العدد 3919 - الخميس 30 مايو 2013م الموافق 20 رجب 1434هـ

لستُ متفائلاً كثيراً... ولم أستطع التحرر من سلطة التجربة الذاتية

الروائي البحريني حسين المحروس:

حسين المحروس
حسين المحروس

هو ربيب هذه الأرض وابن هذا المكان، أسير هذه الرائحة، الطفل الصغير الذي تشرّب تفاصيل القرية الصغيرة ببيوتها، وبساتينها ونخيلها، وأشجارها حتى تخمرت في داخله زمناً طويلاً، وعندما نضجت تفتحت مِن راحة يديه رواية وصورة ونثراً، حينما يكتب يزهر بين يديه الكلام ينفث في النص روحاً، تَنبت له أجنحة، ويتنفس يتكلم يبكي، ويضحك بدون أن تمتلك عليه أدنى سلطة.

في لقاء أجرته طالبة من جامعة البحرين للكاتب الروائي حسين المحروس، عرّاب التفاصيل والحكاية، الذي تحدث عن مسيرته في الكتابة والرواية وذكرياته من تكوينه في بداية مشواره الروائي، فكان لنا هذا اللقاء معه:

كيف كانت البداية، أعني صف لنا طفولة حسين المحروس وذكرياته عن تلك الأزق القديمة والبيوت العتيقة التي أسهمت في تكوينك على ما أنت عليه الآن؟

- في مدينة المنامة وفي حيّ النعيم تحديداً الذي يُطل على ساحل البحر الشمالي القريب من مستشفى النعيم، كان البحر يضرب في بعض البيوت وكانت هناك علاقة حميمة بين البحر والنساء، ولم تكن هناك مسافة للذهاب إلى البحر وهذا يخلق نوعاً من الرومانسية الخاصة لدى الناس، الكل بحسب تصوره للرومانسية ولكن شعورها موجود. وفي العام 1976 هنا كانت بدايتي باستخدام الكاميرا، والتي كانت علاقتي فيها قبل الكتابة بكثير بالأسود والأبيض.

في أي سن بدأت بالكتابة، ومن قدم لك الدعم؟

- ليس من الضروري أن يحتضنك أحد، أعني ذلك الاحتضان المادي على طريقة الشيخ والتلميذ، بل كان هناك التأثير عن طريق القراءة في اتجاه معين، فقد كنت أميل كثيراً لقراءة النصوص الطويلة متمثلةً في الروايات مثل الطيب صالح وحنا مينا، الذي كنت أدور في فلكه كثيراً بالإضافة لنجيب محفوظ وقصص يوسف إدريس وتشيكوفس وتولستوي.

وكنت مهتماً كثيراً بالنص السردي والرواية في مقابل عزوفي عن الشعر الحديث، أحببت الشعر الكلاسيكي متمثلاً في المتنبي والهوس بسير ونصوص الشعراء والصعاليك، أعجبت كثيراً بطريقة عيشهم والمبادئ والطريقة التي ينظرون إليها في محاربة الجشع والاستيلاء على قوافل التجار والسطوة على بضائعهم والابتعاد عن الإنسان ومصادقة الحيوان التأمل والخلوة مع النفس.

ماهي الصورة التي ظللت محتفظاً بها في ذاكرتك، وكان لها حضورها الخاص في نصوصك وكتاباتك؟

- ليس هناك صورة واحدة بل صور، سيرة التصوير الفوتوغرافي والبدء بها دائماً تستحضرني، القلافون الذينَ كانوا يعملون في صمت، النادي، البحر، التلفزيون الوحيد في الحي.

خلق الفرح ليعاش وخلق الحزن ليكتب، ماهي الأسطورة الشخصية وماهو الدافع الإنساني الذي يرجعك في كل مرةٍ لحضن الورقة ودِفء الكتابة؟

- أعتقد أن المحرض على الكتابة ليس الحب أو الحزن وحده؛ فالكتابة رغبةٌ داخليةٌ تحوي في أعماقها على رغبات لا يمكنْ فصلها عن بعضها البعض؛ فالكتابة لا يحركها دافعٌ واحد وما يمكن أن نراه دافعاً وحيداً قد يكون في حقيقة الأمر مجموعة من الدوافع المعقدة المتصلة مع بعضها البعض فما نراهُ ونقرأه لأي كاتب هو نتاج عملية الكتابة، ولكن الأسباب والدوافع ستظل محل جدل طويل وخلاف لسبب بسيط، وهو أن الإنسان لا يزالُ يكتشف الإنسانْ.

يقال إن الكاتب لا يستطيع أن يفر من سلطة التجربة الشخصية الذاتية، فإلى أي حدٍ استطعت الهرب من هذه السُلطة؟

- أعترف بأنني لم أستطع في أية صفحة أو فقرة من التخلص من سطوة التجربة الذاتية، ولكن في الوقت ذاته يتوجبُ علينا أن لا نعمّم منطقَ عدم استطاعة الهرب من سلطة التجربة الذاتية على الكتاب. علينا إعادة صياغة ذلك إلى أن التجربة الشخصية والذاكرة والمخزون الفعلي لكل مايقرأ ولكل ما يرى ويسمع وما يتخيل، كله يكون حاضراً في لحظة الكتابة، وأية محاولة لإيجاد آلية للتدخل في الفرز ستكون نتائجها وخيمة وكتابة سيئة.

للكاتب خياله الخاص وصوره الخاصة، كيف أثر هذا الاقتران أو الجمع بينَ هاذين العملين في طريقتك وأسلوبك في الكتابة؟

- كل كتابة حالة خاصة، وبالتالي لها خيالها الخاص وفي هذه الحالة ستحدث بلا شرط حالة تداخل وتقاطع بين الكتابة والصورة فكلاهما يأخذ من الثاني، وكلاهما يردف الثاني بالتجربة.

الكتابة حاجة إنسانية ملحة، لا أحد يكتب نصاً مرهقاً بجانب شاطئ البحر أو تحت ضوء ليلةٍ مقمرةٍ جميلة، فماهي طقوسك التي تمر بها قبل مرحلة الكتابة؟

- الكتابة على شاطئ البحر ليست هراءً سواء كنت كاتباً محترفاً أو شخصاً عادياً لا يحترف الكتابة وقد تأتي الكتابة أحياناً بالرغبة في الكتابة في إحدى هذه الأماكن، ولكن الكتابة شدة وتعب ويصرف فيها الكاتبُ طاقةً نفسيةً وجسديةً وماديةً.

وبمقدار ما تشقيكَ الكتابة بمقدار ما تمنحك فسحةً أكبر من التنفس والإيجابية، وحينما يؤول الأمر للطقوس أعترف بأنه لا طقوس معينة لدي، وفي أثناء كتابتي لرواية «حوام» أنشأت قسماً منها في المرسم، والمقهى وفي المكتب لذلك لا يوجد طقس معين يستلزم وجوده لأكتب.

كيف هو تقييمك للساحة الروائية البحرينية، وهل تؤمن بوجود جيلٍ قادرٍ على إنعاش هذه الساحة؟

- لست متفائلاً كثيراً، والسبب هو هذا الاستسهال لعملية الكتابة دون أي رصيد.

حدثنا قليلاً عن مشاريعك الجديدة، عن السير الذاتية التي تعكف على كتابتها؟

- مشاريعي غير روائية، وهي السيرة الذاتية للمصور البحريني عبدالله الخان، وقد خرجت للتو بعنوان «عبدالله الخان معجم العين»، وهو كتاب كبير نوعاً ما فيه سيرة الخان الذاتية.

العدد 3919 - الخميس 30 مايو 2013م الموافق 20 رجب 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً