العدد 3921 - السبت 01 يونيو 2013م الموافق 22 رجب 1434هـ

«الإعلام المدرسي» في مجال حقوق الإنسان

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

يقول الكاتب البحريني حسن مدن في إحدى مقالاته: «إن (الميديا) المعاصرة لا تقول لنا وهي تخاطبنا ليلاً ونهاراً كيف يجب أن نفكّر، وإنما تقول لنا تحديداً بماذا يجب علينا أن نفكر».

ربما نجد أنفسنا كباحثين ومهتمين بالشأن التربوي والتعليمي غير مقتنعين بعدُ بواقع «الإعلام المدرسي» (Media School) في صيغته الحالية التي لا تستطيع مواكبة متطلبات العصر وصقل المواهب والطاقات الموجودة في المؤسسات التعليمية.

فأبرز ما يُعاب على «الإعلام المدرسي» أنه تقليدي إلى حد كبير شكلاً ومضموناً، ويعود السبب في ذلك إلى الاستمرار في اختزال «الإعلام المدرسي» في المجلات الحائطية أو النشرات المطبوعة أو الطابور الصباحي الذي هو أساساً (Copy & Paste) في كثير من المدارس من حيث طبيعة الموضوعات المقدَّمة أو أساليب العرض غير الجاذبة للطلبة والمعلمين، اللهم إلا في بعض المدارس التي سمحت مؤخراً للطلبة بإعداد وتقديم فقرات متنوعة في البرنامج الصباحي بتوجيه من الإدارة المدرسية نفسها.

ندرك جميعاً مدى التطور المتسارع والمتلاحق لوسائل الإعلام المتنوعة ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، إلا أننا لم نستوعب بعد تأثيرها الكبير في تشكيل أنماط وسلوكيات الطلبة نحو مفاهيم أممية متقدمة كالمواطنة العالمية وعالمية حقوق الإنسان التي أخذت حيّزاً كبيراً في الإعلام بوجه عام.

لا أدري حقيقة في أي كوكب يعيش البعض عندما يتحدثون عن تدريب الطلبة على فنون التصوير والإنترنت وعلاقتهما بـ «الإعلام المدرسي»، في الوقت الذي قطع أبناؤنا وبناتنا الطلبة أشواطاً كبيرة جداً في استخدام الهواتف الذكية والبرامج كـ «الفيس بوك» و»الانستغرام» وغيرهما، فتجدهم يحملون كاميراتهم الحديثة في الأنشطة والفعاليات المدرسية ويتنافسون فيما بينهم في مجال التصوير وتوظيف التكنولوجيا الحديثة وتحميل الصور على مواقع مدارسهم أو صفحاتهم الشخصية في تلك المواقع التفاعلية بشكل لا يكاد المعلم نفسه قادراً على استيعاب ما يحدث من حوله من تحولات!

لاحظنا من خلال تطبيق المشروع الإلكتروني (المدارس الصديقة لحقوق الإنسان) أننا نقوم بدور المشرف والموجّه في المشروع الذي تمّ تنفيذه بتقنية طلابية 100بالمئة، فهناك طلبة مبدعون وأذكياء ويدركون مدى أهمية غرس مبادئ حقوق الإنسان بالمدارس، ولديهم من الجرأة والشجاعة والإقدام والتحلّي بالثقة بالنفس؛ لإعادة تشكيل وصوغ «الإعلام المدرسي» بما يتماشى مع منظومة حقوق الإنسان شكلاً ومضموناً.

سألت يوماً أحد المدربين الرياضيين عن كيفية اكتشاف أفضل اللاعبين في الأندية، فقال: إن مدارسكم تزخر بهم، ونحن نتابع الحركة الرياضية في المدارس ونعرف أبرز اللاعبين فيها. كلام المدرب الرياضي، قادني إلى التأمل قبل فترة بمناسبة الاحتفال بـ «اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة»، لعرض تجربة الشاب البحريني سيد علي الموسوي الفائز في مسابقة أفضل ملصق لمناهضة العنف ضد المرأة في العام 2009 من مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث (كوثر)، وصندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة (اليونيفم)/ مكتب الدول العربية في إطار تنفيذ مشروعهما المشترك حول «مناهضة العنف المبني على أساس النوع الاجتماعي»، ولاحظت تفاعلاً وتجاوباً طلابياً مع التجربة حتى اعتمدنا حينها مساهمة أحد الطلبة في تصميم شعار حقوق الإنسان للمشروع الذي سبق ذكره.

إن علاقة «الإعلام المدرسي» بحقوق الإنسان تتمثل في تدريب الطلبة على تحري الصدق والموضوعية والنزاهة والشفافية والجرأة في الطرح والدقة في نقل المعلومات من مصادرها العلمية الصحيحة، بعيداً عن الذاتية في نقل المادة الخبرية أو تحريرها بما يتلاءم مع بعض التوجّهات الفئوية الضيقة.

في يناير/ كانون الثاني الماضي أعلن وزير التربية والتعليم ماجد النعيمي عن إنشاء نادي «الإعلام المدرسي»، ليكون مخصّصاً لاكتشاف وتدريب المواهب الطلابية الإعلامية في مختلف التخصصات على العمل الإعلامي المدرسي، والذي يسهم في صقل شخصياتهم ويعوّدهم على التعامل مع الوسائل الإعلامية بما فيها وسائل الإعلام الجديدة.

وفي ضوء ذلك الإعلان، فإن علينا البحث عن إضافة إعلامية حقيقية تمكّن الطلبة من مواجهة العمل الإعلامي في المستقبل، كأن يتعلموا فنون العمل الصحافي بمختلف أنواعها، من مقال وخبر وتحقيق ومقابلة وما شابه ذلك، وتدريبهم على إتقان الفنون الإعلامية الاحترافية المساندة كالتصوير والمونتاج والمكساج والمؤثرات الصوتية وغيرها، إلى جانب فنون الخطابة والمشاركة في ورش عمل ودورات تدريبية جادة في تلك المجالات المهمة.

خلاصة القول، إن رؤيتنا لـ «الإعلام المدرسي» الحديث تتمثل في تشجيع وإبراز السلوكيات والممارسات الإيجابية للطلبة وتوجيهها نحو منظومة القيم والمبادئ المعنية بحقوق الإنسان داخل الفضاء المدرسي، ليقوم الطلبة بدورهم بنقلها وتمثّلها خارج أسوار المدرسة، وهي من أكبر التحديات التي تواجه مشروع التربية على حقوق الإنسان.

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 3921 - السبت 01 يونيو 2013م الموافق 22 رجب 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 5:45 ص

      يامرون بالمعروف والعيب فيهم

      لقد تلقنا ورشة عن حقوق الانسان وتريد الوزاة تطبيق مفاهيم هذه الحقوق على الطلبة ولكن للاسف كيف تقنع طالب او معلم بهذه الحقوق والمفاهيم وانت منتهك بجدارة لهذه الحقوق متمثل في وزارة التربية والتعليم

اقرأ ايضاً