدكتاتوري في الارجنتين، بينها المدرسة الميكانيكية للبحرية الشهيرة في بوينس ايرس .
وحكم على الجنرال السابق الذي كان على رأس النظام الدكتاتوري مرتين بالسجن المؤبد لجرائم ضد الانسانية وبحكم بالسجن 50 عاما لسرقة اطفال معارضين.
ولن تجرى اي تشريفات عسكرية في جنازته لانه جرد من رتبة الجنرال في الجيش الارجنتيني. فضلا عن ذلك هناك اجراء فرض في 2007 يحظر القيام باي تشريفات لمحكومين بتهم تتعلق بانتهاكات حقوق الانسان.
ولم يعرف اليوم الاحد موعد ومكان دفن الجنرال السابق المكروه في الارجنتين.
ول.اغ/ام/نور

وحكم على الجنرال السابق المكروه في الارجنتين بالسجن مدى الحياة مرتين بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية وبالسجن 50 عاما بسبب سرقة اطفال معارضين.
ولقد حكم الارجنتين عندما كان القمع الذي يستهدف المعارضة اليسارية في ذروته. وفي تلك الفترة، كانت تحكم البرازيل وتشيلي والباراغواي والاورغواي المجاورة انظمة عسكرية ايضا.
وبعد 30 عاما على انتهاء الدكتاتورية، توفي خورخي فيديلا في سجن ماركوس باز باقليم بوينس ايرس على بعد 45 كل جنوب غرب العاصمة حيث كان يعتبر نفسه سجينا سياسيا.
وفي تصريح صحافي قالت سيسيليا باندو رئيسة "جمعية عائلات واصدقاء السجناء السياسيين في الارجنتين" (افيابا) التي تمثل العديد من العسكريين الذين دينوا عن جرائم ارتكبت خلال الحكم الدكتاتوري "الخميس، كان يشعر انه على ما يرام، ولم يشأ ان يتناول العشاء، وصباح الجمعة، وجدوه ميتا في زنزانته".
وخلص التقرير الطبي الى الاستنتاج ان الوفاة كانت طبيعية، كما قالت ادارة السجن، لكن عملية تشريح ستجرى.
وقد عثر الطبيب المداوم للسجن على الدكتاتور السابق ميتا صباح الجمعة. واوضح التقرير الذي اطلعت عليه وكالة فرانس برس انه "كان جالسا في المرحاض واستنتج الطبيب انه قد فارق الحياة".
واعرب الحائز السابق جائزة نوبل للسلام ادولفو بيريز اسكيفيل عن اسفه لأن خورخي فيديل توفي واخذ معه اسرار الدكتاتورية.
وقال "لم يعرب عن الندم ابدا عن الجرائم ولقد انتقل الى العالم الاخر حاملا معه كثيرا من المعلومات، لكن على القضاء ان يوضح مصير المفقودين والاطفال".
وتتهم منظمات الدفاع عن حقوق الانسان العسكريين الذين تولوا السلطة في بوينس ايرس من 1976 الى 1983 باخفاء 30 الف شخص وبتعذيب وسجن مئات الاف آخرين. واعترف فيديلا بوفاة سبعة الى ثمانية الاف شخص.
وقالت نورا كورتيناس من منظمة امهات ساحة ايار المعارضة للدكتاتورية وتضم ذوي المفقودين "لقد مات محكوما عليه من القضاء ومكروها من المجتمع".
وقد فجر موت خورخي فيديلا كثيرا من الاحقاد التي حملت استيلا دو كارلوتو، رئيسة منظمة جدات ساحة ايار على الاعراب عن "ارتياحها" ل "وفاة طاغية" "مجرد من الانسانية ارتكب ابادة ... قتل وعذب وخطف وعنف".
وادخل خورخي فيديلا السجن منذ 2008 لدى توقيفه على ذمة التحقيق في انتظار محاكماته الكثيرة.
وكان قد اعتقل من 1985 (تاريخ ادانته الاولى) الى 1990 عندما اعفى عنه الرئيس كارلوس منعم. ومن 1998 الى 2008، وضع في الاقامة الجبرية.
وادلى بافادته الثلاثاء في بوينس ايرس خلال جلسة للمحاكمة المخصصة لخطة كوندور، وهي شبكة لقمع المعارضين انشأتها الدكتاتوريات العسكرية في اميركا الجنوبية في السبعينات والثمانينات. وعلى جري عادته، رفض الاعتراف بالقضاء المدني.
وفي المقابل، دائما ما تحمل مسؤولية الافعال التي تؤخذ عليه، لكنه لم يعرب عن اي اسف، وسعى الى تبرئة مرؤوسيه الذين لم يفعلوا كما قال سوى تنفيذ اوامره.
ويقول فيديلا الذي تسلم الحكم في 1976 نتيجة انقلاب، ان معارضي نظامه كانوا ارهابيين خطرين او شيوعيين كان يحاربهم الجيش الارجنتيني.
وشجعت حكومات نستور كيرشنر (2003-2007) وزوجته كريستينا (منذ 2007) التي تضم معارضين للدكتاتورية اجراء محاكمات كثيرة ضد المسؤولين عن "ارهاب الدولة"، حسب التسمية الرسمية.
واعتبر نائب الرئيس امادو بودو ان وفاة فيديلا "تنهي فصلا مرعبا نتذكره من تاريخنا، فصلا من الالام والموت الذي حملته آخر دكتاتورية عسكرية" في الارجنتين.
ورأى الامين العام الارجنتيي لحقوق الانسان مارتن فريسنيدا ان "من المهم انه مات ميتة طبيعية وفي السجن" وان "العدالة اخذت مجراها".
ولن تقدم التحية العسكرية الى خورخي فيديلا خلال تشييع جنازته لان رتبته جنرالا في الجيش الارجنتيني قد سحبت منه. ولم يعرف الجمعة موعد الجنازة.
وجاء في الشريط الاخباري لشبكة اي24 الاخبارية التلفزيونية "المجرم القاتل قد توفي". وكتبت صحيفة كلارين اليومية ان فيديلا كان "منظر الرعب لأسوأ دكتاتورية في الارجنتين".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 2:45 ص

      جهنم وبئس المصير

      عقبال دكتاتوريات العالم كلهم يارب

اقرأ ايضاً